الغموض يكتنف القصور الملكية وكوشنر للتهدئة والإحتيال
[حسن العمري]
يوم بعد آخر تنكشف جوانب من لعبة الصراع على العرش بين أمراء الأسرة الحاكمة في بلاد الحرمين، حيث لا يتهاون فيها من استخدام مختلف أنواع أسلحة المكر والخديعة والخيانة وقتل بعضهم الآخر، ناهيك عن التهم التي تنهال ضد بعضهم في وسائل الإعلام العالمية وفي مقدمتها وسائل السلطة؛ والأوضاع العائلية نحو تدهور كبير جداً ومستقبل غامض سيدفع نحو إراقة الدماء في القصور الملكية حتى الركب؛ بهدف بلوغ العرش بقوة "المنشار" والدافع الأساسي لها هو سياسة الطيش والسفاهة التي ينتهجها "محمد بن سلمان" في داخل البلاد بدحر رقبائه بذرائع "الفساد" وتصفيتهم بأشكال مختلفة، الى جانب تهوره الإقليمي.
انقلاب سلماني جديد (الأمر الملكي رقم (أ 90) بتاريخ 27 8 1412هـ) قبل يومين أنهى فيه خدمة قائد القوات المشتركة الفريق "فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود" ونجله عبدالعزيز وعزلهما من منصبيهما، الى جانب إعفاء "عبدالعزيز بن فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود" نائب أمير "منطقة الجوف" من منصبه وإحالتهما مع عدد من القادة الضباط والموظفين المدنيين في "وزارة الدفاع" للتحقيق بعد اعتقالهم وأفراد أسرهم - وفق (صحيفة الرياض 12 محرم 1442هـ الموافق 31 أغسطس 2020م - واس)، للتحقيق بتهمة "الفساد المالي" أداة المنشار لضرب معارضيه باتت معروفة لدى القاصي والداني تكشف عن هزالة فكره وتحجر عقله كالنعامة.
لا يختلف أثنان من أن العهد السلماني القابع على رقاب أبناء الحرمين والمستهدف لهم ولشعوب المنطقة، أنه نظام بطش قمعي متبحرٌ في زعزعة الاستقرار الإقليمي والعالم الاسلامي، ومنتهك لأبسط "حقوق الانسان"، ومجرم لاذع في قتل الطفولة اليمنية، وداعم لإرهاب التكفيري، وبارع في شراء الذمم وإسكات الضمير الغربي المتشدق بحقوق الانسان، والعامل الأساس في نشر الفوضى والحروب بالوكالة و..... كل سيء وأجرام ومكر وخديعة ونفاق وخيانة على مستوى الأمة، الى جانب تمعنه بقمع المعارضة السلمية وتشكيله فرق اغتيالات من عشرات الأشخاص ضد المعارضين في داخل البلاد وخارجها، وهو ما تؤكده تقارير الاستخبارات الغربية والأمريكية الحليفة.
موقع "نيوز ري" الروسي نشر تقريرا، تحدث فيه من أن سياسات ولي العهد السعودي أدى الى تشكيل جبهة معارضة قوية بين أبناء عمومته، بعد أن فشلت حملات فندق "الريتز كارلتون" بالرياض في تحييد مشاعر رفض نظام الحكم السلماني، ومصادر سعودية تتحدث عن مشاعر عداء تشبه أجواء حرب يكنها أفراد من عائلة آل سعود لابن سلمان؛ إذ إن أبناء عمومته لا يزالون يرفضون الاعتراف بشرعيته كولي للعهد. رغم الغموض الذي يكتنف مصير الكثير من الأمراء الذين تم اعتقالهم خلال الأشهر الماضي من قبل قوات "بلاك ووتر" الأمريكية المعنية بالحفاظ على نجل سلمان.
موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، يقول: أن الاعتقالات الأخيرة هي الاخرى لها علاقة بمعارضة الأسرة الحاكمة لمخططات نقل الحكم، التي كان مزمعا تنفيذها هذا العام بين الملك المسن المصاب بالزهايمر العضال وولي عهده المراهق. ما دفع بالأخير الى إلغاء زيارته المزمعة الأسبوع القادم الى واشنطن للقاء رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني "بنيامين نتن ياهو" والحديث معه عن خطط "التطبيع الإنبطاحي". حيث تم إرسال فريق البروتوكولات السعودي الى العاصمة الأمريكية للقيام بحجوزات الفنادق، ولكن تم إلغاء كل شيء في آخر لحظة- وفق الموقع الروسي.
تدهور الأمور بهذه الصورة المخوفة دفع بصهر الرئيس الأمريكي وعراب التطبيع الإنبطاحي الخليجي الصهيوني "جاريد كوشنر" الى تعجيله السفر الى الرياض ولقائه نجل سلمان لتهدئة الأوضاع داخل الأسرة الحاكمة الى جانب دفعه نحو التعجيل في إقامة العلاقات مع "الكيان الاسرائيلي" على غرار ما فعله أستاذه "محمد بن زايد"، مغرياً إياه بأنه الجسر الوحيد لاعتلائه العرش؛ فيما المراقبون للشأن السعودي يؤكدون أن الأمر لا يتعدى سوى "أضغاث أحلام" وأن الأمور آيلة الى الأسوأ بالنسبة لولي العهد خاصة وأن "ترامب" يواجه صراع مقيت بخصوص بلوغه دورة رئاسية ثانية من أهم عقباتها هو دفاعه المتواصل من سلمان ونجله.
الأمر الملكي الأخير كلف الفريق الركن "مطلق بن سالم بن مطلق الأزيمع" نائب رئيس هيئة الأركان العامة، بالقيام بعمل قائد القوات المشتركة لتحالف العدوان السعودي الإماراتي في غزو اليمن. فيما موقع إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية يكشف عن عزل عائلتي الأميرة بسمة بنت سعود وولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، وإن الاتصال ببسمة بنت سعود "انقطع منذ أبريل/نيسان بعد أن ناشدت علنا بن سلمان بإطلاق سراحها - بحسب تصريحات أدلى بها مصدر مقرب من القضية للإذاعة الألمانية ولم تكشف عن هويته.
تزامناً مع الأحداث الدامية الجارية بين أروقة العرش في الرياض وجدة، أقدم الكاتبان الأمريكيان "برادلي هوب" و"جاستن شيك" وهما صحافيان في "وول ستريت جورنال" الأمريكية، على نشر كتابهما تحت عنوان "الدم والنفط" الذي يتناول جوانب من شخصية ولي العهد محمد بن سلمان وكيفية صعوده الى الحكم، وأسلوبه في تصفية خصومه ومعارضيه اعتقالاً وتعذيباً منها تفاصيل ما جرى في فندق "الريتز كارلتون" مع الأمراء وكبار المسؤولين ورجال الأعمال المعتقلين المعارضين لعرش المنشار في تشرين الأول/ نوفمبر2017، والخطط ضد قطر التي سبقت إعلان الحصار عليها.
صحيفة "يديعوت أحرنوت" الصهيونية كشفت من أن "كوشنر يمارس ضغوطا على السعودية لحضور حفل توقيع اتفاقية التطبيع، المتوقع تنظيمه في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل"، تحت يافطة أهمية الشراكة بين البلدين وسبل تعزيزها في المجالات كافة، مضيفة أن "الضغوط الأمريكية على السعودية تأتي بعد نجاح كوشنر بإغلاق مسار العلاقات بين أبوظبي وتل أبيب بنجاح، ويريد تخصيص جهوده منذ الآن، لكي تكون الرياض التالية في التطبيع مع تل أبيب". مشيرة الى أن العلاقة بين "كوشنر" و"بن سلمان" دفعت الرياض للموافقة على تحليق الطائرة التابعة لشركة "العال" الإسرائيلية والتي أقلعت من مطار "بن غوريون" وهي تنقل الوفد الإسرائيلي الى أبو ظبي يوم الاثنين الماضي فوق الأجواء السعودية، لدفع اتفاق التطبيع.
مراقبون للشأن الأقليمي أكدوا أن شخصية محمد بن سلمان هي شخصية خطيرة، وخطرها لا يقتصر محلياً وإنما إقليمياً وربما عالمياً أيضاً..لإبن سلمان رؤية طموحة جداً، فهو يستخدم الأساليب الممكنة من الخداع الى القوة والبطش لكي يسيطر على كل شيء في الداخل. مشيرين الى خطره الأقليمي إذ إنه وبعد أشهر قليلة من توليه السلطة شنّ حرباً دون مبرر على اليمن الشقيق لا يعرف أبعادها، وحاصر قطر، ورسم مشاريع على مستوى إقليمي، ووضع نفسه في مواجهة مع ايران.. مشيرين الى الخسائر الكبيرة التي ألحقها بالمملكة وشعبها وماء وجهها جراء سياسة الرعونة والمشاكسة والحرب بالوكالة في المحيط القليمي، وكذا حرب النفط مع الدب الروسي.
محامو محمد بن نايف، اعربوا مجدداً عن قلقهم المتزايد بشأن سلامته، في ظل عدم السماح له بزيارة طبيبه الشخصي، وبقاء مكان وجوده مجهولاً بعد اعتقاله من قبل قوات الأمن الخاص لنجل سلمان في مارس/آذار الماضي، بمعية شقيقه "نواف" وعمه الأمير "أحمد بن عبد العزيز"، دون توجيه أي تهم لهم بشكل رسمي لثلاث؛ حيث تم الإفراج عن "نواف" فيما الآخران لا زالا قيد الاعتقال في مكان مجهول يخاف أن يكون المنشار قد نشرهما كما فعل بجمال خاشقجي وغيره من قبل، وفقا لما نقلته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
ارسال التعليق