اللي فيه داء عمره ما يبطله.. والراعي بانتظار امتلاء ضرع شاته
[حسن العمري]
* حسن العمري
"ليس هنالك من هو مجرم أمام البشرية مثل الذي يعتقد أنه أقوم أخلاقا من الآخرين" - مكسيم غوركي..
هي حكاية سكان قصر اليمامة الذين يعتبرون أنفسهم نموذجاً يحتذى به في مجال الأخلاق والأخوة، فيما الحقيقة تجافي ذلك جملة وتفصيلاً وفق كل المعطيات الغربية منها والعربية وباعتراف أقرب المقربين والحلفاء الذين اندفعوا لإصدار بيانات إدانة بين الحين والآخر حفاظاً على ما تبقى من الوجه المهدور طيلة العقود الطويلة في دعم الإجرام الوحشي لآل سعود على المستويات الداخلية والاقليمية والاسلامية والعربية دون استثناء، وما جاء في كتاب "خيارات صعبة" لوزير الخارجية الامريكية السابقة هيلاري كلينتون خير دليل.
بيان أمريكي - أوروبي - خليجي صدر قبل أيام لا يساوي قيمة الحبر الذي كتب به ولا حتى الورقة التي طبع عليها، شأنه شأن البيانات السابقة التي باتت في درج وزارة خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والحلفاء الغربيين وفي مقدمتهم البوفالو الأمريكي طيلة العقود الماضية، لا ترفع ولا تنصب وليس لها أدنى تأثير على من صدرت ضده مثل هذه البيانات خاصة تجاه ما يسمونه الخصم اللدود الجار الشمالي التي باتت القوة العظمى في العالم تتجنبه بكل ما لديها من قوة وإمكانيات عسكرية متطورة هائلة فكيف ببلداننا التي أمنها قام على الدفع وما أن يتأخر ذلك حتى تبدأ عروش الحكام تتزلزل في لحظات وتنقلب على رؤوسهم دون استثناء.
بيان مجموعة E3 (فرنسا والمانيا وبريطانيا)، إضافة الى الولايات المتحدة هذا والذي كلف بقرات واشنطن الحلوبة مليارات الدولارات سيكشف عنها قريباً ضمن صفقات فاشلة في شراء سندات الخزانة الأمريكية أو ابتياع أسلحة الخردة ودفنها في عنابر معسكرات القوات الأمريكية على أرض شبه الجزيرة العربية دون جدوى كما الحالات المشابهة التي سبقتها، شدد على ضرورة التوصل السريع الى حل تفاوضي بشأن برنامج ايران النووي؛ لكنه لن يتطرق لا من قريب ولا من بعيد بخصوص العدوان على اليمن هذا البلد العربي الشقيق و الأطراف المجتمعة في مركز الأمير سعود الفيصل للمؤتمرات بالرياض من خليجيين وغربيين والذيليين مصر والأردن، يتشدقون بالعروبة وحقوق الإنسان ليل نهار كذباً وزيفاً.
كلمة وزير الدفاع الأمريكي الحالي لويد أوستين التي لا تغني ولا تسمن للدول الخليجية بقوله "إيران تمثل تحديات أمنية جادة وسندافع عن أنفسنا وشركائنا في مواجهتها ووكلائها"، هي بضع كلمات كررها مرارا من سبقوه في المنصب طيلة العقود الماضية كفزاعة تجني الأرباح للراعي دون التمكن من التطبيق على أرض الواقع، حيث انصار الله جعلوا النهار ليلاً على الحلف السعودي العدواني ودفعوا بالكثير منهم حتى أقرب الحلفاء (الإمارات) الى الانسحاب والتعاون معهم في استهداف البنى العسكرية والاقتصادية السعودية المهمة ومنها "أرامكو" وتعطيلها عن العمل، كما الحال مع بعض المطارات العسكرية والمدنية بصواريخ باليستية ومسيرات انتحارية خطفت النوم من سلمان ونجله الأرعن الذي لا يفقه معنى الحرب.
قبل أيام قليلة والرياض تعترف بعجزها في حسم المعركة عسكريا في اليمن، أمام الانتصارات الإستراتيجية التي تحققها صنعاء، وسط تراجع فصائل المرتزقة من اليمنيين أنصار الهارب هادي والاصلاح والسودانيين وغيرهم ممن جلبتهم دولارات الذهب الأسود المنهوب من لقمة عيش المواطن السعودي؛ ووزير خارجيتها فيصل بن فرحان أقر في مقابلة مع " فرانس 24 ": إن بلاده تدعم الحل السياسي، ولا تفضل الخيار العسكري في اليمن، في إشارة واضحة الى افتقار تحالف العدوان للحلول العسكرية.. مدعياً أن "مقترح وقف إطلاق النار" الذي قدمه نظامه المعتدي المحتل لا يزال على الطاولة !!، ما يفسر تخبط الإدارة السعودية في معالجة انهيارات فصائلها في عموم الجبهات وخسارتها أبرز المواقع الإستراتيجية التي كانت خاضعة لميليشياتها خلال الأشهر الأخيرة.
مأرب بيضة القبان قلناها مسبقاً تؤكد عجز الرياض ومن لف لفها من تحقيق أدنى انتصار على الأرض خلال سنوات العدوان السبع، والحديدة نذير انتصار الحوثي على كل الجبهات في القريب العاجل ضد من لا إرادة لهم يسوقون للحروب بالوكالة إرضاءاً للسيد الراعي، مؤملين على دعمه الهزيل حتى إذا كان حبرا على ورق دون تطبيق لطمأنة الأنظمة الرجعية الحاكمة في بلداننا الخليجية وأخواتها التي تهاب الديمقراطية والمشاركة الشعبية في القرار السياسي باعتبارها تفتقد لأدنى إرادة سيادية باتخاذ القرارات لصالح بلدانهم مهما كانت سياسية أو اقتصادية أو حتى ثقافية ما لم يوافق عليها الكابوي، ومقاطعة قطر طيلة أربع سنوات نموذج لتبعية آل سعود ومن لف لفهم باعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
مصادر أمنية ميدانية أكدت أنه رغم مشاركة حوالي 20 من كبار ضباط أركان اسرائيليين ضمن سرية تابعة للواء القوات الإسرائيلية الخاصة رقم ٨٩، في ادارة المعارك في جبهات مأرب، ضمن غرفة العمليات السعودية المشتركة في معسكر صحن الجن، منذ بداية العام الجاري بشكل مباشر وميداني، خاصة في جبهة دش الخشب ونقطة نخلاء؛ إلا أن الجيش السعودي ومرتزقته من كل الجنسيات المتواجدين في تلك الجبهة فروا أمام زحف الجيش اليمني واللجان الشعبية بقيادة انصار الله خلال الأيام القليلة الماضية وبات تحرير مأرب أقرب مما يتصور الآخرون، وتصريحات واشنطن والمثلث الأوروبي الداعم لإجرام آل سعود لم يعد بإمكانه فعل شيء أو إعادة الثقة بالنفس للمهزومين أمام إرادة أبناء اليمن الماضون في تقرير مصيرهم بعيداً عن إملاءات القوى الاستعمارية مهما كلفهم ذلك، حيث حكومتهم الثورية المنتخبة من قبل القاعدة الشعبية تعد أخطبوط سينتشر في ربوع الجزيرة العربية بعد تحقيق النصر القريب في أرض سبأ.
بيانات الإدانة والتنديد ضد هذا وذاك لن تجني انتصاراً ولو وهمياً لحكام الرياض والكل يعي ذلك حتى المصاب بمرض الزهايمر العضال من آل سعود لكن كما يقول المثل "اللي فيه داء عمره ما يبطله" حيث ينتظر بضع كلمات ولو كاذبة وهزيلة ليطمئن نفسه بأن هناك من يدعمه مهما تمادى في الجريمة والنفاق والخديعة والتعدي على الآخرين.. فيما الراعي ينتظر مثل هذه الأفكار على أحر من الجمر حتى تمتلئ ضرع شاته كي يستحلبها متى ما شاء بكلمات مخادعة يطلقها المذياع يعرف الجميع انها لا تأثير لها على الأمر الواقع سوى جذب عقول مصابة بجنون العظمة متعجرفة تفتقد الدراية والحكمة والتعقل، وحكام أيديهم ملطخة بدماء الأبرياء العزل في الشرق الأوسط وباتوا مكروهين في المحيطين العربي والإسلامي.
ارسال التعليق