لا تشتر العبد إلا والعصا معه.. ما يفعله ترامب مع سلمان ونجله
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمريينتهز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الفرص ويتحينها من أجل توجيه وكيل الإهانات بأسخف صورها الى الأنظمة الخليجية الحاكمة خاصة الأسرة السعودية وفي مقدمتها سلمان ونجله، ولن يدع لهم أدنى مجالاً للشك بأنهم عبيد له وللإدارة الأمريكية بقاءهم ورحيلهم بيد السيد راعي البقر وليس بيدهم، ولن يجدي المال السعودي المقدم على طبق الذل والمهانة والخنوع نفعاً في تغيير النهج الترامبي هذا.
كشف الرئيس الأمريكي ترامب، سلمان بن عبد العزيز، ضمن كلمته خلال حفل نظَّمه النائب الجمهوري كيفن مكارثي في فندق ترامب؛ أن ملك السعودية أمسك يد “زوجته” السيدة الأولى ميلانيا ترامب وقبَّلها ثلاث مرات خلال زيارتنا للسعودية في آيار/مايو 2017، وفق ما نقلته مجلة Newsweek الأمريكية، إستناداً لما ذكره كاتب مجلة Politico جيك شيرمان وآنا بالمر في كتابهما الذي صدر مؤخراً بعنوان The Hill to Die On: The Battle for Congress and the Future of Trump’s America.
أحد المعاونين لترامب أخبر ميلانيا أنها إذا بسطت يدها فقد يرفض سلمان تبادل المصافحة، ثم قال ترامب إن الملك سلمان كان ينتظره على مدرج الطائرات، بينما انتظر أوباما داخل قصر مكيف الهواء.. لذا نزلت من الطائرة، وتصافحنا، ولا أنحني، وميلانيا بسطت يدها. وتذكروا أنهم قالوا لنا: (لن يتبادل المصافحة).. ثم أمسك الملك سلمان بيدها وقبّلها ثلاث مرات، فقلت (أيها الملك توقف، ذلك يكفي، ثلاث قبلات)!- حسبما ذكره شيرمان، المشارك في تأليف الكتاب ايضاً.
ليست المرة الأولى التي يقدم الرئيس الأمريكي إهانة بهذا الشكل لسلمان ونجله، حيث تصرف ترامب مع ولي العهد بسخرية كبيرة خلال زيارته في 20 آذار/مارس 2018 للولايات المتحدة الأمريكية وهو يمسك بيده لوحة تضم صوراً لمجموعة أسلحة أمريكية يعرضها عليه للبيع وكأنه طفل صغير يدخل محل بيع ألعاب الأطفال ليقتني واحدة منها، والذي تمخض اللقاء عن بيع ترامب عقود تسليحية جديدة للرياض منها تزويدها بنظام "ثاد" مقابل 13 مليار دولار، إضافة الى 130 طائرة هيركليز بـ 3.8 مليار دولار، وطائرة "إبي 8 بوسيدون" مقابل 1.4 مليار دولار، وكذلك عربات برادلي والدبابات بقيمة 1.2 مليار دولار؛ تلك التي لم تصل حتى الآن الى المملكة فيما مبالغها التي دفعت مسبقاً تم توظيفها في ايجاد فرص عمل لملايين الأمريكيين وشبابنا يصارع البطالة في شوارع الحجاز.
لم يكتفِ ترامب بهذه الإهانة خلال لقائهما الثاني في البيت الأبيض، بل واصل إستحقاره قائلا: "أن عمق وسرعة تطور الصداقه بينه وبين أبن سلمان قائمة على الصفقات السعودية التي توفر الوظائف للأمريكيين.. استثمار السعودية الأكبر هو من خلال الشركات الأمريكية التي تمنح لخلق وظائف.. جعلنا لأن نصبح أصدقاء خلال فترة قصيرة"؛ مذكراً ولي العهد بما قاله لوالده في الرياض "تحدثت مع والدك الملك عن دفاعنا عنكم، نحن نعمل عن كثب معكم وأنتم مجبرون لأن تدفعون جزء كبير من فاتورة الدفاع عن عروشكم وضمان بقائها".
ولي عهد سلمان رد على ترامب بالقول "كما تعرف سعادة الرئيس منذ اليوم الأول لتوليك الرئاسة نحن تعاونا ونعمل على استثمارات بـ200 مليار دولار واتفاقيات بقيمة 400 مليار دولار نفذنا أكثر من 50% وهذه إشارة بأننا سنحقق المزيد وأنا هنا لضمان تحقيق كل هذه الفرص (فرص العمل للأمريكيين على حساب جيب الشعب ولقمة عيشه)، مبرراً تكرار الإهانة له ولوالده والأسرة السعودية الحاكمة بقول للصحفيين "أن علاقة السعودية مع الولايات المتحدة جيدة بنسبة 99%، وهناك إشكالية واحدة بينهما..لا يمكنك أن تحظى بأصدقاء يقولون أمورا جيدة عنك بنسبة 100% حتى داخل عائلتك، لذا عليك تقبّل النقد من الصديق".
ترامب تكراراَ ومراراً أعاد مقولته التي تنتهك أبسط الأعراف الدبلوماسية بين الحين والآخر وليس ما قاله أمام تجمع انتخابي في ولاية ميسيسبي وسط الولايات المتحدة في 3 أكتوبر 2018، "إن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لن يبقى في السلطة دون دعم الجيش الأمريكي ولو لأسبوعين، وطلب منه "مكافأة" على خدماته؛ كاشفاً أن هذا الكلام دار بينه وبين سلمان بن عبد العزيز هاتفياً قبل يومين من خطابه هذا.
إبتزاز ترامب "الفج والفظ" للسعودية كما وصفه مراقبون، لم ولن يقف عند هذا الحد والأيام كفيلة بإظهار المزيد خاصة وأنه وضع أصبعه على مخاوف سلمان ونجله فعمل جاهداً على سياسة "ايران فوبيا" وهو ما كشف عنه خلال حواره مع قناة “فوكس نيوز” الإخبارية، عن هجوم وشيك على السعودية (في إيحاء منه أنه من قبل ايران) وأن أمريكا هي صمام الأمان الوحيد لمواجهته، قائلين: إن ترامب يرى المملكة كـ “منجم” للمال فقط ولا يهمه من يحرس هذا المنجم سلمان ونجله أم معارضيه، المهم أن يضمن مصالح أمريكا الاقتصادية والأمنية والعسكرية والسلطوية على بلاد الحجاز والمنطقة برمتها.
الرئيس الأمريكي لايكتم سراً فيما يتعلق بحبه الجم والكبير في التطاول على حلفائه الخليجيين وفي مقدمتهم السعودية، والسخرية منهم، وتوجيه الاتهامات اليهم، والعبث بمكانتهم وإبتزازهم بطريقة فوقية تسلطية متغطرسة؛ كلما سنحت الفرصة وهو الذي أطلق تسميته الأسطورية "البقرات الحلوب" في آيار 2016 خلال حملته الانتخابية، واصفاً سلطة آل سعود بأنها البقرة الحلوب لبلاده، ومتى ما جف ضرع هذه البقرة ولم يعد يعطي الدولارات والذهب عند ذلك نأمر بذبحها أو نطلب من غيرنا بذبحها أو نساعد مجموعة اخرى على ذبحها وهذه حقيقة يعرفها أصدقاء أمريكا وأعدائها وعلى رأسهم الأسرة السعودية الحاكمة صغيرها وكبيرها، ومن هذا المنطلق يبدون بأموال الشعب ولقمة عيشه الولاء الدائم للراعي الأمريكي خوفاً وطواعية.
كل هذه الإهانات وكيل السباب والتهم المترادفة مع عمليات الإبتزاز الكبيرة لم ولن تحدث مع أي قيادات أو حكومات أو شعوب اخرى في العالم، سوى مع السعودية التي تجاوز ترامب معها كل الخطوط الحمراء في العلاقات الدولية، وكل أصول التخاطب والمحادثة مع الحلفاء تكراراً ساخراً من سلمان ونجله في خطاباته على الدوام، منها ما قاله في ولاية فرجينيا بقوله: أنا أحب السعودية فهي تملك التريليونات من الدولارات وملكها غير قادر على الاحتفاظ حتى بطائرته الخاصة دون رعايتنا وحمايتنا.. فهو معنا في أمان تام مادام يدفع لنا".
تعامل ترامب مع سلمان ونجله بهذه الطريقة الوقحة والمهينة، ويكشف اسرارها بطريقة غير لائقة طابعها السخرية والتهديد والتخويف، يقابله إبتسامات وعطاء غير نابض من قبل السلطة الحاكمة في المملكة ومماشاتها للسياسة الأمريكية حتى في بيع قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ودعم ما تسميه بـ"صفقة القرن" مادياً وسياسياً لإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية الى مالا رجعة ليؤكد بجدية كبيرة ما قاله شاعر العربي الكبير أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي المعروف بـ أبو الطيّب المتنبي:-
العبـد ليس لـحر صالـح بـأخ ***** لو أنه فـي ثيـاب الـحر مولـود
لا تشتـر العبـد إلا والعصا معـه ***** أن العبيـد لأنـجاس مناكيــد
ما كنت أحسبنـي أحيا الى زمـن***** يسـيء بي فيه كلب وهو مـحمود
ارسال التعليق