القمم العربية: استعراض للحكام المستبدين وتآمر ضد الشعوب
[علي ال غراش]
بقلم: علي ال غراش
أثبتت التجارب أن القمم العربية عبثية واستعراضية ومجرد شعارات للتنديد والاستنكار بالمعتدين على حقوق الأمة كالصهاينة الذين يعتدون على الدول العربية وبالخصوص ضد أهلنا في فلسطين المحتلة وفي لبنان وسوريا. الحكام العرب وعبر القمة العربية دائما يردون على الاعتداءات الصهيونية بالتنازل عن المزيد من حقوق الأمة ودعوتها لقبول السلام، وإسرائيل لا تستجيب لأنها تحصل على ما تريد بيدها وبفرض أمر واقع بالقوة على العرب، بفضل وجود حكام عرب ضعفاء يتسابقون بشكل فردي للتطبيع مع الكيان الصهيوني. بينما هولاء الحكام يظهرون قوتهم واستبدادهم الوحشي ضد شعوبهم، وهم الاكثر أعتداء ومحاربة لشعوب الأمة!.
في القمة العربية الأخيرة 2019 في مكة المكرمة – بجوار بيت الله الحرام في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك – قامت الدولة المضيفة التي دعت لهذه القمة الطارئة وهي السعودية، باستغلال الدين الإسلامي وموقع مكة، وإقامة معرض – شكوى وبكاء – لرؤساء الدول بعنوان حقائق في دقائق لفرض أجندتها على القمة، فالهدف من القمة هو التجييش والتحريض ضد اليمن وبالخصوص ضد جماعة “الحوثي” لقيامهم باستهداف محطات وأنابيب النفط بالقرب من مدينة الرياض من خلال طائرات مسيرة؛ كرد على ما تقوم به الرياض من شن حرب مدمرة عدوانية على اليمن منذ خمس سنوات استخدمت فيها السعودية أفضل الطائرات الحربية وأقوى الأسلحة من جميع دول العالم، وجلب جنود من دول عديدة من العالم. إنها حرب عبثية حيث فشلت السعودية من تحقيق أي نصر بل دمرت اليمن وجعلت الملايين يعانون من الجوع والمرض وقتل وإصابة الملايين من المدنيين، إنها أعظم كارثة إنسانية تقع في بلد عربي وعلى يد تحالف عربي بقيادة السعودية وببركة من القمم والجامعة العربية أي من الحكومات. اننا ضد الحروب والاعتداء والقتل فالحرب دمار للجميع. الأرواح في المملكة وبقية دول الخليج وكذلك في اليمن غالية وهي عزيزة على خالقها .. يكفي حروب ودمار وقتل.
السلطات السعودية دعت لعقد قمة عربية طارئة في مكة المكرمة لمصالحها فقط لأنها تريد دعما عربيا لحربها على اليمن، ولكنها لم تهتم بما يحدث في فلسطين والقدس والعدوان على غزة، والعدوان الصهيوني المتكرر على الاراضي السورية، وما يخطط له ببيع القضية الفلسطينية في البحرين تحت ورشة السلام والازدهار ببركة سعودية وبتخطيط أمريكي صهيوني، كأول الخطوات لفرض صفقة القرن، وعدم الاهتمام بما يحدث في ليبيا من حرب مدمرة وسقوط قتلى وجرحى عرب، ولا بما يحدث في الجزائر والسودان وغيرها من تطورات بعد قيام الشعوب بثورة سلمية أجبرت الحاكم على مغادرة كرسي الحكم في البلدين. إنها أحداث تستحق الاهتمام ودعم الشعوب واحترام الإرادة الشعبية وعدم اللجوء للعنف والسلاح.
بعد عقد القمة العربية بأيام وبالخصوص في ليلة العيد قام المجلس العسكري في الخرطوم بارتكاب مجزرة وحشية ضد المتظاهرين والمعتصمين السلميين أمام القيادة العامة، مذبحة سقط خلالها أكثر من 100 شهيد ومئات الجرحى، هجوم كالذي وقع في البحرين ضد المتظاهرين في ميدان دوار اللؤلؤة وكذلك في ميدان رابعة العدوية في مصر. ويأتي هذا الهجوم الدموي الإجرامي من المجلس بقيادة البرهان بعد حصوله على الدعم والضوء الأخضر والخطة لفض الاعتصام الشعبي والقضاء على الثورة الشعبية من القادة الذين التقى بهم خلال مشاركته في القمة العربية بصفته حاكما يمثل دولة السودان حيث استقبل بحفاوة من قبل القيادة السعودية المستضيفة ومن الإمارات حيث حصل على الدعم، كما استقبل بحفاوة في مصر. هذا دليل على دور القمم ضد الشعوب ودعم العنف والتسليح والحروب، ودعم الأنظمة الاستبدادية والقتلة. في 2010 اندلعت ثورة شعبية في الدول العربية تحت شعار الشعب يريد تغيير النظام، والبداية كانت من تونس، ولكن للأسف الشديد بعض الأنظمة العربية عملت بفكر إجرامي بتغيير بوصلة الحراك والثورة وتشويه سمعته وذلك بالتعاون مع الدول الغربية بدعم الفوضى والدمار والعنف واستخدام السلاح عبر تيارات دموية ذات فكر تكفيري متشدد، والقيام بثورة مضادة لإجهاض أي حراك شعبي سلمي والمساهمة بوصول أنظمة أشد قمعا واستبدادا وفسادا باسم وتبرير الحفاظ على الأمن والاستقرار لتعود حليمة لعادتها القديمة ليستمر قمع الشعب؛ وكل ذلك عقاب للشعب على حراكه وثورته ورغبته بالتغيير.
ارسال التعليق