الفضائح تلاحق بن سلمان... حصاد السياسات الطائشة
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبد العزيز المكي..
في الوقت يحاول محمد بن سلمان التخلص من تداعيات جريمته بقتل المعارض جمال خاشقجي، والتي تحولت إلى أشباح أي تلك التداعيات تلاحقه في كل مكان وحتى اللحظة، مسخراً كل الإمكانات، وكل الأبواق الإعلامية، والأموال الطائلة من أجل إسدال ستار النسيان على هذه الجريمة النكراء.. نقول في هذا الوقت الذي يبذل فيه بن سلمان كل المساعي للتخلص من تلك التداعيات، حتى تفجرت فضيحة جديدة وجريمة جديدة ستترك بصماتها وآثارها السلبية على بن سلمان، حيث كشفت صحيفة الغارديان البريطانية في 23/1/2020، أن ولي العهد السعودي كان مسؤولاً بشكل شخصي عن اختراق هاتف الملياردير الأمريكي جيف بيزوس مؤسس موقع أمازون، ومالك صحيفة واشنطن بوست، ومن خلال رسالة بعثها له من حسابه الشخصي عبر تطبيق واتساب.
وفي التفاصيل، نقلت صحيفة الغارديان عن مصادر مطلعة على نتائج تحقيق جنائي للأمم المتحدة، نشر في ذلك اليوم، متعلق بالقضية قولها: "إن الرسالة التي بعثها ولي العهد السعودي الى بيزوس احتوت على ملف خبيث اخترق هاتف الملياردير الأمريكي". وتوصل التحليل إلى أنه من المحتمل جداً أن اختراق الهاتف تم بواسطة ملف الفيديو الذي أرسله بن سلمان إلى بيزوس. وبينت الغارديان أن رسالة بن سلمان بُعثت في الأول من مايو/ أيار أي قبل خمسة أشهر من قتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة اسطنبول التركية. وأكدت الصحيفة البريطانية، أن كميات كبيرة من البيانات سُحبت من هاتف بيزوس، دون الكشف عن طبيعتها! وتقول صحيفة الغارديان ان بن سلمان وبيزوس كانا قبل القرصنة يتبادلان الرسائل الودية عبر واتساب. وبعد تسرب معلومات خاصة من جهاز الهاتف الذي يملكه، عيَّن بيزوس " شركة غافن دي بيكر" وشركاه للتحقيق في كيفية وصول رسائله وصوره الحميمة إلى صحيفة " ناشونال انكويرر" التي نشرت تقريراً عن علاقات بيزوس الغرامية ما أدى إلى طلاقه من زوجته. وفي آذار/ مارس من العام الماضي ذكرت دي بيكر، أنها خلصت إلى نتيجة مفادها أن السلطات السعودية قرصنت هاتف بيزوس للدخول إلى بياناته الشخصية وكتبت الشركة، بعد التحقيق، على موقع " ذا ديلي بيست" في ذلك الوقت.." خلص محققونا والعديد من الخبراء بشكل شبه مؤكد إلى أن السعوديين دخلوا على هاتف بيزوس وحصلوا على معلومات خاصة".
يشار إلى أن بعض الأوساط الإعلامية الغربية وحتى عربية وقطرية كانت قد أشارت إلى أن شركة صهيونية زودت بن سلمان وبن زايد " بخدمة انترنيتية " للتجسس على معارضيهما في الخارج والداخل، وفي اختراق حسابات وهواتف هؤلاء المارضين من خلال تلك الخدمة، بل أشارت هذه الأوساط الإعلامية في حينها أن المحمدين كان يتجسسان بواسطة هذه الخدمة الصهيونية حتى على رؤساء وبعض المسؤولين في عدد من الدول العربية والإسلامية!!
على أي حال، هذه الفضيحة الجديدة لبن سلمان أثارت هزة عنيفة في الديوان الملكي السعودي، حيث هب كل جلاوزة بن سلمان في الديوان الملكي وفي الحكومة لنفي دور بن سلمان في هذه الفضيحة، واعتبر وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، ما كشفته صحيفة الغارديان، بالسخيف على حد قوله، نافياً الأمر جملة وتفصيلا، تماماً مثل ما فعلوا سابقاً بعد انكشاف أمرهم في اغتيال خاشقجي، فقالوا انه خرج من القنصلية، وبعد وعرضت الأوساط التركية الأدلة بعدم خروجه، ادعوا انه حصلت مشادة كلامية مع بعض الموظفين أدت إلى قتله، وأخيراً اعترفوا بأن فريقاً قتل الكاتب خاشقجي، بدون علم النظام السعودي، ثم أعلنوا أنهم حوكموا، وأصدرت المحاكم السعودية برئاسة شعلان راجح الشعلان بالإعدام على خمسة منهم، وعلى آخرين بالسجن بمدد مختلفة!!
وفيما ينشغل بن سلمان وفريقه في معالجة هذه الفضيحة الجديدة، فان اللافت والمثير حقاً هو الاهتمام الكبير من قبل الأوساط الأمريكية والغربية الإعلامية وحتى بعض السياسية بهذه الفضيحة وبالشكل الذي يزدري بن سلمان وفي بعض الأحيان يضعه في قفص الاتهام، فضلا عن الانتقاد اللاذع له ولسياساته وتصرفاته الصبيانية!! ففي هذا السياق كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في 24/1/2020 عن أن مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) بدأ التحقيق في اختراق هاتف بيزوس، مشيرة إلى معرفة مسؤولين سعوديين مقربين من محمد بن سلمان بخطته بينهم المستشار المقال من الديوان الملكي سعودي القحطاني، المتهم الرئيس في اغتيال جمال خاشقجي. كما نقل موقع ديلي بيست الأمريكي في نفس اليوم- 24/1/2020 عن مصادر أمريكية قولها إن مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)أنقذ الناشط السعودي عبد الرحمن المطيري من مصير جمال خاشقجي. وأضاف الموقع أن المقررة الأمم المتحدة لحالات القتل خارج نطاق القانون، أغينيس كالامار على دراية بقضية الناشط السعودي عبد الرحمن المطيري. وكان جهاز الاف بي آي قد شرح بالتفصيل عملية إنقاذ هذا الناشط، نشرها الموقع المذكور. من جهتها نشرت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية تقريراً أثارت فيه التحقيق الذي أجراه حول تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وتوصل فيه إلى مسؤولية النظام السعودي عن هذه الهجمات، وظل هذا التحقيق طي الكتمان، مشيرة إلى مطالبات عائلات ذوي الضحايا في هذا الهجوم، بنشر الحقيقة ومقاضاة النظام السعودي.
في الإطار ذاته طالب عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور الديمقراطي (كريس ميرفي) مديري الاستخبارات الوطنية ومكتب التحقيقات الفدرالي الاف بي آي بالتحقيق في إحتمال اختراق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هاتف مالك صحيفة واشنطن بوست جيف بيزوس عام 2018، مشيراً إلى انه طلب من المحققين البحث في ما إذا كان بن سلمان أو غيره من المسؤولين السعوديين قد تمكنوا من اختراق أجهزة شخصيات أو مسؤولين أو مواطنين أمريكيين آخرين بطريقة غير قانونية. وكان العضو البارز بلجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي (رون وايدن) قد طالب بمزيد من المعلومات حول اختراق هاتف بيزوس، مطالباً بنسخة من تقارير المحققين حول الأمر.
واستطراداً، كشف مدير مكتب صحيفة النيويورك تايمز في بيروت، بن هو بارد في 23/1/2020 عن تعرض هاتفه الذكي لمحاولة قرصنه من قبل عملاء قال إنهم مرتبطون بالسعودية، وقال بن هو بارد أن محاولة القرصنة هذه جاءت بعد شهر من قرصنة مؤسس شركة أمازون ومالك صحيفة الواشنطن بوست جيف بيزوس.
وعودة إلى السيناتور الديمقراطي رون وايدن، فانه لم يكتفِ بالمطالبة بالتحقيق في هذه الفضيحة وحسب وإنما وجه رسالة إلى بيزوس يطالبه فيها بتزويده بمعلومات حول اختراق هاتفه من قبل محمد بن سلمان، وتأكيده لهذا الاختراق. تدحرج القضية أو الفضيحة السعودية المتواصل، لم يقتصر على الأوساط الأمريكية للدرجة التي أحرجت فيها الإدارة الأمريكية بسبب حمايتها لبن سلمان وتكتمها على جرائمه، وإنما امتدت تداعيات الفضيحة إلى الأوساط الأوروبية، فالسي آي إي الأمريكي أخبرت المخابرات البريطانية بجعل هاتف خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز تحت المراقبة بسبب أن المخابرات السعودية وضعتها تحت المراقبة، صحيفة الديلي ميل البريطانية شرحت في تقرير لها في 23/1/2020 شرحت بشكل مفصل وبالجزئيات كيف اخترق ولي العهد السعودي هاتف بيزوس. من جهته الاتحاد الأوربي أعلن عن قلقه من هذه الفضيحة وطالب بالتحقيق فيها، كما جاء ذلك على لسان الناطق باسم الاتحاد المذكور، كما طالبت المحققة الأممية بالجرائم خارج القانون كالامار بالتحقيق السريع في هذه الفضيحة.
هذا وما زالت ردود الفعل الأوربية والأمريكية تتوالى وتزداد اتساعاً، انتقاداً ومطالبة بالتحقيق، وإدانة وما إلى ذلك، ما يؤشر ذلك إلى أن الفضيحة فتحت على النظام السعودي العيون من كل حدب وصوب، حيث وضعت كل تحركاته وسياساته وتصرفاته السابقة واللاحقة تحت المجهر والرصد والمراقبة هذا أولاً.
وثانياً: إن هذه الفضيحة فتحت العيون مجدداً على جريمة بن سلمان بقتل الصحفي جمال خاشقجي، فتداعت الطلبات بإعادة التدقيق والتحقيق في هذه الجريمة، بعد ما أكدت الفضيحة الجديدة الدور الرئيسي لمحمد بن سلمان نفسه، ومحاولة النيل من مالك صحيفة الواشنطن بوست التي كانت تحتضن جمال خاشقجي وتنشر مقالاته.. ذلك ان هذه الفضيحة منحت تقارير والتحقيقات التي تقول ان بن سلمان ومساعده سعود القحطاني، وأيضاً مساعده الآخر رئيس المخابرات السابق أحمد العسيري الدور الرئيس والأساسي في تصفية خاشقجي بعد دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول.. نقول إن هذه الفضيحة الجديدة، منحت تلك التحقيقات مصداقية جديدة وزخماً أكبر بعدما كان بن سلمان يحاول إسدال الستار عليها بمساعدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبمساعدة حلفائه الصهاينة. ولذلك طلبت بعض الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية والأوربية التدقيق والتحري والبحث في اتصالات وارتباطات وتحركات بن سلمان وطاقمه في الفترة التي سبقت مقتل خاشقجي، ومراجعة كل الشواهد والأدلة وإعادة النظر فيها وتبنيها لتوفر مصاديق جديدة تثبت صحتها ومصداقيتها الأمر الذي يشكل خطورة كبيرة على بن سلمان وعلى مستقبله السياسي على أقل تقدير.
وثالثاً: إن اختراق بن سلمان لهاتف مالك صحيفة الواشنطن بوست أو مديرها التنفيذي جيف بيزوس، أثار اهتمام الأوساط العالمية بالتجسس الذي يمارسه بن سلمان ضد الآخرين، خصوصاً ممن يعتبرهم بن سلمان أعداء أو معارضين للمملكة أو من الداعمين لهؤلاء، ففي هذا السياق أشار تقرير أعده كل من اغينيس كالامار مقررة الأمم المتحدة المعنية بحرية التعبير.. إلى " أن توقيت قرصنة هاتف بيزوس يدعم إجراء تحقيق عن مزاعم بأن بن سلمان كان قد أمر أو حرض على قتل خاشقجي"وأردف التقرير.. انه بينما كان مفترضاً أن تحقق السعودية في مقتل خاشقجي، كانت تستهدف سراً وعلانية جيف بيزوس". مضيفاً بالقول إن .. " معلوماتنا تشير إلى احتمال تورط بن سلمان بمراقبة بيزوس للتأثير على صحيفة واشنطن بوست بشأن السعودية" ولفت التقرير إلى أن البرنامج الذي استخدمه بن سلمان في قرصنة هاتف بيزوس هو برنامج (بيغاسوس) الإسرائيلي". وأشار التقرير إلى أن الذي تم فيه اختراق هاتف بيزوس هو نفسه الذي اُخترقت فيه هواتف اثنين من المقربين من خاشقجي". وأوضح التقرير أن الادعاء المتعلق باختراق هاتف بيزوس يتفق مع الدور البارز لبن سلمان في قيادة حملة ضد معارضيه. وفي هذا السياق، وفي ظل مطالبات أوساط دولية بضرورة التدقيق والتحري فيما إذا كان بن سلمان يتجسس على زعماء وقيادات سياسية غير سعودية عربية أو دولية، في ظل هذه المطالبات، كانت أوساط صحيفة غربية قد أشارت حينما اكتشفت قضية بيع شركة صهيونية قبل أربعة أو خمسة أشهر، لكل من بن زايد وبن سلمان برنامج يساعد على اختراقهما لهواتف معارضيهما.. واشارت الى أن ابن سلمان استخدم هذه التقنية لاختراق هواتف وحسابات زعامات وشخصيات عربية وفلسطينية !! كما أشرنا سابقاً.
رابعاً: عززت هذه الفضيحة السقوط الأخلاقي للنظام السعودي في ظل سياسات بن سلمان، فبينما ما زالت، جريمة الغدر بخاشقجي المروعة، والمجازر البشعة التي يرتكبها بن سلمان في اليمن، وتدخلاته السافرة في لبنان وفي العراق، وهرولته نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني و.و.. تثير الجدل بل والتندر حول السقوط الأخلاقي والقيمي للنظام السعودي.. جاءت الفضيحة الجديدة لتعمق وتعزز هذا الجدل حول الانحدار الأخلاقي المتسارع لهذا الحاكم الطائش، الذي أضاع هيبة المملكة وجعلها معْلَم إزدراء ومسخرة للقاصي والداني! بل وفقدت على أثر ذلك ثقلها واحترامها في منظومة الدول الإسلامية عامة والعربية خاصة.
خامساً: وكما قالت صحيفة الغارديان البريطانية، التي كشفت تلك الفضيحة فأن تورط بن سلمان غير المسبوق في القرصنة يمكن أن يقوض جهود ولي العهد السعودي لجذب المزيد من الاستثمارات الغربية إلى المملكة في سياق مشروعه لتنويع اقتصادها. وأول الغيث في هذا المجال، هو إحجام الرئيس التنفيذي لشركة امازون جيف بيزوس عن المشاركة في مؤتمر استثماري سيعقد في السعودية في الخامس من شهر فبراير القادم.. وأشارت صحيفة الواشنطن بوست أن عدم الحضور في هذا المؤتمر سيشمل أيضاً المديرين التنفيذيين في شركة أمازون، وكانت أمازون والسعودية على أعتاب صفقة بمليار دولار لبناء مركز بيانات، والتي لم تَر النور لحد الآن، بسبب تدهور العلاقات بين السعودية والامازون على خلفية فضائح النظام السعودي.
وفضلاً عن ذلك أن هناك معلومات تتردد في الأوساط الصحيفة الغربية حول أن هذه الفضيحة يمكن أن تؤدي إلى إحجام بعض الزعماء الغربيين عن المشاركة في قمة العشرين التي ستعقد في السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، مثلما تسببت جريمة قتل خاشقجي في إحجام الكثير من الزعماء الأوربيين وحتى الآسيويين عن المشاركة في مؤتمر دافوس الذي عقد أيضاً في السعودية قبل عدة أشهر أو في الصيف الماضي..
وبعض النظر عن هذه التداعيات وغيرها، فإن اهتمام الأوساط الإعلامية والسياسية الغربية والأمريكية بتورط بن سلمان بالتجسس على مالك صحيفة الواشنطن جيف بيزوس، وبهذا الشكل المثير، أشير إلى قضية وبوضوح وهي أن هذه الأوساط كانت مهيأة لممارسة مزيد من الضغط نفسه مبعث تسأول لدى الكثير من أوساط المقربين والمحللين، خصوصاً وان بن سلمان تجاوز كل الخطوط الحمر في الانخراط في المشروع الأمريكي الغربي الصهيوني في المنطقة، وقدم كل هذه المليارات من الدولارات للرئيس الأمريكي ترامب، وقام بكل هذا التعاون الأمني والعسكري مع الكيان الصهيوني، فألا يكفي ذلك؟ فلماذا وضع هذا العميل المتفاني لعمالته ولخدمته للمشاريع الأمريكية الصهيونية في المنطقة تحت كل هذا الضغط النفسي!؟ إن الجواب يكمن في عدة أمور نذكر منها ما يلي:1ــ لعل السبب الأساسي بنظري، هو أن هذا الضغط تقف وراءه الأوساط واللوبيات الصهيونية في الكيان الصهيوني وفي الولايات المتحدة، من أجل الدفع ببن سلمان لتجاوز كل السقوف والمحذورات، وإعلان التطبيع مع العدو رسمياً، لأن العدو يريد التأسيس على هذا التطبيع لإقامة حلف سعودي صهيوني أمريكي غربي في المنطقة، تقوم السعودية، أو تتولى عملية ضم دول إسلامية وعربية تحت لواءه لمحاربة إيران ومحورها، لأن العدو وأمريكا حاولا إقامة إحلاف تضم العرب أو بعضهم من دول الخليج والكيان الصهيوني ودول أوربية، لكنهما فشلا، وحتى بن سلمان حاول وبدفع من أمريكا والكيان الصهيوني إقامة أحلاف عربية وإسلامية، لكن هذه الاحلاف ولدت ميتة، بسبب عدم وجود علاقات رسمية بين الكيان الصهيوني والسعودية، فهذا الأمر شكل بنظر الصهاينة والاميركان عائقاً كبيراً أمام هذا الهدف، أي تشكيل الحلف المشار إليه، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فأن الصهاينة وحتى الأميركان على مستوى كبير من القلق والخوف بسبب تنامي قوة إيران ومحورها، مقابل فشل كل المحاولات الأمريكية الصهيونية الغربية الرامية التي تسييد العدو وحفظ أمنه، بالقضاء على قوى المنطقة أو على الأقل استنزافها، فمشاريع ما سمي بالربيع العربي، والقاعدة وداعش، والفتنة الطائفية والحروب بالوكالة والأصالة وكلها باءت بالفشل الذريع، ولذلك يستشعر العدو اليوم ولأول مرة تهديداً وجودياً بسبب هذا الفشل، ولذلك فأن الصهاينة على أحر من الجمر من أجل تحشيد امكانات المنطقة وطاقاتها في معركتهم مع ايران وباقي محورها من الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين، ولأن بن سلمان الذي ذهب بعيداً في التطبيع السري والعلني وفي التعاون الأمني والعسكري مع العدو الصهيوني، لا يمكنه المجازفة بإعلان التطبيع الرسمي مع العدو خوفاً من ردة فعل الشعب العربي في الجزيرة العربي وردة فعل الأمة الإسلامية في خارج الجزيرة، والتي يمكن أن تهدد وجود نظام ال سعود نفسه، ولأن بن سلمان طامع في الوصول إلى عرش المملكة وهذا ما يدركه الصهاينة، نجح معه أسلوبهم في وضعه تحت المطرقة وتحت الضغط، من أجل أن يلجأ إليهم، ليملوا شروطهم المشار إليها عليه، لتكون هذه الشروط الثمن لإنقاذه من هذه الورطة، ومن الملاحقة القضائية الدولية، ولضمان وصوله إلى العرش، ولعل ذلك يفسر التهديدات لبعض السيناتورات الأمريكيين بإفشاء المعلومات السرية لدلا الكونغرس الأمريكي حول دور بن سلمان في تصفية خاشقجي، تلك التي زودت السي آي إي الكونغرس بها وظلت حتى اللحظة طي الكتمان.
2ــ وقد يكون هذا الضغط يجري في إطار الأبتزاز الأمريكي لنظام ال سعود، حالياً، إذ دأبت الإدارة الأمريكية على مثل هذه الأساليب في حلب هذا النظام، سيما بن سلمان نفسه، فقد تمكن ترامب بهذه الأساليب من الحصول على مئات المليارات من الدولارات السعودية، لحد الآن، والقصة معروفة.
3ــ أو ان يكون هذا الضغط إشارة إلى أن الأوساط الأمريكية وصلت إلى قناعة بأن مصرف هذا الشاب المتهور قد انتهى، وانه لا يصلح لمشاريعها ولسياساتها في المنطقة في ظل إخفاقاته وتهوره وحماقاته، وفشله في أغلب مشاريعه، وفي ظل ما بات يسببه من متاعب ومن أخطار على المصالح الأمريكية في المنطقة، ولعل ظهور الأمير أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك سلمان على مسرح الأحداث مؤخراً مؤشر على التلويح بالبديل.
ارسال التعليق