حضرموت والأطماع السعودية القديمة الجديدة.. والصراع الإماراتي السعودي على النفوذ والثروات اليمنية !!
[عبد العزيز المكي]
بدون شك، ان النظام السعودي، أراد من مشاركة الأمارات في العدوان على هذا البلد الفقير بإمكاناته الغني بثرواته، أن تكون هذه المشاركة غطاءاً للعدوان وعونا عسكرياً للقوات السعودية ولقوات المرتزقة من اليمنيين المتحالفين مع النظامين السعودي والإماراتي، دون أن يتجاوز الدور الإماراتي هذه الحدود، لكن النظام السعودي فوجئ ليس بندية وأطماع القيادة الإماراتية في اليمن ومنافستها للدور السعودي في هذا البلد وحسب، وإنما منافساً يسعى بكل السبل العسكرية والسياسية والاقتصادية وما إليها لإزاحة المنافس السعودي من طريقه وإضعافه، ومحاولة الاستئثار بالدور الأساسي نفوذاً وهيمنة وتأثيراً في المناطق اليمنية الجنوبية المحتلة، الأمر الذي شكل غصة للسعوديين الذين يريدون اللعب وحدهم في الساحة اليمنية، باعتبار هذه الساحة " حديقتهم الخلفية" كما يزعمون، ومنذ نشوب الصراع وحتى اليوم انعكس هذا التنافس مواجهات عسكرية وسياسية بين قيادات وميليشيات النظامين السعودي والإماراتي في اليمن!!
وإذا ظل هذا الصراع بين الطرفين المحتلين متواصلاً يشتد تارة ويضعف أخرى.. الّا انه شهد نقلة نوعية خطيرة بعد ترسخ القناعتين الأمريكية والسعودية وحتى الغربية باستحالة الانتصار على أنصار الله، وعلى الحاق الهزيمة العسكرية بهم.. ثم محاولات النظام السعودي التوافق مع أنصار الله، والخروج من المستنقع اليمني، تلك التي أفشلتها واشنطن.. نقول وإذ ظل الصراع بين الطرفين طوال المدة الماضية على تلك الشاكلة المشار إليها، فانه شهد نقلة خطيرة بعد التطورات الأخيرة، إذ اشتد بشكل لافت في كل المناطق والمحافظات المحتلة وبدا أن كل طرف يريد أو يعمل على كنس الطرف الآخر، والإحلال محله ولذلك اشتدت المعارك بضراوة على الصعد العسكرية والسياسية والإعلامية بين مرتزقة الرياض وأبو ظبي مع بعضه لدرجة، ان البعض منهم بدأ يفضح الآخر ويكشف أهدافه على الملأ!!
أما التحشيدات العسكرية والتحشيدات المضادة فهي تتصاعد وتطال كل المحافظات الجنوبية لدرجة ان السعودية تهدد رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي على لسان السفير الأمريكي في اليمن ستيفن فاجن، فهذا الأخير نقل في الحادي عشر من تموز الجاري للزبيدي خلال لقائه في الأمارات، رسالة سعودية برصد التحركات العسكرية والتعزيزات التي يرسلها الانتقالي إلى مدينة المكلا لمهاجمة سيئون وبقية مديريات وادي حضرموت، وان القوات السعودية ستستهدفها اذا لم تعد تلك التعزيزات إلى معسكراتها في عدن ولحج وشبوة!!
و أضافت المصادر التي أعلنت عن الخبر ان فاجن أبلغ الزبيدي بأن السعودية ستطالب مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات دولية على الزبيدي ومجلسه الانتقالي باعتباره ضمن الكيانات المعرقلة للتسوية في اليمن!! ما يعني ان أمريكا قريبة جداً ولها دور في هذا الصراع بين الطرفين من أجل استنزاف الشعب اليمني واضعاف كل الاطراف لتبقى اللاعب المتحكم في الشؤون اليمنية في المناطق المحتلة!!
حضرموت في دائرة الاستهداف السعودي!
لنترك الحديث عن الصراع بين الطرفين والمتصاعد في المحافظات الجنوبية، ولنحصر حديثنا عن هذا الصراع في محافظة حضرموت، لأنه شهد تطورات خطيرة في الآونة الأخيرة، اذ تجاوز الصراع على النفوذ والسيطرة على هذه المحافظة الى التمهيد الى ضمها والحاقها بالمملكة السعودية، كما سنرى بعد قليل، ولكن قبل ذلك من الجدير الاشارة، الى ان للسعودية أطماع قديمة بمدينة حضرموت، تتجدد كلما ضعف اليمن، وازداد النظام السعودي نفوذاً وقوة في الشؤون اليمنية السياسية والاقتصادية وما اليها، ولذلك كان النظام السعودي قد اتخذ خطوات قديمة وأخرى متجددة اتخذها قبل أشهر للتمديد لعملية فصل حضرموت عن اليمن ومن بعد ذلك الحاقها بالمملكة السعودية، ومن هذه الإجراءات القديمة الجديدة ما يلي:
1- لأن العشائر الساكنة في المنطقة الحدودية بين السعودية واليمن، نصفها في اليمن في حضرموت والنصف الآخر في السعودية لأن حدود حضرموت مع المملكة تمتد لمسافات طويلة جداً مئات الكيلومترات.. لأن الأمر كذلك، استفادت السعودية من هذا التداخل العشائري لتعمل على استقطاب الشخصيات القبلية في حضرموت بل وخصصت لهم رواتب شهرية ظلوا يتقاضونها حتى اليوم.. اكثر من ذلك منحت الكثير من هذه الشخصيات الجنسية السعودية، في الآونة الأخيرة أي قبل عدة أشهر قامت السعودية بحملة تجنيس في حضرموت شملت الآلاف من سكان المدينة الحدودية.
2- لأن النفوذ السعودي قوي ومتجذر في حضرموت، نجحت السلطات السعودية في انتخاب وضمان تولية الأشخاص الحضارمة الموالين لها، والذين تمكنت من خلالهم تعزيز هذا النفوذ وترسيخ الحضور والوجود السعودي في المدينة!
3- كانت السلطات السعودية ومازالت تثير ادعاءات ومقولات بأن حضرموت هي جزء من المملكة في محاولة لقياس ردود الفعل ولتهيئة الرأي العام لمثل هذه الخطوة أي ضم المدينة!
4- الأهم من ذلك كله هو تأسيس مجلس حضرمي يتولى ادارة المدينة بشكل مستقل عن المجلس الرئاسي بقيادة رشاد العليمي، وعن المجلس الانتقالي بقيادة عيدروس الزبيدي، ويتلقى المجلس الحضرمي الأوامر من السلطات السعودية وقد تشكل هذا المجلس بحضور السفير السعودي محمد آل جابر ثم ان السلطات السعودية اعلنت عن مهمة مجلس حضرموت الوطني الرئيسية على لسان الكاتب السياسي السعودي على العريشي، حيث كتب على تويتر " بعيداً عن اللغط الذي يحاول البعض نشره في تويتر: المجلس الوطني الحضرمي ند لأي مكون سياسي يمني مثله مثل المجلس الانتقالي الجنوبي وشريك في اية مباحثات قادمة!" وأضاف أن " مجلس حضرموت يملك الصلاحيات الكاملة لادارة شؤون حضرموت أمنياً وسياسياً وعسكرياً" ما يعني ذلك ان السعودية منحت حضرموت صفة إقليم مستقل ذاتياً بصورة غير مباشرة عبر المجلس الذي أنشأته..
و الى ذلك فأن ثمة مؤشرات أخرى تعزز من هذه الرؤية، حول ان السعودية تمهد لانفصال حضرموت عن اليمن منها ما يلي:-
1- ان المجلس الرئاسي بقيادة العليمي، بارك وايد المجلس الحضرمي رغم ان الأخير يمتلك كامل الصلاحيات الأمنية والسياسية والاقتصادية واتخاذ القرارات( السيادية) بحسب وصف وثيقة إعلان المجلس دون الرجوع الى المجلس الرئاسي اليمني!! لدرجة ان البعض من مرتزقة الإمارات اليمنيين من مجلس الانتقالي الجنوبي إتهم العليمي بالخيانة والتواطئ مع السعودية في التأسيس لانفصال حضرموت عن اليمن و" استقلالها"
2- تأكيد وثيقة اعلان المجلس الحضرمي على " حق الشعب في حضرموت عبر مكوناته المختلفة بالمشاركة العادلة في صناعة القرار السيادي والتمثيل في الغرف البرلمانية والهيئات الحكومية والاستشارية والتفاوضية بما يضمن حماية المصالح الحيوية لأبناء حضرموت بشكل مستقل، والتعهد بتحييد المؤسسات الخدمية والأمنية والعسكرية عن أي اختلافات بينية وصياغة اعلان مبادئ على نطاق واسع يضمن تماسك الجبهة الداخلية وردع أي تهديدات تستهدف حضرموت والمناطق المحررة ودول الجوار والأمن والسلم الدوليين".. وواضح ان ما تقدم يؤكد ان وثيقة الإعلان تمهد لقيام دولة ذات سيادة!!
3- تواتر التصريحات والتلميحات السعودية حول ان حضرموت باتت في " جيب النظام السعودي، في رسالة للإمارات ولحليفها المجلس الانتقالي بالكف عن التحشيد العسكري والسياسي ضد حضرموت ومديرياتها ومجلسها، لأنها باتت جزءاً أساسياً من النفوذ السعودي في اليمن!! ففي هذا السياق قال الباحث السعودي على العريشي إن "استقلال القرار السياسي الحضرمي والسيادة على الأرض والثروات والندية الحضرمية الكاملة لعدن وصنعاء ورفض التبعية لأي منهما هو من أهم المخرجات التي يسعى لها الوفد الحضرمي بالمملكة" وإلى ذلك فأن النظام السعودي يسارع الخطى لتهيئة الأجواء والظروف لضم حضرموت، فالسفير السعودي في اليمن محمد آل جابر أخبر محافظ حضرموت بن ماضي، بأن السعودية قررت ربط حضرموت بشبكة كهربائية ترتبط بالشبكة الكهربائية السعودية!!
و فيما يشتد التوتر بين الانتقالي ومن ورائه الإمارات من جهة وبين المجلس الحضرمي والسعودية من جهة أخرى حول حضرموت التي نجحت السعودية في كنس بقايا الانتقالي وكل مرتزقة الأمارات منها، فأن هذه التطورات تؤشر إلى جملة أمور ومعطيات مهمة منها ما يلي:
1- انكشاف أهداف العدوان واتضاح زيف الشعارات التي رفعتها دول العدوان من مثل " إرجاع الشرعية ودحر الانقلاب وإنقاذ الشعب اليمني" فهذه وغيرها كلها مجرد غطاء لتبرير العدوان ليس الّا ، واليوم الصراع يشتد حول ثروات وموانئ وامكانات اليمن ونفطه.
2- إن تأسيس المجلس الحضرمي هو في الأساس كما بينّا، لقضم السعودية حضرموت، لكنه في نفس الوقت نقطة انطلاق لتقسيم اليمن وتجزئته فإذا تعذر التحاق حضرموت بالسعودية، فأنه يشكل حافزاً لمحافظات أخرى، وبالفعل بدأت محافظات جنوبية تتحرك نحو الاستقلالية، وسط تشجيع سعودي او أماراتي، لأن ذلك يمكن المحتلين ومن ورائهم الاميركان من السيطرة واستغلال الثروات ومن إشغال المرتزقة والعملاء مع بعضهم والاستمرار في استنزاف الشعب اليمني.
3- لأن خيار السعودية والأمارات وامريكا، هو تمزيق اليمن وتجزئته، ولأن الصراع على ثروات اليمن يشهد تصعيداً في المناطق الجنوبية المحتلة فأن الشعب اليمني في تلك المناطق سيعاني من الويلات وعدم الاستقرار والقتل والاضطهاد الاستعماري وكل اشكال السحق الاقتصادي والحضاري مادامت قياداته المرتزقة لدى المحتلين يصرون على الارتزاق وعلى خدمة المحتلين على حساب بلدهم وشعبهم والله المستعان.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق