" انتصارات التحالف السعودي الإماراتي في شبوة"...ودك أنصار الله للعمق الإماراتي!
[عبد العزيز المكي]
على مدى الأسبوعين الماضيين وحتى كتابة هذه السطور، صدع رؤوسنا إعلام ما يسمى بالتحالف السعودي، وإعلام مرتزقته اليمنيين " بالانتصارات الساحقة" و" بالفتح المبين" الذي حققته الوية العمالقة التي تضم جماعة القاعدة والسلفيين بالإضافة إلى بقايا من الحرس الجمهوري السابق، ومرتزقة من الجنوب اليمني بقيادة طارق عفاش ابن أخ الرئيس السابق على عبد الله صالح الذي قتل في صنعاء بسبب خيانته وانقلابه على أنصار الله، وحينها فر طارق من صنعاء بلباس امرأة، واحتضنته الأمارات، ووضعت هذه الميليشيا تحت أمرته. نقول طيلة تلك الفترة ومازالت أوساط التحالف من إعلام وسياسيين ومحللين يظهرون على الشاشات تباعاً يتغنون " بالانتصارات الساحقة" وبإلحاق الهزيمة بأنصار الله في جبهة شبوة وجبهة مأرب! في حين أن الحقيقة مغايرة تماماً لما يروج له، حيث تجري عملية تضخيم ممنهجة للاختراقات التي حققتها فصائل العمالقة في شبوة من أجل رفع معنويات قوات التحالف السعودي ومرتزقته المنهارة!
وفي الحقيقة أن هذه الاختراقات لا تشكل تحولاً إستراتيجياً في المعركة الدائرة في جبهات القتال، لأن بيحان منطقة منبسطة والاحتفاظ بها أمراَ صعباً في ظل طيران التحالف السعودي الذي لا يغادر سماء اليمن، واساساً ان الانصار وضعوا فيها قوات مراقبة ولم ترابط بها قوات كبيرة، أما عسيلان، فهي كانت تحت حماية القبائل التي تسكن فيها بالاتفاق مع أنصار الله، عند دخولها وفرار قوات التحالف منها، ويقضي الاتفاق بدخول الجيش اليمني واللجان الشعبية منطقة عسيلان مقابل السماح لأهلها بحمايتها، فأساساً لا توجد فيها قوات لأنصار الله. أما منطقة عين وحريب في مأرب، والذين يومياً يعلنون أنهم استولوا عليها!! فلحد الآن يتكبدون فيها خسائر فادحة بالمعدات وبالأرواح دون أن يحققوا تقدماً عسكرياً مهماً بالمعني العسكري. والى ذلك، اذا قسنا هذه الاختراقات في بيحان وعسيلان، بالدعم والأعداد المسبق وبالقوات الضخمة فهي تعتبر هزيمة عسكرية مدوية بكل المقاييس العسكرية للمعتدين للأسباب التالية:
1- دخول الأمارات بقواتها وبمرتزقتها وهم بعشرات الآلاف نقلتهم من الساحل الغربي إلى شبوة من قوات العمالقة وقوات ما يسمى بالمجلس الانتقالي وغيرهم والزج بهم في هذه الجبهة وتزويدهم بالأسلحة المتطورة وحمايتهم بغطاء ناري مدفعي وجوي كما اشرنا قبل قليل. ذلك إضافة إلى الزج بقوات سعودية وقوات ما يسمى بالشرعية أي مرتزقة السعودية، مع كل الاستعدادات العسكرية واللوجستية والحماية الجوية.
2- نزول الولايات المتحدة بكل ثقلها في المعركة العسكرية مع أنصار الله حيث زجت بقواتها الخاصة طبقاً لما نقلته قناة الحرة الأمريكية عن مسؤول كبير في البنتاغون، قوله، أن قوات خاصة أمريكية تشارك في المعارك الجارية في اليمن، في شبوة ومأرب تحديداً.. هذا من جانب ومن جانب آخر كشفت عن دعمها اللوجستي لقوات التحالف بتزويد هذه القوات بالمعلومات الدقيقة والأسلحة الضاربة والصور الجوية بالإضافة إلى تزويد الطائرات بالوقود. ومن جانب ثالث شكلت أمريكا غرفة قيادة خاصة للإشراف وإدارة المعارك في شبوة ومأرب ووضعت في غرفة هذه القيادة كبار الجنرالات والخبراء الأمريكية بالإضافة إلى خبراء صهاينة، لإدارة العمليات ضد أنصار الله وللتنسيق بين قوات التحالف المنهارة ولرفع معنوياتها...
3- مشاركة العدو الصهيوني كما أشرنا قبل قليل فبالإضافة إلى ما كانت قد أعلنته الصحافة الأمريكية أن 42 طياراً إسرائيلياً" يشاركون في قصف المدن والمواقع العسكرية لأنصار الله، فأن العدو أعلن صراحة عن قلقة من التطورات الأخيرة، وانحيازه للسعودية والإمارات وصرح جهاراً بأنه سوف يقدم الدعم الكامل للمعتدين السعوديين والإماراتيين على اليمن في المعارك الدائرة اليوم في جبهات القتال، حيث تأكد أن خبراء صهاينة من العسكريين والأمنيين يشاركون الخبراء الاميركان في الاشراف وإدارة المعارك هناك
و هنا تجدر الإشارة إلى أن الأميركان والصهاينة نزلوا بكل ثقلهم وبشكل مباشر في المعركة التي تعتبر معركتهم نتيجة لحصول تطورات استراتيجية باتت تهدد مصالحهم في الصميم منها:-
*تفوق الجيش واللجان الشعبية في معارك مأرب وشبوة والبيضاء وبدء انهيارات متتالية في صفوف قوات " التحالف" من قوات سعودية وإماراتية ومرتزقة.
*أو شك أنصار الله على تحرير مدينة مأرب الاستراتيجية من ناحية غناها بالنفط من جهة ومن جهة أخرى تعتبر مفترق طرق نحو الجنوب والشرق، أي حاكمة على كل مناطق الجنوب، حيث تمكن أنصار الله بعد السيطرة عليها من طرد الغزاة من كل جنوب اليمن، وهذا يعني تجاوز للخطوط الحمراء الأمريكية والصهيونية.
*وصول السعودية وحتى الأمارات إلى حالة العجز التام حتى على صعيد الداخل فأميركا باتت تتخوف من الانهيار الذي يحصل للحلفاء في اليمن يمكن أن يمتد إلى الداخلين السعودي والإماراتي وبالتالي حصول كارثة استراتيجية لأميركا والكيان الصهيوني في المنطقة برمتها، لأنه إذا وقعت مثل هذه الكارثة، ليس بمقدور أمريكا والعدو احتوائها أو تطويق تداعياتها، وإنما ستؤدي إلى انهيارات متلاحقة في المشاريع والخطط الأمريكية في المنطقة.
و دليل ظهور علامات الانهيار والعجز على السعوديين والإماراتيين هو لجوئهم إلى المجتمع الدولي وتوسلهم المتكرر للتدخل وإنقاذهم، فهذان البلدان طلبوا مراراً وتكراراً من وزارة الدفاع الأمريكية ومن الزائرين الأمريكيين التدخل المباشر في المواجهة العسكرية مع أنصار الله، لكن أمريكا لم تلب هذه الطلبات يومذاك لان تطورات المعارك حينها لم تتجاوز الخطوط الحمر الأمريكية، مع حرص أمريكي على استنزاف الطرفين عسكرياً واقتصادياً، يضمن للمصانع الأمريكية العسكرية دوام الإنتاج لأسلحة واعتدة التدمير، لاستخدامها في المعركة!! ذلك مادام الضحايا يسقطون من اليمنيين ومن السعوديين والاماراتيين، ولايوجد بينهم أمريكي أو صهيوني!
4- الخسائر الفادحة التي منيت بها قوات التحالف والقوات الأمريكية المهاجمة في بيجان وعسيلان، فرغم كل هذا الاستعداد ورغم كل التفوق بالأسلحة والغطاء الجوي إلا أن العمالقة خسروا في اليومين الاولين للهجوم اكثر من 700 من أفرادهم، أكثر من 270 قتيل والبقية جرحى وأسرى كما خسروا العشرات من قيادات الويتهم وكتائبهم وهذا ما اعترف به الاعداء السعوديون والأماراتيون انفسهم. وحتى كتابة هذه السطور مازالت القوات المهاجمة تنزف العشرات بل المئات من أفرادها حتى ان البعض من المسؤولين في المجلس الانتقالي الموالي للامارات صرح بأن هناك مؤامرة للقضاء وعلى العمالقة حيث وضعتهم السعودية وبتواطئ اماراتي في محرقة بكل ما للكلمة من معني.
و الأكثر من ذلك ان امريكا والكيان الصهيوني دفعا عميليهما السعودي والإماراتي الى استخدام سياسة الأرض المحروقة باستخدام اسطولهما من الطائرات الأمريكية والفرنسية والبريطانية المتطورة، بقصف مكثف ومستمر لجبهات القتال، أي أماكن تمركز قوات الجيش اليمني وأنصار الله، ودك المدن خصوصاً صنعاء وصعدة، تماماً مثلما كان يفعل العدو الصهيوني في حروبه مع لبنان ومع غزة، حيث يغطي عجزه بتهديم المنازل من أجل رفع معنويات مقاتليه المنهارة، ومن أجل إيجاد إرباك وضغط داخلي في جبهة الخصم، وكذلك يفعل الآن السعوديون والإماراتيون في قتل الأبرياء في صنعاء وفي صعدة ومدن شمالية أخرى من أجل إرباك الجبهة الداخلية لأنصار الله، التي تعتبر عمقهم الاستراتيجي والعامل الاساسي لصمودهم وثباتهم والحاقهم الهزيمة العسكرية بقوات التحالف السعودي. فلحد الآن ارتكب هؤلاء المعتدون وبدفع امريكي صهيوني عشرات المجازر في صنعاء ومدن اخرى، هدم القصف بيوتهم على رؤوسهم فاختلطت أشلاء أجسامهم المحترقة مع حجارة المنازل المهدمة وجدرانها المنهارة، حتى ان القصف في بعض الاحيان يتم باسلحة فتاكة ومحرمة دولياً لاحداث دمار كبير ولقتل اكبر عدد ممكن الابرياء العزل من النساء والاطفال والشيوخ الآمنين في منازلهم! مستغلين افتقار اليمن للمضادات الجوية، حيث كانت السعودية وامريكا قد دمرت هذه المضادات في فترة حكم عبد ربه منصور هادي الانتقالية بعد ما سلمهما المفاتيح وأماكن تخزين هذه المضادات وصواريخها!! وذلك بحسب الوثائق المصورة التي نشرتها قناة المسيرة اليمنية قبل فترة.
كل هذه الجلجلة، وهذا الصخب الأعلامي والسياسي، والادعاء الكاذب بتحقيق انتصارات مزعومة ووهمية، وكل هذا التدمير والفتك بالابرياء المدنيين في المدن الشمالية.. كل ذلك من أجل تحقيق عدة أهداف منها ما يلي:
1- وقف مظاهر الانهيار في جبهة التحالف السعودي ومحاولة رفع معنويات المقاتلين والمرتزقة من قوات هذا التحالف.
2- إلحاق هزيمة عسكرية بأنصار الله لكسر معنوياتهم ولحملهم على اليأس والإحباط، وإرباك عمقهم الشعبي، وايجاد ضغوط شعبية وعسكرية من اجل إرغامهم على الجلوس على طاولة المفاوضات والرضوخ للشروط الامريكية والسعودية لإنهاء الحرب.
3- ان تحقق هذين الهدفين من وجهة نظر أمريكية وصهيونية سيشكل ضربة كبيرة واستراتيجية لمحور المقاومة في المنطقة، اي ان هناك بُعد إقليمي من هذا التحرك الأمريكي الصهيوني الأمني والعسكري، سيما وان أنصار الله وقائدهم السيد عبد الملك الحوثي حفظه الله ورعاه أعلنوا أنهم جزء من محور المقاومة ويجاهرون في موقفهم من العدو الصهيوني ورفضهم الهيمنة الأمريكية...
لكن النتائج من كل الجعجعة العسكرية والإعلامية وحتى السياسية مخيبة للآمال، فأنصار الله تمكنوا من احتواء الصدمة، وحصنوا مواقعهم وعززوا ثباتهم سواء في جبهات الميدان أو على صعيد الجبهات السياسية، واكثر من ذلك أخذوا يكيلون الضربات المتلاحقة للعدو، كما اشرنا، في جبهات القتال ويبعثون بالرسائل النارية لقوى العدوان، لاسيما العدو الأماراتي الذي تمادى مؤخراً بالانخراط في الخطة الامريكية الصهيونية وزج بمرتزقته في جبهات شبوة ومأرب، بعد ما كان يدعي انه انسحب من اليمن، وبعد ما قيل انه على توافق شفهي مع أنصار الله يقضي بعدم مشاركة قواته ومرتزقته في جبهات القتال مقابل امتناع أنصار الله عن ضرب العمق الإماراتي، ولكن النظام الإماراتي تمادى في عدوانه بقصف الأحياء المدنية الى جانب الطائرات السعودية وفي النزول بكل ثقل قواته في جبهات مأرب وشبوه، كاسراً بذلك هذه الاتفاق، فلم يكن أمام أنصار الله من خيار آخر الّا الخطوة التأديبية بقصف العمق الإماراتي بأعداد كبيرة من المسيرات بعيدة المدى ومن الصواريخ البالستية وصواريخ كروز، مستهدفة مطاري أبوظبي ودبي، ومنطقة المصفح الصناعية والاستراتيجية في أبو ظبي، فأشعلت هذه الضربة الحرائق في ثلاثة خزانات نفطية لشركة أدنوك التي توازي شركة آرامكو في السعودية، اعترف النظام الإماراتي بهذه الضربة، واجمع كل الخبراء من العرب ومن الغربيين والاميركان وحتى الصهاينة على دقة وخطورة هذه العملية التي أطلق عليها المتحدث العسكري باسم انصارالله العميد يحيي سريع " عملية اعصار اليمن" وقال هؤلاء الخبراء ان هذه الضربة او العملية، رغم ان اليمنيين قالوا إنها مجرد رسالة تحذيرية للعدو الاماراتي، الّا أنها تشكل تطوراً هائلاً في مسار الحرب لأنها تركت تداعيات ضخمة منها ما يلي:
1- لقد أثبتت العملية ان أنصار الله بعكس ما كان يتوقع الأمريكي والصهيوني وخادمهما السعودي والأماراتي ان العدوان الاخير سوف يفت من عضد وعزم أنصار الله، أثبتت العملية، ان الانصار يمتلكون من المفاجئات ما يربكون بها حسابات المعتدين، فهذه العملية أربكت حسابات المعتدين خصوصاً الإماراتيين الذين يقول الخبراء ان النظام السعودي استدرجهم الى الفخ ليقاسموه الضربات الحوثية ويخففون عنه العبء الى حد ما، وينفس الوقت استنزاف مرتزقة الأمارات في جبهات القتال بعد الزج بهم في اتون تلك المحرقة بحسب توصيف قيادات مرتزقة الأمارات أنفسهم. فرغم الحصار ورغم المشاركة الامريكية الصهيونية المباشرة في العدوان في تطوراته الأخيرة، الّا ان أنصار الله يمتلكون من الاسلحة ما يمكنهم من إنهاء الاقتصاد الإماراتي وتدمير البنية التحتية للأمارات ان استمر بن زايد في غيه وفي توريط بلاده في العدوان على الشعب اليمني المظلوم.
2- و لأن الاستثمار الخارجي في الأمارات قائم على أساس الاستقرار الأمني فأن تلك العملية شكلت انذاراً لهؤلاء المستثمرين الأجانب الذين سيحزمون أمتعتهم ويرحلون إذا استمرت تلك لضربات وبالتالي الانهيار الكامل لدولة الأمارات لأن الأخيرة تعتمد على النفط وعلى الاستثمارات الخارجية كما قلنا قبل قليل... بمعنى ان استمرار تلك الضربات سيؤدي الى انهيار النظام الإماراتي نفسه. وهذا ما أكده الخبراء أيضاً حيث قالوا ان الاقتصاد الاماراتي هش ولا قدره له على الصمود أمام هذه الضربات إذا تكررت.
3- أثبتت العملية القدرة الفائقة لأنصار الله على مواصلة القتال والصمود وفرض معادلات الردع مع السعودية والأمارات وتوجيه الضربات العسكرية للخصوم في أعماق أراضيهم.
4- بدون شك ان العملية بعثت برسالة يأس وإحباط للاميركان والصهاينة ومرتزقتهم وعبيدهم في الرياض وأبوظبي، مفادها أن رهانهم على إجبار وإخضاع الحوثيين لطاولات المفاوضات بحسب الشروط السعودية الامريكية، هو رهان خاسر، بل وضرب من الخيال.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق