محمد بن سلمان وعام دموي جديد بغطاء مجازر غزة
[جمال حسن]
* جمال حسن
انتقدت منظمة العفو الدولية في تقرير جديد لها تحت عنوان "مانيفستو للقمع"، القانون الجديد للعقوبات في السعودية، ووصفته بأنه "يحمل أوجه قصور كثيرة في استيفاء المعايير الدولية لحقوق الإنسان، قانون يكشف زيف وعود ولي العهد محمد بن سلمان"؛ أنه يشدد شريعة الغاب وليس الوعود الخاوية بالحرية الزائفة لأبن سلمان وفق ما أكده عدد من الخبراء القانونيين السعوديين الذين اطلعوا على نسخة من "المشروع المسرّب".
تزامناً مع ذلك كشفت منظمات حقوقية غربية واقليمية عن تنفيذ السلطات السعودية 70 إعداماً منذ بداية العام 2024، باعدامها معتقل الرأي الشاب القطيفي محمد نبيل آل جوهر من بلدة العوامية المعتقل منذ عام 2109 ، ومن قبله بأيام حسن بن أحمد آل ناصر من المنطقة الشرقية من بلدة الملاحة، بعد اعتقال دام قرابة ثماني سنوات في سجن المباحث العامة بالدمام، لنشاطه السياسي في التعبير عن الرأي عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ وعدم تسليم جثتيهما الى أهاليهم كما يفعل الكيان الصهيوني بمن يقتلهم من الفلسطينيين.
هذا الكم الهائل من عمليات الاعدام التي يعلن عنها رسمياً وخلال الأشهر القليلة من العام الجاري ينبئ عن مرحلة جديد لأبو منشار على الصعيد الداخلي في تصفية المعارضة وإرهاب أبناء الجزيرة العربية والبطش بكل من يعارض سياسته وإن كان عبر كلمة نبست بها شفتاه، وسط إرهاب الأهالي بعدم الإفصاح عن العدد الحقيقي لحالات الاعتقالات التي يؤكد المراقبون للشأن السعودي انها أكثر مما تعلنه المنظمات المهتمة بهذا الشأن.
وكانت السلطات السعودية قد أعلنت عن اعدام الشاب محمد نبيل آل جوهر من منطقة القطيف ايضاً، والذي كان قد تم اعتقاله عندما كان صبياً خلال التظاهرات التي خرجت للمطالبة بالحرية والتعبير عن الرأي وعودة الحقوق المسلوبة على أسس طائفية عام 2011؛ حيث رفض النظام السعودي ايضاً تسليم جثمانه، ومنع أهله من اقامة العزاء واستقبال المعزين.
حقيقة غير قابلة للأنكار من انها "شريعة الغاب" التي تكون الغلبة فيها للأقوى، حيث الإنسان غريزة بلا حسٍّ، ومَطالب جسمانية بلا مشاعر، وحيوانا مصاصاً للدماء بعيداً كل البعد عن الاخلاق والانسانية والوجدان والضمير والروحانية والفن والسمو والحب، تلك الصفات والمفاهيم العالية التي أوصى بها ديننا الاسلامي الحنيف بإتباعها تنفيذاً لما جاء في القرآن الكريم.
ويستغل "بن سلمان" هذا الحيوان المفترس انتهاكاته المتواصلة لحقوق المواطن في بلاد الحجاز ونجد بكل الوسائل المتاحة لديه، مستغلاً انشغال العالم بمجازر كيان الاحتلال الصهيوني ضد أهالي غزة وكذا الحرب الروسية على أوكرانيا، ليعمل على شاكلة غريمه "نتنياهو" في قتل الأبرياء وحرق الأرض وتهجير أهلها بحثاً عن مصالحه الفردية في إسكات الخصوم.
ويؤكد المراقبون أن نجل سلمان لا يدرك معنى الانسانية إلا أن يأكل ويقتل ويترف ويسيطر حتى على أقرب الناس منه، حتى لوكان ذلك الشخص أبيه وهو ما يفعله حالياً معه، حيث قام برميه عقر الدار ككمية من الهمل يُلقى إليه بالطعام إلقاء، فإذا حدثت مجاعة وقلَّ الصيد فأول من يحرم عنه الطعام (السلطة) هو والده ويلقفه الموت ما دام ضعيفا، وكتمان أخباره تؤكد ذلك.
القوة وحدها هي التي تسلي وتشفي غليل "أبو منشار" معتبرها هي السيد ولا سيد غيرها، والعقل لا عمل له لديه، والمعاني الأخرى التي عرفتها البشرية عن الانسانية والسلم والحرية والعدالة غير معروفة على إطلاقها لديه، مصاص للدماء لا يشفي غليله سوى إراقة دماء كل من يعارضه في سياسة العهر الديني والأخلاقي والاجتماعي التي ينتهجها.
ويقول خبراء حقوق الإنسان أن استمرار السلطات السعودية في أحكام القتل التعزيرية وعودتها، يثبت بالضرس القاطع كذبها ويؤكد أن وعودها بالاصلاح مجرد كلام فاضي للترويج والاستهلاك الاعلامي، وأن البيانات المعلبة بعد كل جريمة إعدام بحق أي مواطن أقصى جرمه التعبير عن الرأي أو المطالبة بحق مشروع؛ ماهي إلا بيانات كاذبة جوفاء تحوي اتهامات مرسلة بلا أدنى أدلة حقوقية أو منطقية أو عقلانية، أنه الاستبداد بذاته.
أنه لا جديد لدى آل سعود في البيانات التي يصدرونها تبريرا لأحكام الإعدام بحق الأبرياء من ابناء شعبنا شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، كيف ومتى يشاؤون دون أن يعرف الناس أي دلائل حول التهم؛ هي الأسطوانة المشروخة التي سأم حتى كتابها من تكرارها؛ وإلا فكيف يمكن القبول بإعدام 70 شخصاً خلال الثلث الأول من العام الجاري في إطار اسطوانة بيان موحد؟!.
ودعت منظمة العفو الدولية الى التوقيع على عريضة تطالب "السلطات السعودية" بالإفراج عن معتقلي الرأي في سجونها ومعتقلاتها، حيث بات مجرد منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يدعو الى إصلاحات في مجال حقوق الإنسان أو ينتقد السلطات الحاكمة يمكن أن يؤدي الى عقود من السجن، أو حظر السفر، أو حتى عقوبة الإعدام، مشددة أن "صمتنا لا يمكن شراؤه"؛ في اشارة منها الى ما يفعله "بن سلمان" مع الأنظمة الغربية المتشدقة بحقوق الانسان.
وتؤكد المنظمات الحقوقية الغربية المدافعة عن حقوق الإنسان أنه "منذ 13 عاما، تدفع المنطقة الشرقية في المملكة، ضريبة تحركاتها المشروعة الداعية بحقوق مدنية وسياسية وإجتماعية وعدالة وتساوي، والتي تزامنت مع "الربيع العربي"؛ حيث تنوعت الانتهاكات التي تعرض لها الآلاف من سكان المنطقة من قبل سلطات آل سعود، من الاعتقالات التعسفية الى التعذيب وسوء المعاملة والتضييق، وصولا الى القتل خارج نطاق القضاء، وبموجب أحكام إعدام.
وينتهز محمد بن سلمان فرصة انشغال العالم بمجازر غزة التي هو أحد أركانها والداعم الرئيس لجزارها، ليواصل مجازره ضد أبناء الجزيرة العربية في عهد أبيه، ضناً منه أنه يعبد طريقه نحو وهكذا يتقدّم "اللامتوقّع" و"اللامنطقي" و"اللامعقول" في سياسته، فهو لا يفعل سوى التحرّر من "القسمة" مع سلاسة محمد بن عبد الوهاب وأتباعه، والاستحواذ على المسؤولية القانونية والجنائية وحتى الأيديولوجية. وفيما يلتزم العالم الغربي الصمت إزاء المذابح التي يتعرض لها أبنائنا واشقائنا ومفكرينا وعلمائنا وناشطين بين فترة واخرى، في ظلّ تعطّشه الى ثرواتنا المسروقة من لقمة عيشنا.
وأشارت منظمات لحقوق الإنسان أنه تم إعدام ما لا يقل عن 1300 في بلاد الحجاز منذ تولي سلمان ونجله السلطة وفق احصائيات رسمية والتي تظل موضع شك بسبب انعدام شفافية السلطة القضائية، فيما العدد الحقيقي يجافي ذلك، منها ما لا يقل عن 172 عملية إعدام في العام الماضي 2023 بارتفاع نسبته 16% قياساً بالعام 2022، وفق منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان.
فمنذ بداية العام الجاري 2024 حتى يومنا هذا، أعدمت السلطات السعودية 70 شخصا (وفق بيانات وزارة داخلية ابن سلمان). ويشكل هذا الرقم زيادة بنسبة 370% مقارنة بإعدامات الثلث الأول من العام 2023 الذي شهد 19 إعداما ما ينذر من أننا مقدمون على "عام دموي آخر". وهذه الأرقام تظهر بوضوح توجه السلطة السعودية وإصرارها الاستمرار بتنفيذ وإصدار أحكام القتل، وأن الوعود التي أطلقت خلال السنوات الماضية باتت سرابا.
وكان محمد بن سلمان قد أدعى في مارس 2022، خلال مقابلة مع صحيفة "ذا اتلنتيك" الأمريكية: أن "عقوبة الإعدام باتت تقتصر على الحالات التي يقتل فيها أحد شخص آخر.. وأن السعودية تخلصت من عقوبة الإعدام إلا في القصاص والحدود"؛ فيما الحقائق وبيانات وزارة داخليته تنافي تصريحه ووعوده الخاوية هذه.
ارسال التعليق