السعودية... هل اقتربت لحظة الانفجار؟
[عبد العزيز المكي]
لعلّ أخطر ما شهدته المملكة السعودية من تطورات أمنية بالإضافة إلى حادثي إطلاق النار في شوارع المدينة المنورة، وشوارع حائل، مع القوات الأمنية في هاتين المحافظتين.. هو ما ذكرته صحيفتنا الـ"وول ستريت جورنال" و"النيويورك تايمز" الأمريكيتين، عن قيام الحرس الملكي التابع لبن سلمان ولوالده الملك سلمان، باعتقال الأمير أحمد بن عبد العزيز الأخ الأصغر للملك سلمان وولي العهد السابق، محمد بن نايف وزير الداخلية وولي العهد السابق، وأخيه الأصغر نواف بن نايف، وابن أخيه وزير الداخلية عبدالعزيز بن سعود بن نايف، بالإضافة إلى عدد من الأمراء الآخرين، وذلك يوم الجمعة الماضي الموافق 7/3/2020، بتهمة الخيانة، وتدبير انقلاب على ولي العهد بن سلمان، وبحسب الصحيفتين الأمريكيتين فأن السجن أو الإعدام ينتظر هذين عليهما، أي احمد بن عبدالعزيز ومحمد بن نايف، للتخلص من بن سلمان الذي يقود المملكة بنظر الكثير من أوساط العائلة المالكة إلى الهاوية..
لا النظام السعودي ولا وسائل إعلامه حتى كتابة هذه السطور، يؤكدان أو ينفيان هذا الخبر المزلزل إن صح للنظام، لكن حسابي "العهد الجديد" و"مجتهد" المتخصصين بنقل أخبار العائلة السعودية أكدا هذا الاعتقال، وأكده أيضاً الناشط السعودي المعارض علي هاشم الذي قال إن "حملة اعتقالات استهدفت الأمير احمد بن عبد العزيز أحد كبار أمراء آل سعود، بالإضافة إلى عدد آخر من الأمراء" أكثر من ذلك، أن مستشار الأمير محمد بن نايف كشف في تغريدات له على حسابه في تويتر 7/3/2020، عن توقعه سابقاً لاعتقال محمد بن سلمان للرؤوس الكبيرة في المملكة على غرار ما حصل في 2017 حين اعتقل بن سلمان الأمراء وزج بهم في فندق الرتيز كارلتون، وذلك بعد أن أبلغ الأطباء المقربين من الملك سلمان أن حالته بسوء يوماً بعد آخر، وبأن أيام الملك أصبحت محدودة. وقال المستشار في تغريدة ما نصه: "كنت قد حذرت سابقاً بأن سلمان يخطط لإعادة سيناريو إعتقالات (الرتيز)، الشق الثاني من تغريدتي السابقة، والمتعلق بالاعتقالات تحقق، بقي الشق الأول.. قريباً ربما ".
وفي تغريدة أخرى قال مستشار بن نايف " سموا الأمير أحمد بن عبد العزيز ووزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود هما أبرز المعتقلين، ويبدو أن الأمر لن ينتهي عند هذا الحد، فقد تم وضع بعض الأمراء تحت الإقامة الجبرية لحين لبت في أمرهم، الأمور تغلي داخل الأسرة" 7/3/2020 وقال مستشار بن نايف قد كتبت تغريدة في 2/7/2019 جاء فيها: "حالة الملك تسوء يوماً بعد يوم، والأطباء أبلغوا المقربين منه أيامه أصبحت معدودة، بناءاً على ذلك أمر بن سلمان بحشد حرسه الخاص لتأمين ما بعد الوفاة، وهناك تحضيرات لإعادة سيناريو فندق الريتز ولكن هذه المرة بشكل موسع أكثر وربما دموي ".
وعن سبب الاعتقال قال هذا المستشار أن اثنين من كبار الأمراء رفقة مجموعة من الأمراء كانوا ينوون القيام بتحرك سلمي داخل الأسرة، علم بأمرهم بن سلمان فأمر باعتقالهم.
يضاف الى ذلك، وما يعزز قول مستشارين نايف، أن حساب "رأي الخليج" نقل في تغريدة على تويتر، عن مصدر بريطاني قوله: " ان الملك سلمان بن عبد العزيز في حالة صحية حرجة للغاية، حيث قد يغمره الموت، مما بدأ يتخوف ولي العهد محمد بن سلمان من استيلاء الأمير أحمد بن عبد العزيز أو محمد بن نايف على الحكم بدعم العائلة والموالين لهم ".
وكالة رويترز للأنباء بدورها أشارت الى هذه الاعتقالات، فيما نقلت وكالة بلومبيرغ الأمريكية عن شخص مطلع في المملكة السعودية قوله: "ان الديوان الملكي أبلغ أعضاء هيئة البيعة السعودية، أن الأميرين احمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف كانا يخططان لانقلاب ضد الحكم (السلماني). ولعلّ ما يعزز إصرار النظام السلماني على تسريب رواية الانقلاب ما ذكره موقع "فري بوست" اليمني في 7/3/2020، حول التطورات الجارية في البيت السعودي، من مزاعم وأحاديث جاء فيها ان مصادر سعودية مطلعة كشفت عن تورط وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود في مخطط الانقلاب على نظام الحكم بالتعاون مع (ميليشيا الحوثي).. وزعمت المصادر ان (ميليشيا الحوثي) أي جماعة الحوثي، نجحوا في اختراق وزارة الداخلية السعودية واستحالوا وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود والعمل لصالح (الميليشيا) بعد ان تم وعده بتسليمه حكم المملكة في حال إسقاطها بيد المليشيات) بحسب توصيف الموقع. وزعمت المصادر أيضاً ان الحوثي نجح أيضاً في تجنيد عدد من الأمراء لتنفيذ مخطط الانقلاب على الملك سلمان وولي عهد محمد بن سلمان.
وأشارت المصادر ذاتها طبقاً لما نقله الموقع اليمني المذكور، الى أن المخابرات الأمريكية رصدت عدداً من الرسائل الخاصة والسرية بين وزير الداخلية السعودية وقيادات من جماعة الحوثي تتضمن الأعداد والتحضير لتنفيذ الانقلاب تزامنا مع اطلاق مليشيا الحوثي عدد من الصواريخ الباليستية في المواقع التي يتم تحديدها والتي يتواجد فيها الملك سلمان ونجليه الامير بن محمد ولي العهد، وخالد وزير الدفاع! بالطبع أطلق سراح وزير الداخلية عبد العزيز بن سعود فيما بعد ان تواتر الأخبار حول عمليات الاعتقال خاصة من المصادر الأمريكية، يؤشر الى ان هناك تطورات خطيرة يشهدها الحكم السلماني بقيادة ولي العهد بن سلمان، واللافت بل والمثير أيضاً، ان الاوساط الإعلامية الأمريكية تميزت بأنها المصدر الرئيس في تسريب معلومات الاعتقال، وحتى في كشف مازعمته بوجود محاولات انقلاب يجري الاعداد لها داخل البيت السعودي لازاحة بن سلمان، بل واحتملت صحيفة "النيويورك تايمز"، بأن ذلك يمكن أن يكون مؤشراً على الحالة الحرجة للملك سلمان، وبالتالي فأن تميّز أو تغرد الاوساط الاعلامية الأمريكية، إذا اجاز التعبير، يؤشر الى عدة أمور نذكر منها ما يلي:-
1ـ ان التطورات التي يشهدها البيت السعودي، هي تجري تحت اشراف ودراية الاوساط الأمريكية، من ألفها الى يائها، بل وقد تكون من صنع هذه الأوساط، لترتيب الوضع في الرياض، نظراً للتحولات المتسارعة التي تشهدها السعودية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
2ـ أرجح ان هذه التطورات مؤشر كبير على حسم الصراع بين القوى البريطانية والأمريكية حول بن سلمان وزعامته، وحول بديله في ظل اخفاقاته وسياساته الحمقاء، فما هو معروفاً ان الكونغرس الأمريكي والسي آي أي تقف بالضد من صعود بن سلمان لتولي عرش المملكة فيما يقف البيت الأبيض الأمريكي ومعه اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، والكيان الصهيوني في الأرض المحتلة يقفون الى جانب بن سلمان، لأنه الشخص الذي قال عنه أحد المعلقين الصهاينة في الأرض المحتلة لو بذلنا جهداً على مدى خمسين سنة لما استطعنا أن نصنع مثل بن سلمان، يعمل ويسخر ويوظف كل امكاناته وامكانات بلاده لمصلحة "اسرائيل"! وظل هذا الصراع بين المؤيدين والمعارضين لبن سلمان الذي ينتمي اليهم مرشح الحزب الديمقراطي ساندرز والذي طالب مؤخراً بازاحة بن سلمان لان آل سعود مستبدون وسفاحون، نقول ظل هذا الصراع محتدماً منذ صعود بن سلمان وحتى هذه التطورات، حيث تؤشر الى انه حُسم لصالح الطرف المؤيد لبن سلمان، خصوصاً بعد أن التحقق الطرف البريطاني مؤخراً وعلى خلفية الضغط الصهيوني، للمؤيدين لبن سلمان في واشنطن، ذلك لأن الجانب البريطاني كان يميل للامير أحمد بن عبدالعزيز، ولذلك كان البريطانيون من الذين ضغطوا على أحمد بن عبد العزيز، الى جانب السي آي اي، للعودة الى المملكة بعد نفيه الطوعي الى لندن العام الماضي، حيث ضمنوا له سلامته، بعد أن أخذوا وعوداً من بن سلمان بعدم التعرض له، والاقدام على اعتقاله، لمعاقبته على تصريحاته التي أدلى بها في لندن، عندما تعرض له عدد من المحتجين الذين يهتفون بالموت والسقوط لآل سعود، فقال لهم، ما ذنب آل سعود!؟ ما يحصل في المملكة يتحمل مسؤوليته الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان..
واللافت ان هذه التطورات جاءت بعيد زيارة وزير الخارجية البريطاني دومنيك راب للرياض ولقاءه بالملك وبولي عهد ابنه محمد بن سلمان، ما يرجح احتمالات حسم البريطانيين لموقفهم من صعود بن سلمان، اذ يمكن ان هذا الوزير أعطى الضوء الأخضر للملك ولولي وعهده بازاحة أحمد بن عبد العزيز، ومحمد بن نايف اللذين يتمتعان بتأييد ودعم السي آي اي والكونغرس والاوساط البريطانية، قبل حسم الأمور باتجاه التخلي عنهما، وذلك ما يفسر سكوت تلك الأوساط وعدم إعتراضها على اعتقال أحمد بن عبدالعزيز، ومحمد بن نايف، سيما بالنسبة للأول، حيث ضمنت كما أشرنا، السي اي أي سلامته، واخذت من بن سلمان تعهداً بعدم الحساس به !؟
3ـ أطلقت الاوساط الامريكية التي روجت لهذه الاعتقالات، التي تبين انها طالت اكثر من 20 أميراً يؤيدون أحمد بن عبدالعزيز ومحمد بن نايف، وطالت العشرات من الضباط من ذوي الرتب العالية في الجيش والحرس الوطني السعودي.. أطلقت تلك الأوساط روايتين لتفسير دوافع هذه الحملة من الاعتقالات، الاولى التي أشارت اليها صحيفة "النيويورك تايمز" وتلقفها بعض المغردين مثل صاحب الحساب "مجتهد " وغيره، وهي ان هذه الاعتقالات جاءت على خلفية احتمال ان الملك في حالة احتضار أو انه قد توفي، فقام على أثرها بن سلمان بهذه الضربة الاستباقية لكيلا يقف هؤلاء الذين يتمتعون بدعم "السي آي أي" كما قلنا، حجر عثرة في طريقة الى العرش واعتلائه.. غير ان هذه الرواية تبيّن فيما بعد، انها غير دقيقة وغير صحيحة، لأن الأخبار الواردة من الرياض تؤكد ان الملك في تمام وعيه، وقد وقع على مراسيم اعتقال اخيه الأصغر أحمد بن عبد العزيز ومجموعة الأمراء والقيادات العسكرية معه وهم بالعشرات.
أما الرواية الثانية فهي التي سربتها صحيفة "الوول ستريت جورنال"، ووكالة "بلومبيرغ" ووكالة "رويترز"، وقام عدد من المسؤولين والصحفيين المقربين للسعودية ولبن سلمان تحديداً من العرب أو من الأجانب بالترويج لها، وفي هذا السياق، ان المستشار السياسي الاول وبدرجة ممتياز لوزير الداخلية الكويتي السابق خالد الجراح، لم يكتفِ بالادعاء ان ما حدث في السعودية هو انقلاب فاشل بدعم دولة أجنبية تمت السيطرة عليه وسيُعدم المتورطون فيه!! وحسب، وإنما أعطى تفصيلات كثيرة حول الانقلاب لدرجة ان البعض يظن وكأن هذا المستشار من الذين أشرفوا على عملية استجواب المتهمين!! اذ استهل هذا المستشار الذي يكتب باسمين هما عبد الرحمن العساكر وشقيقه بدر العساكر، تغريداته بأن ايقاف العمرة واغلاق الحرم ليس بسبب فيروس كورونا بل لترتيب انتقال الحكم، وزعم قائلاً: ان عملية الانقلاب على بن سلمان حدثت هذه المرة بدعم وتمويل دولة اقليمية غير عربية مما ادى الى افشالها والجميع سيعدمون" مؤكداً إعتقال أجانب ومقيمين متورطين بالانقلاب على حد قوله ثم زعم ان "الانقلابيين" لديهم إتصال بلبنان ولأنهم "سذج" بحسب ايحاءاته انكشفوا، بسبب ارتباطاتهم واتصالاتهم بلبنان بحسب مزاعمه!! الأمر الذي يشير الى ركاكة الرواية، والى سذاجته هو، وليس الانقلابيين!
أما وكالة "رويترز"، فأنها اشارت الى هذه الرواية ولكن بصيغ أخرى ونقلاً عن ثلاثة مصادر أحدها إقليمي وقالت، ان المصدر الأقليمي قال لها اي لوكالة "رويترز" ان ولي العهد الأمير محمد إتهمهم باجراء إتصالات مع قوى أجنبية، مع الامريكيين وغيرهم لتنفيذ انقلاب. وصرح مصدر آخر لرويترز، بأن الأمراء متهمون بالخيانة. وقال مصدر ثالث.. إنهم كانوا يناقشون تنفيذ انقلاب بدعم من قبائل نافذة، لكن تلك النقاشات لم تصل الى مرحلة متقدمة!
من جهتها سربت بعض المواقع الالكترونية اليمنية، رواية اخرى عن الانقلاب حيث قالت، ان السعودية اعتقلت قيادات من الاخوان المسلمين في الرياض بتهمة المشاركة في دعم الانقلاب المزعوم، وان أنصارالله نجحوا في استحالة وزير الداخلية عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وتعهدوا له بالدعم بحصول هذا الانقلاب، الى آخر المزاعم، التي تؤشر الى تناقض الرواية دركتها والى تفككها وضعفها الأمر الذي يؤشر الى أحد احتمالين هما:
أنه فعلاً هناك تحرك داخل الأسرة للانقلاب على سلمان وابنه وهذا ما يستبعده الخبراء والعارفون بالوضع السعودي الحالي، صحيح ان هناك تذمر بين اوساط أو اكثر اوساط الامراء من بن سلمان وسياساته، وصحيح ان الأمير أحمد بن عبدالعزيز لم يبايع ولم يقبل على ولاية العهد لبن سلمان، لكن ليس من السهولة واليس بمكان التحرك من جانب هؤلاء الأمراء للانقلاب على بن سلمان، وهو الذي وضع هؤلاء الأمراء، خصوصاً عمه أحمد بن عبدالعزيز وابن عمه محمد بن نايف تحت المراقبة الشديدة ويحصي عليهم حتى أنفاسهم، وقطع عنهم أي اتصال اورتباط بمؤسسات الدولة المالية أو العسكرية او أية جهة يستخدمون منها القوة والنفوذ، يضاف الى ذلك ان بن سلمان الذي زودته الشركات الصهيونية بتكنولوجيا متطورة اخترق فيها اجهزة معارضيه في الخارج وراقب تحركاتهم واحايثهم، من باب أولى انه وضع أجهزة هؤلاء الأمراء تحت الرصد والمراقبة.. ولذلك يقول سيتفن هيرتوغ الخبير من كلية لندن للاقتصاد، انه من المستبعد أن يكون ذلك مخططاً كبيراً ومعقداً لتغيير القيادة في السعودية، فكل الشخصيات المحتجزة لم تعد لديها قدرة تذكر على الوصول لموارد الدولة. والى ذلك تنقل الوكالة رويترز عن مصادرها قولهم ان الأمير أحمد بن عبدالعزيز ومنذ عودته الى الرياض بعد نفيه الطوعي في بريطانيا، لم يبدِ عليه أنه مهتم بمسألة الحكم أو انه يتحرك في هذا الاتجاه. كل ذلك وغيره يؤشر الى ان قضية الانقلاب والخيانة والصاقها بهؤلاء الأمراء، هي قضية مغبركة ومعدة مسبقاً من أجل تبرير اعتقال هؤلاء الأمراء، ومن يشك بهم او بولائهم من اتباعهم داخل العائلة السعودية او داخل المؤسسات الأمنية من الضباط والمسؤولين وما اليهم...بمعنى ان عمليات الاعتقال والانقضاض نم جانب بن سلمان على هؤلاء الأمراء، هي عمليات استباقية، وهو الاحتمال الثاني والأرجح، عمليات استباقية عجلت بها ظروف ومواقف داخلية واقليمية ودولية ، يمكن أن نشير الى بعضها بما يلي:-
أولاً: كما اشرنا في حديثنا ان حسم الاوساط الأمريكية لمواقفها بدعم صعود بن سلمان لسدة عرش المملكة عجل من قيام ولي العهد السعودي بضربته الكبيرة في إزاحة هؤلاء الأمراء عن طريقة لأنه يرى فيهم خطراً كبيراً نظراً لالتفاف أمراء العائلة السعودية حولهم، وأيضاً لامتداداتهم القبلية، واكثر من ذلك كما مر بنا فهم مدعومون من السي آي اي ومن الكونغرس وحتى من بعض الاوساط السياسية البريطانية.
ثانياً: كما فصلنا في مقالتنا السابقة فأن الوضع السعودي يشهد عدم استقرار وتصاعد للاحتقان والتوتر في كل المجالات خصوصاً الأمنية منها وحتى العسكرية فعلى الصعيد الأمني شهدت المدينة المنورة مواجهة بالاسلحة النارية في الشارع العام بين عنصر أمني وعناصر الجهاز الذي ينتمي اليه، وأصاب إثنين من ضباط الجهاز أحدهما إصابته كانت حرجه. وفي حائل ذكرت صحيفة سبق السعودية المحلية في 1/3/2020، ان الجهات الأمنية في شرطة منطقة حائل، ألقت القبض على شخصين سعوديين (27 عاما و24 عاما) تسببا باصابة شخصين آخرين، بعد إطلاق النار من سلاح رشاش عليهما في حي شرق الجم بحائل ظهر ذلك اليوم-1/3 بعد مشاجرة تشبت بينهم.. ورواية الصحيفة تتناقض تماماً مع ما نشره السعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أظهرت الفيديوهات ان هناك مجزرة حصلت في تلك المنطقة، وأظهرت جثثاً تغطيها الدماء على الأرض وسط الشارع مع وجود مصابين ينزفون، وقال النشاط ان المجزرة هي نتيجة للانفلات الأمني الذي تشهده البلاد.
وكما أشرنا في مقالتنا السابقة – المملكة السعودية.. توالد الأزمات والمآزق في ظل سياسات بن سلمان، فأن هذا الانفلات الأمني هو تعبير عن تصاعد الاحتقان والتوتر وتفاقم المآزق في الشارع السعودي، وذلك نتيجة الهزائم العسكرية للجيش السعودي في اليمن، ونتيجة النزيف المالي بسبب الحلب الامريكي ونفقات الحرب والأسلحة، وبسبب تشديد سياسات القمع والاعتقالات وقتل المعارضين والناشطين وملاحقتهم في الداخل والخارج.. الى آخر القائمة العريضة الطويلة من الاخفاقات والفشل التي يراكمها بن سلمان بسبب أخطائه وعقم سياساته.. وعلى خلفية هذا الوضع المتفجر من غير المستبعد أن يكون التقييم الأمريكي لما يجري هناك، يفرض إجراء عمل إحترازي بهدف تخويف الشارع وقطع الطريق على المتربصين بالنظام السعودي والمعارضين ليساسات بن سلمان، سواء من داخل العائلة السعودية وامتداداتها القبلية والعسكرية، او من الجماهير التي باتت تغلي كما اشرنا، وتتحين الفرص المناسبة للاطاحة والفتك بالنظام السلماني.
يبدو ان أكثر ما أقلق الأمريكيين وبن سلمان، هو تصاعد بارومتر التذمر والغضب في الوسط العسكري السعودي، بسبب الهزائم العسكرية والخسائر الفادحة التي يتعرض لها الجيش السعودي في جبهات القتال مع جماع الحوثي، وهذا ما أكده المستشار السابق في الحكومة السعودية والمعارض الحالي محمد القحطاني، حيث قال في تصريح له: "أن الأسباب التي دفعت ولي العهد محمد بن سلمان، الى إعتقال الأمراء هو وصول معلومات إليه تفيد بوجود دعوات نقلت من داخل المؤسسة العسكرية من قبل قيادات، الى الأميرين أحمد وبن نايف بضرورة تنفيذ إنقلاب عسكري ". وأضاف القحطاني: " كثر الحديث داخل المؤسسة العسكرية والدعوات التي يتم توجيهها الى الأمراء الذين تم اعتقالهم حتى وصلت تلك الدعوات الى ولي العهد، الذي سارع واعتقل الاميرين أحمد وبن نايف وزجهما في السجن ". ولفت القحطاني الى "ان الأمير أحمد لم يتحرك أو يخطط بعد للاطاحة بولي العهد ووالده الملك سلمان، ولكن ما حدث أن بن سلمان قام بخطوة استباقية باعتقال عمه وبن نايف خشية الأطاحة به". وما يعزز ماذكره المعارض محمد القحطاني، ما اكده الضابط السعودي سعد العتيبي لموقع "هنا عدن" أنه تم طرد ما يقارب 800 ضابط من الحي السكني الذي يقطن فيه ضباط من جهاز الأمن والاستخبارات والجيش السعودي، دون معرفة الاسباب! لكن المؤكد ان بن سلمان قام وما زال بعملية تطهير للاجهزة الأمنية والعسكرية لكل من كل مَنْ يشك بولائه من الضباط والعناصر الفاعلة في تلك المؤسسات الأمنية، ولا يوجد لا انقلاب ولا هم يحزنون، كما أكدت ذلك كل او أغلب المصادر الغربية المطلعة.
رابعاً: ان هذه الاعتقالات التي قلنا تشكل ضربة استباقية من قبل بن سلمان لمعارضيه في الأسرة الحاكمة، تعتبر رسالة شديدة اللهجة لكل المعارضين في السعودية سواء من أفراد الأسرة أو من المؤسسات الأمنية والشارع العام في المملكة. لأن بن سلمان بات يتخوف ورعاته الصهاينة والامريكان، من تحرك ثوري يطيح به على خلفية الوضع المزري الذي تعيشه البلاد بسبب سياسات بن سلمان المراهقة.
وإذْ يجمع أكثر الخبراء، على إن بن سلمان مهد الطريق لنفسه للوصول إلى العرش، فأنه بذات النسبة صدّع الحكم السعودي ومهد الطريق لزواله وتهاويه وتفكيك أركانه.
ارسال التعليق