لماذا هدد الملك سلمان قطر بعمل عسكري ضدها؟!
[ادارة الموقع]
تصعيد جديد يمارسه ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز تجاه قطر، لكن هذه المرة من بوابة التسليح التي يحاول إغلاقها سلمان في وجه قطر في خطوة تتلائم مع السياسة التي تنتهجها السعودية تجاه قطر منذ سنة تقريبا والتي كان "مقاطعة قطر ومحاصرتها" عنوانا عريضا لها، ولا نعلم إلى أي مدى سيصل التصعيد هذه المرة وهل سنشهد مواجهة عسكرية بين البلدين كان قد أشار لها الملك سلمان في رسالة وجهها إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؟!.
الرسالة المرسلة إلى ماكرون كشفت عنها صحيفة لوموند الفرنسية امس، موضحةً في التقرير الذي نشرته حول هذه الرسالة أن السعودية هددت باستخدام القوة العسكرية ضد قطر إذا حصلت على منظومة "أس 400" الدفاعية الروسية، وتحدثت الصحيفة بأن الملك سلمان ناشد ماكرون للضغط على قطر لثنيها عن شراء المنظومة الدفاعية الروسية المتطورة وإلا ستتخذ المملكة الإجراءات الضرورية للقضاء على تلك المنظومة، بما في ذلك القيام بعمل عسكري.
دلالات سعي قطر لامتلاك "اس 400"
من وجهة نظر السعودية
لم يخف الملك سلمان بحسب صحيفة لوموند قلقه من حصول قطر على منظومة "أس 400" معتبرا أن تداعيات ذلك ستؤثرعلى سلامة المجال الجوي السعودي، ونبه إلى خطر التصعيد، كما ذكرت الصحيفة نقلا عن مصدر فرنسي قريب من الملف أن الملك سلمان أعرب في الرسالة عن انشغاله العميق إزاء المفاوضات الجارية بين الدوحة وموسكو.
نستغرب حقيقةً هذا القلق الذي يساور الملك سلمان لاعتقادي بأنه غير مبرر في ظل سعي السعودية الحثيث سابقا للحصول على نفس المنظومة والتي منعتها واشنطن من اتمامها لكونها تتعارض مع مصالحها، ولكن في نفس الوقت تصرف المملكة من خزينة البلاد مليارات الدولارات من اجل التسليح "علما أنها تعاني من ضغوط اقتصادية كبيرة وتمارس حملات تقشف ضد المواطنين" وهذا يؤكد لنا أن السعودية تمارس نموذجا مصغر عن السياسة الأمريكية تجاه قطر، وتشابهها إلى حدود كبيرة في ازدواجيتها في التعاطي مع الدول، ومن اللافت جدا ان تحلل المملكة لنفسها الحصول على منظومات دفاع جوي سواء امريكية كانت أو روسية وتحرم على غيرها الحصول على منظومات مشابهة.
نحن نتفهم قلق الملك سلمان ولكنه غير مبرر، خاصةً أن قطر لم تحاصر السعودية بل ما حصل كان العكس، وبالتالي تجد قطر أنه من حقها أن تحصّن نفسها وتحمي حدودها، في منطقة تعج بالاضطرابات التي كان لسياسة ولي العهد محمد بن سلمان يد كبيرة فيها، ابتداءا من الازمة السورية ودعم الجماعات المسلحة هناك مرورا بالعدوان على اليمن وتدميره وصولا إلى محاصرة قطر ومنافسة تركيا على زعامة الاقليم.
الخط السياسي لقطر يتعارض إلى حد كبير مع الخط السياسي للرياض وهذا ما لا تسمح به الأخيرة، لكونها تجد نفسها وصية وزعيمة على المنطقة، وبالتالي لن تتهاون مع كل من يخرج من تحت عباءتها وهذا ما حصل مع قطر، التي تتعارض مع السعودية في العديد من الملفات السياسة منها "ملف ايران والاخوان المسلمين وغيرها"، وبالتالي لن تسمح المملكة باستمرار ذلك، لذلك شاهدناها تتخذ خطوات جرئية تجاه قطر لم تحدث في تاريخ مجلس التعاون الخليجي منذ نشأته عام 1981 وبدأت بحصارها برا وبحرا وجوا، ومع ذلك لم يستطع بن سلمان ثني قطر عن مواقفها، بالعكس تماما ظهرت قطر وكأنها في موقع قوة وليس ضعف، واليوم يتم اثبات ذلك عبر سعيها للحصول على منظومة "اس 400"، فهل سنشهد مواجهة مباشرة مع السعودية في حال حصلت عليها؟!.
في الحقيقة هذا التصور بعيد عن المنطق أو التحليل السياسي نوعا ما، لان قطر لديها قاعدة عسكرية تركية وبينهما معاهدة دفاع مشترك، فضلا عن وجود قاعدة أمريكية "العديد الجوية" وبالتالي من المستبعد القيام بمثل هذه المغامرة في ظل تورط المملكة أيضا بعدة ملفات داخلية وخارجية شائكة تعقد الأوضاع الاقتصادية في البلاد يوما بعد يوم، ولا تعود عليها بأي مكاسب سوى المزيد من الخلافات مع دول الجوار وصرف المزيد من المبالغ التي يحتاجها المواطن السعودي أكثر من اي وقت مضى في ظل حملات التقشف التي تمارس عليه من اجل ارضاء غرور بن سلمان وطمعه في الزعامة والوصول على كرسي الحكم.
من وجهة نظر قطر
تعتقد قطر أن من حقها الحصول على هذه المنظومة وحماية بلادها وحدودها بعد أن حاصرتها بعض دول الخليج ومارست ضدها قطيعة غير مبررة وغير مفيدة، وفي هذا الاطار قال المحلل السياسي الروسي يفغيني سديروف في لقاء مع الجزيرة إن شراء قطر المنظومة يعد شأنا قطريا، ثم إن روسيا لديها اعتبارات براغماتية واقتصادية تسترشد بها في التعامل مع الدول الأخرى. ولفت إلى أن حيازة أي دولة هذه الصواريخ تؤدي إلى أن تضمن أمنها الجوي.
إضافة إلى ما تقدم يمكننا القول بأن قطر تريد ايصال رسالة للملك سلمان بأن الدوحة ليست لقمة سائغة وبإمكانها الدفاع عن نفسها وامتلاك أحدث الأسلحة، وهنا يمكننا أن نتهم أمريكا بشكل واضح وصريح في دفع الأمور بهذا الاتجاه، ويمكننا التكهن بان واشنطن هي من دفعت الأمور إلى هذه المرحلة وفرقت ذات البين لممارسة سلطة مطلقة على هذه المنطقة، وفي حال استمرت في سياسة التفرقة هذه، قد تتجه الأمور نحو تصعيد خطير لن يكون في صالح احد.
ارسال التعليق