القمة العربية الإسلامية الأخيرة في الرياض... على المكشوف دعم العدوان الصهيوني الغاشم على غزة !!
[عبد العزيز المكي]
حتى أصغر مواطن في الأمة العربية والإسلامية لم يكن يعّول على انعقاد القمتين العربية والإسلامية مؤخراً في الرياض، واللتين أدمجتا في قمة واحدة هي القمة العربية الإسلامية، في اتخاذ قرارات صارمة ضد العدو تضع حداً أو على الأقل تردعه عن استمرار اقترافه المجازر المروعة والبشعة اليومية بحق أهالي غزة في إطار هذا العدوان المتواصل منذ أكثر من أربعين يومًا على التوالي!! ذلك لأن طيلة العقود الماضية لم تتخذ مثل هذه القمم و لا قراراً واحداً لصالح الأمة مطلقاً، فهي دائما تعقد - أي هذه القمم - في إطار دوراتها العادية أو الطارئة لتحقيق أجندات خارجية أو مصلحية تخص زعماء وأنظمة أكثرية هذه الدول المشاركة في تلك القمم، فهي تعقد لامتصاص غضب الأمة من حدث كبير يستفزها ، كغزو العراق واحتلال لبنان، واحتلال أفغانستان وغيرها من الأحداث الأخرى التي تستفز وتهز وجدان الأمة كما حصل في حرق المسجد الأقصى في القدس.. فمن خلال انعقاد هذه القمم يركب أكثر قادة هذه الدول موجة الغضب بهدف قطع الطريق على ظهور قيادات شعبية تأخذ على عاتقها قيادة هذه الجماهير وتحويل أو ترجمة غضبها إلى فعل جارف يطيح بالمصالح الأمريكية الغربية وحتى بعملائهم هؤلاء المستبدين الذين يتسلطون على رقاب الأمة في أكثر من قطر عربي وإسلامي! أو من الأهداف الأخرى التي تنعقد لها مثل هذه القمم تمرير مشاريع أمريكية غربية صهيونية تستهدف صميم مستقبل الأمة وحتى حاضرها، في جوهرها و محتواها، بعد وضعها في أطر جذابة، كما هو ا لحال في ما سمي بالمبادرة العربية، التي عرضها الملك عبد الله على القمة العربية في بيروت عام ٢٠٠٢ ، والتي كانت أساسا مبادرة الملك عبد الله، وأصلها مبادرة أمريكية من ألفها إلى يائها، نقلها الصحفي الأمريكي المعروف والمقرب من السي آي أي، ومن الكيان الصهيوني، فريدمان، والذي أصبح سفير لبلاده أمريكا في الأرض المحتلة لاحقاً ! وأعلن عنها الملك عبد الله فسميت باسمه، والغرض منها كان تدجين الأمة، وإيجاد المبررات للزعماء والملوك العرب العملاء في الذهاب بعيداً في المساعي والتحركات الأمريكية والصهيونية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية! ومثال آخر القمم العربية التي عقدت في عقد التسعينات التي شرعت العدوان ومن ثم الغزو الأمريكي للعراق- ولذلك فأن القمة الأخيرة جاءت في السياق ذاته ولم تخرج عما اشرنا إليه ،سوى أن هذه القمة تميزت عن كل القمم السابقة، بأن هذه الأخيرة تقوم بدورها في تمرير المشاريع الأمريكية بشكل خفي أو مُضلل وغير مستفز للأمة ولمشاعرها، فيما القمة الأخيرة جاءت قراراتها مستفزة للأمة وتحمل قدراً كبيراً من تحدي القادة العرب العملاء للشعوب ولمشاعرها و ضد طموحاتها رغم تظاهرهم بتبني مطالب هذه الشعوب، كما أكدت ذلك مجريات القمة ونذكر منها ما يلي:
1- فوجئت الوفود العربية فور وصولها الرياض بخطة جاهزة أعدتها السعودية أو بالأحرى كانت قد أعدت في كواليس الاميركان والصهاينة، خطة لحل الوضع في غزة، وتتضمن الخطة مبادرة الملك عبد الله للحل في فلسطين، والتي كان قد تم مناقشتها خلال المفاوضات التي تقودها واشنطن بين الرياض وتل أبيب بشأن التطبيع بينهما .. وأفادت مصادر دبلوماسية بأن السعودية حاولت إمضاء كل وفد عربي قادم على تلك الخطة التي تجاوزها الزمن والمعطيات الجغرافية في الأرض المحتلة، والتي، كما اشرنا، وضعتها أمريكا أساسا لإشغال العرب وخصوصا الشعوب لكسب الوقت الذي يستطيع من خلاله الاحتلال فرض واقع استيطاني يجعل حل الدولتين بلا معنى! لكن الإصرار السعودي على الخوض في هذا الحل ، هو لجعل القضية الفلسطينية تدور وتبقى في إطار الحلول والمتاهات الأمريكية الصهيونية والمعروفة نتائجها وهي تصفية القضية الفلسطينية في نهاية المطاف، لأن خروج القضية من تلك المتاهات سوف يفسح لها المجال لمعالجة جادة من أطراف دولية وإقليمية منصفة وهذا ما يكون بضرر العدو وأمريكا والعملاء معهم
٢- رغم أن أكثرية الشعب الفلسطيني تؤيد وتلتف حول فصائل المقاومة الفلسطينية كما أكدت ذلك كل الإحصاءات التي أجرتها مؤسسات إحصائية غربية وأمريكية محايدة، وكما أكدها الواقع الميداني فرغم كل هذه المجازر المروعة التي يقترفها العدو يوميا لم يتبرم فلسطيني واحد من أهالي غزة من حماس والجهاد الإسلامي، لا بل على العكس تماما شاهد العالم على شاشات التلفزة ان بعض الفلسطينيين فقد كل أهله أوهم مسجًّوُن أمامه ويعلن انهم لم يتخلوا عن المقاومة، ثم انه لولا هذه الحاضنة المقاومة لما تمكنت تلك الفصائل من الاستمرار ومن الاعداد بالرجال والقوة وما إلى ذلك .. ولكن رغم كل هذا الواقع خرجت علينا هذه القمة بحصر التمثيل الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا ما تريده امريكا والكيان الصهيوني والدول الغربية !! وذلك ما تحفظت عليه ايران وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعناني: إن إيران تتحفظ على ما جاء في البيان (الختامي) بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" مؤكداً أن بلاده تعد كل الشعب بمختلف فصائله، بما في ذلك منظمة التحرير هم ممثلو الفلسطينيين ولهم الحق في النضال ضد المحتل لتحديد مصيرهم». فحذف الفصائل المقاومة عن تمثيل الشعب الفلسطيني هدف اساسي يتحرك عليه العدوان الصهيوني اليوم ويعلنه نتنياهو يوميا، لان العدو والداعم الأمريكي له والمشارك أيضا في هذا العدوان يدركان جيداً أن بقاء المقاومة يفوت عليهم الفرصة في تصفية القضية الفلسطينية، ثم من أعطى هؤلاء الزعماء العرب الحق في الاختيار للشعب الفلسطيني ممثليه !؟ ألم يعد ذلك وقاحة واستهتاراً بحقوق الشعب الفلسطيني!؟
2- جاءت عبارات الاستنكار والشجب والدعوات لوقف المجازر هزيلة مترددة كاشفة لهزال وضعف هذه الأنظمة وخوفها من أمريكا والعدو، وأحيانا تساوي هذه العبارات
بين الجاني والضحية، لدرجة أن بعض الفصائل الفلسطينية أعربت عن استغرابها الشديد مما ورد في البيان الختامي لهذه القمة، فحركة الجهاد الإسلامي مثلاً، قالت في بيانها حول بیان القمة، أن صيغ الإدانة والمطالبة والدعوة التي ضج بها البيان الختامي يوحى وكأن البيان صادر عن هيئة غير ذي صلة بما يجرى من مجازر بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، لا عن اجتماع ٥٧ دولة، بدت من خلال بيانها وكأنها لا تملك شيئاً، ولا تقوى على شئ سوى المناشدة والمطالبة!
أكثر من ذلك، أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قال انه بناءاً على مخرجات القمة المشتركة، ثم تكليف اللجنة الوزارية للذهاب إلى الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن والدول المؤثرة للضغط باتجاه تطبيق أسس النظام الدولي ووقف إطلاق النار فوراً، وذلك ما يعتبر قمة الذل والهوان ، لأن هذه الدول لا تفهم غير منطق تهديد المصالح فهذا التحرك ما لم يقترن بإجراءات عقابية يبقى بدون قیمة وفاقد التأثير، وما يبعث على الاستغراب ان هذه الدول تصر على أسلوب التوسل والتذلل لهذه القوى، بينما هي تمتلك كل مقومات والقوة والتأثير التي تجعل هؤلاء
يخضعون ويسارعون الى التحرك لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة !
4- إطراء وثناء العدو الصهيوني على مجموعة الدول العربية التي أفشلت المشاريع الناجعة والمجدية لمواجهة حماة الكيان الصهيوني في هذه القمة فعلى سبيل المثال تقدمت عدة دول عربية من بينها العراق والجزائر وعمان والكويت وقطر، بمشروع يتضمن إضافة بنود لمخرجات القمة العربية التي تم إلغائها بفعل الخلافات ودمجها مع قمة الدول الاسلامية، وابرز هذه البنود منع استخدام القواعد الأمريكية في المنطقة لدعم "اسرائيل" والتلويح بورقة استخدام سلاح النفط وخيارات أخرى.. غير ان كل من مصر والأردن والسعودية والامارات والبحرين والمغرب وجيبوتي والسودان وموريتانيا اعترضت على هذا المشروع وعطلته بل تعطلت كل القمة العربية والغائها ودمجها بالقمة الإسلامية، وهو ما جعل المسؤولين الصهاينة ووسائل إعلامهم يثنون ويطرون على تلك الدول العربية!! واشاد الأعلام الصهيوني بزعماء تلك الدول لمنعهم تبني القمة العربية والاسلامية، قراراً ينتصر لغزة ويستهدف بشكل جاد العدوان الصهيوني عليها، كما تقول صحيفة " التايم أوف إسرائيل، العبرية واللافت أن هذه الدول العربية التي أفشلت قرارات القمة العربية وأفشلت القمة برمتها، أيضاً تصدت لمنع القمة العربية الإسلامية المشتركة اتخاذ قرارات جادة ضد العدو وحماته الاميركان، وهذا ما أكدته الصحف العبرية أيضاً !! حيث رفضت هذه الدول اقتراحات لتتضمن مخرجات القمه العربية الإسلامية منها ما يلي:
ا- منع استخدام القواعد العسكرية الأمريكية لتزويد إسرائيل" بالذخيرة
ب- تجميد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية.
ت- التهديد باستخدام النفط.
ث- منع استخدام القواعد العسكرية الأمريكية لتزويد "إسرائيل" بالذخيرة.
ج- منع استخدام الطيران المدني الإسرائيلي" المجال الجوي العربي .
ح- تشكيل لجنة وزارية عربية لوقف العدوان على غزة .
في حين يجمع أغلب الخبراء العسكريين والاستراتيجيين ان بإمكان المشاركين في هاتين القمتين قلب الطاولة على أمريكا والكيان الصهيوني بمجرد التهديد بوقف تصدير النفط الى الدول الداعمة للعدو، حيث سترتفع الأسعار، واذا قطع النفط سوف تصل الاسعار إلى ٣٠٠ دولار للبرميل الواحد وهنا سيصرخ الغرب وسيجير العدو على ايقاف محرقته في غزة.. أما اذا استخدمت كل الاسلحة الاقتصادية والسياسية والعسكرية فسيتوقف العدوان خلال ساعات وتنقلب الأمور رأسا على عقب ولكن المشكلة أن أغلب قادة العرب والمسلمين هم عملاء! و لأنهم عملاء وخدم لامیركا وللصهيونية يتعامل معهم نتنيا هو بصفة المتأمر عليهم، بل والمذل لهم !فبعد ساعات من انتهاء القمة العربية أو الغائها، وجه نتنيا هو رسالة مهينة للزعماء العرب قائلاً لهم "بأنهم سيندمون في حال عدم الالتزام بالصمت حيال الحرب "الإسرائيلية"، على غزة، وإدانة حماس " وهو ما تحقق له مع الاسف.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق