العدو الصهيوني القاتل..يُطرد من بعض البوابات الغربية ، ويحتضن من بوابات دول التطبيع العربية!!
[عبد العزيز المكي]
من المعروف، ان الدول الغربية هي ألتي أوجدت الكيان الارهابي " الاسرائيلي" وزرعته في قلب الوطن الاسلامي، في فلسطين، ومدته بالاسلحة والمعدات المتطورة، ومكنته من الصمود والبقاء وممارسة أنواع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني المظلوم، والشعوب العربية في الدول العربية المجاورة لفلسطين..و بالأمس قالها الرئيس الأمريكي جوبايدن وبالفم الملآن في لحظة تعبير عن الدعم الامريكي اللامتناهي لهذا الكيان الأرهابي المجرم، خلال استقباله نتنياهو، حتى لو لم تكن هناك " اسرائيل"، لأوجدناها اليوم"!! ومنذ قيام هذا الكيان الغاصب على أيدي البريطانيين والى ما قبل سنوات قليلة ظلت الشعوب الغربية تحتضن الصهاينة وتقدم لهم ولكيانهم الأرهابي كل أنواع الدعم المادي والمعنوي والعسكري، وتعتبر أبناء الشعب الفلسطيني المشرد المغتصبة أرضه وبلاده، " ارهابيين" و" قتله" وان الصهاينة " مظلومون" و" مساكين"!! اذ عمل الاعلام الذي تشرف عليه الحكومات الغربية المرتبطة باللوبيات الصهيونية، عمله في تضليل هذه الشعوب وفي حجب الحقيقة عنها، حتى السنوات الأخيرة، حيث بدأت بعض هذه الشعوب في رؤية جزء من الحقيقة، حول طبيعة هذا الكيان والغاصبين الصهاينة، وتبيّن لها، ان هؤلاء الصهاينة هم حلقة أساسية في المشروع الاستعماري الغربي الامريكي الذي يستهدف منطقة الشرق الاوسط برمتها، وهم قتلة ومجرمون وارهابيون وعنصريون، ومنذ عام 1995 م برزت بعض الأصوات الغربية صادعة بالحقيقة عن طبيعة هذا الكيان الافسادي وعدائه للانسانية، وحينها قال المقبور شيمون بيريز في ذلك التاريخ قولته المشهورة بضرورة قلب الطاولة ونوقف هذا المد بالوعي عن الكيان لدى المجتمعات الغربية، وفعلاً تحرك الصهاينة على محورين أو ثلاثة محاور، الأول تشديد حملتهم في تشويه الإسلام وتشويه اتباعه ومحاولة ترسيخ صورة " الإرهاب والدموية" عنهم في الذهنية الغربية بافتعال القتل والارهاب الذي يقوم به عملاء الصهاينة تحت عباءة الإسلام!!
والثاني، محاولة إيجاد فجوة فكرية بين الإسلام والمجتمعات الغربية لأنه في تلك الفترة شهدت هذه المجتمعات ظاهرة انفتاح وإقبال على هذا الإسلام وهو ما أثار قلق بيريز والصهاينة والحكومات المرتبطة بهم في واشنطن وفي العواصم الغربية. والثالث، محاصرة وملاحقة كل صوت غربي أو أمريكي ينتقد الكيان الصهيوني والصهاينة ويدعوا الى مقاطعتهم ووقف الدعم لهم، وبالمقابل تشجيع كل مناصريهم من الفنانين والكتاب والمفكرين في أمريكا وفي الدول الغربية وحملهم على مضاعفة نشاطهم وتكثيف اعلامهم من أجل المحافظة على صورة الكيان السابقة في الذهنية الغربية.. ولكن رغم كل تلكم المحاولات الجبارة المدعومة بماكانات اعلامية وفكرية جبارة، الّا ان حالات الوعي ظلت تتنامى في أمريكا وفي المجتمعات الغربية، وبرغم كل الإرهاب الصهيوني والتهديد بالتصفيات الجسدية والمعنوية الّا ان الظاهرة استمرت وتصاعدت واتسع نطاقها بشكل لافت ومقلق للصهاينة فعلى سبيل المثال لا الحصر، " أعلن أكثر من 54 شخصية بارزة من ضمنهم حائزون وحائزات على جائزة نوبل، ونجوم هوليوود وكتّاب يثنون على قرار رئيسة بلدية برشلونه بتجميد العلاقات مع الأبارتهايد " الإسرائيلي" والغاء إتفاقية التوأمة مع تل أبيب، رفضاً للجرائم " الاسرائيلية" بحق الشعب الفلسطيني"و من الجدير الاشارة الى انه في العام 2019" أعلن فنانون عالميون من دول مختلفة بمقاطعة الأورفزيون- مسابقة الغناء الأوروبية التي أقيمت في " اسرائيل"، ونشر اكثر من 100 موسيقي، ممثل، كاتب ومخرج رسالة في صحيفة الغارديان البريطانية أعلنوا تأييدهم لمطالبات فنانين فلسطينيين مقاطعة المسابقة الموسيقية في عام 2019 بسبب إقامتها في اسرائيل".. ووقع على الرسالة فنانون من أوروبا، استراليا، والولايات المتحدة، من بينهم الموسيقي روجر ووترس من فرقة " بينك فلويد"، والمنتج بريان إينو، والمخرج كين لويتش..
في الوسط الأمريكي الشعبي وحتى بعض الرسمي ثمة تصاعد في الأصوات المعارضة للسياسة الصهيونية وحتى الداعية الى وقف الدعم العسكري والسياسي الامريكي لها، ففي هذا السياق كان استطلاع رأي أجرته مؤسسة هارفارد هاريس لشرائح من الشعب الامريكي، في مطلع العام 2021 أي بعد العدوان الصهيوني على غزة.. أظهر هذا الاستطلاع ان 40% ممن شملهم الاستطلاع واكثرهم من فئة الشباب حمّلوا الكيان الصهيوني المسؤولية عن العدوان واعتبروه ممارسة إرهابية!! وكمؤشر آخر على التحول في الوعي الامريكي لغير صالح العدو، أعلنت صحيفة يدعوت احرونوت في مطلع اكتوبر 2022، ان استطلاعاً نظمته وزارة الخارجية الإسرائيلية في ذلك الوقت، في أوساط طلاب الجامعات الأمريكية، أظهر انهم يؤيدون مقاطعة " اسرائيل". وللاشارة فأن حتى الصهاينة أنفسهم اعترفوا بالتراجع الشعبي الامريكي عن تأييد الكيان الصهيوني حيث قال شاؤول مشال الاستاذ في كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة تل أبيب، في مقال نشرته صحيفة هاآرتيس الصهيونية في 16 اكتوبر 2022.." ان اليوم الذي ستعيد فيه الولايات المتحدة تقييم علاقاتها مع " اسرائيل" ليس بعيداً، بسبب انه لم يعد هناك تأييد " لاسرائيل" في الأوساط السياسية الأمريكية كما كان عليه من قبل.."
اكثر من ذلك، ان تراجع تأييد الكيان الصهيوني حصل حتى في أوساط اليهود الأمريكيين الذين يقدمون الدعم الاساسي للكيان الغاصب، خاصة بين أوساط الشباب منهم.." فقد بينت دراسة حديثة اجرتها احدى المؤسسات اليهودية في الولايات المتحدة ان 57% فقط من الطلاب اليهود في الجامعات والكليات الأمريكية عبروا في العام 2016 عن تأييدهم لإسرائيل "في سياق الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني". مقابل 84% منهم في العام 2010. وفي الوقت ارتفعت نسبة المؤيدين للفلسطينيين من بين هؤلاء الطلاب من 2% في العام 2010 الى 82% في العام 2016. إضافة الى ان الاغلبية الساحقة منهم أصبحت تعتقد بان " دولة اسرائيل" تنتهك حقوق الانسان". وهناك الكثير من المعطيات التي تؤكد في هذا السياق ان الأوساط الأمريكية تشهد تراجعاً متزايداً ومتصاعداً عن تأييد العدو، حتى في أوساط الكونغرس الامريكي وكذا الأمر في أوروبا.. فقد كشف استطلاع أجرته مجموعة البحث والتحليل الدولية " يوجوف" في العام 2021 أي بعد العدوان الصهيوني على غزة،..كشف هذا الاستطلاع عن تراجع مستوى تأييد " اسرائيل" في عموم الدول الأوربية بنسبة بلغت في المتوسط 14%. وقالت المجموعة في عرض لنتائج الاستطلاع على موقعها على الانترنت ان شعبية " اسرائيل" تراجعت بشكل كبير في عموم أوروبا، منذ آخر استطلاع أجري في شباط من العام نفسه أي عام 2021!! وكدليل على استمرار هذا التراجع الغربي اعلان استراليا في اكتوبر عام 2022 عن تراجعها عن الاعتراف بالقدس عاصمة الكيان الصهيوني، وقالت وزيرة الخارجية الاسترالية بيني وونغ في بيان لها في ذلك التاريخ ان بلادنا تراجعت عن الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة " لاسرائيل" مؤكدة على بقاء سفارة استراليا في تل أبيب. من جهتها القمة الافريقية التي عقدت مؤخراً في اثيوبيا طردت المندوبة " الاسرائيلية" التي حضرت القمة بصفة مراقب، طردتها وبذلة مثلما نقلت وكالات الانباء وأوساط إعلامية أخرى..
ما يعني كل ذلك وغيره، ان هناك وعياً عالمياً متصاعداً بنبذ هذه الغدة السرطانية وعزلها، والمفارقة كل المفارقة، هي ان الكيان الصهيوني في الوقت الذي يواجه فيه تراجعاً عن التأييد في الوسط الأوربي، يحظى في المقابل باحتضان بعض الدول العربية الخليجية المطبعة، بل ان هذه الدول فاقت في صميميتها وودها للعدو، مصر والأردن رائدتا التطبيع مع العدو منذ عقود السبعينات والثمانينات، فالسلطات الإماراتية قطعت شوطاً طويلاً في هذا المضمار، اذ دعمت الاقتصاد الصهيوني المتهاوي بثلاثة مليارات دولار كدفعة أولى تحت واجهة الاستثمار الاماراتي في الكيان الصهيوني، ومكنت العدو من زرع الامارات بالقواعد العسكرية والأمنية لدرجة ان العدو حوّل الامارات الى ثكنة عسكرية وقواعد ومراكز أمنية متقدمة للموساد الصهيوني، بل لم تكتف السلطات الإماراتية بذلك، إنما وضعت الجزر اليمنية مثل سقطري وميون وعبدالكوري وحنيش وغيرها بالإضافة الى محافظات المهرة وحضرموت ومأرب وباقي المحافظات اليمنية تحت تصرف العدو الصهيوني لدرجة ان المسؤولين الصهاينة وباعترافهم هم لم يصدقوا ما يقوم به الإماراتيون تجاههم!! فتمادوا_ أي الصهاينة في طلباتهم_ فأقاموا حياً كاملاً في أبوظبي، بعد ما سمحت لهم السلطات الأماراتية بالتملك، أي انهم أقاموا اول مستوطنة صهيونية في هذا البلد، وسوف تتبعها مستوطنات أخرى مادام التعاون الإماراتي مع العدو يشهد انفتاحاً واقبالاً اماراتياً لاحدود له!!
و اللافت ان ثمة تنافس بين السعودية- وراء الكواليس- وبين البحرين والأمارات على التعاون الأمني والعسكري مع العدو، وتقديم الخدمات له!! فالبحرين هي الأخرى قطعت شوطاً كبيراً في مجالات التعاون والحميمية مع الأعداء الصهاينة وعلى صعد كثيرة لاسيما الأمنية والعسكرية كما أشرنا قبل قليل.. فالنظام البحريني اندفع بسرعة فائقة لعقد المعاهدات والاتفاقات الأمنية والعسكرية مع العدو لدرجة أن حول البلد الى قاعدة عسكرية وأمنية صهيونية بكل ما للكلمة من معنى.. وأصبحت البحرين اليوم رهينة بيد العدو فاقدة السيادة والإرادة!! وعلى شاكلة الأمارات ذهبت السلطات البحرينية الى بيع أحدى الجزر البحرينية الى العدو فقد كشف موقع " ذاكاردل" عن أن البحرين باعت احدى جزرها لشركة " هيمنوتا" الصهيونية مقابل 5/21 مليون دولار فقط في مزاد!! وكشف الموقع 10/2/2023 ان القناة " الاسرائيلية" السابعة هي اول من كشفت عن الصفقة ! ومساحة الجزيرة قرابة العشرة آلاف كيلومتر مربع، ذات موقع استراتيجي، يحاول العدو نقل ملكيتها الى الصهاينة، اذ صرح أحد ممثلي الشركة المشار اليها أفيري شناير، ان المناقشات جارية لنقل سيادة البحرين على الجزيرة الى " اسرائيل"!! وللأسف هناك الكثير من المعطيات حول هرولة هذه الانظمة نحو العدو ليس في البحرين والإمارات وحسب، وانما النظام السعودي الذي يعزز يومياً تعاونه مع الصهاينة من وراء الكواليس، وكذلك السلطات السودانية والمغرب ودول أخرى يتحدث عنها الصهاينة باستمرار بأنها ستلتحق بركب التطبيع عاجلاً أو آجلاً!! ذلك في الوقت الذي يمارس فيه العدو أبشع أنواع البطش والتنكيل واغتصاب الأراضي، بحق الشعب الفلسطيني، بل وفي الوقت الذي يصعد مسؤولو العدو حملتهم المعادية للعرب، واعتبارهم " حشرات" و"صراصير" يجب قتلها والقضاء عليها! ما يعني ذلك، ان هذه الحكومات المطبعة ليست فاقدة الكرامة والعزة وحسب وانما هي:-
1- تأكيد مضاعف لمقولة ان هذه الحكومات أدوات نصبها الاستعمار الغربي لخدمة مصالحه ومصالح مشروعة ( الغدة السرطانية) في المنطقة.
2- و لأن الوظيفة الأساسية لهذه الأدوات كما أشرنا خدمة المصالح الغربية والعدو الصهيوني فأن الوضع الحرج الذي يمر به هذا المشروع ( الصهيوني) يتطلب انسلاخ هذه الانظمة والتحرك على المكشوف، والتخلي عن الشعارات والمقولات التي كانت تتخفى وراءها لخداع الأمة والضحك على ذقونها !!
3- ان احتضان هذه الأدوات للعدو المتهالك والذي يعاني من بدايات الانهيار، يؤكد ان مقدرات شعوب تلك الدول المطبعة رهينة بيد الاميركان والبريطانيين والصهاينة، وذلك يشكل خطراً متعاظماً على مستقبل هذه الشعوب ما لم تتحرك وتتخلص من هذه الشلل الخائنة.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق