سؤال لبن سلمان؛ بتهويد بلاد الحرمين ماضٍ أم بالتطبيع؟!
[حسن العمري]
* حسن العمري
ما يجري في جادة الانزلاق نحو التطبيع السعودي الاسرائيلي لا يبشر بخير بتاتاً، حيث الأمور تسير بشكل متسارع يفوق التصور رغم أنه بخفية بعيداً عن ضجيج الإعلام والحوارات السياسية، فيما يؤكد مراقبون للشأن السعودي بأن محمد بن سلمان ذاهب الى أبعد من التطبيع بكثير ربما نحو تهويد بلاد الحرمين الشريفين وهو ما يشاهد من تطورات يومية حيث تصريحات متواصلة من مشايخ هيئة كبار العلماء وناشطين بارزين ضمن أعمدة الذباب الإلكتروني لمحمد بن سلمان، تتوج بظهور حاخام الرياض الأول وهو يتسكع في شوارع العاصمة وينشيء كنيساً للجالية اليهودية المتواجدة في البلاد وفق قوله، بعد ما كان وجودهم محظوراً في بلاد الحرمين الشريفين منذ أن طردهم الرسول الأكرم منها وحتى لحظة رسالة عبد العزيز المشؤومة.
"يعقوب يسرائيل هرتسوغ" الحاخام الأكبر في المملكة كما يطلق على نفسه، يكشف عن "استعداد كبير لدى القيادة السعودية لاتفاقية سلام تاريخية مع «إسرائيل»، وأنه هناك حوار مباشر بين تل أبيب والرياض بدون وسيط على مستوى القادة، مشيراً الى أن «إسرائيل» تمضي في الطريق الصحيح والقريب وصولاً لاتفاق تاريخي مع المملكة، وأن هناك تقدم في محادثات تطبيع العلاقات الثنائية بوساطة أمريكية ولدينا شعور بقرب السلام مع السعودية؛ مدعياً أن الشعب السعودي يرحب بالسلام والتطبيع معنا، وأن الفكرة مقبولة تماما بالنسبة للمواطنين والناس هناك منفتحون للغاية.. وأول شيء لاحظته عندما تجولت في السوق في الرياض هو أن الناس يقولون لي باللغة الإنجليزية أهلا بك!!"- خلال اتصال هاتفي مع استديو قناة صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين الرياض وتل أبيب ، كيف يصف "هرتسوغ" نفسه بأنه الحاخام الأكبر في المملكة والجزيرة العربية كما يطلق على نفسه؟ ما يعني أنه هناك حاخامات غيره ينشطون في بلاد الحرمين الشريفين؛ ثم من أعطى الأذن لهذا الصهيوني الدخول لأرضنا المقدسة التي أخرجهم منها الرسول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه؟، ومن سمح بوجود أكثر من 15000 ألف يهودي أو بالأحرى صهيوني قدموا من أوروبا وأمريكا وبريطانيا ويقطنون في أرضنا المقدسة كي يكون هذا حاخامهم الكبير ويقيم أول منزل "حاباد" أي كنيس يهودي في المملكة لخدمة آلاف أعضاء جاليته المغتربين الذين يعيشون هناك؟!- من حديثه لشبكة "لينكد إن" الصهيونية.
أحمد الغامدي، مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة السابق، يقول في حوار هو الأول من نوعه مع مراسل هيئة الإذاعة والتلفزيون الصهيوني روعي كايس في قناة كان العبرية، يقول ان هناك اختلاف بين علماء المسلمين حول مشروعية الصلح مع اسرائيل، ولا أعتقد أن الرأي الفقهي الممانع في الصلح سيكون له دور مؤثر في استقرار المنطقة”!.. وبدر السعدون أحد أبرز أركان الذباب الإلكتروني لمحمد بن سلمان يفجرها في مقطع فيديو متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في لقائه مع نفس الإعلامي الصهيوني "روعي كايس" لقناة "كان" الإسرائيلية ايضاً، قال السعدون: "70% إلى 80% من الشعب السعودي من الشباب واقولها لك بكل مصداقية ليست فلسطين همه الأول، هؤلاء همهم الأول هو المملكة العربية السعودية..!!".
الأمر لم ينته بهذا بل تعدى الكثير حيث كشفت شركة "سولار إيدج الإسرائيلية" انها دخلت في مشروع مشترك مع مجموعة "عجلان" وإخوانه القابضة السعودية القريبة من ولي العهد لنشر الطاقة المتجددة في المملكة في تعاون نادر بين الكيانين - وفق موقع "بلومبرغ" الأمريكي.. في الوقت ذاته نشرت وسائل الإعلام السعودية والاسرائيلية عن "تعيين محمد بن سلمان سفيراً له لدى السلطة الفلسطينية، وهو لم يكن مفاجئا لدى تل أبيب التي أبلغت مسبقا بالخطوة، مشددة إن هذا التعيين جاء على خلفية الاتصالات المكثفة للترويج لاتفاق التطبيع بين "السعودية" و"إسرائيل"، وعشية رحلة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر إلى واشنطن" - وفق صحيفة "معاريف" العبرية.
"المركز العربي بواشنطن" سلط الضوء على وجود مفاوضات أمريكية - سعودية - اسرائيلية حثيثة وعلى مدى أيام لوضع اللمسات ربما الأخيرة على اتفاق ثلاثي تطبيع العلاقات والتعاون السياسي الأمني المشترك بين الرياض وتل أبيب، والتي أشتدت لقاءات القائمين عليها بعد زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي "جيك سوليفان" في مايو/أيار الماضي الى الرياض؛ مقابل التزام أمني أمريكي واضح تجاه الرياض، والمساعدة في مشروع الرياض للطاقة النووية المدنية الذي يعيقه الكيان الاسرائيلي، ليعلن الأخير موافقته شرط مشاركته في الإحداث والمراقبة.. وفي الضوء ذاته أجرى رئيس الموساد الإسرائيلي، ديفيد بارنيا، زيارة سرية لواشنطن في منتصف يوليو/تموز الماضي للمشاركة في المحادثات الثلاثية القائمة في واشنطن بخصوص التوصل الى اتفاق مع السعودية.
حاخام الرياض الصهيوني "هرتسوغ" كشف في مقال نشرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية، عن مساعيه القائمة بموافقة السلطات السعودية وتعاونها ومساعدتها لتقديمه خدمات مختلفة للجالية اليهودية في الجزيرة العربية باعتباره قائد روحي لها، مثل قيادة الصلاة، واستضافة وجبات العيد، وغيرها.. في الوقت ذاته كتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن واشنطن والرياض توصلتا لاتفاق على الخطوط العريضة لصفقة تعترف فيها السعودية بـ"إسرائيل" خلال فترة أقصاها أثني عشر شهراً، وذلك ما خرج به لقاء محمد بن سلمان وجيك سلوفان في جدة قبل فترة.. وقد نقلت الصحيفة عن أحد كبار المسؤولين الأمريكيين قوله: "هناك خطة عمل لاستكشاف عناصر ما يمكن أن يكون عليه الاتفاق واختبار حدود ما هو ممكن".
هذه الهرولة المتسارعة في التوقيع على اتفاق بين الرياض وتل أبيب تجاوز حدود التطبيع ليرسم صورة مخيفة من نوايا ولي عهد آل سعود محمد بن سلمان الى تهويد الجزيرة العربية والعودة الى ديانات الأباء والأجداد. فيما اعتبر وزير خارجية كيان العدو الصهيوني "إيلي كوهين"، أن التوصل لاتفاق بشأن العلاقات الثنائية مع السعودية هو "في متناول اليد، الأمر مسألة وقت فقط.. فهو يصب في مصلحة الطرفين خاصة الرياض التي ترغب في اتفاقيات مرتبطة بمجالات السياحة والتجارة، مماثلة لتلك التي عقدت بين الإمارات و«إسرائيل»، وإن مفاوضو الطرفين منهمكون حالياً بمناقشة التفاصيل وتاريخ الإعلان عنها بعد أن اتفقوا على الإطار وبنود الاتفاق الرئيسية".
شبكة سي ان ان الأمريكية في تقرير حديث لها كشفت النقاب من إن القضية الفلسطينية لن تعد معرقلاً لمفاوضات التطبيع بل كل ما تطلبه السعودية هو دعم أمني - عسكري أمريكي أكبر للسلطة الحاكمة والمساعدة في تولي محمد بن سلمان العرش بانقلاب أبيض داخل الأسرة السعودية، الى جانب بعض الأوراق الساقطة مثل أن يكون للرياض دور في إدارة الأماكن المقدسة في الأراضي الفلسطينية مثل المسجد الأقصى والقدس الشرقية على حساب الأردن".. ولي العهد السعودي مستعد لتقديم الكثير الكثير حتى أن يذهب نحو تهويد بلاد الحرمين الشريفين مقابل بلوغه السلطة، وفق مراقبون للشأن السعودي.. وهو ما دفعنا لطرح هذا السؤال على محمد بن سلمان نفسه " بتهويد بلاد الحرمين ماضٍ أم بالتطبيع؟!"؛ خاصة وهناك احتمال بالسماح لعودة آلاف اليهود الى بلاد الحجاز ونجد بذريعة "العودة الى أرض الأجداد" وهو ما طلبه اللوبي الصهيوني من "بن سلمان" خلال لقائه بهم في آخر آذار عام 2018.
ارسال التعليق