مأرب.. بين استماتة السعوديين والاميركان ومرتزقتهم... وزحف الجيش اليمني واللجان الشعبية
[عبد العزيز المكي]
يبدو أن اقتراب الجيش اليمني واللجان الشعبية من تخوم مدينة مأرب، والذي بات يؤشر إلى احتمال تحرير المدينة من قبضة قوات العدوان السعودي ومرتزقتهم، على خلفية التقدم المستمر لأنصار الله.. يبدو أن هذه التطورات واستمرار هذه المعركة الطاحنة في مأرب باتت تؤرق الأمريكان والسعوديين ومرتزقتهم وحتى الأمم المتحدة، وتقلق بالهم، وتقض مضاجعهم، هذا ما تؤكده وتعكسه تحركاتهم المحمومة على أكثر من صعيد في محاولات مستميتة لإيقاف زحف الجيش اليمني واللجان الشعبية، ومنع سقوط مأرب بأيدي أنصار الله.
وإذا أردنا أن ندخل ببعض التفاصيل نجد أن هذا التحرك الساخن يتوزع على المحاور التالية:
1- المحور العسكري، فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تدعي أنها مع وقف العدوان على اليمن، أو أنها توقف تصدير الأسلحة الفتاكة للسعودية، أو تطلق بين الحين والآخر دعوات لإيقاف الحرب ، و.و.. إلّا أنها في الواقع منغمسة من رأسها إلى أخمص قدميها في هذا العدوان ضد الشعب اليمني إلى جانب السعودية والأمارات، وهذا ما بات واضحاً وموثقاً بالأدلة الدامغة.. وفي معركة مأرب الحالية حشد الأمريكان مقاتلي داعش من سوريا والقاعدة أيضاً إلى جانب مرتزقة قوى العدوان، بل ويشارك خبراء وجنرالات عسكريون وصهاينة في قيادة قوى العدوان ومدها بالمعلومات الاستخبارية، وبالدعم اللوجستي، وقد أعلنت وكالات الأنباء أن عدداً من العسكريين الأميركان قتلوا في مأرب.. والى جانب ذلك، ضغطت أمريكا على السعوديين والإماراتيين للاستماتة في الدفاع عن مدينة مأرب ومنعها من السقوط، وعلى هذه الخلفية حشد النظام السعودي كل طاقاته وإمكاناته وأمواله من أجل تجنيد بعض قبائل مأرب والزج بمزيد من المرتزقة من القاعدة ومن اليمنيين والسودانيين وما إليهم، ليكونوا وقوداً في هذه المحرقة حيث أعلنت بعض قياداتهم مثل المحافظ الإصلاحي سلطان الطردة أن معركة مأرب أكلت لحد الآن80 ألف من مقاتلي مما يسمونها الحكومة الشرعية، بل إن السعودية لجأت إلى الضغط المالي والى الاعتقالات لإجبار اليمنيين لاسيما من المحافظات الجنوبية والزج بهم في أتون المعارك. إذن معركة مأرب في قلب التحرك الأمريكي، واعتبرت أمريكا أن هذه المعركة استفزازاً حوثياً!! كما جاء ذلك على لسان السفيرة الأمريكية في الكويت ألينا رومانسكي في تصريحاتها لصحيفة الرأي الكويتية في 2/5/2021 حيث قالت:" إن هجوم الحوثيين في مأرب استفزاز واضح يهدف إلى إدامة الصراع، وتصرفاتهم تطيل معاناة الشعب وتهدد جهود السلام في لحظة حرجة يتحد المجتمع الدولي بشكل متزايد لوقف إطلاق النار مستدام وحل النزاع"! على حد مزاعمها وأقوالها، وأشارت السفيرة الأمريكية إلى رفض ما سمته المجتمع الدولي، الحل العسكري للأزمة، الأمر الذي يؤكد بوضوح القلق الذي بات يقض مضاجع الإدارة الأمريكية من التطورات العسكرية في مدينة مأرب.
وكما أشرنا قبل قليل، فأن هذه السفيرة الأمريكية في الوقت الذي تزعم وتدعي ان بلادها ترفض الحل العسكري لأزمة اليمن، وهو موقف تظاهر به قبل هذه السفيرة وزير الخارجية بلينكن، وأيضاً المندوب الأمريكي في الأزمة اليمنية يتم ليندر كينغ، نقول انه في الوقت الذي يزعم هؤلاء معارضتهم للحل العسكري للازمة في إشارة واضحة إلى هجوم أنصار الله على مدينة مأرب، فأن عملائهم وأدواتهم السعوديين والإماراتيين ومرتزقتهم من اليمنيين يواصلون التحشيد والتحريض وعملية تحريك اليمنيين تحت شعارات" مواجهة ما يسمونه " المشروع الإيراني"، أو شعار إنقاذ الشعب اليمني!و.و. بل لم يكتفوا بذلك إنما تعاقب على زيارة مأرب كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين في ما يسمى بحكومة الشرعية، مثل رئيس الحكومة معين عبد الملك، ونائب الرئيس على محسن صالح الأحمر، ومحافظ المحافظة سلطات العرادة، بالإضافة إلى قيادات عسكرية كبيرة على رأسها المقدشي وزير الدفاع ورئيس الأركان بن عزيز، ووزراء وقادة فرق والوية، بل حتى قيادات عسكرية أمريكية وسعودية، كما أكدت ذلك وسائل إعلام ومصادر سياسية يمنية وحتى إماراتية وسعودية، مارست هذه القيادات عملية تحريض ورفع معنويات لمقاتلي التحالف وحثهم على قتال الجيش اليمني.. ومحاولة وقف الانهيارات التي تعصف بقوات ما يسمى بالتحالف وأدت إلى تسليم بعض ألويتها وكتائبها مع طواقمها وأسلحتها إلى أنصار الله.
2- اقترن هذا الحشد العسكري مع تحرك سياسي أمريكي سعودي أممي هدف إلى الضغط على أنصار الله والجيش اليمني وقيادتهما في صنعاء، ولعل القارئ الكريم تابع هذا التحرك، الذي قاده كل من يتم ليندر كينع المندوب الأمريكي في الأزمة اليمنية والمبعوث الاممي في الأزمة مارتن غريفيث، وشارك في هذا التحرك كل من سفيرة السعودية في واشنطن ريما بنت بندر والسفير السعودي في اليمن آل جابر، والسفير الأمريكي في اليمن، ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الذي سافر إلى مسقط والتحقق بالمفاوضين يتم وغريفيث في أحدى جولات المفاوضات مع وفد أنصار الله. غير أن خمس جولات من هذه المفاوضات أو أكثر تخللتها تحركات ولقاءات في الرياض ومسقط وفي أمريكا بين المفاوضين الأمريكيين ونظرائهم من ما يسمى بالتحالف..نقول إن كل هذه الجولات من التحركات النشطة والمحمومة لم تثمر عن نتيجة حاسمة بوقف الحرب، لأن الأمريكان غير جادّين بوقف هذه الحرب، إنما تحركاتهم الأخيرة تمحورت حول أمرين هما:
أولاً: وان حملت تلك التحركات عناوين وقف الحرب اليمنية، والتباكي على الأزمة الإنسانية في اليمن، إلا أنها تستهدف الضغط على الحوثيين ومحاولة عزلهم ومحاصرتهم شعبياً من أجل تفكيك ظاهرة الالتفاف الشعبي حول صمودهم ومقاومتهم للغزو الأجنبي، عبر تحميلهم مسؤولية استمرار هذه الحرب، واستمرار معاناة أبناء الشعب اليمني، وبعد قليل سنرى كيف أن الإعلام الأمريكي والسعودي ركز على هذه القضية وبّرزها بشكل لافت لتحقيق الهدف المشار إليه أو الوصول إليه أو على الأقل لإثارة نوع من البلبلة في العمق الشعبي الاستراتيجي لقيادة صنعاء وبالتالي إرباك الوضع القتالي لأنصار الله والجيش اليمني.
ثانياً: رغم أن المندوبين الأمريكي والاممي يتم ليندر كينغ ومارتن غريفيث على التوالي ومعهما السيناتور كريس ميرفي الذي حشده الأميركان وراء الجهد الأمريكي في مسقط وهو من المطالبين بوقف الحرب في اليمن.. رغم إنهم يرفعون عنوان وقف القتال في اليمن وحل الأزمة سياسياً، إلا أنهم على طاولة المفاوضات مع وفد صنعاء كانوا يتبنون الطرح السعودي والأممي، أي مقايضة معاناة الشعب اليمني الإنسانية، التي هي من نتائج هذا العدوان، بوقف هجوم الحوثيين على مأرب، بما يعني إنهم يريدون استمرار الحرب إلى إشعار آخر، والاقتصار على وقفها في مأرب لان تحريرها يقلب الموازين الاستراتيجية في اليمن والمنطقة لصالح الأنصار ولصالح محور المقاومة ككل.
وذلك ما رفضه وفد صنعاء على لسان رئيسه محمد عبد السلام، حيث قال " إن الحديث عن معركة جزئية وترك اليمن المحاصر إختزال للصراع لا يعالج مشكلة بل يفاقمها ولا يفيد في تحقيق سلام بل يطيل أمد الحرب" وأضاف عبد السلام أن " أي تحرك أو نشاط مستجد لمجلس الأمن لن يكون قابلاً للتحقق إلا ما يلبي مصلحة اليمن أولا، وان الشعب اليمني ليس معنياً بمراعاة من لا يراعي حقه في الأمن والسلم والسيادة".
وما يعزز أن التحركات الأمريكية والأممية المشار إليها، مجرد مناورة في الإطار الذي ذهبنا إليه، هو ما كشفه المندوب الأممي السابق في الأزمة اليمنية جمال بن عمر، فقد قال بن عمر في تصريحاته يوم6/5 لقناة الميادين أن " حرب اليمن عبثية وبدأت حين كانت الأحزاب اليمنية على وشك توقيع الاتفاق عام 2015". لافتاً إلى أن " مجلس الأمن لم يساعد اليمنيين، ودول كثيرة تسابقت لعقد صفقات سلاح مع السعودية" في إشارة إلى أن هناك قرار دولي ( أمريكي) بشن الحرب على اليمن، ولذلك وضعت حينها شرطاً تعجيزيا، وهو ما أراد أن يقوله بن عمر ولو بشكل غير مباشر، ففي هذا السياق يقول أن " أطرافاً دولية طلبت من الحوثيين تسليم صنعاء والسلطة لأطراف تقيم في خارج اليمن"، وحمّل السعودية والولايات المتحدة مسؤولية شن الحرب واستمرارها والامتناع عن إيقافها الأن بالقول " لو كان موقف السعودية مختلفاً عام 2015 كان يمكن للحوار اليمني أن يصل لحل ولتقاسم للسلطة". وأكمل بن عمر أن "الولايات المتحدة طرف في الصراع اليمني وهي من دعمت السعودية والأمارات سياسياً وعسكرياً"، لافتاً إلى أننا "يجب أن لا ننسى أن أمريكا طرف في الحرب ولو رحبنا بالخطوة الايجابية الأمريكية" في إشارة إلى مزاعم أمريكا بإيقاف الحرب. واتفق بن عمر مع أنصار الله في موقفهم من التحرك الحالي ومنتقداً الطرح الأمريكي السعودي لحل الأزمة، أي بالاقتصار على مساعي وقف الهجوم الحوثي عل مأرب فقط، قائلاً " أن ما هو مطروح أمريكياً حالياً للازمة اليمنية هو حل جزئي من دون الدخول في صلب الموضوع" مؤكداً مجدداً مسؤولية السعودية وأمريكا عن شن الحرب، إذ لديهما إصرار مسبق على ذلك، قائلا: " عام 2015 تحول الأعلام العربي إلى إعلام حرب وتطبيل ولا يريد أحد سماع كلمة سلام".
3- و لأن أنصار الله لم يخضعوا ولم يقبلوا بوقف هجومهم على مأرب، وطالبوا بأن يكون وقف النار شاملاً ومتضمناً رفع الحصار بكل أنواعه والسماح للأطراف اليمنية الفاعلة بالتحاور بحرية دون تدخلات سعودية أو أمريكية.. كما ولأن الضغوط السياسية والعسكرية الأمريكية والسعودية لم تفضِ إلى نتيجة، صعدوا من حربهم النفسية ضد أنصار الله والجيش اليمني وقيادتهما في صنعاء، فوزارة الخارجية الأمريكية اعتبرت أن الحوثيين ضيعوا فرصة كبيرة لتخفيف معاناة اليمنيين بعد قبولهم الهجوم على مأرب وتوعد وزير الخارجية انطوني بلينكن الانصار بالعقوبات القاسية.
و تواصل الضغط النفسي على قيادة صنعاء إعلاميا وسياسياً وعسكرياً إلى الحد الذي بدأ حلفاء السعودية يلوحون بإصدار مجلس الأمن قراراً ضد الحوثيين بوقف هجومهم على مأرب تحت البند السابع، كما سرب ذلك وزير خارجية هادى السابق، أبو بكر القربي، وعلى وقع هذه النغمة، راح إعلاميو ما يسمى بالتحالف وإعلام المرتزقة يطالب بالتدخل الدولي لمنع الحوثيين من إسقاط مأرب، ولإجبارهم على القبول بالشروط والاملاءات الأمريكية والسعودية لايقاف الحرب!! وفي هذا السياق قالت صحيفة " العربي الجديد" في 5/5 الجاري أن " المجتمع الدولي يدرس استصدار قرار أممي من مجلس الأمن يلزم الحوثيين بوقف الهجوم " العدائي" على مأرب، على غرار المشروع البريطاني الذي أحبط سيطرة القوات الحكومية على مدينة الحديدة في عام 2018" مؤكدة أي الصحيفة أن المجتمع الدولي ينظر إلى أن " سقوط مدينة مأرب في قبضة الحوثيين سيدفن العملية السياسية بشكل تام ويعقد أي حلول مستقبلية" وأضافت الصحيفة قائلة " يدرس المجتمع الدولي اتخاذ عدد من الخطوات الحاسمة التي من شأنها إجبار الحوثيين على الإصغاء الجاد إلى دعوات السلام، وذلك من خلال الترتيب لعقد جلسة خاصة في مجلس الأمن، لمناقشة التطورات في مأرب منتصف مايو/أيار الجاري"! وقبل ذلك كانت وزارة الخارجية الأمريكية قد قالت إن مجموعة الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن عازمون على حل النزاع في اليمن وإصدار موقف موحد من الأزمة اليمنية بالعمل الجماعي! ثم جاءت تصريحات السفير الفرنسي في اليمن لتؤكد تأييد هذه الإشارات الضاغطة على أنصار الله، بالقول إن: المجتمع الدولي متماسك في مواجهة ما اسماه التعنت الحوثي، مؤكداً بأن " العالم باجمعه يطلب منهم وقف هجومهم على مأرب، ووقف " اعتداءاتهم" على اليمن والسعودية والاستجابة لمبادرتي السلام السعودية والأممية"!! على حد زعمه وادعائه. ويبدو أن الولايات المتحدة ماضية بالتلويح بهذا الخيار ضد صنعاء من خلال الإشارة إلى الاجتماع الذي ضم المبعوث الأمريكي يتم ليندر كينغ وممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السفيرة ليندا توماس غريفنفيلد يوم 8/5/2021 والذي قالت الخارجية الأمريكية، أي الاجتماع، تناول الأزمة اليمنية وهجوم أنصار الله والجيش اليمني لتحرير مدينة مأرب، والاستفادة من أجواء ما سمته الخارجية الأمريكية التوافق الدولي على حل الأزمة!!
قيادة صنعاء رفضت هذه الضغوط، ورفضت مبادرات أمريكية وسعودية وأممية مجتزئه للسلام لا تعالج المشكلة وتنهي الأزمة ككل، ورفضت مسبقاً أي قرار لمجلس الأمن لا يراعي مصلحة الشعب اليمني، ورفضت الالتزام به، مؤكدة على مضيها على نهجها في الدفاع عن مصالح الشعب اليمني واستقلاله وكرامته وصيانة ثرواته.
و بانتظار ما تسفر عنه التحركات الأمريكية والأممية، من نتائج على الصعيد المذكور، فأن المؤكد أن حصر تلك التحركات في الإطار المشار إليه، إنما سيعقد الأزمة وسيؤدي إلى تفاقمها والى استمرارها من جهة، ومن جهة أخرى أن ذلك سوف يؤكد أن مأرب ومسألة تحريرها تشكل ضربة استراتيجية للولايات المتحدة لأسباب عدة منها ما يلي:-
1- إن تحرير مدينة مأرب يعني هزيمة عسكرية ساحقة ليس للنظام السعودي ومرتزقته ولما يسمى بالتحالف العربي العدواني على اليمن وحسب، وإنما للولايات المتحدة الأمريكية نفسها التي نزلت بكل ثقلها العسكري اللوجستي والمخابراتي والتسليحي ولذلك اعتبرت بعض مراكز الدراسات الاستراتيجية الأمريكية والصهيونية أن سيطرة قوات صنعاء على مأرب يعني انتصارها فعلياً في الحرب في اليمن. وفي هذا السياق يقول الباحث الصهيوني عوزي روبين في مقاله المطول الذي نشره معهد القدس للاستراتيجية والأمن " إن سيطرة الحوثيين على مأرب يعني سيطرتهم على اليمن بأكمله، كما أن عواقب هذه الحرب ستكون مصيرية على مستقبل الشرق الأوسط بأسره، إذ ستسيطر إيران على ممر الشحن البحري في مضيق باب المندب، طريق "إسرائيل الجنوبية للتجارة العالمية" على حد قوله.. وأضاف روبين في مقالته.. " إن سيطرة الحوثيين على مدينة مأرب سيكون نصراً استراتيجياً حقيقياً يقربهم من الانتصار في الحرب " الأهلية" ويوفر لهم موارد الطاقة والإنجاز العسكري ذاته سيبعث رسالة قوة لا توصف يمكن أن تقلل بشكل كبير من دافع السعودية للمشاركة في الحرب إلى جانب حكومة هادي، مما يفتح المجال أمام الحوثيين للسيطرة على اليمن بأكملها".
2- السيطرة على مأرب، تفتح الأبواب لفتوحات جديدة لأنصار الله، لأنها تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي فهي ترتبط بمحافظات الجنوب، كحضرموت، والمهرة وشبوة، إذ يجمع الخبراء على أن سيطرة الحوثيين عليها سوف يؤدي إلى انهيارات وانكسارات في جبهة الخصم وبالتالي سيفتح ذلك الطريق لانصار الله لتوحيد اليمن ، وهذا ما بات يؤرق الأمريكان والصهاينة ويقض مضاجعهم، كما يؤشر إلى ذلك مقالة روبين الآنفة.
3- يرى الأمريكان والصهاينة ان سيطرة الحوثيين على مأرب، ليس أنها تحصن فقط صنعاء من خطر العدوان السعودي الى حد كبير، مقارنة بما سبق، بل أنها تشكل ضربة كبيرة للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.. وهذا ما يؤكده روبين في مقالته الآنفة حيث يقول: " سيكون الانتصار على مأرب إنجازاً استراتيجياً من الدرجة الأولى لإيران و"اتباعها" من الحوثيين، وهو إنجاز سيلقى بظلاله على جميع التحركات الدبلوماسية في المنطقة سواء على مستقبل اليمن أو على القضايا الإقليمية الأخرى..". ويتفق المحلل السياسي الأستاذ المساعد بجامعة عمران اليمنية الدكتور محمد الأحمد، مع هذا الرأي أي أن انزعاج واشنطن من انتصارات الجيش واللجان الشعبية في مأرب يكمن في أنها ستربك مخططات أمريكا ومشاريعها في المنطقة. ويؤكد الدكتور احمد: " إن الأمريكيين ليسوا منزعجين فحسب، وإنما يعضون على أناملهم من الغيظ حيث عملاءهم منهزمين ولا يجدون لهم موطئ قدم على الأراضي اليمنية، كي يمرروا مخططاتهم عبر أدواتهم من المرتزقة".
أما الدكتور حبيب الرميمة، فهو يرى أبعد من ذلك، بالإضافة إلى اتفاقه مع الدكتور أحمد فيما ذهب إليه، فهو يقول " إن محافظة مأرب لمشروع " الشرق الأوسط الكبير _ الأمريكي_ ومن وجهة نظر الصهيونية العالمية كان يراد منها أن تكون منبع التطبيع مع إسرائيل، لافتاً إلى أن الأمريكيين عمدوا منذ عقود إلى توطين الأخوان في مأرب ليكونوا أدوات لتنفيذ هذه المخططات".
4- إن ما يقلق ويزعج أمريكا من احتمالات تحرير الأنصار لمأرب، هو أن هذه المدينة تكتنز ثروة نفطية هائلة ويقول الخبراء أنها والجوف وشبوة تجثو على بحيرة من النفط بكميات ضخمة تفوق ما موجود لدى السعودية، بالإضافة إلى الغاز، وهذا ما يجمع عليه أيضاً أغلب الخبراء والمحللين العسكريين والاقتصاديين.. وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي اليمني الدكتور حبيب الرميمة : " .. إن تحرير مأرب سيفقد الحلف الأمريكي وأدواته في المنطقة ورقة حصار الشعب اليمني بالمشتقات النفطية والطاقة الكهربائية، وهذا سيعزز من قوة حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء بزيادة المشاريع التنموية وجلب الاستثمارات نتيجة للاستقرار والأمن اللذين تشهدهما المحافظات اليمنية الحرة، وهذا الأمر غير مقتصر على اليمن، بل أن أمريكا تحاول السيطرة على أبار النفط في شرق سوريا، كي لا يستفيد منها الشعب السوري، والعملية نفسها تتكرر في اليمن، فالمرتزقة والعدوان ليسوا سوى أداة للسيطرة الأمريكية على آبار النفط في مأرب".
و يؤكد الباحث العسكري زين العابدين عثمان.." أن مأرب ليست منطقة جغرافية عادية، بل هي من المحافظات اليمنية التي تمثل عمقاً حيوياً غنياً بالنفط والغاز الطبيعي، وهي من أهم المحافظات اليمنية الغنية بالنفط التي تربض على بحيرة ( منطقة المثلث الأسود بالمحافظات الجوف، مأرب، وشبوة)..". ويضيف عثمان القول.." إن النفط يقف على رأس استراتيجية الهمينة الأمريكية، ويمثل أهم أولوية تسعى أمريكا لتحقيقها والسيطرة عليها في كل دولة..." ويرى الدكتور زين العابدين أن أكثر ما يزعج أمريكا هو أنها ترى أن أنصار الله " بأنهم قوة صاعدة ومصدر يشكل خطراً استراتيجياً وعسكرياً يهدد سيطرة امريكا في نهب ثروت اليمن النفطية، ورفع يدها إلى الأبد من على أهم وأغني محافظات اليمن، كذلك هي تمثل في الاتجاه الآخر نقطة تحول كبيرة في دفع اليمن لاستثمار ثرواته وزيادة مستوى نهوضه عسكرياً واقتصادياً...".
هذا بالإضافة إلى أن تحرير مأرب سوف يعزز الموقف السياسي لأنصار الله، فضلاً عن الأبعاد الأخرى الاستراتيجية التي أشار إليها بعض المحللين والخبراء.
( عبد العزيز المكي)
ارسال التعليق