لقاء نتنياهو وبن سلمان!! إسرائيل تؤكد وبن فرحان ينفي!
[عبد العزيز المكي]
من اللافت، أن الإعلام الصهيوني اهتم اهتماماً بالغاً وصاخباً أيضاً بالزيارة السرية التي قام بها رئيس الوزراء الصهيوني "بنيامين نتنياهو" للسعودية ولقائه "محمد بن سلمان" بحضور وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" يوم الأحد المصادف 22 نوفمبر 2020 في مدينة نيوم السعودية، وبمشاركة رئيس الموساد الصهيوني "يوسي كوهين" فكل وسائل الإعلام الصهيونية اهتمت بهذه الزيارة وبرزتها في تغطيتها الإعلامية، بدءاً بالقنوات التلفزيونية مثل القناتين "12 و 13" وبقية القنوات الأخرى، ومروراً بالاذعات مثل اذاعة الجيش، والمواقع الالكترونية مثل "والا"، وبالصحف، مثل هآرتيز ويدعوت احرنوت، ومعاريف وغيرها.. فكل هذه الأوساط الإعلامية أثارت ضجة حول هذه الزيارة مركزة على محاور محددة منها:
1ـ الإيحاء بأن الزيارة ليست سرية وان اتخذت طابعاً سرياً، فالإعلام أسهب في تتبع الزيارة، والرحلة ونوع الطائرة ونشر الخرائط الجوية لهذه الرحلة في محاولة للإيحاء بأنها علنية وليست سرية لأن التفاصيل التي قدمها هذا الإعلام عن تلك الرحلة واللقاءات والشخصيات التي رافقت نتنياهو دقيقة، وتناولت جزئيات الرحلة!! وهو مقصود لتأكيد الزيارة أولاً، وثانياً لإفشاء هذه الزيارة والإعلان عنها.
2ـ التركيز على تأكيد حصول الزيارة استباقاً لأي نفي سعودي، اذا ما شعر النظام السعودي بأن هذه الضجة التي أثارها الإعلام العبري حول الزيارة قد تحرجه أمام الرأي العام في المملكة السعودية وفي خارجها في العالمين العربي والإسلامي، فهذا الإعلام العبري استحضر تصريحات وزير التعليم الصهيوني "يو آف غالانت" بتأكيده لحصول الزيارة، واعتبار ذلك تطوراً مهما في لقاء نتنياهو ببن سلمان، بأنه انجازاً مدهشاً! وقال غالانت لاذاعة الجيش الصهيوني "الحقيقة المؤكدة هي ان الاجتماع انعقد، وهذا أمر بالغ الأهمية، حتى لو لم يُعلن عنه رسمياً بشكل كامل حتى الآن، كما ان الإعلام الصهيوني استعان بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تأكيد اللقاء، ينقلها، أي الصحيفة الأمريكية عن أحد كبار المستشارين الحكوميين السعوديين المطلعين على المحادثات، قوله: "ان الاجتماع ـ بين نتنياهو وبن سلمان- الذي استغرق نحو ساعتين، ناقش مسألة تطبيع العلاقات وقضية ايران".
3ـ إصرار الإعلام الصهيوني على الإيحاء بأن اللقاء تجاوز مسألة التطبيع مع النظام السعودي، وموضوع الإعلان عنه رسمياً، إلى انه- أي اللقاء- تم بين حليفين لمناقشة ما اسماه الإعلام "التهديد الإيراني" و"فترة ما بعد رحيل ترامب" أي بعد تسلم الديمقراطي جو بايدن مقاليد السلطة في البيت الأبيض الأمريكي، حيث يتوجس السعوديون والإماراتيون خيفة من سياسة بعد ما وضعوا كل بيضهم في سلة ترامب المهزوم في الانتخابات، والذي بات انه من المؤكد سيغادر البيت الأبيض في 20 يناير القادم، حتى ولو باستخدام القوة كما يقول الديقراطيون!
4ـ في محاولته كعادته، كسر الحواجز والعوائق النفسية التي تعيق الأنظمة العربية عن الإعلان الرسمي عن التطبيع، وكذلك بث روح اليأس والإحباط والهزيمة النفسية عند الأمة، في إطار الحرب النفسية التي يشنها العدو ضد الأمة...تقصد الإعلام الصهيوني منح إثارة الآنفة وتغطيته للقاء نتنياهو مع بن سلمان... نوعاً من المصداقية، لتكون الآثار على الحرب النفسية أكثر إيلاماً وتأثيراً على الرأي العام، وذلك بالتأكيد على ان بن سلمان هو الذي وافق على تسريب الطرف الصهيوني لهذا اللقاء، أو لحصوله في نيوم ولزيارة نتنياهو التي استمرت خمس ساعات هناك، كما قالت صحيفة "إسرائيل اليوم " في تقريرها حول تلك الزيارة، والتي أضافت، ان بن سلمان أراد أن يعرف ردة الفعل الشعبية بعد الإعلان عن هذا اللقاء، ليقرر على أساس ردة الفعل تلك مواقفه بحسب ما تقضيه ومصلحته!!
يبد أنني أرى الموافقة على تسريب خبر اللقاء، لا تقتصر على قياس ردة الفعل الشعبية، فحسب، وإنما لأهداف أخرى، سأذكرها بعد قليل، ومنها توجيه رسائل محددة لمن يعنيهم الأمر، أما قضية نفي "فيصل بن فرحان" وزير الخارجية لهذا اللقاء فهو لا يؤثر على حقيقة حصول هذه الزيارة وذلك اللقاء، لكن النفي جاء في سياق التملص أو محاولة التنصل من تبعات عدم نفي هذا اللقاء، وفي نفس الوقت توجيه الرسائل المشار إليها!
وفي الحقيقة ان هذا اللقاء لم يكن الأول من نوعه، فقد سبقته لقاءات كثيرة بين المسؤولين الصهاينة والمسؤولين السعوديين في عواصم أخرى وفي واشنطن وعواصم أوربية وحتى في السعودية وفي الأردن وفي الأرض المحتلة، وهذا ما أكدته أوساط إعلامية وسياسي أمريكية وصهيونية وحتى عربية ومنها قطرية، ولذلك فأن لقاء نيوم لم يكن سوى خطوة أخرى في سياق خطوات التواصل والتعاون المتسارعة بين الطرفين، غير ان ما منح هذا اللقاء الأهمية الكبيرة، هو توقيته والظروف التي تمر بها المنطقة، فهذه الأمور ميزت هذا اللقاء ومنحته الخصوصية التي جعلته تحت الرصد والتحليل والمتابعة، فلو كان قد حصل في ظروف مشابهة للتي حصلت فيها اللقاءات السابقة لمر عليه المتابعون مرور الكرام ولاعتبروه رقماً آخر كما قلنا في إطار الهرولة السعودية نحو أحضان العدو الصهيوني، فالظروف التي تمر بها المنطقة حساسة جداً، وخطيرة أكثر من أي وقت مضى بالنسبة للنظام السعودي وبن سلمان تحديداً... نذكر منها ما يلي:
أولاً: التحدي الكبير لبن سلمان، هو شعوره ان غياب سيده ترامب عن البيت الأبيض والذي كان مصداً لرياح الكونغرس، وجهاز "السي آي إي" المضادة لبن سلمان، سوف يعزز من تأثير تلك المعارضة المتزايدة في أوساط الكونغرس والسي آي أي لصعود بن سلمان لسدة الحكم، فتلك الأوساط جاهرت ومراراً وتكراراً بمطالبتها بتقليم أظافر بن سلمان وبالمجيء بمحمد بن نايف بديلاً له او بعمه الأمير أحمد بن عبدالعزيز، سيما وان الأخير مدعوم من البريطانيين أيضاً، بينما تدعم السي آي أي بن نايف، وسبق أن منحته وسام "الأبطال" لتعاونه معها في ما اسمته السي آي أي، مكافحة الإرهاب، ولذلك فأن ذهاب ترامب الذي كان يواجه ويصد هذه الضغوط سوف يعزز هذه الأصوات في عهد "جو بايدن" سيما وإن الأخير أثار عدة ملاحظات في حملته الانتخابية حول انتهاك بن سلمان لحقوق الإنسان في المملكة وفي اليمن.
وما عزز من الهلع والخوف لدى بن سلمان حول مستقبله السياسي، هو إن الأوساط الإعلامية أو بعضها وبعض الأوساط السياسية في كل من أمريكا وبريطانيا زادت أو بالأحرى صعدت حملاتها الانتقادية لابن سلمان في المملكة وفي خارجها، وأثارت ملفات كثيرة حول المعتقلين والمعتقلات الناشطات في المملكة وحول حقوق الإنسان، وملفات أخرى، نقول إن هذه الأوساط زادت وصعدت من حملاتها الآنفة ضد بن سلمان خاصة والمملكة عامة، خصوصاً أثارتها ملف الصحفي المغدور "جمال خاشقجي"، منذ إن بدأت ملامح هزيمة ترامب الانتخابية، تلوح في أفق الانتخابات الأخيرة، والتي تصاعدت هذه الحملة وتكثفت بشكل لافت بعد تأكيد هزيمة ترامب، ما أثار الرعب والهلع والخوف عند بن سلمان لدرجة أنه بدا يفكر بأن السي آي أي سوف تقوم باغتياله وتصفيته جسدياً أو سياسياً، بحسب ما ذكرت الصحيفة أنه "في إسرائيل والسعودية يستعدون لعهد الرئيس المنتخب "جو بايدن" فإذا كان هناك قلق في إسرائيل من الإدارة الجديدة في واشنطن، ففي السعودية هناك مخاوف حقيقية". ولفتت الصحيفة إلى أنه: "في إسرائيل لا يفهمون عداء الكونغرس الأمريكي للسياسة السعودية، ولولي العهد محمد بن سلمان بوجه خاص، وهم على قناعة إن الديمقراطيين ماضون نحو تصفية الحساب معه، بسبب انتهاك حقوق الإنسان، والتجزير بالمدنيين في اليمن، وفي قضية مقتل "جمال خاشقي" والأزمة مع قطر، وغير ذلك"، ورأت صحيفة يدعوت احرنوت: "بأن بن سلمان على قناعة بأن السي آي أي تنوي تصفيته على الأقل سياسياً، وإعادة ولي العهد المحبوب لها، الأمير محمد بن نايف، الذي وضعه بن سلمان قيد الأعتقال المنزلي بعد أن انتزع منه صفة ولي العهد".
وبعد أن تطرقت الصحيفة الصهيونية الى مواقف بايدن وتصريحاته بشأن تصرفات السعودية، وكذلك مواقف مرشحه لوزارة الخارجية "طوني بلينكن"، أختمت الحديث معتبرة أنه: "مع كل الاحترام للمسألة الإيرانية وللتطبيع، من المشكوك فيه ان هذا الاجتماع كان سيعقد لولا شعور السعوديين بالحاجة الى تجنيد "إسرائيل" كدرع إضافي أمام إدارة معادية في واشنطن..." على حد قول الصحيفة.
ثانياً: بالإضافة إلى ما تقدم، فأن الحرب على اليمن الفقير باتت تؤرق بن سلمان وتحولت الى كابوس يقض مضجعه ويسلبه الراحة والاطمئنان الى المستقبل لأسباب كثيرة نذكر منها ما يلي:
أـ بعد مرور القرابة من الست سنوات، من القصف الجوي السعودي والاماراتي المكثف على المدن اليمنية وقتل عشرات الآلاف من الأبرياء، وبعد استخدام النظامين السعودي والاماراتي لكل إمكاناتهما العسكرية واستجلابهما للمرتزقة وهم بمئات الآلاف من مصر والسودان والأردن والمغرب وماليزيا، و، وبعد استعانتهما بالأسلحة الأمريكية والغربية بشرائهما آخر ما توصلت اليه المصانع الامريكية والغربية الحربية من الاسلحة المتطورة، عبر عقود عسكرية بمئات المليارات من الدولارات!! واستعانتهما أيضاً بالخبرات العسكرية الأمريكية والغربية والصهيونية.. بعد استخدام كل هذه الامكانات العسكرية، الّا ان الحرب تميل كفتها اليوم الى صالح شعب اليمن، فهم نقلوا المعركة الى عمق أراضي السعودية ووجهوا لها ضربات ساحقة لعصب إقتصادها أرامكو في بقيق وفي حقل الشبية والطائف وآخرها في جدة.. أما على صعيد الجبهات الداخلية فاليمنيين الحقوا هزائم منكرة بقوات التحالف السعودي، في نهم وفي الجوف، وفي نجران والآن تقف قوات اليمنيين على مشارف تحرير مدينة مأرب النفطية، ما يشكل ذلك ان حصل، هزيمة منكرة للسعودية ولمرتزقتها، وانقلاباً جوهرياً في مجرى الحرب لصالح اليمنيين، فاستمرار هذه الحرب وبهذه الشاكلة بات لا يهدد قوى الغزو السعودي الإماراتي في اليمن وحسب، وإنما بات يهدد وجود النظام السعودي، الأمر الذي جعل النظام السعودي وبن سلمان تحديداً في مأزق قاتل، فأن واصل الحرب مع أنها تستنزف قدرات المملكة وتأكل رصيدها وأبنائها، فأن نتيجتها ستكون هزيمة مدوية للنظام السعودي قد تكلف بن سلمان مستقبله وتحرمه من الوصول الى العرش، وان أقدم على إيقافها، فأن ذلك أيضاً مجازفة خطيرة، لأن الإيقاف يعتبر هزيمة عسكرية للنظام وبالتالي فأن لهذه الهزيمة العسكرية تداعيات خطيرة كما أشرنا أعلاه، وما زاد الطين بله، ان بن سلمان يتخوف من ان تقدم الإدارة الأمريكية الجديدة على إيقاف تلك الحرب العبثية، في إطار الوعود التي قطعتها بتصحيح السياسات الخاطئة لترامب وطاقمه في البيت الأبيض.
ب ـ بالإضافة إلى ان الحرب باتت تستنزف المملكة السعودية اقتصادياً ومالياً، فأنها تحولت الى أداة ضغط وسلاح ضد النظام السعودي وولي عهده بن سلمان بالذات، نظراً للجرائم البشعة التي يرتكبها بحق الشعب اليمني والحصار الذي يفرضه عليه طيلة سنين الحرب وما زال يفرض هذا الحصار، فهذه الجرائم أكلت الكثير من رصيد النظام الأخلاقي والديني والإنساني، بحيث ان الكثير من المنظمات الإنسانية والأوساط السياسية في أمريكا والغرب تطالب اليوم بمحاكمة هذا المجرم على تلك الجرائم.
ج ـ بدلاً من أن يقضي النظام السعودي على اليمنيين كما وعد في بداية الحرب ويعيد ما يسميه الشرعية الى صنعاء، تحول اليمنيين بعد ست سنوات من هذه الحرب الى قوة عسكرية ضاربة باتت تقلق الأمريكان والصهاينة، وليست تهديداً للنظام السعودي فحسب، كما يؤشر الى ذلك، تطور الصناعات العسكرية اليمنية من الصواريخ والطائرات المسيّرة، ومن الانتصارات العسكرية المتلاحقة التي يحققونها في ميادين القتال، وبالإضافة الى الضربات كما اشرنا اليمنية الى المراكز الحيوية السعودية في العمق السعودي. ولأن النظام السعودي حساس جداً من يمن قوي ومعادي على حدود المملكة، فأن يمن اليوم حتى ولو اقتصروا على الجزء الشمالي، بات يشكل كابوساً لبن سلمان يقض مضجعه.
وما عزز من تفاقم هذا الكابوس، كما بات معروفاً، هو أتساع ظاهرة التفكك والتناحر، والانشقاق بين صفوف مرتزقة السعودية والإمارات من اليمنيين، بل ان ظاهرة تسليم بعضهم الى الحوثيين بأسلحتهم وإيابهم الى رشدهم لم تتوقف مما سهل ذلك تكريس الهزيمة التعسية بين صفوف المتبقين منهم، سيما في ظل احتقار وازدراء السعوديين والإماراتيين لهم.
ثالثاً: كما ان التحدي الداخلي لبن سلمان لا يقل عن التحديات الخارجية التي اشرنا الى بعضها، فالاحتقان داخل العائلة الحاكمة بسبب احتكار أولاد سلمان للسلطة والزج بالكثير من أبناء عمومتهم في غياهب السجون والإقامة الجبرية، حيث ينتظر هذا الاحتقان الفرصة للانفجار، فضلاً عن ذلك ان الاحتقان داخل المجتمع في المملكة هو الآخر يشبه برميل بارود بسبب ارتدادات الحرب السعودية على اليمن، وبسبب القمع والسياسات الاقتصادية لبن سلمان التي أوصلت المواطن الى الحرمان والعوز وما الى ذلك، لدرجة ان هذا الاحتقان بدأ يعبر عن نفسه في بعض الأحيان عبر مظاهر غير مألوفة في العهود السابقة بل لم يكن يجرأ عليها أو حتى يفكر بها بهذه الصور التي حصلت مؤخراً مثلما رصدتها كاميرات المتابعين والمصورين واعترفت بها السلطات السعودية، كتلك التي حدثت قبل أسابيع في شوارع الرياض العاصمة، حيث استعرض مسلحون في 3 نوفمبر 2020 بأسلحتهم في شوارع العاصمة وهم يطلقون الرصاص الغزيز في الهواء بحسب الرواية السعودية الرسمية، ما ادخل ذلك الرعب والهلع في صفوف الناس، وفي حينها أصدرت الداخلية السعودية بيانا اعتبرت فيه ان قواتها تابعت الفاعلين وحددت هوياتهم، وستضع حداً لهذه التصرفات، وذهب البعض من الرواة ان المسألة ليست إطلاق نار كثيف واستعراضاً مسلحاً وإنما هو حادث أمني، وفي كل الأحوال، سواءاً كان الحادث، أمنياً أو استعراضياً فهو يؤشر الى التحدي والى الجرأة والاستعداد عند بعض الشباب في المملكة على المواجهة المسلحة مع قوى النظام السعودي ومؤسساته.
رابعاً: أما التحدي الآخر الذي يؤرق بن سلمان وآل سعود، فهو وقوف إيران بوجه ضغوط ترامب وعقوباته الاقتصادية التي فرضها عليها! مع احتفاظها بثوابتها النووية والصاروخية والإقليمية والسياسية، اذ كان بن سلمان يأمل في نقل المعركة الى الأراضي الإيرانية من خلال النيل من حلفائها في لبنان والعراق واليمن. ومن خلال المهاجمة العسكرية المباشرة لأمريكا وإسرائيل على المواقع النووية والمواقع الحساسة الأخرى في إيران... غير ان كل هذا الجهد لم يجد نفعاً، فيما ترامب على وشك الرحيل دون أن تتأثر القوة الإيرانية الصاعدة في داخل ايران وفي خارجها.. الأمر الذي زاد وبل ضاعف من أرق بن سلمان وخوفه! بسبب هذا الهلع وهذا الخوف الجارف الذي بات ينتاب بن سلمان، نعتقد انه هو الذي وجه دعوة لنتنياهو لزيارة نيوم، يتطلع اليها هذا الأخير لتوظيفها داخليا، للتخلص من الملاحقات القانونية بسبب فساده، ولتعزيز حظوظ حزبه وطروحاته السياسية في التعاطي مع الجانب الفلسطيني، وبحسب رأيي المتواضع، وبحسب ما ترشح من وسائل إعلام أمريكية وصهيونية فأن مطالب بن سلمان كانت الآتي:
1ـ التدخل الصهيوني لدى الجانب الأمريكي والتأثير على الرئيس بايدن المنتخب وعلى الكونغرس الأمريكي والسي آي أي وإقناع الجميع بالإبقاء على خيار صعود ولي العهد بن سلمان إلى سدة عرش المملكة.
2ـ ان يقوم العدو بإقناع ترامب وطاقمه بالهجوم العسكري على إيران، أو على حلفائها في لبنان والعراق أو حتى في سوريا واليمن، والسعودية مستعدة لتقديم كل الخدمات اللوجستية والمشاركة الفعلية في الحرب!
أما ما هو المقابل لهذه الطلبات، فهو إعلان التطبيع الكامل مع العدو، فإذا حصل الهجوم العسكري على إيران يكون هذا الإعلان بنظر بن سلمان مبرراً له ويمكن ان يخدع الرأي العام (السني) على الأقل بأن إيران تشكل تهديداً للعالم السني" أو ما الى ذلك، لتبرير عدائه لإيران ولمحورها، ولتبرير ودّه وهرولته نحو أحضان العدو الصهيوني. أما اذا لم يحصل مثل هذا الهجوم فبن سلمان إقترح على نتنياهو "خطة سلام" جديدة مع الفلسطينيين لتكون غطاءاً اذا رضي بها العدو لاعلان التحالف السعودي مع العدو، ولضرب قوى المقاومة الفلسطينية، سيما وان ثمة مؤشرات كثيرة تشير الى ان الموقف الرسمي الفلسطيني الذي يمثله "محمود عباس" وسلطته منخرط في الطروحات السعودية، بدليل عودته الى التعاون الأمني مع العدو رغم اعلان التطبيع الاماراتي البحريني السوداني مع الصهاينة!!
وبحسب تسريبات بعض الأوساط الإعلامية العربية، فأن "خطة السلام" الجديدة التي قدمها بن سلمان لحبيبه نتنياهو تتخلص أو تقضي باستبدال "محمود عباس" بـ "محمد دحلان" مهندس التطبيع بين العدو والامارات ومستشار بن زايد والعضو المعروف بالموساد الصهيوني، وبايجاد كونفدرالية بين الجانب الصهيوني والجانب الفلسطيني، وتحل مشكلة اللاجئين بتوطينهم في السعودية وتجنيسهم بالجنسية السعودية..
وتقضي الخطة أيضاً الى استقطاب "اسرائيلين" على الاراضي السعودية بعد ان يتم الاعلان عن التطبيع الكامل العلني بين الطرفين، حيث يكون المجال مفتوحاً أمام الصهاينة للعمل بشكل رسمي على اراضي المملكة مع امكانية توطينهم فيها!!
وبغض النظر عن تفصيلات هذه الخطة، فأن بن سلمان يمكنه من خلالها اعلان وتبرير التحالف العلني مع العدو، والتحرك بحرية ضد إيران ومحولها.
والى ذلك فأن بن سلمان ونتنياهو أراد أيضاً توجيه رسائل الى من يخصهم الامر، ان الطرفين متحالفان، والنظام السعودي تحت حماية العدو!! لكن صاروخ القدس2 اليمني أفسدت بعض هذه الرسائل، بتوجيه رسالة عملية بان إسرائيل غير قادرة على حماية النظام السعودي، وأي حماقة من ابن سلمان ستسحق مرافقه الاقتصادية والسياسية بمعية حاميه الكيان الصهيوني الباحث هو الآخر عمن يحميه.
ارسال التعليق