النيويورك تايمز الأمريكية..بن نايف لا يستطيع المشي بسبب تعذيبه في السجن!
[عبد العزيز المكي]
صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية نشرت قبل أيام قليلة-9/1/2022- تقريراً شرحت فيه الوضع السيئ جداً الذي يعيشه ولي العهد السابق محمد بن نايف، موضحة ان بن نايف يتعرض في سجنه الانفرادي منذ اعتقاله في عام 2020، إلى التعذيب الشديد والقاسي، وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمه أكثر من موقع عربي الكتروني،
"ان بن نايف الذي ظل رهن الاقامة الجبرية منذ عزله من كافة مناصبه صيف العام2017، حتى اعتقاله في مارس2020، تعرض الى الحبس الانفرادي، والحرمان من النوم كما تم شجه وتعليقه من قدميه" بشده من كاحليه، وبات غير قادر على المشي، الّا باستخدام عكاز، وتضيف الصحيفة، القول ان بن نايف يقبع الآن رهن الاعتقال ويُحرم من التلفاز أو أي جهاز الكتروني.. ويعاني من أثار التعذيب...
وفي محاولة لإبراز الصحيفة " مظلومية" بن نايف، قالت.. نقلاً عن مصادر لم تسمها، ان كل ما قام به بن سلمان بحق ابن عمه محمد بن نايف، كان خشية منه لقناعته أن وزير الداخلية السابق عائق أمام وصوله إلى العرش.
وجاء تقرير صحيفة النيويورك بعد أيام من نشر صحيفة الغادريان البريطانية تقريرا كشفت فيه، كيف يعيش قتلة الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي نشروه بالمناشير في قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول، وأذابوا جثته في الحوامض والأفران، وحملوا رأسه فقط بحقائبهم وسلموه لبن سلمان ليشفي غليله، في أبشع جريمة مروعة، لصحافي خدم آل سعود لمدة اكثر من أربعين سنة، ظل طيلة تلك الفترة يدافع عن آل سعوج ويلمع وجوههم القبيحة ويغطي على جرائمهم البشعة بحق الشعب الجزيري وكذلك بحق الشعوب المجاورة في لبنان وسوريا والعراق وحتى في دول مجلس التعاون الخليجي نفسها.. الصحيفة البريطانية كشفت كيف يعيش هؤلاء قتلة خاشقجي عيشة مرفهة في ظلرعاية واحتضان بن سلمان لهم، على عكس ما كان متوقعاً لهم نظراً للتهم والتي تم بثبوتها بحقهم، بمسؤوليتهم عن ارتكاب جريمة القتل البشعة والدموية بحق الصحافي السعودي. سيما وان اوساطاً امريكية وغربية وأممية اكدت بالدليل القاطع مسؤولية هؤلاء عن الجريمة، ودور بن سلمان المباشر في توجيه هذه الزمرة القاتلة المجرمة!! على أي حال، أن تنبري الصحف الأمريكية والبريطانية لتخترق غيوم التعتيم والتحجيب السعودية عما يجري فيه كواليس النظام وسجونه ومعتقلاته ومراكز تعذيبه للابرياء من المعارضين وغير المعارضين، فذلك يثير الكثير من التساؤلات التي تحتاج الى الأجابة، خصوصاً وان بن سلمان حليف للغرب ولاميركا وينفذ كل ما يملي عليه الأميركان في الداخل والخارج، لدرجة انه يواصل تغيير القواعد الثقافية والفكرية وحتى الدينية للمجتمع هناك، طبقاً لما وضع له من خطط ومناهج أمريكية للقيام بهذا التغيير، ولعل ما يشهده الوسط الاجتماعي في المملكة من ابتذال ثقافي على المستويات كافة وما تشهده المناهج الدراسية بكل مستوياتها ودرجاتها من تغيير طال المصطلحات والأسس الدينية والفكرية.. لعل ذلك وغيره يشكل دليلاً دافعاً على الاندماج السلماني في المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة وفي المملكة بالذات..
وقبل أن أشير الى ما تكشفه اعترافات الصحافة الأمريكية باجرام بن سلمان بحق بن عمه ولي العهد السابق، اسمحوا لي بالاجابة على التساؤلات المشار اليها، والتي تتمحور حول سؤال مركزي وهو، لماذا تقوم هذه الاوساط الأمريكية بافشاء جرائم حليف لها؟ وأظن ان الاشارات التالية سوف توضح لنا جزءاً من الحقيقة، أو كلها حتى.
1- ان الادارة الامريكية لم تحسم أمرها بالنسبة لخلافة الملك سلمان، اذ مازالت مترددة عن الموافقة أو عن الحسم النهائي لصالح تولي بن سلمان العرش بعد أبيه، ذلك لأن جهاز السي آي أيه مازال يراهن على بن نايف الشخص الذي يقول مسؤولو هذا الجهاز، بأنه خدمهم وخدم مصالح امريكا وكان مخلصاً في عمله معهم! ولذلك فأن من المحتمل ان التقرير الآنف هو رسالة لبن سلمان بأن أميركا تتابع وضع بن نايف، وتحرص على سلامته وبقاءه، وأيضاً هو تحذير غير مباشر لبن سلمان من النيل من حياة بن نايف، وما يعزز هذا الأمر هو امتداح تقرير الصحيفة الأمريكية الآنف لبن نايف بأنه " الشخص الهادئ والمتعقل"، وما الى ذلك من الاوصاف مقارنة ببن سلمان المتهور والراعي للقتلة والأرهابيين الذين قتلوا خاشقجي والذين اسكنهم في الفلل الفارهة، كما جاء ذلك في تقرير صحيفة الغارديان البريطانية.
2- أو قد يكون هذا التقرير رسالة أمريكية غير مباشرة للكيان الصهيوني الذي يرمي بكل ثقله وراء تأييد بن سلمان وتوليه العرش بعد أبيه، بل ويضغط- بكل ثقله على الإدارة والمؤسسات الأمريكية الأخرى من أجل أن تحسم أمرها لصالح بن سلمان.. ولعلّ ما يرجح هذا التحليل مقال صحيفة يدعوت احرونوت الصهيونية، الذي انتشرت ترجمته العربية على بعض المواقع في 12/1/2022، للكاتبة الصهيونية سمدار ببري، اذ يمكن اعتباره رد غير مباشر على تقارير صحيفتي النيويورك تايمز الأمريكية والغارديان البريطانية آنفي الذكر، فهذه الكاتبة بدأت مقالها بسرد جرائم بن سلمان التي إرتكبها بحق العديد من الأمراء ورجال الاعمال السعوديين وغيرهم من السياسيين العرب، شارحة ما حصل لهم في فندق الرتيز كارلتون، من تعذيب نفسي وجسدي، وقبل ذلك من اعتقال وسجن، والقصة وتفاصيلها باتت معروفة، متعرضة لما حصل لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من اعتقال قسري ومن اجباره على الاستقالة من رئاسة الوزراء.. كما تناولت الكاتبة الصهيونية اعتقال بن سلمان لبن عمه ابن نايف ولي العهد السابق، ولعمه أحمد بن عبد العزيز وقبل ذلك لأولاد الملك السابق عبد الله، ومنهم متعب رئيس الحرس الوطني السابق.. وأسهبت هذه الكاتبة في شرح وسرد ما ارتكبه بن سلمان بحق الأمراء وبحق الشخصيات السياسية والاقتصادية في السعودية، من اذلال وعسف! وكأنها تريد القول، نحن نعلم كل ذلك نعلم جيداً ان بن سلمان قاتل ومجرم وقمعي، ولكن رغم ذلك نحن نفضله على غيره مادام يخدم مصالحنا ومشاريعنا، بهذا التوضيح وبهذا البيان ختمت مقالها، قائلة: " في القدس، كما في واشنطن، لم يتمكنوا بعد من فك رموز شخصية بن سلمان المعقدة بشكل كامل، طالما انه يسمح للطائرات القادمة من " اسرائيل" بالمرور في سماء المملكة العربية السعودية، ويفتح أبواب الأسواق للبضائع ( بدون بطاقات تعريفية)..."، أي البضائع الصهيونية.
3- و قد يكون هدف نشر مثل هذه التقارير هو الابتزاز الأمريكي البريطاني وحتى الصهيوني، فأمريكا كما هو معروف احترفت عملية الابتزاز، واستخدمت هذه العملية وبمختلف الأساليب كما هو معروف مع النظام السعودي في كل الفترات والأزمان وفي مختلف الظروف، والنظام السعودي نفسه إعتاد على ابتزاز الأسياد!! على ان الرئيس السابق دونالد ترامب فتح أبواب الابتزاز الأمريكي للنظام السعودي ولبن سلمان وأبيه بالذات على مصرعيها، لدرجة ان ترامب ظل طيلة فترة رئاسته يتفاخر بأساليب ابتزازه المالي وغير المالي للنظام السعودي، ويتحدث عن صولاته الابتزازية للملك سلمان، وحصده المليارات من الدولارات من بن سلمان.. ولذلك في ضوء ما تقدم لا يستبعد أن يكون من جملة أهداف تسريب هذه التقارير هو ابتزاز بن سلمان مالياً أو سياسياً، أو على صعد أخرى.
4- ورغم ما قدمنا من دفاع الصهاينة عن بن سلمان عبر وسائل اعلامهم، الّا انه يحتمل أن يكون وراء نشر مثل هذه التقارير ممارسة الضغط على بن سلمان لدفعه نحو المزيد من الهرولة والارتماء في أحضان الصهاينة بدافع حمايته من الاميركان واقناعهم بالموافقة على اعتلائه عرش المملكة، هذا من جانب ومن جانب آخر لانتزاع المزيد من المكاسب المالية والتجارية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وما اليها من بن سلمان، وفضلاً عن ذلك، محاولة دفعه لإعلان التطبيع مع العدو رسمياً، لأن العدو في حاجة ماسة لمثل هذا الاعلان الرسمي من دفع المزيد من الدول الاسلامية التي تدور في فلك مملكة آل سعود أو القريبة منها نحو التطبيع مع العدو الذي يعتبر ذلك حماية له وغطاءاً شرعياً ونفوذاً في جسم الامة الاسلامية ان تحقق مثل هذا التطبيع!
على أي حال.. أعود الى ما تكشفه هذه التقارير وغيرها عن إجرام بن سلمان، وعن إجرام النظام السعودي ككل، من حقائق وواقع مرير، وهي كثيرة نشير الى بعضها بما يلي:-
1- التقارير الآنفة تؤكد بما لا يقبل الشك، ان الولايات المتحدة ترعى وتدعم طاغية ومجرم – بن سلمان- وما يمارسه مع بن عمه بن نايف، يكشف حول ما يتعرض له أبناء الجزيرة من تنكيل وقمع وقتل وبشاعة دموية، فإذا كان بهذه القسوة مع بن عمه الذي كان بدوره مجرماً وقاسياً مع هذا الشعب المظلوم فكيف حال أبناء هذا الشعب، فلا شك ان هذه القسوة مع بن عمه سوف تتضاعف لعشرات بل لمئات المرات مع الآخرين، وبعيداً عن الاستنتاج فأن بن سلمان يقدم لنا باستمرار الأدلة والبراهين على استبداده ودمويته، ومنها قتله البشع وتقطيع بدن جمال خاشقجي كاتب البلاط السعودي وخادمه لأكثر من أربعين سنة كما قلنا.و مجازره الوحشية المروعة بحق ابناء الشعب اليمني المظلوم وهي تتكرر ليس بالايام وانما بالساعات.. ورغم هذا الوضوح في دموية هذا القاتل الّا ان أمريكا تحتضنه وتقدم له الأسلحة، بل أغلب الدول الغربية تتبع السياسة الامريكية في التعتيم على جرائم بن سلمان وفي التغاضي عنها وعدم الاكتراث لها الأمر الذي يؤكد نفاقية امريكا والغرب ويؤكد كذبهم في الدفاع عما يسمونه حقوق الإنسان، فيما هم في الواقع يتسترون على جرائم بن سلمان بل ويشجعونه على مواصلتها ويمدونه بكل مستلزمات القوة من أسلحة وطائرات واعتدة ومعدات حربية أخرى.
ونفاقية هؤلاء، وتأكيد احتضانهم للطغاة والمستبدين، تتضح حتى في تلك التقارير المسربة، فهذا الفضح والاعتراف باجرام بن سلمان لم يأت بدافع الانتصار للحقوق الإنسانية، وانما بدافع الانتصار لعميلهم ولصعلوك خدمهم، ومازالوا ينتظرون منه خدمات جديدة، وهو بن نايف، فلم تتحدث التقارير عن التعذيب في السجون السعودية تجاه أو مع المعتقلين والمعتقلات من أصحاب الرأي ومن الناشطين، أو من الطائفة الشيعية الذين يمارس النظام السعودي معهم القمع والعسف والقتل على خلفية طائفية بحقه ويعتبرهم من مواطنين الدرجة الثانية أو الثالثة!! في المملكة!
2- و لأن تلك التقارير تعتبر تأكيداً على استبداد وقمع النظام السعودي فالمطلوب من كل الاوساط الدولية المهتمة بحقوق الانسان ومنها الأمم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية ومجلس حقوق الانسان و.و التحرك ضد هذا النظام فضحاً ومطالبة بمحاصرته واتخاذ الاجراءات المناسبة من قبل المجتمع الدولي لردعه عن غيه، لا ان تلوذ بالسكوت كما هو حاصل الآن، مما يؤشر بوضوح إلى تواطأ تلك الأوساط مع النظام السعودي بالتستر على جرائمه، الأمر الذي يعني أن رفع هذه الأوساط شعارات الدفاع عن حقوق الانسان والتشدق بها، لم يكن سوى واجهات إعلامية لتزييف وعي الرأي العام وخداعه، وهذا ما يكشف مظلومية مَنْ يقع عليهم ظلم وعسف الطغاة من مثل بن سلمان وامثاله.
ليس هذا وحسب، بل ان السكوت والتواطؤ من جانب هذه الأوساط والمنظمات الدولية على الظلم والجور على المعارضين والضعفاء من أبناء الشعب في الجزيرة سوف يزيد النظام الدموي هناك تشجيعاً على مواصلة هذا القمع، وهو ما يجري الآن للأسف.
3- ان ما كشفته تلك التقارير يؤكد ان بن سلمان رجل مجرم مستعد لفعل أي شئ ولارتكاب أي مجزرة، من أجل أن يصل للعرش، على شاكلة المقبور المجرم صدام وعلى شاكلة عميل امريكا بنوشيه حاكم شيلي، مما يشكل خطراً على الاستقرار وعلى السلام الإقليمي والدولي، ولعل ما يقوم به في اليمن من قتل بلا رحمة يهدد الوضع في المنطقة برمتها، الأمر الذي يستدعي تحركاً دولياً وإقليميا لوضع حد لاستهتار هذا المجرم، وتهديده لأمن واستقرار المنطقة.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق