مجازر الصهاينة في غزة لن تثني "بن سلمان" عن تهويد المناهج التعليمية
[حسن العمري]
* حسن العمري
"احتفال إسرائيلي بعد انقلاب مفاجيء هذا العام في المناهج التعليمية السعودية.. فقد أقدمت السلطات السعودية على ازالت كل المواد التي تشوه صورة اسرائيل وتمثل معاداة للسامية (تلك التي تعكس الإجرام الصهيوني البشع في احتلال وقتل ودمار فلسطين وشعبها طيلة أكثر من سبعة عقود) من كتبها الدراسية، وحذفت المواد التي تدل على أن اليهود (الصهاينة المحتلين) أعداء للعرب.. حتى انها غيرت تفسير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.. كما تم نفي مسؤولية الكيان الاسرائيلي عن إحراق المسجد الأقصى عام 1969، وتبرئتها من حرب عام 1967، وسط تواصل متسارع في مباحثات التطبيع بين الرياض وتل أبيب.. حيث أجريت اتصالات هاتفية متعددة بين محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.." - وفق ما كشفه موقع "jewishnews" الاسرائيلي نقلاً عن تقرير ذكرته القناة 12 الاسرائيلية.
لسنا بصدد إنكار ضرورة تطوير المناهج الدراسية وانها حاجة دائمة لكن هذا لا يعني تذويب الهوية وذلك ما تنطلق منه تعديلات المقررات التعليمية في السعودية، حيث تظهر دراسة معهد "انباكت سي" الصهيوني، أن السلطات السعودية قامت باستبدال الخرائط في مادة الجغرافيا بما يتسق وتزويرها وإحلال الكيان الاسرائيلي في مقام فلسطين المحتلة لاحقا.. وتضمنت التعديلات حذف المواد المتعلقة بفحص المزاعم الصهيونية بشأن حقيقتهم في أرض فلسطين وحذف كل ما يتعلق بالصهيونية من جميع المقررات، وتبديل مصطلح العدو الصهيوني بالاحتلال الاسرائيلي، مصطلح الصهيوني بالاسرائيلي، والصهيونية باسرائيل؛ كل ذلك لمحو مشاعر العداء في نفوس الأجيال الصاعدة..
العالم برمته منشغل حالياً بالمجازر البشعة والإجرام الدموي للكيان الاسرائيلي ضد أهالي غزة بعد تلقيه الصفعة الموجعة من "طوفان الأقصى" خلال ساعات وهو الذي كان يقال عنه "الجيش الذي لا يقهر"، ليؤكد للداني والقاصي بأنه ليس إلا "بيت عنكبوت".. فيما محمد بن سلمان ودعاته وهيئة كبار العلماء في السعودية الذراع الديني لسلطة آل سعود على بلاد الحجاز ونجد تلتزم الصمت المطبق وكأن لم يحدث شيء يذكر، وحتى أنه لم يهدد بوقف عجلة التطبيع مع هذا الكيان الوحشي السفاح الذي قتل الآلاف من الأبرياء في قطاع غزة خلال أيام قليلة قسم كبير منهم من الأطفال والنساء.. لكن هذا لا يهز ساكناً لا لدى ولي عهد سلمان ولا من هم من حوله فتاريخهم وأشقائهم من الحكام الخليجيين أحمر باللون الأسود القاتم لتأسيسهم ودعمهم الجماعات الإرهابية المسلحة داعش وأخواتها طيلة العقد الماضي وحتى يومنا هذا حيث العبث بدول وشعوب العراق وسوريا ولبنان وأفغانستان واليمن والصومال وليبيا وغيرها.
معهد "انباكت سي" العبري استعرض نماذج كثيرة تم تعديلها أو بالاحرى تهويدها في المناهج الدراسية السعودية، منها ايضاً تحويل عنوان نشأة الكيان الصهيوني الى الإنتداب البريطاني على فلسطين وتفصيل عناصر الدرس بما يتوائم والأجندات الصهيونية.. ثم تبديل أسم المادة التي كانت في المناهج التعليمية السعودية من الموقف العربي من الكيان الصهيوني الى الموقف العربي لدعم القضية الفلسطينية.. ثم أن كتاب الدراسات الاجتماعية للمرحلة الثانوية لم يعد يحتوي على الدروس المتعلقة بالانتفاضة الفلسطينية وانجازاتها ومكاسبها التاريخية.. كذا تم تعديل فقرة خاصة بأسباب انعقاد المؤتمر الأول لقادة العالم الاسلامي في الرباط وتم اخفاء الدافع الرئيسي للمؤتمر وهو إحراق الكيان الصهيوني للمسجد الأقصى.
سؤال يطرح نفسه، كيف سيصبح جيل الجزيرة العربية القادم إثر تحريف المناهج التعليمية وتزييف تفسير القرآن الكريم وتزوير الأحاديث النبوية الشريفة بخصوص اليهود وكتاب الله سبحانه وتعالى قالها بكل وضوح { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا..}- سورة المائدة الآية 82، ونحن نسعى جاهدين الى إظهار هؤلاء الذين نبذهم الله سبحانه وتعالى وخاتم رسله وتم طردهم من أرض الوحي والتنزيل منذ 14 قرناً، بصورة غير واقعية ونبيض إجرامهم منذ يوم تحالفوا مع مشركي قريش ومنافقيهم ضد رسالة السماء وحتى يومنا هذا، مروراً بمأساة النكبة واحتلالهم لأرض فلسطين وقبلة المسلمين الأولى بعد أن قدم عبدالعزيز آل سعود تلك الأرض المباركة على طبق من ذهب حيث "وهب الأمير ما لا يملك" خدمة لأسياده الانجليز الذين جاؤوا به الى بلاد الجزيرة وأحكموا قبضتهم على رقاب شعبنا منذ أكثر من قرن.
السلطات السعودية وعلى عهد محمد بن سلمان ووفقاً لما قطع من عهد على نفسه في إطار تغيير المناهج التعليمية في شبه الجزيرة العربية بما يتلائم مع رغبة اللوبي الصهيوني الذي التقى كبار قادته في امريكا نهاية مارس 2018، وتحت عنوان "الإسلام رسالة سلام" روجت تعديلات السلطات السعودية للاسرائيليات المتعلقة بما يسمى "المعاهدات والمواثيق مع اليهود" كنماذج لتنظيم الشراكة بين اتباع الأديان أو ما أطلق عليه مشروع "الديانة الابراهيمية".. كما حذفت فقرات التحذير من غدر اليهود وعدم احترامهم للمواثيق والعهود والذي يفضحهم جلياً ويعري زيف عقائدهم؛ وجرى توظيف بعض المرويات لخدمة السياسات الصهيونية الامريكية المتعلقة بنزع السلاح من أيدي الشعوب والدول في العالم الاسلامي.
موجة تحريف وتزييف وتزوير ماكنة محمد بن سلمان نحو التهويد التعليمي لأبناء بلاد الحرمين الشريفين، قامت بتأسيس لجنة الترفيه أو بالتعبير اهلنا "لجنة الدعارة"، مستهدفة شبابنا وجيلنا الصاعد.
وفي هذا الاطار تم اجتزاء الاحاديث المتعلقة بتعليم الناشئة الصلاة وضرورة التزامها.. وحذف درس كامل عن فاحشة اللواط أو المثلية والشذوذ الجنسي بالمصطلح الغربي، وعقوبتها والحكمة من تغليظها والآثار المترتبة على هذه الفاحشة ايضا.. الى جانب قيام الرياض بحذف الدروس والفقرات المرتبطة بالحث على الجهاد ومكاسبه وأهميته بالنسبة للمسلمين في مختلف المراحل، من المناهج التعليمية في مختلف المراحل ومكانة الموالاة والمعاداة في الإسلام.. ثم في الأدب جرى حذف موضوع مقاومة الاستيطان اليهودي لفلسطين بعد أن سبق وشكل جزءا من مبررات الشعر.. في الخلاصة تهويد المناهج يعني غزو عقول أجيال الجزيرة العربية واحتلال مستقبلها.
الضغط الأمريكي لتعديل مناهج التعليم في المملكة كان منذ بعد أحداث سبتمبر 2001 ، حيث قام المرشح لنيابة الرئيس سابقًا "ليبرمان" بزيارة للرياض ولقاء كبار المسؤولين هناك خاصة في وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي وزار بعض المدارس.. ثم أوصى بضرورة حذف بعض النصوص التي اعتبرتها أمريكا متشددة وأبرزها نصوص الولاء والبراء"، كذلك تاريخ اليهود.. لكن بقيت بعض المسائل البسيطة لم يتم تزييفها او حدفها حتى صعود محمد بن سلمان للعرش منح الولايات المتحدة الأمريكية وكيان الاحتلال "الإسرائيلي" فرصة أكبر لتغيير المناهج في المملكة.. وفي ضوء ذلك تم تشكيل "اللجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية" لتقوم بدراسة مجموعة منتقاة من الكتب المدرسية في السعودية لمنهج 2017-2018 وقارنتها مع نسخ من الفترة 2012-2014؛ موصية استمرارية العمل ومساعدة محمد بن سلمان على ذلك وتبني صعوده العرش ما إن نفذ كل ما تعهد به.
صحيفة "الديلي تلغراف" البريطاني وفي تقرير لمراسلها في شؤون الشرق الأوسط "دافيد روز"، أكدت أن السلطات السعودية أقدمت على تغييرات كبيرة في المناهج التعليمية لمدارسها.. التقرير كان بعنوان "طفرة في التوجهات السعودية مع حذف معاداة السامية والتشدد الإسلامي من المناهج التعليمية"، أشار فيه أن الهدف من ذلك هو التخلص من الأفكار المعادية لليهود، واصفاً ذلك بأنه تحول تاريخي ملحوظ في توجهات سلطات المملكة.. وكشف زرو أن البحث أجراه "معهد رقابة التسامح الديني والثقافي في التعليم المدرسي" وهو مركز دراسات اسرائيلي مختص بمتابعة الأنظمة التعليمية المختلفة والتغيرات التي تطرأ عليها.. كاشفاً أن الكتب المدرسية التي توزعها الرياض على أكثر من 30 ألف مدرسة في المملكة وخارجها باتت خالية من نصوص تتضمن الترويج "لنظرية المؤامرة بأن اليهود يسيطرون على العالم"!!.
ارسال التعليق