"فوق الخيال".. بين "موسم الرياض" ومجازر "أبو منشار"
[جمال حسن]
* جمال حسن
بدأت فعاليات "موسم الرياض" لدورته الثالثة قبل أيام بشعار “فوق الخيال”، وهو ما أعلنه تركي عبد المحسن آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه على مستوى 15 منطقة بذريعة تحويل المملكة لوجهة ترفيهية سياحية عالمية تستقطب ملايين الزوار لها.
هذه المسرحية غير الاخلاقية والبعيدة كل البعد عن معتقدات وتقاليد أهلنا ترمي الى تحويل بلاد الحرمين الشريفين قبلة المسلمين، الى سان فرانسيسكو وكاليفورنيا الشرق الأوسط ضمن مخطط صهيوني خبيث أعدت العدة له منذ عشرات السنين بدأت بتهديم الآثار الاسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
تزامناً مع ذلك أصدرت محاكم الظلم والجور لآل سعود الحكم باعدام العشرات من خيرة شباب البلاد من مناطقها المختلفة، بذرائع "الخروج على الولي" الى جانب اعتقال مئات آخرين غالبيتهم لمجرد "تغريدة" لهم على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد ما آل اليه الوضع الأخلاقي في بلاد قبلة المسلمين.
فعاليات "موسوم الرياض" تشمل أمسيات طرب وغناء ماجن ومختلط دون حدود ورقابة، تميل فيها الفتيات الى جانب الفتيان يمين يسار وفي الأحضان ولا رقيب قريب ولا بعيد، ويحذر الوالدين من الاعتراض على نشاط ابنائهم في هذه الفعالية أو غيابهم لليالي دون علم أولياء أمورهم، حيث السجن والتعذيب في انتظار من يحاسب.
هذا ما اعلنه المتحدث الرسمي للأمن العام السعودي العميد سامي الشويرخ بقوله “نحذر من المساس بحياة الآخرين.."، معترفاً بحدوث خروقات اخلاقية كبيرة خلال مراسم افتتاح "موسم الرياض"، حيث احتساء الخمور والتحرش الجنسي بات على قدم وساق في شوارع وأحياء الرياض ما أثار غضب الناس.
وعبر ناشطون عن غضبهم عبر هاشتاغ يحمل اسم #متحرش_موسم_الرياض وطالبوا خلاله الجهات المعنية بوضع حد لهذه التصرفات غير الاخلاقية في بلاد الحرمين الشريفين، محملين ولي العهد محمد بن سلمان مسؤولية ما وصلت إليه المملكة من انحراف أخلاقي وقيمي.
وقد استغرب النشطاء ودعاة الحق والشارع السعودي المنضبط والملتزم المسلم، ما يجري في المملكة من مظاهر مخزية يندى لها الجبين وسط تصرفات تقرف لها الأبدان لشباب من كلا الجنسين باتوا يفعلون الموبقات في الشوارع دون رادع، حيث الانقلاب على العادات والتقاليد والدين بأوامر من ولي "بن سلمان".
وقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فاضحة فاحشة من اختلاط الفتيات والفتيان وهم في حالة غير طبيعية، وكذا مقاطع التحرش من قبل مئات الشبان في السعودية بفتيات بعضهن شبه عاريات الجسد ومتبرجات، وفي بعضهن وهن يحتسيين الكحول والمواد المخدرة أو يرقص على أسقف السيارات الفارهة.
وسائل إعلام غربية منها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" سلطت الأضواء على عمليات التحرش واستخدام المواد المخدرة بشكل واسع ورهيب خلال فعاليات "موسم الرياض" بعلم المتولين، حتى باتت الفتاة والمرأة السعودية المحتشمة هي الاخرى في معرض التحرش، حيث ظهر فيديو عملية تحرش جماعي أخرى بفتاة "ترتدي عباءة سوداء"، لا يظهر منها سوى وجهها وشعرها.
وشبه رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، تركي آل الشيخ، ولي العهد محمد بن سلمان بـ"الشمس الواحدة"، نظرا لما أبداه من اهتمام كبير وتسخير للجهود فيما يتعلق بالفعاليات الترفيهية في "موسم الرياض"، في الوقت ذاته شن ناشطون وبشكل واسع حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد السلطات السعودي لتشجيعها هذه الأمور وسماحها بالفجور والعري والتبرج في المملكة.
في هذا الوقت أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، بحق المواطنين من معتقلي الرأي والنشطاء والمتظاهرين، لأنهم مارسوا حقهم بالتعبير عن آرائهم وإبداء وجهات نظرهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، أو عبر الخروج في مسيراتٍ سلمية تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين أبناء الوطن، أو رفض ترك مدنهم ومناطقهم التي يطمع بها محمد بن سلمان.
فبعد موجة الاعدامات التي طالت أكثر من (100) شخص خلال الاشهر الماضية من العام الجاري، أغلبهم من معتقلي الرأي، أصدرت احكاماً بإعدام العشرات من المواطنين الآخرين قبل أيام وسط معمعة "موسم الرياض" والتصعيد الإعلامي بين الرياض وواشنطن بخصوص النفط؛ أنه حقاً "فوق الخيال"!؟.
وقد شملت أحكام الاعدام الجماعية هذه كلاً من:ابراهيم صالح ابو خليل الحويطي، شادلي احمد محمود الحويطي، عطاالله موسى محمد الحويطي، سعود الفرج، جلال اللباد،عبدالله الدرازي،حيدر آل تحيفة،حسين صادق ثامر،جعفر سلطان،أحمد العباس،حسين الفرج،منهال آل ربح،حسين آل ابراهيم، علي العلوي،حسين آدم، مسهب آل خليفان، سعود ناصر وطلال بهلول.
وكذا ـ القاصر يوسف المناسف، عبدالمجيد النمر، جواد قريريص، فاضل الصفواني، علي المبيوق، محمد اللباد، محمد الفرج، أحمد آل ادغام، حسن زكي ال فرج، علي السبيتي؛ الى جانب اعتقال عشرات آخرين بينهم الشاعرِ وسام سعد كده لينضم الى سلسلة من الشعراء يقبعون في سجون النظام السعودي، وهم: محمد الفرج، فاضل المغسل، محمد المسبح، عادل اللباد وغيرهم الكثير الذين جرى اعتقالهم على خلفية شعرهم او نثرهم أو كلمتهم- وفق منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الغربية والسعودية.
استرخاص الحياة الإنسانية بسطوة السلطة الاستبدادية من خلال قضاءٍ مسيس ومحاكمات جائرة تنعدم فيها الشفافية وتفتقر لأبسط مقومات العدالة، باتت سياسة مكشوفة للقاصي والداني.. لكن ما يؤسف أن جيلنا الصاعد يعيش خيالاً فضيعاً ما يدفع بسفينة المملكة نحو الغرق والهلاك وهو مشغول حالياً بالرقص والخمور والكحول والفحشاء والمنكر و"ابو منشار" مشغول بمجازره ضد أبناء شعبه.
لقد بات من يتكلم عن الحقوق والمساواة والعدالة ونبذ التمييز الطائفي والقبلي والعرقي، في عداد المجرمين توجه لهم أبشع أنواع التهم و"حد السيف" في إنتظار رقبته، فما بالك بالذي يكتب سؤالاً لأحد المقربين لأبن سلمان، كما حصل للمواطن عبد الرحمن الدويش ابن العشرين ربيعاً، بعد أن وجه سؤال عادي لـ"بدر العساكر" مدير مكتب ولي العهد، ليقاد فوراً الى السجن ولم يعرف عنه شيء منذ أشهر؛ فما بالك إن كان لولي عهد سلمان؟!.
سلطة استبدادية قمعية وحشية لن تتوانى من كبح جماح حتى اولئك الذين ينبسون بكلمة اعتراض مع أنفسهم أو بين أبنائهم وعوائلهم، بخصوص على الوضع القبيح وسوء الخلق وانعدام العدالة والغلاء الفاحش والبطالة المتنامية في بلاد الذهب الأسود؛ ليكون مصيره "السجن المغيب" أو "سيف الحرابة" يسلم جسده- ان سلموه- فاقداً للأعضاء التي ذهبت للمتاجرة!!.
مع كل الأسى والأسف بات الكثير من شبابنا الذين نأمل به الكثير، منحرفاً نحو الفسق والفجور بدلاً من وقوفه أمام القمع والتصدي للسلطة الظالمة كما هو الحال في سائر بلدان العالم حيث شبابهم يستنهضون الهمم ويدفعون البلاد نحو التقدم والازدهار.
وشبابنا مشغول بين حفلات الرقص والمجون والمخدرات والمسكرات من احتفالات "اليوم" الوطني حتى "موسم الرياض" لا يبالون بمجازر الدم التي باتت الشغل الشاغل لسلطة محمد بن سلمان الذي لم يتحمل حتى قصيدة تذكر فيها القضية الفلسيطينية ليسجن صاحبها سامي العميري، المغرد المعروف "أبو عزام" قبل أسابيع... ولنا في هذا حديث طويل في المستقبل القريب.
ارسال التعليق