ما الذي حققتموه يا آل سعود وأنتم تقفون على هرم من الجثث؟
[حسن العمري]
* حسن العمري
المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، وفي كلمته خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس 16 من ديسمبر، قال: إن الحرب لم تنتهِ في سوريا.. محذرًا، “لا تصدقوا إذا قالوا إن الحرب انتهت في سوريا”.. مضيفاً: إن الأولوية لا يجب أن تُعطى لإعادة الإعمار بل “لإعادة بناء القلوب”، متسائلًا: “ما النصر الذي حققوه إذا وقف زعيمهم على هرم من الجثث؟”، وأدعى أن تقارير الأمم المتحدة أظهرت أن الحكومة السورية مسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، منتقدًا “أولئك الذين أذنوا لموجات المتطرفين، وعرّضوا التاريخين الإسلامي والعربي للخطر”- حسب تعبيره.
الكلام هذا بحد ذاته يعكس مدى النفاق والتلون والحقد والبغض الذي يكنه آل سعود لشعوب المنطقة برمتها حيث لا يمكنهم أن يتقبلوا أن هناك شعوب تعيش بالقرب منهم تهتم بالالتفاف حول قيادتها الوطنية المنتخبة عبر صناديق الاقتراع بإشراف دولي اعترف به حتى أعتى الأعداء، حيث رأى السفير الأميركي السابق في سوريا "روبرت فورد" وفي مقابلة مع شبكة تلفزيون بي.بي.إس، وفي حديث خاص لوكالة "فرانس 24"، أن اعادة انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد يعكس فشل السياسة الأمريكية في التعامل مع الأزمة السورية وتوحيد المعارضة؛ ومعتبراً أنّ زيارة وزير الخارجية الإماراتي الأخيرة لدمشق تؤكد فوز الأسد في الحرب.
السفير الأميركي السابق لدى سوريا أقر بصراحة أنّ "الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية في ما جرى ويجري في سوريا"، وقال: "أرسلنا السلاح الى المجموعات المنفتحة حول فكرة إيجاد حل تفاوضي"، في إشارة إلى المعارضة الارهابية المسلحة، التي كان قد أكّد لها في العام 2019 أن "لا تنتظر شيئاً من واشنطن".. ومن قبلها في 17 حزيران/يونيو 2017، اعترف فورد بأنّ "الأميركيين أعطوا المعارضة السورية أملاً زائفاً"، وذلك بعكس التوقعات والطموحات الأميركية.. ثم اعتراف وزير الخارجية الاماراتي (أحد أبرز أذرع دعم الجماعات الارهابية المسلحة في سوريا والمنطقة) الأخير في دمشق بقوله: إنّ "سوريا بقيادة الأسد قادرة على تجاوز التحديات".
المسؤول الأميركي السابق جيفري فيلتمان هو الآخر كان قد اعترف في كانون الثاني/يناير الماضي، إنّ "سياسة واشنطن في سوريا في عهدين سابقين فشلت في تحقيق أي نتائج ملموسة، وأنّ الرئيس الأسد بات اليوم أقوى عسكرياً".. وصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية وفي تعقيب مريب لها على زيارة وزير الخارجية الاماراتي الى دمشق، وتساءلت: هل يؤشّر انفتاح الإمارات على سوريا على تحولٍ كبير في المنطقة؟، وقالت إنّ "الإمارات ودولاً أخرى قدمت مبادرات هادئة لدمشق منذ سنوات، وهناك إجماع ناشئ بين الإمارات والأردن ومصر والسعودية وشركائها على أن الوقت حان لإخراج سوريا ونظامها من العزلة".
إذاً أين نضع تصريحات مندوب محمد بن سلمان لدى المنظمة الأممية الأخيرة وكل هذا التهجم على سوريا وحكومتها، هل هو ردة فعل من قبل النظام السعودي على رفض دمشق فتح باب الحوار والدبلوماسية مع الرياض الداعم الأساس للجماعات الارهابية المسلحة التي عاثت وتعيث الفساد والاجرام في المنطقة برمتها خاصة في سوريا حتى يومنا هذا مثل داعش والنصرة وجيش الشام وغيرها وفق اعترافات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في كتابها "خيارات صعبة" وهي تكشف أن الإدارة الأمريكية وبدعم من الرياض وأبوظبي والدوحة والمنامة قامت بتأسيس "داعش" وأخواتها ودعم كل هذه الجماعات الإرهابية المسلحة بالمال والأفراد والعتاد، وهو ما اعترف به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مراراً محملا أسلافه عواقب هذا المشروع الاجرامي.
المعلمي قال ايضاً في كلمته باجتماع للأمم المتحدة، أنه "لا تصدقوهم إن وقف زعيمهم فوق هرم من جماجم الأبرياء مدعياً النصر العظيم، فكيف يمكن لنصر أن يعلن بين أشلاء الأبرياء وأنقاض المساكن وأي نصر هذا الذي يكون لقائد على رفاة شعبه ومواطنيه..."، دعونا نتوجه بالسؤال له وقيادته الاجرامية ماذا فعلت وتفعل بشعب شبه الجزيرة العربية حيث القمع والاعتقال والقتل على الهوية، والتهجير الممنهج، وسيف الحرابة لكل من تنبس شفتاه بحرية الرأي والتعبير والدعوة الى التغيير والاصلاح الذي يتشدق به سيده أبو منشار ويدعو البلدان الاخرى مثل لبنان للقيام به وهو يحكم البلاد حكماً جاهلياً قبلياً بدوياً يعود للقرون الوسطى حيث لا انتخابات تشريعية ولا حريات دينية وفردية بما تنسجم مع معتقدات وخلفيات مجتمعنا الاجتماعية.
نظام وراثي دموي قمعي قائم على الدم والسيف منذ نشأته الأولى وحتى يومنا هذا يتهم الحكومات المنتخبة شعبياً عبر صناديق الاقتراع التي لايعرف عنها شعبنا شيئا من قريب ولا من بعيد ولم يجرب هذه التجربة بشكل تام حتى في المجالس البلدية، بتهم بأنها قائمة على الجماجم ومنظمة العفو الدولية تقول في تقرير موجز جديد، إن المملكة العربية السعودية صعدت عمليات الإعدام في النصف الأول من عام 2021، حيث كثفت الرياض وبشكل سافر اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين، وصعدت عمليات الإعدام على مدى الأشهر الستة الأولى من العام 2021، وقد أعدمت أكثر عن 40 شخصا بين يناير ويوليو 2021 وهو ما يزيد عن عدد من أعدمتهم خلال العام الماضي بأكمله.
"لين معلوف" نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية قالت: "تشير فترة التعليق القصيرة للقمع، التي تزامنت مع استضافة السعودية لقمة مجموعة العشرين في نوفمبر الماضي، إلى أن أي وهم بإجراء الإصلاح كان مجرد حملة للعلاقات العامة"؛ فيما أضافت المنظمة إن عمليات الإعدام جاءت "في أعقاب محاكمات مشبوهة بعيدة عن العدالة بالغة الجور .. حيث يُحتجز المتهمون بمعزل عن العالم الخارجي، وفي الحبس الانفرادي لعدة أشهر، ويُحرمون من الاتصال بمحامين. وتحكم المحكمة، بشكل اعتيادي، على المتهمين بالسجن لمدد طويلة، وحتى بأحكام الإعدام، بعد إدانتهم على أساس الاعترافات المنتزعة تحت وطأة التعذيب".
قائمة الإعدامات والاغتيالات والاختفاء القسري للنشطاء والمفكرين والعلماء والدعاة والصحفيين والمتظاهرين سلمياً، المطالبين بتساوي الحقوق والتغيير والاصلاح ونبذ الطائفية والتمييز القبلي، في المملكة طويلة وعريضة لا يتسع لأي تقرير أممي أن يحصدها جميعاً حيث المئات من أبنائنا الشرفاء يتم تصفيتهم دون علم حتى أسرهم بتلفيق حوادث سير أو ماشابه ذلك لهم لإبعاد الشبهة عن السلطات الإجرامية الحاكمة، ناهيك عن الأرقام الرسمية التي تعلنها السلطات بكل وقاحة حيث اعدام 185 شخصاً الكثير منهم بـ"سيف الحرابة" خلال العام 2019 ومن قبل ذلك أعدام 47 شخصاً في اليوم الثاني من بداية العام 2016 والعالم مشغول بأعياد الميلاد، بينهم رجل الدين الشيخ نمر باقر النمر وعدد من المتظاهرين السلميين من أبناء المنطقة الشرقية على خلفية طائفية.
حالات الاعدام والقتل بسيف الحرابة لم ولن تستثني حتى صغار السن والمعاقين، ما يشير مدى كره وحقد الحاكم وسلطته لأبناء الحجاز ونجد وهو ارث يتوارثه أبناء عبد العزيز وأحفاده واحداً بعد آخر دون إستثناء، لكن ما يميز العهد السلماني هو تنامي هذه الظاهرة الفجيعة بشكل بات الأمر يومياً، وبات محمد بن سلمان يتبجح بانتصاراته الوهمية التي كسبها على تلال الجماجم في داخل المملكة وفي اليمن والعراق وسوريا وأفغانستان وغيرها من بلاد العرب والمسلمين، بسياسته العدوانية الوقحة ودعمه للإرهاب الذي حصد أرواح الملايين من أبناء الشعب اليمني بحربه وحصاره، والبحريني باحتلاله، والعراقي والسوري والأفغاني بدعم الجماعات المسلحة.
"طبيب يداوي الناس وهو عليل"، مصداق قول المعلمي "أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية، من خلال عملية سياسية شاملة تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري".. من سخافة الدهر أن ترى "بن سلمان" وعبيده يوجهون النصح للآخرين بسلك المسار السياسي والدبلوماسي لحل الخلافات والأزمات فيما هو يشن الحروب ويدعم الارهاب، حاصداً أرواح ملايين الأبرياء وعابثاً في مقدرات الشعوب واستقرارها وأمنها واستقلالها وحرية تعبيرها، رافضاً بفرعنة سلك المسار السياسي.
ارسال التعليق