تركیا...إثارة قضیة خاشقجي مجدداً..محاولة ابتزاز للسعودیة!؟ أم رسالة تهدئة تركیة!؟
[عبد العزيز المكي]
مما بات معروفاً، ان نظام ال سعود الذي یقوده ولي العهد محمد بن سلمان تعرض الی ضربة كبیرة علی الصعید الدولي، علی صعید سمعته وانكشاف حقیقته الدمویة والعقيمة، بعد قیامه بجریمته النكراء بقتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي في القنصلیة السعودیة باسطنبول التركیة بعد استدراجه إليها، لتزویده ببعض المستمسكات اللازمة لزواجه من خطیبته التركیة خدیجة جنكیز، وقتله وتقطیع جثته وإخفائها إلي الیوم ..فهذه الجریمة البشعة كشفت الوجه الحقیقي لهذا النظام القاتل، وشكلت كابوساً لنظام ال سعود، ولبن سلمان تحدیداً، اذ أنها تحولت الی أداة ضغط على بن سلمان، وأداة ابتزاز له من حلفائه الأمریكان الذین وقفت إدارتهم في البیت الأبیض داعمة ومؤیدة ومدافعة عن بن سلمان وعن جریمته بتبریر هذه الجریمة وبمحاولة تبرئة ساحة هذا المجرم.. بل أكثر من ذلك، لأن هذه الجريمة ظلت مثار جدل ومتابعة من قبل الأوساط الإعلامية والغربية وحتى بعض الأمريكية من تاريخ وقوعها في الثاني من كانون الأول عام 2018 وحتى الأيام الأخيرة، فهي تحولت الى كابوس لابن سلمان والى عقبة من عقبات عرقلة وصوله إلى العرش، ولذلك كما يعلم الجميع فأن هذا الطامح للعرش بذل المستحيل من أجل طوي هذه الجريمة وإسدال ستار النسيان عليها، ابتداء من المحاكمة المهزلة التي حكمت على خمسة مجهولين بالإعدام وبالسجن وتبرئة المتورطين الأساسيين في الجريمة ومروراً بالأموال الضخمة التي أنفقها وما يزال لشراء سكوت الأوساط الإعلامية والسياسية المهتمة بهذه الجريمة..
وفيما يعتقد بن سلمان انه قطع شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه، أي في محاولة طوي الجريمة والتقليل من آثارها على النظام، جاء الإعلان التركي عن ان المحاكم التركية أصدرت احكاماً بالسجن المؤبد على العناصر الأساسية في فريق الاغتيال السعودي المكون من 18 شخصاً بحسب الرواية التركية بقيادة وإشراف من المستشار الأول لابن سلمان في الديوان الملكي سعود القحطاني ونائب رئيس المخابرات السعودية السابق أحمد بن محمد عسيري.. وفي التفاصيل أصدرت النيابة العامة في مدينة اسطنبول في 25/3/2020، لائحة اتهامات، طالبت بإصدار السجن المؤبد المشدد بحق 18 شخصاً يشتبه في ضلوعهم بجريمة مقتل خاشقجي. وتضمنت اللائمة بسجن متهمين أثنين آخرين هما عسيري والقحطاني، بتهمة التحريض على القتل المتعمد مع سبق الإصرار والتصميم والتعذيب بشكل وحشي، مشيرة إلى ان عسيري والقحطاني خططا لعملية القتل وأمرا فريق الجريمة بتنفيذ المهمة.
وأكدت النيابة العامة في مدينة إسطنبول، أنها أعدت الائحة الاتهام بعد الاستماع الجميع الأطراف، والاطلاع على المكالمات الهاتفية وكاميرات المراقبة وسير التحقيقات في المحاكم السعودية وجمع كل الأدلة حول الجريمة. ولفتت النيابة إلى إصدارها مذكرة حمراء بحق الأشخاص الـ 20، وانه تم إبلاغ الشرطة الدولية (الانتربول) والسلطات السعودية بطلب تسليمهم إلى تركيا.
بعد إصدار النيابة العامة في مدينة اسطنبول، أحكامها، سارعت المقررة الأممية المعنية بالإعدامات التعسفية والمنفذة خارج نطاق القضاء أغينيس كالامارد، إلى التعقيب على لائحة الاتهامات في تغريدة على تويتر، قائلة، ان ذلك سيساعد على إلقاء المزيد من الضوء على التفاصيل المحيطة بالقتل، ومنها سبق الإصرار والترصد من قبل مسؤولين رفيعي المستوى، وهذا ما سيساعد على قول الحقيقة هذا أولاً، وثانياً: يمكن أن تقدم رداً متوازناً على مهزلة العدالة السعودية، وثالثاً: لائحة الاتهام هذه هي الخطوة المنطقية التالية من وجهة نظر القضاء التركي التي تساهم بتطبيق تركيا لتعهداتها تحت قانون حقوق الإنسان الدولي.
لكن وعلى الرغم من ترحيب المقررة الأممية كالامارد بلائحة الاتهام التركية لقتلة خاشقجي، إلّا إن ثمة ملاحظات تثار حول هذه الخطوة التركية، تثير بدورها علامات استفهام كبيرة، وتساؤلات بانتظار الإجابة ومن هذه الملاحظات ما يلي:
1ـ إن لائحة الاتهامات جاءت مغايرة لما كان يروجه المسؤولون الاتراك، والصحافة التركية بعيد اغتيال خاشقجي، تلميحاً أو إشارة، وأحياناً بشكل مباشر دون ذكر الاسم للقاتل الحقيقي لهذا الضحية، فحتى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ذكر أو صرح مراراً وتكراراً إن الذي أصدر أوامر القتل بحق جمال خاشقجي هو أعلى هرم في السلطة السعودية، وكانت كل اتهاماته وأصابعه تتحرك صوب الإشارة نحو بن سلمان، معززاً هذه الإشارات بالأدلة التي جمعتها الأوساط التركية المخابراتية ولجان التحقيق في الجريمة التي ظلت لأسابيع عديدة تتابع جمع الأدلة والوثائق حول سير وكيفية تنفيذ الجريمة، وهوية الأشخاص الذين ارتكبوها، وكيف جاؤوا إلى تركيا، وكيف خرجوا وبدقة عالية من خلال تسجيل عملية دخولهم واتصالاتهم بمسؤوليهم في السعودية وعلى رأسهم سعود القحطاني واحمد عسيري المقربان جداً من ابن سلمان، وكل هذه التحريات والأدلة أطلعت عليها المقررة الأممية مارة الذكر أغينيس كالامارد، واطلعت عليها رئيسة جهاز الاستخبارات الأمريكي جينا هاسبل أيضاً.. فكانت كل التوقعات في ضوء تصريحات اردوغان وأعوانه في الحكومة التركية بان تتوجه الاتهامات التركية لابن سلمان، فما الذي حال دون ذلك!؟
2ـ إن لائحة الاتهام جاءت أيضاً لما كانت قد طالبت به المقررة الأممية كالامارد، فهذه المقررة، التي أعدت تقريراً مفصلاً بعد سماعها للتقارير والتسجيلات التركية لمكالمات الفريق السعودي المكلف بعملية تصفية خاشقجي الهاتفية، وأحاديثه مع الضحية، وللفيديوهات التي سجلتها الكامرات التركية التي كانت مزروعة سراً في جدران القنصلية السعودية الداخلية أو في بيت القنصل السعودي محمد العتيبي، أو في المطار، والتي صورت الجريمة من ألفها إلى يائها، حيث أعلنت كالامارد حينها عن التعبير عن ذهولها وصدمتها مما شاهدته وسمعته من مكالمات عن هول الجريمة وعن المشاركة الفعالة والمباشرة من بن سلمان نفسه وأعوانه (سعود القحطاني وأحمد عسيري) في الأشراف على هذه الجريمة، ولذلك اعتبرت في تقريرها الذي استند إلى كل هذه المعطيات والأدلة التي شاهدتها أو سمعتها، بعد أن سمح لها المسؤولون الأتراك بالاطلاع على بعض من الأدلة المتوفرة لديهم.. اعتبرت إن الجاني الحقيقي في هذه الجريمة هو بن سلمان نفسه وظلت إلى الآن تؤكد على مطالبتها بمحاكمته رغم أن ابن سلمان حاول إسقاطها بإغرائها بتقديم الأموال، ورغم انه وجه لها التهديدات بالتصفية والقتل، بعدما رفضت السكوت بإغراقها بالأموال، في حين إن لائحة الاتهام التركية لم تشرِ لا من قريب ولا من بعيد لابن سلمان ومسؤوليته في هذه الجريمة.
وبالإضافة إلى ما تقدم فأن لائحة الاتهام التركية جاءت متناقضة مع تقرير السي آي أي الذي أعدته رئيسة هذا الجهاز جينا هاسبل، بعد عودتها من تركيا، حيث قامت بزيارتها بعد الجريمة واستمعت إلى الأدلة الكثيرة التي كانت متوفرة لدى الأتراك، تلك الأدلة التي جعلت هذه المسؤولة الأمريكية، أن تخرج بقناعة تامة، بأن ابن سلمان ومستشاره الأساسي سعود القحطاني ونائب رئيس مخابراته السابق أحمد عسيري لهم دور أساسي ومباشر في الجريمة.. ذلك أنها لم تنشر هذا التقرير في وسائل الأعلام، رغم إن الأخيرة استقت منه الخلاصات الأنفة ونشرتها، ولكنها قرأت هذا التقرير الذي أعدته في ذلك الوقت، على الكونغرس بسرية تامة، وهو الأمر الذي جعل الكثير من السناتورات الأمريكيين من مجلس الشيوخ والنواب إلى اليوم يطالبون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضرورة معاقبة ابن سلمان باعتباره المسؤول المباشر عن اقتراف هذه الجريمة.
يعني ما تقدم إن اللائحة التركية استهدفت توجيه عدة رسائل لنظام ال سعود ولكن في اتجاهات مختلفة منها ما يلي:
أولاً: محاولة تبرئة ابن سلمان من دم خاشقجي وحصر الاتهام بمعاونيه القحطاني وعسيري وبمقربيه ماهر المطرب وصلاح الطبيقي ومحمد العتيبي وما إليهم، وبالتالي إن النظام التركي ورئيسه أردوغان على استعداد لطوي كل هذه الأدلة الدامغة من تسجيلات صوتية أو فيديوية أو مشاهدات عينية.. وما إلى ذلك من أدلة ومستندات تثبت تورط ابن سلمان في اقتراف وفي مسؤوليته المباشرة عن هذه الجريمة، وركنها في ملفات أو على رفوف النسيان، وبالتالي إسكات كل الأفواه وقطع كل الشكوك حول دور ابن سلمان، التي دأبت على أثارتها أوساط سياسية وإعلامية إقليمية ودولية لممارسة الضغوط على بن سلمان، أو لابتزازه مالياً، كما يحصل من قبل الإدارة الأمريكية نفسها التي دأبت على إثارة ملف خاشقجي بين الحين والآخر، أو حتى من قبل المتحمسين من الأوساط الغربية لإرسال بن سلمان إلى المحاكم الدولية، لمحاكمته على تلك الجريمة، فتركيا هي وحدها القادرة على وقف وإنهاء هذه الأثارات والشكوك وإسدال الستار على الملف نهائياً وتخليص بن سلمان من كابوسه نهائياً، وبالتالي فأن ذلك يخفف من أعباء طريق هذا الشاب الطامح للسلطة، في الوصول إلى العرش، لأنه كما ذكرنا إن هذا الملف ونكئه بين الحين والآخر ظل يشكل ضغطاً نفسياً ومعنوياً على ابن سلمان خاصة وعلى نظام آل سعود عامة ويعرقل وصوله إلى خلافة أبيه على عرش المملكة.
ثانياً: رسالة أخرى أيضاً تصب في ذات الاتجاه الذي اشرنا إليه في النقطة الأولى، وتتمثل هذه الرسالة في الأحكام المخففة عن الإعدام بحق هؤلاء المجرمين، على عكس التوقعات بأن المحاكم التركية سوف توصي أو تطالب بإعدام الأشخاص الأساسيين عن الجريمة الذين تضمنهم لائحة الاتهام، فحتى المحاكم السعودية الهزيلة والصورية حكمت بإعدام خمسة متهمين في الجريمة، مجهولي الهوية، ولكن رغم ذلك فأن المحاكم السعودية على هزالتها تدرك إن إصدارها غير هذه الأحكام سوف تتعرض للقدح والنقد والسخرية، بسبب هول الجريمة وبشاعتها وبسبب أنها تستحق إعدام هؤلاء المجرمين.. لكن لوائح الاتهام التركية جاءت مطالبة بسجن هؤلاء سجناً أبدياً لا إعدامهم! الأمر الذي يعني رسالة واضحة من جانب الحكومة التركية لنظام ال سعود ولابن سلمان تحديداً، إن بإمكان الأتراك لفلفة الموضوع وإعادة النظر بالتحقيقات وتبرئة حتى القحطاني وعسيري والمطرب والعتيبي والطبيقي، ومن لف لفهم من المجرمين!
ثالثاً: أما الرسالة الثالثة، فهي عبارة عن تحذير لنظام ال سعود مفادها، إن بإمكان النظام التركي إثارة القضية من جديد وتسليط الأضواء عليها بشكل لم يسبق له مثيل. لأن تركيا تمتلك كل الحقيقة حول الجريمة من بدايتها وحتى نهايتها، كما أشرنا، وإذا أرادت أن تضع كل المعطيات المتوفرة لديها حول الجريمة أمام المحاكم التركية والجنائية الدولية فمعنى ذلك إن الأمور سوف تتطور إلى ما يلي:
أـ إحراج محمد بن سلمان ومضاعفة الضغوط النفسية والمعنوية عليه بشكل لا يطاق، من خلال إثارة الأوساط الإعلامية الغربية وحتى الأمريكية مجدداً لهذا الملف والتأثير بالتالي سلباً على سمعة المحكمة وعلى سمعة ابن سلمان نفسه.
ب ـ جعل طريق وصول ابن سلمان إلى العرش، مزروعاً بالمزيد من الألغام والأشواك، سيما وان هناك من الاتجاهات والمؤسسات الأمريكية تعارض وصول هذا الطائش لسدة الحكم وتطالب ترامب صراحة باستبداله بأمير آخر أكثر تعقلاً وكياسة وأقل إجراماً. فإذا توفرت الأدلة الدامغة لدى هذه الأوساط ومنها السي آي أي وبعض أعضاء الكونغرس، حول تورط ابن سلمان فأنها سوف تضاعف من ضغوطها باتجاه التخلص من ابن سلمان، أو قد تشكل مانعاً أساسياً من عبور ابن سلمان نحو شاطئ العرش.
ج ـ قد تكون الأدلة الدافعة التي تقدمها تركيا حول تورط بن سلمان في عملية تصفية خاشقجي، كافية لجر ابن سلمان إلى المحاكم الدولية، وبالتالي تقديمه كمتهم من عملية القتل، وهذا سيترك آثاراً مدمرة ليس على حياة ابن سلمان نفسه ودفن كل أحلامه وطموحاته وحسب، وإنما على مصير البلاد وسمعتها ونظامها، وسيكون ذلك عاملاً من عوامل سقوط وانهيار هذا النظام الدموي..
وكل ما تقدم يؤشر إلى إن إثارة الحكومة التركية لملف جريمة قتل خاشقجي وفي هذا الوقت بالذات، تعني أحد الاحتمالات التالية:
* كما ذهب بعض أو أكثر المحللين في المنطقة عن وجود صفقة سرية بين النظامين السعودي والتركي لإنهاء حالة العداء والمناكفات بينهما، وبدء مرحلة جديدة من التعاون بين الطرفين وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. على أنني أستبعد هذا الاحتمال لقلة المعطيات والمؤشرات عليه، ولو كانت هناك صفقة فعلاً لما احتاج الطرف التركي إلى هذا النوع من الإخراج السيئ جداً لها عبر إثارة ملف الجريمة، وإنما أسدل النسيان عليها إلى الأبد وترك نظام ال سعود يكرس رواياته وأكاذيبه حول الجريمة في أذهان الأطراف المهتمة بها، كما فعل في محاكماته المهزلة.
* كما أشرنا إن النظام التركي أراد أن يوصل رسالة إلى السعوديين انه ما يزال يحافظ على شعرة معاوية مع نظام ال سعود ولا يريد قطعها، وهو بذلك على استعداد لعقد صفقة مع هذا النظام وإنهاء حالة العداء والندية بين الطرفين، وإنهاء تناقض وتضاد الأجندات الإقليمية وحتى الدولية لكليهما تجاه الآخر، كالتدخلات في الملف السوري أو في الملف الليبي أو في الملف الإسلامي، في الدائرة الأوسع وما إلى ذلك..
وما يرجح هذا الاحتمال، هو الظروف الصعبة التي يمر بها النظام التركي، فهو الآن يعاني من أزمة داخلية، إذ إن قاعدة المعارضة الداخلية لسياساته تتسع يوماً بعد آخر، حتى من دائرة حزبه الحاكم بسبب سياساته وتدخلاته غير المنطقية في الملف السوري، ومن جانب آخر، وبسبب سياسة اللف والدوران التي يتبعها في التعاطي مع الملف السوري، أصبح في مواجهة مباشرة مع روسيا وسوريا ومن ورائهما إيران أيضاً، ولولا الاتفاق الأخير مع روسيا الذي أبدى فيه اردوغان تنازلاً مذلاً أمام الرئيس الروسي فلادمير بوتين لتدجرحت الأمور إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع الروس، مع ما يترتب على تلك المواجهات من تداعيات مدمرة لتركيا وللمنطقة، وما زال حتى اللحظة يعيش أردوغان أزمة بل مأزق قاتل نتيجة تورطه في الملف السوري وحمايته الإرهابي جبهة النصرة وضجيعاتها من بقية الفصائل الإرهابية التكفيرية الأخرى، فهو الآن لا تستطيع الانسحاب من محافظة "ادلب" السورية، لأن ذلك يشكل هزيمة لنظامه، ولا يمكنه التخلي عن الإرهابيين لأن هؤلاء يعتبرون ذلك عذراً وخيانة بهم وبالتالي توجيه فوهات بنادقهم نحو الأتراك، وحاول خلط الأوراق وتحريك الأوربيين والضغط عليهم من خلال فتح أبواب الهجرة للاجئين السوريين نحو أوربا لكن هذه الطريقة فشلت عندما وقفت اليونان سداً منيعاً أمام موجة تلك الهجرة، أكثر من ذلك إن اردوغان حاول استنهاض حلف شمال الأطلسي ضد روسيا، لكن الدول الأوربية أعلنت عدم استعدادها للدخول في حرب مع روسيا ونصحت اردوغان بعدم اللعب في النار، في حين إن الولايات المتحدة لم تزوده بمنظومات باتريوت التي طالب بها لمنع الطائرات والمضادات الروسية والسورية من إسقاط طائراته.. كل ذلك جعل اردوغان مكشوف الظهر في المواجهة مع الروس وحلفائهم السوريين في ادلب، وبالتالي فأنه اليوم يشعر بأمس الحاجة إلى إيقاف الجبهة السعودية التي تصوب نحو تركيا في أكثر من ملف، فبينما كانت الداعم الأساسي مع قطر للإرهابيين في تركيا، ولديها مشاركة فعالة في غرفة الإدارة والقيادة لهذه الجماعات في تركيا، تقف اليوم السعودية إلى جانب الجماعات الكردية السورية المدعومة من قبل أمريكا، والتي ترى تركيا فيها تهديداً مباشراً لما تسميه الأمن والاستقرار التركيين!! وبالتالي فأن النظام التركي يشعر بأنه محاصر من كل الجهات، لذلك فهو يحرص اليوم أكثر من أي وقت مضى، بضرورة تهدئة الجبهة السعودية، أو فتح نافذة جديدة في جدرانها المعتمة، لأن فتح مثل هذه النافذة، بنظر أردوغان يدّعم مواقفه وتحركاته في الملفين السوري والليبي وفي مواجهة روسيا، سيما وان نظام ال سعود يخوض مواجهة اقتصادية مع الجانب الروسي على صعيد حرب الأسعار النفطية.
ارسال التعليق