"بن سلمان" و"صدام" وجهان لعملة واحدة.. اجرام وعمالة
[حسن العمري]
* حسن العمري
شبهت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ولي العهد السعودي بأنه "صدام حسين" الآخر، وقالت في مقال لها بقلم الكاتب والخبير الاستراتيجي لشؤون الشرق الأوسط جاكسون ديل "أن محمد بن سلمان ديكتاتور قاس ومتهور، تبنته ودعمته أميركا، رغم سجله الموثق في الانتهاكات الجسيمة في مجال حقوق الانسان، ودعمه للجماعات الارهابية المسلحة، وذلك كونه يقف في مواجهة إيران ايضاً مثل صدام الى جانب تحالفه مع واشنطن والكيان الاسرائيلي؛ مشيرة الى صمت امريكا والغرب على ممارسات "بن سلمان" الإجرامية البشعة، معتبرةً أن ذلك سيجعلهم يفاجأون في النهاية بأنهم أمام نسخة من الرئيس العراقي الأسبق "صدام" .
توصيف محمد بن سلمان بأنه "صدام" جديد ليس ببعيد عن الحقيقة التي يعيشها أبناء الجزيرة العربية من قمع و اضطهاد وحرمان لأبسط الحقوق الانسانية والمعيشية، وفقدان حرية الرأي والتعبير، ومسلسل قطع الرؤوس بسيف الحرابة أو الأغتيالات المجهولة الى جانب الإختفاء القسري الذي يتعرض له ليس معارضي سلطته وسطوته على مصير شعب الجزيرة وثرواتهم بل كل من ينبس بشفا اعتراض على أدنى إهمال حكومي أو خدمات اجتماعية في مجال الصحة والطاقة والبلديات ليعتبر ذلك "خروجاً على الولي" وهو كافي بالاعتقال والزج في قعر السجون، ناهيك عن النشطاء.
"في الماضي، كان هناك ديكتاتور وحشي ومتهور، يحكم بلداً عربياً غنياً بالنفط، وكان رغم إجرامه البشع بحق شعبه وتجاوزاته الموثقة جيداً، مدعوماً من الادارة الأمريكية وحكومات غربية.. إن جرائم هذا الديكتاتور كانت فظيعة.. وأستنتج (صدام) أنه طالما استمر في ضخ النفط لداعميه وبأسعار زهيدة الى جانب عدائه لايران، سيكون حراً بقتل معارضيه وترهيب جيرانه.. ورهان امريكا وحلفائها عليه قاد الى غزوه للكويت عام 1990، والذي كان بداية لحروب لم تنته حتى يومنا هذا في الشرق الأوسط، حفظاً لمصالح أمريكا والغرب"- جاكسون ديل.
سياسة القمع السعودي هذه هي ذاتها التي كان يستخدمها "صدام" ذلك الديكتاتور القاسِ والمتهور المدعوم أمريكياً إبان سلطته على العراق لأكثر من ثلاثة عقود، حيث القمع الدموي الإجرامي البشع الذي زج بالملايين من ابناء الشعب العراقي في السجون والمعتقلات ثم المقابر الجماعية التي لم يتم العثور على سوى أقل من ربع رفات العراقيين المفقودين خلال تلك الفترة الزمنية ضمن (346) مقبرة فقط، فيما عمليات البحث قائمة للعثور على سائر المقابر ورفات الملايين من الأبرياء العراقيين غالبيتهم من الشيعة والأكراد..
"صدام" كان يتعامل مع معارضيه بالاعتقال والقتل والاعدام والكثير منهم تم تذويبه في التيزاب لتنصهر حتى عظامه، فيما قام محمد بن سلمان بتقطيع وتنشير وتذييب أوصال الصحفي المعارض جمال خاشقجي في القنصلية السعودي بإسطنبول فما بال الذين يتم اختطافهم أو اعتقالهم ثم تغييبهم في سجون آل سعود، الأمر الذي أقرته منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان وفي مقدمتها "أمنستي" الأممية و"هيومن رايتس ووتش" مطالبة السلطات السعودي بالكشف عن مصير المئات من المعتقلين من كلا الجنسين المغيبين في سجون المباحث ووزارة الداخلية والأمن الخاص، ناهيك عن مصير عشرات الآلاف من المعتقلين في سجن "الحائر" سيء الصيت.
الملايين من أبناء العراق فروا هاربين مهاجرين من قمع وبطش وقسوة وإجرام "صدام" وحزبه الدموي طيلة عشرات السنين كان لأيران حصة الأسد في اللجوء اليها حيث احتضنت الملايين وفق تقارير منظمة الأمم المتحدة الى جانب سوريا ولبنان والبلدان الأوروبية والأمريكية، هو الحال ذاته خلال سلطة آل سعود على الجزيرة العربية حيث إزداد الطين بلة أكثر مما يتصوره أحد خلال العهد السلمان وسياسة البطش والتنكيل والقمع والقبضة الحديدية التي يحكم بها ولي عهد سلمان ليرتفع عدد الفارين والمهاجرين من السعوديين الى دول الشرق الأوسط وأوروبا وامريكا وكندا من مختلف الفئات الاجتماعية.
بعد حوالي عقدين من الزمن من الإطاحة بنظام "صدام" تعود أمريكا وحلفائها الغربيون بإرتكاب الخطأ ذاته بدعمهم طاغية وديكتاتور مجرم سفاح آخر في المنطقة (أبن سلمان) وتشدقهم بخصوص الدفاع عن حقوق الإنسان أصم آذان المجتمع البشري كذباً وزوراً ونفاقاً ، فهم يدعون "إنهم يمقتون الجرائم الواضحة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بما فيها جريمة قتل خاشقجي، وتعذيب وسجن الناشطين السعوديين والمفكرين والدعاة ورجال الدين والصحفيين واساتذة الجامعات والمدافعين عن حقوق الإنسان وحرية الرأي والتظاهر السلمي من كلا الجنسين، كما أنهم يرون في حملته العسكرية على اليمن جريمة حرب كارثية.. كل ذلك والضوء الأخضر ما زال قائما من الحماة والداعمين ليواصل "أبو منشار" تنشيره للمعارضين له.
ووفقًا للأرقام العامة لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن عدد اللاجئين السعوديين عام 1993 كان قليل جداً، ذهبوا للإقامة في كل من الأردن واليونان والسويد، ليرتفع عدد اللاجئين السعوديين وطالبي اللجوء في العام 2017 الى 2392 شخصًا، حيث استقبلت أمريكا 1143 شخصا، وكندا 453 وأستراليا 191، بالإضافة الى بريطانيا التي استقبلت 184، والمانيا التي استقبلت 147 شخصاً؛ كل هذا بعيداً عن عدد الفارين من بطش "بن سلمان" الى دول الجوار وعملاء السلطة تلاحقهم وتتجسس عليهم وتضايق عوائلهم وترهن البعض منهم في السجون لعودة اولادهم أو والدهم الهارب الى خارج المملكة - وفق ما تراه الكاتبة تمارا قبلاوي في مقال بموقع “سي إن إن”.
الناشط الحقوقي البريطاني جوشوا كوبر يتفق هو الآخر مع آىم غوغل قائلا: إن “الأمور في السعودية اتخذت منحى خطيرا منذ صعود بن سلمان، فقد كثف النظام من حملات الاعتقالات وأضحت الانتهاكات الحقوقية المختلفة والتعذيب شيئا عاديا في المملكة، ما دفع عشرات الآلاف الى الهروب”.. وتقرير "أنييس كالامار" المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أكد أن "حكومات عديدة (امريكا والحلفاء) تحاول دفن جريمة خاشقجي وغيرها من جرائم محمد بن سلمان، وطلبت مني المضي قدماً وتخطيها، لكن عمليات القتل في المملكة لن تموت".. والاستخبارات الأمريكية والغربية تشير الى ما تقوم به "فرقة الموت" التابعة لمحمد بن سلمان من إجرام خارج المملكة ضد المعارضين كما كانت فرق اغتيالات "صدام" تفعله مع معارضيه في اوروبا وغيرها وحتى في الداخل (منها فرقة أبو طبر ذات الصيت السيء).
ونقلت شبكة “سي إن إن” الأمريكية عن نشطاء ومحللين قولهم إن “طلبات اللجوء تضاعفت في أوساط السعوديين بعد حملة ولي العهد محمد بن سلمان للقضاء على المعارضة في المملكة بينهم أمراء ورجال أعمال ومفكرون واعلاميون وعلماء ودعاة ونشطاء في مجال حقوق الإنسان ومجال الدفاع عن حقوق المرأة، كما تحدثت تقارير عن تعرضهم للتعذيب المبرح وعمليات الاغتصاب”.. فيما هناك الآلاف من المواطنين السعوديين يبحثون عن مساعدة للخروج من بلدهم واللجوء الى الخارج، بعدما كانت مثل هذه الطلبات قليلة قبل تولي "بن سلمان" لمنصبه- وفق آدام غوغل الباحث في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الذي كشف عن تلقي المنظمة باستمرار الرسائل من مواطنين سعوديين في هذا الخصوص.
ارسال التعليق