تسريبات البيت الأبيض الاعلامية ومسيرة "بن سلمان" التطبيعية
[حسن العمري]
* حسن العمري
وسائل اعلام امريكية كتبت، أن التحقيقات الموسعة للمدعي عام البلاد بخصوص قضية "أدوار توماس باراك" (74 عاما) حليف ومستشار دونالد ترامب المقرب وعلاقته المشبوه مع المحمدين بن سلمان وبن زايد، تأخذ مساراً خطيراً ، خاصة وأن البيت الأبيض سمح لتلك الوسائل الكشف عن الكثير مما يجري في قضية تلقي باراك مبالغ مالية كبيرة بطرق غير مشروعة من الرياض وأبوظبي، وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية التي اشارت من جانبها الى تفاخر ترامب بأنه أنقذ "بن سلمان" من دوره بجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018 تحت تأثير تحريض اللوبي الأمريكي الإماراتي السعودي.
تبعاً للضوء الأخضر الأمريكي الرسمي ضد النظام السعودي، أطلقت المؤسسة الحقوقية فريدوم فريست في واشنطن حملة لفضح انتهاكات محمد بن سلمان وما يرتكبه من جرائم منذ توليه الحكم في المملكة، وقامت بنشر لافتات وإعلانات مكثفة في الشوارع الأمريكية للتعريف بجرائم بن سلمان وانتهاكاته المستمرة لأبسط حقوق الإنسان تحت شعار "نذكر الناس بأن محمد بن سلمان ليس مصلحًا كريمًا بل هو قاتل بارد".. كاشفة عن قيام البعض في هوليوود بمساعي لتبييض جرائم أبو منشار بعد أن أقدم صندوق الاستثمارات السعودية بشراء حصة بقيمة 500 مليون دولار في شركة الترفيه الأمريكية التابعة لهوليوود وقد تزامن ذلك مع ما كشفه موقع Open Secrets
من ان الشركة االخاصة التي اسسها باراك تحت مسمى Colony Capital
جمعت ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار من صناديق الثروة السيادية التابعة للإمارات و المملكة بعد فوز ترامب، كما وأن باراك استفاد من تلقي مبالغ مالية كبيرة من الرياض وأبوظبي مقابل أن ينشط لدى إدارة ترامب لتبني مواقف لصالح البلدين. وذكرت العدل الأمريكية أن حليف ترامب باراك و2 آخرين هما المواطن الأمريكي ماثيو غرايمز (27 عاما) من أسبن كولورادو، والإماراتي راشد سلطان راشد آل مالك الشحي (43 عاما) بتهمة ”التآمر للتأثير على مواقف السياسة الخارجية لترامب لصالح المحمين".
منظمة “جرانت ليبرتي” الحقوقية الأمريكية كشفت النقاب من جانبها عن إنفاق نجل سلمان عن صفقات ضخمة بين الكيانات التي يسيطر عليها وشركات ومؤسسات عالمية لتبييض صورته، مثل منظمة Visit Saudi و NEOM الهيئة المشرفة على بناء مدينة مستقبلية (نيوم) بقيمة 500 مليار دولار في الصحراء.. وكذلك أكثر من مليار و500 مليون دولار في الأحداث الرياضية الدولية البارزة في محاولة لتعزيز سمعته وتبيض جرائمه البشعة بحق الشعب والمعارضين له، عبر ممارسة الاستثمار أو استضافة الأحداث الرياضية في محاولة لإخفاء سجل حقوق الإنسان السيئ جداً للنظام السعودي خاصة خلال العهد السلماني، والترويج لنفسه كموقع عالمي جديد رائد للسياحة.
الادارة الأمريكية لبايدن سمحت ايضاً ببدأ محاكمة علنية لمحمد بن سلمان قدمتها منظمات ومؤسسات دولية وحقوقية منها منظمة الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن “داون”، وهي مجموعة حقوقية أسسها “خاشقجي”، وخطيبته “خديجة جنكيز”، بعد أن كانت قد رفعت دعوى مدنية في محكمة جزائية فيدرالية بواشنطن العاصمة في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020 ضد أبو منشار وأكثر من 20 متهماً من الفريق المقرب له فصلت الشكوى 7 تهم في جريمة “وحشية” و”وقحة” وهي التأمر مع سبق الإصرار، واختطاف وتقيّد وتخدّير وتعذيب واغتيال الصحفي خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول بتركيا، ثم قطعوا جسده؛ حيث يجب على نجل سلمان الآن الاستجابة أو مواجهة حكم غيابي.
المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي قالت: إن الرئيس بايدن ووزير خارجيته بلينكن أكدا مرارا أن الترويج للديمقراطية ودعم حقوق الإنسان هي في صميم السياسات الخارجية لواشنطن، وتشمل ذلك بلدان الشرق الأوسط بما فيها السعودية، مضيفة أن الادارة الأمريكية اتخذت خطوات للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان الكبيرة في السعودية أو تلك التي قامت بها السلطات السعودية في الخارج، في اشارة الى الحرب على اليمن.. وأن واشنطن تبدي على الدوام قلقها الشديد بشأن اعتقال وسوء المعاملة للمدافعين عن حقوق الإنسان بمن فيهم الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة في المملكة.
إجراءات واشنطن الاعلامية الأخيرة هذه تصب في اطار التشويش على أفكار المجتمع السعودي والعربي والرأي العام العالمي بخصوص الوتيرة المتسارعة لعملية التطبيع بين السلطة السلمانية والكيان الصهيوني، حيث بات السعوديون لا يشعرون بالحرج من الأحاديث المتواترة عن تقاربهم مع "إسرائيل" ومنذ الإفصاح عن اللقاء الذي تم بين ولي العهد محمد بن سلمان ورئيس وزراء الكيان المحتل بنيامين نتنياهو بحضور بومبيو في مدينة "نيوم" خلال الأيام الأخيرة من حكومة دونالد ترامب، في إشارة للجميع بأن السعودية تلعب دورا كاملا في لعبة التطبيع هذه بين الدول العربية و"إسرائيل" وهو ما يخدم مصلحة الأخيرة بسبب أهمية المملكة الاقتصادية والدينية والسياسية، بعد أن كان محرماً الحديث عن ذلك في الماضي.
التقديرات الإسرائيلية باتت تتحدث ودون حرج عن إمكانية قريبة لمأسسة أكثر رسمية في العلاقات مع السعودية، ولكن طالما أن الملك سلمان على قيد الحياة، فمن الصعب رؤية الاعلان عن ذلك بشكل رسمي، وقد يُنظر لخطوات أخرى، مثل فتح مكتب تمثيلي، أو مكتب ارتباط إسرائيلي ومصالح في الرياض، على أنها مراحل وسيطة وخطوات منطقية في الوقت الحاضر الذي يتكلل بمظاهر التقارب الأمني والاقتصادي الإسرائيلي مع السعودية، ومشاهد عديدة اخرى تشير لتطبيع آخذ نحو العلن بعد أن كان خفي وخلف الكواليس، حيث إن المعلومات الاستخباراتية التي يتم تمريرها تشير الى أن الاجتماعات السرية للمسؤولين السعوديين والإسرائيليين، باتت تعقد بينهما وبالعلن على هامش المؤتمرات والمؤتمرات الدولية، مما يعطي بداية للتغيير والعلاقات المفتوحة بين الجانبين.
اللقاءات السعودية الإسرائيلية الآخذة نحو التزايد علناً بدأت عبر قيادات ومسؤولين في المؤسسات الدينية الوهابية، ثم زيارة مدونين وصحفيين مقربين لأبن سلمان ضمن جيشه الإلكتروني بزبارة فلسطين المحتلة، وباتت أحاديثهم تتناول العلاقة مع "إسرائيل" بصراحة وليس بغموض، والأكثر إثارة للاهتمام أن "رجال دين" سعوديين بدأوا يعبرون عن أنفسهم إيجابيا تجاه الكيان الصهيوني المحتل، ويخاطبونه بشكل علني في منشوراتهم، ويهنئونه بأعياد الفصح.. وسيكون المستوطنين الصهاينة قادرين الحصول على تأشيرة عمل لدخول بلاد الحرمين الشريفين أولئك الذين طردهم رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى أله وصحبه الأخيار من أرض الوحي والتنزيل ليعيدهم أرعن آل سعود لها تنفيذاً لوعد جده عبد العزيز.
الشركات الإسرائيلية ورجال الأعمال الصهاينة باتوا يقيمون علاقات تجارية علنية مع الجانب السعودي بقطاعيه العام والخاص في مجالات البنية التحتية والمياه والاتصالات والحوسبة والبرمجيات وحتى التقنيات وصولا لصناعة النفط، وكذلك تبيع تقنيات المدن الذكية في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وإجراء المبيعات مباشرة دون شركات خارجية أو وسيط ثالث ليجسم عملياً وعود وأقوال محمد بن سلمان خلال حديثه مع مع مجلة "ذي اتلانتيك" الأمريكية من أن بلاده تتقاسم المصالح مع "إسرائيل"، لافتا إلى أنه هناك "الكثير من المصالح بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي"، مضيفاً "إن للإسرائيليين الحق في العيش بسلام على أرضهم"!!.
ارسال التعليق