محمد بن سلمان يسابق أسلافه في خيانة القضية الفلسطينية
[جمال حسن]
* جمال حسن
"القمة غير العادية التي من المقرر أن تعقد بمشاركة عدد من الدول العربية في الرياض واجتماعهم مع وزير الخارجية الأمريكي، تجسد مدى خوف بعض القادة العرب من غضب الشارع العربي خصوصا في القاهرة وعمان لكنهم في المقابل يريدون من "إسرائيل" أن تقضى على حماس دون أن يصرحوا ذلك علنا" - تغريدة للمحلل السياسي لصحيفة معاريف العبرية.
هذا ويعوّل دبلوماسيون ومراقبون على القمة العربية الطارئة التي تستضيفها الرياض يوم 11 نوفمبر الجاري، في التوصل الى رأي عربي موحد (اتفق العرب على أن لا يتفقوا) إزاء الصراع الراهن بين "إسرائيل" وحركة حماس (وليس الفلسطينيين)، والدفع نحو إدخال المزيد من المساعدات ووقف التصعيد في قطاع غزة، الذي يعاني من قصف جوي متواصل من الجيش الإسرائيلي منذ 28 يوما، أودى بحياة أكثر من 8700 شخص أغلبهم من الأطفال والنساء وآلاف المصابين.
في ظل ذلك بدأت وسائل إعلام مُقربة من "بن سلمان"، مثل «بلومبرغ» التي تجمعها شراكة واسعة مع «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام»، المالكة لكبريات وسائل الإعلام السعودية المرئية والمقروءة، بأن عملية «طوفان الأقصى» التي أدت الى هزّ المنطقة؛ هدفها إجهاض الجهود الأميركية للتقارب بين الكيانيين السعودي والصهيوني في المضي قدماً نحو التطبيع، وذلك بتحريض من ايران!!.
ويؤكد مراقبون أن السلطات السعودية تعدّ هزيمة الكيان الصهيوني في هذه الحرب (طوفان الأقصى) هو انتصار لمحور إيران المنافس، تماماً كما كان يرى سعود الفيصل إبان عدوان تموز 2006 على لبنان والذي خرج حزب الله منتصراً منه بمذلة لا توصف للجيش الذي لايقهر؛ وهذا ما يجعل التطبيع في عيون محمد بن سلمان قضية لا حياد عنها مهما كلفه.
فمنذ رسالة جده عبد العزيز الى مندوب بريطانيا آنذاك السير كوكس والتي خطها بيده وتعهد له، “أنا السلطان عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود أقر وأعترف ألف مرة، للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى، لا مانع عندي من أعطي فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم وكما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها, حتى تصيح الساعة”.
تعهد عبد العزيز آل سعود بمنح فلسطين لليهود كان قبل وعد بلفور المشؤوم الذي نعيش هذه الأيام ذكراه الـ 106 بسنوات قبل، ثم خيانة عمه فيصل بن عبد العزيز في إخماده الثورة الفلسطينية عام 1936؛ كل تلك الخيانات كانت قد تمت في الخفاء وكشفت عنها وثائق الخارجية البريطانية بعد عقود طويلة بعد الحدث، فيما يقوم محمد بن سلمان في خيانة القضية الفلسطينية ومصالح الأمة بالعلن دون خجل أو استحياء.
وما أقبح الأمر أن هيئة كبار العلماء في المملكة يلتزمون الصمت على كل هذه الخيانات الظاهرية منها والباطنية وكأنهم أصنام عرب الجاهلية الأولى لا يرون ولا يسمعون ولا يشاهدون ما يجري من مآسي ودمار وأنهار دماء تسيل في غزة بإجرام الكيان الصهيوني الغاصب، خدمة لهبلهم الأرعن "بن سلمان".
ثم أن الأمر لم يقف عن هذا فقط بل تمادى وتمادوا معه ويميلوا ميلة واحدة مع "ولي أمرهم" نحو مهرجانات الرقص والفجور والمجون لفتيان وفتيات الجزيرة العربية والأمة حزينة كل الحزن على ما يتعرض له أهلنا في فلسطين من غزتها وضفتها التي أزهقت أرواح الآلاف من الأبرياء غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ بعدوان صهيوني وحشي منذ شهر.
لقد سلمنا أن آل سعود ليسوا بمسلمين لكن اليوم اتضح الأمر حيث لم يعودوا حتى عرباً.. حتى العربي في زمن الجاهلية كان عنده دم وشرف ومروءة ونخوة يجير من استجاره.. لكنكم صامتون خانعون راكعون لسيدكم راعي البقر لا تحرككم كل هذه المشاهد المأساوية ولا حتى ذرة شرف أو ضمير.. موقف عار وشنار منكم لن يمسحه الغسل بماء زمزم و الخطب الرنانة التي جاءت متاخره فلا تفرحوا كثيراً.
فقد منعت السلطة السعودية أي ردة فعل أو إبداء رأي تضامني مع أهل غزة ومقاومتها أوامر صارمة من محمد بن سلمان ذاته، الحقت بها فتاوى تحريم التظاهرات دعماً لأهل غزة وتنديداً بالمجازر البشعة التي يتعرضون لها واعتبروها لا طائل لها وأنها "مفسدة عظيمة حيث يختلط الحابل بالنابل ويتظاهر الرجال الى جانب النساء!!.
حكامنا أنتم مصيبتنا.. أنتم أساس بلاءنا ونكبتنا.. اهتزت كل الدنيا لمصاب غزة لرجالها ونسائها لشيوخها وأطفالها التي كل يوم تدمر وتذوب بإجرام بني صهيون وأنتم كالأصنام صامتون خائنون مطبعون تركبون فنائها تخططون ضدها.. حكام عروج وفروج وخروج وخنوع لا رجولة فيكم إلا في ملاهي الليل وحفلات الرقص التي تقيمونها على أشلاء شعب فلسطين.
لقد باتت خيانة قضية الأمة الأولى فلسطين والصمت على ما يجري على أهلها بأبخس الأثمان هو ديدن محمد بن سلمان الذي سبق أسلافه في ذلك كثيراً، حيث هددت وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية التجار في المملكة، بالعقوبات والغرامة المالية والسجن في حال الاستجابة لحملة مقاطعة المنتجات الاسرائيلية والأمريكية ومن لف لفهما؛ رغم أنه هناك قرارا بتجريم التعاطي مع المنتجات الاسرائيلية في المملكة (نظام رقــم 312 لسنة 1382 للهجرة) بتوقيع فيصل بن عبد العزيز رئيس مجلس الوزراء آنذاك.
وقال تجار سعوديون وأجانب: إن فرقا من وزارة الاقتصاد والمباحث العامة جابت أماكن “كبار التجار” في المملكة، وحذرونا كثيراً من التعاطي مع حملة مقاطعة البضائع الاسرائيلية؛ بعد ما غزت مواقع التواصل الاجتماعي، حملات شعبية واسعة النظاق في بلاد الحجاز ودول مجلس التعاون والعالم العربي وحتى الأجنبي منه لمقاطعة المنتجات هذه منذ أيام والتي وجدت صدى واسع في المملكة.
كما أصدرت هيئة كبار علماء بلاط آل سعود فتوى حرمة المقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيوني، والشركات التي تدعم إجرامه عربية كانت مثل الإمارات أو أجنبية أمريكية أو غربية بحجة أن "هذا الأمر أن لم يصدر من ولي الأمر فالمقاطعة تكون عصيان ومخالفة لولي الأمر وخروجاً عن طاعته وعندها تكون المقاطعة معصية وإثما كبيراً"، وهو ما صرح به الكثير من خطباء الجمعة والجماعة في المملكة ومنهم الشيخ سليمان الرحيلي.
وقد رد أحدهم على مزاعم علماء السلطان "لا يُفتي قاعد لمجاهد، ولا يُفتي أهل الدثور لأهل الثغور، ولا شأن لربات الحِجَال بمعارك الرجالِ.. فإن هجموا فهذا دأبهم، وإن كمِنوا فهذا تقديرهم، وهي بالأساس معركتهم، لأنه إن حميَ الوطيس لن تجِدْ غيرهم، فإن وثقتَ فلا شأن لك بتفاصيلهم، وإن خوَّنت فَسدَّ مكانهم، أو إلزم الصمت..ألا فليصمت القاعدون والمتخاذلون وربات الحجال وكل من لا يقوم بمجاهدة الأعداء..".
وقد زاد قبح وفسق وعمالة ونجاسة محمد بن سلمان أكثر من أقرانه الذين سبقوه من آل سعود حتى بات الدرع الحصين لردع أي هجوم جوي يتعرض له الكيان الاسرائيلي الإجرامي، ليبادر بالتصدي لضربات اليمن الصاروخية التي تستهدف عمق الكيان الصهيوني ولن يستجيب "بن سلمان" الوقح لطلبات صنعاء بعدم التعرض لتلك الضربات رغم كل التطمينات التي قدمت له، معلناً ولائه الكامل بالدفاع عن القاتل والجاني الصهيوني.
لا يمكن إنكار تأييد السعودية لدولة صهيونية فوق الأراضي الفلسطينية خلال الفترة السلمانية كما على عهد عبد العزيز، وتصريح ولي العهد في أحدى مقابلاته مع مجلة "ذي أتلانتيك" the Atlantic بأن" الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق في العيش بسلام على أرضهم"، خير دليل واضح قولا وفعلا في ذلك؛ وكذا بيانات خارجيته بخصوص ما يدور من مجازر في غزة لا أحد يفهم منها شيئاً، انها عين الوقاحة والإذلال والخذلان.
ارسال التعليق