عام 2019، عام الهرولة العربية نحو العدو الصهیونی
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبد العزيز المكی..
فی مطلع العام 2020 إحتفت وزارة الخارجية الكيان الصهيونی الغاصب بأبرز محطات التطبیع العربی مع هذا الكيان، ونشر حساب الوزارة الصهیونیة فی 1 كانون الثانی من العام الجدید، فیدیو جامع لأبرز وأهم الفعالیات والمناسبات التی جمعت الصهاینة بمسؤولين عرب على مستوى وزراء، أو على مستوى مشاركات رياضية أو في مؤتمرات، وتبادل هذه المشاركات بين هذه الدول والكيان الغاصب، وتوقفت وزارة خارجية العدو عند 27 محطة تطبيع مع أكثر الدول العربية خلال العام المنصرم، احتفت بها الوزارة كما أشرنا. لكن اللآفت، ان الامارات تصدرت قائمة المهرولين نحو الأرتماء باحضان الصهاينة المغتصبين لفلسطين وللقدس، والذين يسومون الفلسطينيين وبشكل يومي سوء العذاب!
ورغم أن البعض من المتابعين والمحللين يرون أن نشاطات التطبيع بين الإمارات والكيان الصهيوني تسبق العام 2019، إذ بدأت تتسرب إلى وكالات الأنباء منذ العام 2015م، إلا أنهم يقرّون، بأن هذا التطبيع شهد نشاطاً وقفزة لافتين خلال العام 2019م، من ناحية الإعلان عن هذا النشاط، وتفاخر الكيان الصهيوني به، ومن ناحية تكرار مظاهر وتجليات هذا النشاط، بشكل أنطوى على تحدي واضح لمشاعر الأمة، واسمحوا لنا نعيد التذكير ببعض هذه النشاطات التطبيعية الإماراتية مع العدو بما يلي:
1ــ في مارس 2019 الماضي، دعا وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إلى تسريع وتيرة التطبيع بين الكيان الصهيوني والدول العربية، معتبراً أن ذلك من شأنه، انه يساعد على التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية والصراع مع العدو!! واعتبر قرقاش في تصريحات له نشرتها صحيفة ذاناشيونال التي تصدر في أبو ظبي، أن قرار كثير من الدول العربية بعدم التحاور مع "إسرائيل" عقّد مساعي التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية على مدى عقود، بحسب زعمه! وفي الوقت الذي كان قرقاش يطلق فيه تغاريده الآنفة، كانت أبو ظبي تحتضن وفداً رياضياً صهيونياً مكوناً من 25 رياضياً بحسب ما أفادت به الصحف الصهيونية، حيث أعربت وزارة الخارجية الصهيونية في مارس العام الماضي عن فخرها وغبطتها بارتفاع علم الكيان الغاصب في إحدى الدول العربية من خلال وفده الرياضي المشارك في الاولمبياد الذي أقيم بدولة الإمارات!! وبالمقابل فأنه وفي نفس الشهر أي مايو عام 2019 شاركت فرق رياضية إماراتية وبحرينية في سباق الدراجات الذي استضافه الكيان الصهيوني، وحينها شكرت الإمارات بشكل لافت ومميز الحكومة الصهيونية على التقدير والاستقبال الحار الذي قوبل به الوفد الرياضي الإماراتي في الأرض المحتلة.
2ــ في تموز العام الماضي زار وزير الخارجية الصهيوني يسرائيل كاتس أبو ظبي وشارك في مؤتمر الأمم المتحدة لشؤون البيئة، والتقى مسؤولاً إماراتيا كبيراً، وطرح مبادرة للسلام الإقليمي، تتضمن عدم اعتداء بين الكيان الصهيوني والدول العربية في الخليج. وخلال هذه الزيارة قال كاتس: "أنا متحمس للتواجد هنا في أبو ظبي لتمثيل مصالح دولة "إسرائيل" مع دول الخليج، هناك تقدم ملحوظ في العلاقة بين "اسرائيل" ودول المنطقة، وسأواصل العمل مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتعزيز سياسة التعاون التي نسعى لتحقيقها على أكمل وجه، بناءاً على قدرات "إسرائيل"، في مجالات الأمن والمخابرات، وفي المجالات المدنية المختلفة"!.
3ــ في 10 ديسمبر الماضي، أعلن الكيان الصهيوني عن مشاركته في معرض "إكسبو دبي 2020". وأشار الكيان الغاصب إلى أن المدير العام لوزارة الخارجية الصهيونية يوفال روتيم، زار دبي في إطار الاستعدادات لمعرض "إكسبو2020 " ووقع على اتفاق المشاركة. كما التقى روتيم مسؤولين بحكومة الأمارات وإدارة المعرض في إطار هذه الاستعدادات.
4ــ في 15 ديسمبر الماضي، ذكرت صحيفة يدعوت إحرونوت العبرية، أن وفداً من كبار المسؤولين في وزارة العدل الصهيونية توجهوا إلى الأمارات المتحدة للمشاركة في مؤتمر دولي حول مكافحة الفساد، يُنظم في أبو ظبي! وأضافت الصحيفة الصهيونية أن دينا زيلبر، نائبة المدعي العام، تترأس الوفد الصهيوني الذي كان يضم مسؤولين كباراً من القسمين الجنائي والدولي في النيابة العامة الإسرائيلية. 5ــ خلال تلك الفترة، لم يتوقف الغزل والتعبير عن الدفئ والود بين الطرفين الصهيوني والإماراتي، ففي ديسمبر الماضي، نشرت حسابات سفارات الامارات في عدة دول، تهاني لليهود بمناسبة احتفالهم بما يسمى "عيد الحانوكا" أي الأنوار في ديسمبر، وتمنّت السفارات الإماراتية في تغريداتها على حساباتها "السعادة لليهود "مضيفة عبارة " أطيب تمنياتنا لأصدقائنا في الديانة اليهودية بمناسبة اليوم الأول من عيد الأنوار"! وهو ما أسرّ دويلة الاغتصاب، حيث وصفت تلك الرسائل بالدافئة، وهذا آخر غزل إماراتي في العام الماضي، سبقه كما أشرنا غزل كثير، وسيتبعه أيضاً مزيداً من هذا الود الإماراتي للعدو!!
6ــ وإلى ذلك، وفي ديسمبر الماضي تبادل رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد تغريدات تروج للتطبيع بين الكيان الصهيوني ودول عربية وإسلامية، حيث أعاد نتنياهو نشر تغريدة لوزير الخارجية الإماراتي على تويتر، هي عبارة عن مقالة كتبها في مجلة ذا سبيكتاتور البريطانية تحت عنوان "إصلاح الإسلام".. تحالف عربي- إسرائيلي يتشكل في الشرق الأوسط " طالب فيه بن زايد بإجراء تغييرات على الإسلام لكي يسمح بإقامة تحالف عربي صهيوني في المنطقة!! نعم أعاد نتنياهو هذه التغريدة، وعلق عليها بما يلي.. " أرحب بالتقارب الذي يحدث بين إسرائيل" والكثير ما جرى في العلن، وما خفي أعظم، إذ أن الصهاينة أشاروا أكثر من مرة إلى التعاون والتنسيق الوثيق على الصعيدين العسكري والأمني، وكان من نتائج هذا التعاون اغتيال القائد العسكري الفلسطيني محمود المبحوح وهو قيادي بارز في كتائب عز الدين القسام قبل قرابة العشرة سنوات.. لكن أن يعلن عن مظاهر التطبيع مع العدو بهذا الشكل، في وسائل الإعلام الإماراتية والغربية، فهو يؤشر إلى عدة معطيات مهمة نذكر منها ما يلي:
أولاً: إن الخجل والإحراج الذي كانت تشعر به الأنظمة، إزاء التطبيع مع العدو، أو حتى التقرب منه، ومنها نظام الإمارات قد انتهى، على العكس تماماً، باتت تعتبر هذه الأنظمة التقرب من العدو مفخرة لها وامتياز، على خلفية أن العم سام (أمريكا والبريطانيون) سوف يرضون على بقاء هذه الأنظمة، ذلك أن هذه الأخيرة ترسخت لديها فكرة، أن تعزيز العلاقات مع العدو الصهيوني سوف يضمن بقاء ودعم هذه الأنظمة وحمايتها من شعوبها، سيما في ظل تصاعد الوعي، وتطور وسائل الاتصال والإعلام في المنطقة والعالم، ذلك ان العدو ومن ورائه الدوائر الأمريكية والغربية السياسية والإعلامية نجحوا في تكريس تلك المقولة الآنفة- كسب وضمان الدعم الأمريكي يتم من ولوج البوابة الصهيونية- في أذهان تلك الأنظمة البائسة ومنها النظام الإماراتي عن التطبيع مع العدو، والإقدام على خطوات عملية في هذا الاتجاه يرقص لها العدو طرباً ويضخمها كثيراً، ويعتبرها انجازاً له، كل ذلك، إنما يشير أن هذا النظام وبقية الأنظمة لم تعد تخاف من الأمة من ردات فعلها. بل أكثر من ذلك، أن غياب ردات الفعل تلك إزاء ما تقوم به السلطات الإماراتية وغيرها من الأنظمة العربية المطبعة، من جانب الشعوب العربية والإسلامية، جعلها، أي تلك الأنظمة تعتقد أن هذه الأمة قد دجنت، وأنها قبلت الأمر الواقع، وان خططها وأسيادها التي استخدمتها مع هذه الأمة لتكريس قناعة قبول العدو "كأمر واقع مفروغ منه" قد نجحت في تكريس هذه القناعة، ولابد من استغلال هذا الظرف للمسارعة في عملية التطبيع والمضي في تنفيذ بقية مفاصل المشروع الذي يستهدف الأمة وحضارتها وقيمها ومقدساتها الإسلامية، ولعل من أحظر هذه الخطط، هي إشغال الأمة بحروب داخلية، على أسس مذهبية وطائفية، ومناطقية، وعلى أسس دينية وقومية لتشويه الإسلام، كما تمثل ذلك في داعش والقاعدة ومن لف لفها، هذا أولاً، وثانياً، الترويج لفكرة أن عدو العرب هو ليس الكيان الصهيوني واغتصابه لأرض فلسطين وفتكه اليومي بالشعب الفلسطيني وإنما "إيران" هي "عدو" الدول العربية!! ولذا لابد أن تتصوب بوصلة الشعوب العربية، بدلاً من العدو الصهيوني نحو إيران! وللأسف لابد من الاعتراف أن ثلة من الشعوب العربية استسلمت لهذه القناعة الزائفة على خلفية الزخم الإعلامي الذي تجندت له وسائل إعلام الأنظمة المطبعة والمعادية لتطلعات الأمة، من أجل حرف تفكير الأمة وتركيزها على قضيتها المركزية وعلى الأخطار الحقيقية لها من هذا العدو من أمريكا، من أجل حرفها نحو هذا العدو الوهمي الذي عنوانه "إيران والمد الشيعي، أو الفارسي أو ما إلى ذلك من التسميات الاستفزازية للأمة"! والتي لا زالت هذه الأوساط الإعلامية والسياسية للأنظمة المطبعة تروج لها ليل نهار حتى هذه اللحظة!
ثانياً: إن تفاخر نظام الإمارات بالتطبيع مقابل تفاخر مماثل لكيان الصهيوني كما مر بنا في تبادل التهاني بين السفارات الإماراتية والعدو بمناسبة أعياد الأخير، وفي تبادل رسائل الحب والود بين نتنياهو ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، يؤشر بوضوح إلى أن هذا النظام وبقية الأنظمة العربية، تريد الانتقال بالشعوب العربية من مرحلة التدجين والسكوت عن عهر الأنظمة تلك في إعلان التطبيع مع العدو.. إلى مرحلة القبول بالتحالف مع العدو وعقد معاهدات أمنية وعسكرية تستهدف قيم الأمة وفكرها وعقيدتها، ذلك أن إشارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى "إصلاح الإسلام" في تغريدته التي أشرنا إليها آنفاً والتي سقطت كالثلج على صدر نتنياهو، إنما هي إشارة واضحة إلى ما يفكر به هؤلاء، أي ضرب الإسلام المحمدي الأصيل الذي يحول دون وجود هذه الأحلاف بسبب معارضة الشعوب العربية ورفضها لها، فبن زايد يؤشر بوضوح إلى ضرورة التخلص من هذا الإسلام، لينفتح الباب له على مصراعيه لولوجه مع الكيان تطبيعاً وتحالفاً وتعاوناً على كل الأصعدة، وبالتالي ضمان استمرار هذا النظام متربعاً على عرش الإمارات!!
ثالثاً: ولأن الشعوب العربية ومنها الشعب الإماراتي، ما زالت ترفض التطبيع الرسمي والتحالف مع هذا العدو، رغم عمليات التدجين التي تُمارس بحقها، ورغم محاولات الأنظمة زرع الهزيمة النفسية والتيأيس بين صفوفها، يواصل النظام الإماراتي وإعلامه وكذلك بقية الأنظمة العربية المطبعة وأعلامها تسويق "المحاسن " و"المستقبل الزاهر" الذي ينتظر هذه الشعوب من التطبيع مع العدو ومن احتضان المنطقة العربية له!! وقد مر بنا كيف أن عبد الله بن زايد يصور شعوب العربية زوراً وكذباً وخداعاً أن احتضان العدو والتعامل معه وقبوله في نسيج المنطقة والأمة، سيعود على الأخيرة "بالاستقرار والسلام" والتقدم وما إلى ذلك، حيث لاحظتم، كما مر بنا، أن نتنياهو يبادله بهذا الخداع فوراً ويطري على ما قاله بن زايد وزير الخارجية، أو غيره من المسؤولين الإماراتيين! في حين أن تجربة التطبيع الصهيوني مع مصر والأردن، خير شاهد على أن احتضان العدو لا يعود بالمنفعة حتى للأنظمة المطبعة بشهادة النظام المصري السابق، لأن هذا العدو يستخدم هذه الأنظمة كجسر وكوسيلة لإيصاله لأهدافه الخبيثة، ولتحقيق مخططاته، في ضرب وتفتيت المنظومة الفكرية والقيمية للأمة الإسلامية، وفي ضرب وحدتها واستقرارها، ذلك أن هذه المخططات ترتكز على أسس وبنى فكرية راسخة، غذتها تعاليم التوراة والتلمود والكبالا، والذي يريد أن ينكر هذه الحقائق عليه أن يرجع إلى هذه الكتب، والتي يتحدث بأفكارها وتعاليمها حاخامات العدو، الذين يعلن بعضهم صراحة ضرورة القضاء على العرب والمسلمين، لأنهم "أفاعي وصراصير" كما وصفتهم التوراة ودعت إلى قتلهم وسبي نسائهم ونهب أموالهم وبالمناسبة يمكننا تذكيركم أيها الأخوة القراء بتصريحات الحاخام الكبير الصهيوني عوفاديا يوسف وهو عراقي الأصل التي يصف بها العرب "بالأفاعي والعقارب" ترجمة وتجسيداً للفكر التوراتي، ولأكثر من عشر المرات!!.
ارسال التعليق