كبار العلماء "أئمة ضلال" حذرنا الرسول منهم، لكننا لم نتعظ
[حسن العمري]
* حسن العمري
قال النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه: " إنَّ أخوَفَ ما أخافُ على أُمَّتي الأئِمَّةُ المُضِلُّون"- رواه ابن حبان، وأبو الدرداء (المحدث)، والألباني (صحيح الجامع: 1551)، وقال ابن عثيمين: "الأئمة المضلين" هم أئمة الشر، وفي السلسلة الصحيحه (1582)... حيث المراد بالائمة «المضلون» هم المتبعون للأمراء وسلاطين الظلم والجور، وهؤلاء ضلال لأمم وراءهم.. وقد سماهم الحبيب محمد "أئمة"، لأنهم أئمة وخطباء ووعاظ وعلماء وقادة، وساسة؛ وقد ذكر الله تعالى في كتابه حال التابع والمتبوع لمثل أئمة الضلالة هؤلاء يوم القيامة محذراُ إيانا من أن نكون أئمة في الضلال أو نتبعهم فيضلونا عن الصراط المستقيم بقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}- سورة التوبة 34.. وقال سفيان بن عيينة: من فسد من العلماء ففيه شبه من اليهود ومن فسد من العباد ففيه شبه من النصارى.. احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون - (مجموع الفتاوى الكبرى لابن تيمية المجلد الثاني صفحة 137) .
إنها صفات ربانية ونبوية تتطابق بكل ما للقول من معان على من يطلقون على أنفسهم "هيئة كبار العلماء في السعودية"، التابعين بكل صغيرة وكبيرة، وشاردة وواردة لرغبة سلاطين الجور والظلم والجبروت والطغيان والإجرام آل سعود القابعين والجاثمين على البلاد وشعبها المغلوب على أمره؛ يفتون ويشرعون ويصرحون ويحرمون ويحللون ما يشتهيه الملك وولي عهده وسائر أمراء الأسرة الحاكمة.. فباتوا يحرمون ليس نصرة المظلومين بل حتى الدعاء لهم، وقول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه لا زال يصدح في المعمورة "سيأتي زمان على أمتي لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ومن الإيمان إلا رسمه، ومن القرآن إلا حرفه، همهم بطونهم، دينهم دراهمهم، قبلتهم نساؤهم، لا بالقليل يقنعون، ولا بالكثير يشبعون.. يتقارب الزمان ويظهر الجهل ويقل العلم ويفشو الزنا ويشرب الخمر ويكثر الهرج. قيل: يا رسول الله! ما الهرج؟ قال: القتل القتل" وهو الذي نعيشه في بلاد الحرمين الشريفين وفي ربوع بلاد المسلمين حيث شعب غزة وموقف هؤلاء المشايخ مما يجري عليهم من مجازر ودمار وإبادة جماعية، نموذج بارز اليوم وكأنهم ليسوا بمسلمين.
مفارقة عجيبة تتجاوز حدود المعقول وتتناقض مع ثوابت المنطق ونحن نعيش أيام مناسك الحج، حيث وعاظ السلاطين يؤكدون على حرمة حتى الدعاء لنصرة أهل غزة أمام اليهود الصهاينة المجرمين.. أن هذا الأمر ليس وليد اليوم فقد وثّق لنا التأريخ ما هو مشابه له بل وأفضع منه حين كان لأزمان الظلم سطوة وسلطان وللباطل دول وقوة تطاولوا فيها على مقدسات الأمة وثوابت دين الاسلام دين المحبة والمودة والتعاون والتعاضد والوحدة أمام الأعداء خاصة من اليهود والنصارى.. لست براغب في الخوض بتفاصيل تلك الأحداث بل سأكتفي بما نشهده اليوم من سطوة الظلم والظالمين والمجرمين والفاسدين واتساع مساحة الظلم والمظلومين والفقراء والمحرومين رغم توجه الناس للعبادة والدعاء وإقامة الشعائر وممارسة الطقوس الدينية إلا إن الظلم ذات الظلم يزداد ويتسع والباطل ذات الباطل يعيث في الأرض فسادا.. كل ذلك بفضل "الأئمة المضلين" ليفسر ما نحن فيه من دون الحاجة الى الإبحار في علوم الفقه والشريعة لنعرف الأسباب، فقد وقع غالبيتنا بالمجمل الا ما رحم ربي في شباك أكاذيبهم وأقاويلهم التي تقولوها على الرسول الأمين، وتفسيرهم المغلوط والمزيف لآيات الذكر الحكيم؛ في هاوية الإبتعاد عن التقوى والإهتمام بظاهر العبادات، والرياء المعلوم واللامعلوم والنفاق المحسوس واللامحسوس.
"قصم ظهري اثنان، عالِمٌ متهتّك وجاهلُ متنسّك. وإنّي لا أدري أيّهما وجّه إلى الإسلام ضربةً أكثر، العلماء المتهتكون أم الجهلاء المتنسكون" -رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الأخيار؛ وقد عانى الإسلام على طول تاريخه من كِلا الفئتين، وهو ما نعاني منه الآن، وسيظلّ موجودًا في المستقبل. كل ذلك بسبب وجود "الأئمة المضلين" ومن يتبعهم من سذج المجتمع الإسلامي خاصة في بلاد الحرمين الشريفين والذي بات اليوم يشهد انحلالاً اخلاقياً وانفتاحاً فسوقياً غير مسبوق بفعل سياسة ولي العهد محمد بن سلمان، مما أدى إلى كسر الصورة المحافظة التي عُرفت عن الجزيرة على مدار تاريخها؛ كل ذلك بفضل مشايخ "هيئة كبار العلماء" ليس بصمتهم عما يدور في هذه الأرض المقدسة من فسق وفجور وعودة لعبادة الأصنام والأوثان، وسطوة القوي على الضعيف،بل تبريرهم لمذابح آل سعود في الداخل والخارج؛ بل بتماشيهم مع رغبة "أبو منشار" وطيشه وإفتائهم لشهوانيته الحيوانية والمسيئة للاسلام وتقاليد مجتمع الجزيرة العربية الاجتماعية.
التحرش بأعراض الناس بات اليوم متنامياً في شوارع المملكة وأزقتها، فضلاً عن قرارات السماح للفتاة والمرأة حتى المتزوجة المبيت خارج البيت دون إطلاع زوجها أو والده أو ولي أمرها، ومعاقبة ومطاردة المعارضين لأمر "بن سلمان" هذا وزجهم في السجون وما أقلهم، ليزيد الطين بلة الى جانب العشرات بل المئات من المعتقلين لقولهم كلمة الحق والمطالبة بحرية الرأي والتعبير والعدالة والمساواة ونبذ الطائفية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث رقاب العشرات منهم آلت الى "سيف الحرابة" خلال الأشهر الماضية بفتاوى وأحكام قضاة السلطة الدينية المنحرفة.. ثم الاعتقالات التي تطال المتضامنين مع غزة حيث يستفرد النظام السعودي بكل من يرفع صوته قولاً وكتابة انتصاراً لغزة بمواجهة حرب الإبادة الصهيونية المشنّة على العزل هناك منذ السابع من أكتوبر الماضي، فيواجهون احتجاز وتغييب قسري، ومصير مجهول لناحية التهم القابلة لأن تلصق بهم، في بلد تسيّره أوامر وتوجهات "طال عمره"، وذلك منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" وحتى لحظة كتابة هذه السطور - وفق "بلومبرغ" الأمريكية.
فحشاء وفساد متنامي في الجزيرة العربية لا حدود له، ولا يشغلهم سوى الهرع نحو مسارح وحفلات الرقص المجون المختلط تلبية لرغبة منحرف آل سعود وبرامج آل الشيخ الفاسقة والمنحطة خلقياً، الهادفة الى تفشي الانحلال في أوساط مجتمعنا الملتزم والمحافظ ما أدى الى تفشي كبير في الأمراض الجنسية المعدية الناتجة عن تزايد العلاقات المحرمة بين الجنسين في السنوات الأخيرة – وفق ما صرحت به الدكتورة في مستشفى الملك خالد التخصصي "مها النمر"، مضيفة إنهم رصدوا ارتفاع انتشار الأمراض الجنسية بين الجنسين بشكل واضح مؤخراً، مثل الزهري والسيلان والفيروس الحليمي الذي بات ينتقل عبر العلاقة الجنسية غير الشرعية، موضحة أن مشكلة الفيروس الحليمي يحمله الإنسان داخل جسده ويدخل في تركيبة الحمض النووي الخاص به، ولا يمكن علاجه؛ وهو فيروس خبيث يتسبب بسرطان عنق الرحم للسيدات، وسرطان القضيب للرجال؛ كل هذا و"الأئمة المضلين" يدعمون النظام السعودي في فسقه وفجوره والعدوة الى الوثنية والعلمنة تحت شعار "الانفتاح".
الأمر لم يتوقف على كل هذا الإنحطاط والا دينية بل تجاوز ذلك، فقد قال موقع "جيوبوليتيكا فيوتشرز" الأميركي أن "السعودية باتت مركز تجارة المخدرات في منطقة الشرق الأوسط. وأن إلقاء المسؤولية على جهات خارجية هو لتغطية تورط أمراء من العائلة الحاكمة في تجارة المخدرات.. يبدو أن من ركائز سياسة الانفتاح للولي العهد هو الترويج وإباحة تعاطي المخدرات في البلاد.. لا يخلو أي بلد تقريباً من بلاء المخدرات غير المشروعة لكن السعودية الوصية على أقدس الأماكن الإسلامية؛ تبرز كواحدة من أكبر الوجهات.. بين السيارات الفارهة والثراء الفاحش ومعارض السيارات والهياط بالكاش. فتش عن الكبتاجون وعن تجارة المخدرات التي احرقت شباب الكثير من خيرة شباب السعودية".
ارسال التعليق