مساحيق التجميل والتسويق...هل تنجح في إخفاء جرائم آل سعود
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبد العزيز المكيكما هو معروف، حاول محمد بن سلمان، ومنذ مجيئه إلى السلطة بعد تولي أبيه، سلمان، عرش المملكة، تسويق وجه جديد للملكة، من خلال القيام بعدة إجراءات، شكلية وواقعية، أوحي من الترويج لها، من خلال القيام بعدة إجراءات شكلية وواقعية، أوحي من الترويج لها، إعلاميا وسياسياً، أنه يريد أن يغادر بالمملكة بفكرها الوهابي المتطرف، واستبدادها ونظامها القمعي، إلى موقع آخر، أي إلى مملكة إصلاحية، منفتحة على الشعب، متسامحة مع نفسها، ومع الآخرين، وما إلى ذلك.."وفي هذا الإطار هاجم بن سلمان الفكر التكفيري وانتقده بشدة، وقال عشنا في ظل هذا الفكر المشوه للإسلام والمتطرف ثلاثين سنة ولا نريد أن نعيش في ظله ثلاثين سنة أخرى..وقام بتقليم أظافر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأحياء الدور السينمائية والحفلات المختلطة وأطلق ما يسمى برؤيته 2030، و زج ببعض علماء الوهابية، ونظرائهم من الأخوان المسلمين بالسجن، وأجاز للمرأة قيادة السيارة...ألخ. وقد شكلت هذه الإجراءات منطلقاً وقاعدة لتسويق "وجه المملكة الجديد"، في الأوساط الأمريكية والغربية، حيث اتبع بن سلمان في عملية التسويق هذه جملة أساليب وطرق نذكر منها ما يلي:
1ـ القيام بحملة إعلامية صاخبة، شاركت فيها وسائل الإعلام السعودية والغربية الأجيرة التي تدور في فلكها، فهذه الأوساط تعزف ليل نهار على وتر " إصلاحات ولي العهد" ومحاولته تغيير الأوضاع في تلك المملكة، والأخذ بالأخيرة إلى موقع رائد ومتطور ينافس الدول المتطورة، وهذا الإعلام ما زال حتى اللحظة يكرس كل وقته وكل إمكاناته لتسويق هذه الصورة.
2ـ شراء بعض الإعلام الغربي والأمريكي من أجل الترويج لهذه "الإصلاحات" وبحسب التقارير الواردة من هناك فأن بن سلمان بذل الأموال الطائلة على تلك الأوساط الإعلامية من أجل تسويق " الصورة الجديدة التي اصطنعها في إعلامه وفي إجراءاته الشكلية وغير الشكلية ". ما يؤكد هذا الأمر أننا شهدنا في السنتين الأخيرتين عملية ترويج واسعة في الصحافة الغربية والأمريكية لبن سلمان، ولمملكته الجديدة ".. لدرجة أن هذا الإعلام يروج وكأنه يتحدث عن وقائع...
واللافت أن عمليات شراء هذه الأوساط الإعلامية، تضاعفت بعد فضيحة مقتل الاعلامي الذي خدم نظام أل سعود أكثر من أربعين سنة جمال خاشقجي، وفي هذا السياق أثارت صحيفة الغارديان البريطانية الشكوك حول خلفية لقاء جمع بين ولي العهد السعودي بن سلمان ورجل الأعمال الروسي، مالك صحيفتي (اندبندنت وايفننغ ستاندرد) في بريطانيا يفغيني ليبديدف على مأدبة عشاء بدعوة من الطرف الأول. وتساءلت الصحيفة في تقرير لها حول خلفيات العلاقة التي تربط بن سلمان مع ليبديدف خاصة في ظل الاتهامات الموجهة للصحفيتين بانهما أصبحتا مملوكتان بشكل جزئي للسعودية، وفي الوقت الذي تخضع فيه وسائل الإعلام التي يمتلكها يفغيني ليبديدف إلى تحقيقات بسبب توجيه اتهامات لها باستثمارات سعودية فيها من خلال شبكة من الحسابات في بنوك تتخذ مقراتها من ملاجئ ضريبية. وفي هذا التقرير تحدثت الغارديان بشكل مفصل حول اتصالات بن سلمان بهاتين الصحيفتين أو بمالكهما الروسي، وكيف اتفقا على الترويج للمملكة ولبن سلمان نفسه.. أكثر من ذلك أشارت صحيفة الغارديان الى توظيف بن سلمان لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، في حملة التسويق المشار اليها وفي هذا السياق "نقلت الغارديان عن مصادر عدة قولها" أن مدير إندبندنت، جاستين بيام شو، قد ناقش الاستثمار السعودي مع رئيس الوزراء السابق توني بلير عام2017، وحصل معهد توني بلير بعد ذلك على ملايين الجنيهات الإسترلينية من شركة الأبحاث والتسويق السعودية، التي تدير طبعة من صحيفة إندبندنت. فيما تقول مصادر سعودية إن بلير التقى مع بن سلمان في وقت لاحق من ذلك العام..".
3ـ لم يكتف بن سلمان في شراء بعض الأوساط الإعلامية الغربية والأمريكية للترويج "لمملكته" و"لأصلاحاته "، بل شغل تركي الفيصل بطل التطبيع مع العدو الصهيوني، ليكون بوقاً لبن سلمان، ومحطة إعلامية متنقلة، فالرجل كان رئيس المخابرات السعودية السابق، والسفير السابق للمملكة في واشنطن وسفير لبلاده أيضاً لفترة في لندن، ولديه شبكة علاقات واسعة جداً مع مؤسسات ومراكز ابحاث وصحف وشخصيات سياسية وفكرية أمريكية وبريطانية وصهيونية، وحاول هذا الرجل الاستفادة من كل هذه العلاقات للترويج لمحمد بن سلمان، ولعهده وإصلاحاته، لدرجة أن بعض الأوساط الإعلامية الغربية والأمريكية انساقت مع هذه الدعاية وراحت تروج بشكل لافت، " للصورة الجديدة للمملكة " بقيادة بن سلمان، والملك القادم، كما تحاول هذه الأوساط تكريس هذه المقولة!
4ـ تعزيز وإعلان التطبيع والعلاقات مع الكيان الصهيوني، فبن سلمان كما قلنا قبل قليل وظف شبكة الاتصالات والعلاقات الواسعة لتركي الفيصل في الترويج له ولسياساته عند الاميركان والغربيين، أيضاً وظفه كحلقة اتصال مع العدو الصهيوني بحكم العلاقات الوطيدة التي نسجها تركي مع اللوبي اليهودي الأمريكي الصهيوني، ومع المسؤولين الصهاينة في الكيان المحتل، وكما اشرنا في مناسبات سابقة انه متحمس لإعلان التطبيع مع العدو، من أجل ضمان وصوله لعرش المملكة على خلفية المقولة المشهورة التي يرددها الوسط العربي الرسمي، " أن الدخول إلى قلب أمريكا يتم من البوابة الصهيونية " هذا من جهة ومن جهة أخرى انه حاول توظيف إمكانات الكيان الصهيوني بماله من سطوة على وسائل الإعلام الأمريكي والغربية، وعلى مراكز البحث والسياسة في البلدان الغربية وفي أمريكا، وعلى حتى المسؤولين الأمريكيين، وعلى الصحف الأمريكية والغربية البارزة، وفعلاً لاحظنا ان الكيان الصهيوني وعلى مستوى الإعلام سوقوا لبن سلمان ولإصلاحاته المزعومة، ومرور الكثير من المقالات ومن الأخبار في هذا السياق، على الأوساط الأمريكية والغربية الإعلامية والسياسية، ذلك فضلاً عن أن الأوساط الإعلامية والسياسية كانت دائماً وما زالت تُطري على بن سلمان ومشاريعه و" اصطلاحاته المزعومة ".
5ـ طور بن سلمان أساليبه للترويج لسياساته، فشملت حالياً التشبيك على الجامعات، وعلى المؤسسات الثقافية والفنية، ومراكز الترفيه وبشكل متزايد، وقصة تمويله لبعض الجامعات الأمريكية والبريطانية، معروفة، وتناولتها بعض الأقلام الغربية والأمريكية وحتى بعض الأقلام العربية، حيث بينت تلك الأقلام وبالتفصيلات الموثقة كيف أن بن سلمان بذل المليارات التي مُنحت لبعض الجامعات الأمريكية والبريطانية كي تتناول النموذج السعودي بقيادة بن سلمان وتعرض هذا الأخير للمواطن السعودي وللعربي على انه " الرجل المناسب "و " الرجل العبقري" و"رجل المرحلة "..
أما المؤسسات الفنية والتعاون معها واستدعاء رموزها، فالأمور أصبحت من بديهيات السياسة السعودية، خصوصاً استدعاء الراقصات والمغنيات الأمريكيات وغير الأمريكيات إلى السعودية لإحياء الحفلات المختلطة !! والى ذلك فأن بن سلمان يحاول توظيف كل الرموز وكل العرايا في الغرب من أجل تسويق نفسه ومملكته، وقد ضاعف من هذا الجهد في هذا السياق، خصوصاً بعد فضيحة قتله لخاشقجي بهذا الشكل المروع والدموي، وهنا نشير إلى ما كتبته صحيفة بلومبيرغ الأمريكية يوم 17 ايلول2019 تحت عنوان " السعودية تستعين بمدونة أمريكية لتجميل صورتها في الغرب ". حيث استهلت الصحيفة مقالها بهذا السؤال " هل يمكن للصور على أنستغرام تغيير صورة السعودية ؟". وتقول الصحيفة أن هذا السؤال أجابت عليه فيفيان نيريم بموقع بلومبيرغ إن أنجي لال الشقراء وعادة ما تظهر بزي السباحة، والمدونة المقيمة في لوس إنجلوس، إذ قامت هذه المدونة بنشر صورها ومشاركة ثمانين ألف شخص، وهي تقوم باستكشاف الآثار القديمة في السعودية، وهي تمرح في الصحراء هناك. وتقول الصحيفة الأمريكية، كانت زيارة السعودية فرصة نادرة للال، لأن كلفة السفر كانت مدفوعة، في الوقت الذي كانت زيارتها هدية للسعودية جاءت في وقتها بعد الشجب الدولي الذي عانت منه. بسبب جريمة مقتل خاشقجي العام الماضي.. وأشارت نيريم إلى " ما كان يقوم به محمد بن سلمان لتطوير البلاد وفتحها قبل مقتل خاشقجي. واليوم والمملكة تحاول التغلب على حملة الشجب الدولي فأن ولي العهد والمسؤولين باتوا يرهبون بمؤثرين " إنفلوسرز " مثل لال ". ونقلت الصحيفة عن الأمير السعودي تركي الفيصل قوله لضيوف " بوابة المملكة العربية السعودية " " ما نعرضه لهؤلاء الشباب هي صورة أخرى لقصة السعودية التي يقرؤونها في الإعلام. واعتراف تركي بأن المملكة لديها الكثير لعمله من أجل التأثير على مواقف الآخرين " !
وبوابة السعودية مشروع ساهم في تأسيسه تركي الفيصل مهمته دعوة واستقطاب الشخصيات الامريكية والغربية المؤثرة، وقام بتنظيم زيارات لوفود من جامعة هارفاد الامريكية..
والى ذلك فأن بن سلمان بات يوظف الميدان الرياضي لتسويق نفسه وسياساته في الغرب، ولمحاولة إعادة صورته التي اهتزت بقتله لخاشقجي، وهذا ما أشارت إليه صحيفة الغارديان البريطانية في عددها ليوم 15ايلول2019 حيث أوضحت الصحيفة أنها حصلت في الشهر الماضي على وثائق تسجيل أجنبية لحملة الضغط السعودية لعام 2018 في الولايات المتحدة، والتي تسلط الضوء على استراتيجية الرياض في مجال " التبييض الرياضي" والتي تضمنت اجتماعات ومكالمات وأعمال مع مفوضي دوري كرة القدم، والرابطة الوطنية لكرة السلة وكبرى دوري البيسبول، فضلاً عن اجتماعات مع مسؤولين من لجنة لوس أنجلوس الاولمبية. وقالت الصحيفة البريطانية، أن السعودية تقوم بكل هذا التحرك على الوسط الرياضي الأمريكي ضمن إطار ما أسمته " تكتيك القوة الناعمة " لتحسين صورة المملكة بعد مقتل خاشقجي/ ولصرف الانتباه عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان بشكل مستمر في البلاد، فضلاً عن المجازر التي ترتكبها ضد اليمن في الحرب التي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين وتركت 14مليون شخص معرض للمجاعة.
وتضيف الصحيفة البريطانية في التفضيلات، أن الهيئة العامة للرياضة في السعودية جندت خدمات مجموعة " تشرشل رايلي"، وهي شركة استشارية دولية، متخصصة في النمو الذي يعزز الوصول إلى " هوليوود وسيلكون فالي والشرق الأوسط " وقد تولت الأميرة ريما بنت بندر آل سعود ابنة السفير السعودي السابق في واشنطن، وأول رئيسة للاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية، مهام المساعدة في إقامة اجتماعات في أمريكا مع العديد من الشركات والمدراء التنفيذيين لمناقشة قطاع الترفية السعودي ".
ووفقاً لوثائق تسجيلات أجنبية، فأن الشركة تتقاضى من السلطات السعودية 22000 دولار شهرياً.. ولعل ذلك يفسر بعض من دوافع بن سلمان تعيين ريما سفيرة للسعودية في واشنطن بعد مقتل خاشقجي من أجل توظيف شبكة العلاقات الواسعة التي نسجها والدها بندر بن سلطان مع شركات ومؤسسات التأثير، وشخصيات أمريكية وصهيونية كبيرة ومؤثرة في السياسة الأمريكية، وفي الرأي العام الأمريكي، وذلك خلال وجوده على رأس الدبلوماسية السعودية في واشنطن، أي عندما كان سفيراً لبلاده هناك.. وفضلاً الصحيفة البريطانية الآنفة تحدثت مفصلا عن لقاءات وتحركات لريما من أجل تحسين صورة بن سلمان وصورة المملكة التي قلنا أنها اهتزت كثيراً بعد مقتل خاشقجي..
فشل بن سلمان وفشلت محاولاته التسويقية لسعودية جديدة! ورغم محاولات واستنفار بن سلمان لكل قوى الضغط والتأثير البارزة والمهمة الأمريكية والبريطانية لتسويق صورة جديدة لمملكة الصحراء، ورغم تجنيده جيوش كبيرة في هذا الإطار، وكذلك صرفه الأموال الطائلة.. رغم كل ذلك وغيره.. إلا انه فشل فشلاً ذريعاً، على العكس تماماً تكرست صورة المملكة الإرهابية الاستبدادية المجرمة، التي باتت تشكل خطراً على المنطقة والعالم، ذلك لاسباب باتت معروفة نذكر منها ما يلي:
1ـ إن كينونة نظام المملكة قائمة على أساس الفكر الوهابي التكفيري الاقصائي الذي يعتبر الآخر كافراً، وهو الوحيد أي النظام السعودي الذي يمتلك الحقيقة، وبالتالي لابد من إبادة الآخر، لأنه بحسب هذا الفكر الاقصائي لا يحق له بالحياة ما لم يسلم بهذا الفكر!
2ـ إن النظام قائم على أساس آخر وهو الاستبداد، فهو لا يرى للآخرين حق في الاعتراض على سياسة آل سعود، أو منافستهم على السلطان، فهي حق لهم فقط، حضنته الوهابية وفكرها التكفيري بصبغة دينية، فأصبح الخروج على هذا الحاكم، خروجاً على الشرع والدين، وبالتالي يعتبر بحسب فقه الوهابية محارباً للحاكم الشرعي، وحكمه القتل. ولعل الأمير طلال بن عبد العزيز، لخص هذه الحقيقة بعبارة بليغة ومعبرة، عندما قال في أحد المناسبات، أن المملكة شركة، فآل سعود هم من يديرها، والشعب مجرد عمال في هذه الشركة فجزاءه الفصل أو السجن أو القتل حسب نوع التمرد على " صاحب الشركة المقدس "!!
3ـ ولأن هذا النظام يتمترس بالفكر الوهابي التكفيري، فهو لا يعترف لا بقيم دينية ولا بقيم إنسانية، فهذه القيم لا قيمة لها في سلوكية وفي البنية الفكرية التكوينية لهذا النظام، ولذلك فهو يرى كل شيء من منظاره ومن منظاره الغاية تبرر الوسيلة، فهو مستعد لعمل كل شيء من أجل أن يبقي هو على رأس السلطة، ثم جاءت الطفرة النفطية ليوظف الوفرة المالية في إطار سياساته وسلوكياته التي ظلت متأطرة بالأطر السابقة الجامدة والمتخلفة فكرياً وبنبوياً وما إلى ذلك..
4ـ إن التكوين البنيوي والتأريخي لهذا النظام، بالإضافة إلى ما تقدم قائم على عادات البداوة الصحراوية، حيث الجلافة وعدم التسامح والبعد عن الثقافة الإسلامية الأصلية، ولذلك فهو يتعامل مع الآخرين دائماً من زاوية هذه الثقافة المتخلفة التي صاغت منه كينوناً متعجرفاً لا يعرف غير منطق القهر والإذلال للطرف الآخر !!
ولأن تكوين النظام السعودي وبنيته الفكرية والقيمية قائمة على تلك الأسس وغيرها مما لم نذكره ليضيق المجال، فهذا النظام لا يمكنه أن يتحول إلى نظام منفتح ومتسامح، ولا يمكنه مغادرة هذه الطبيعة التي شكلت ركنا أساسياً كما أشرنا من تكوينه ونشأته التاريخية والفكرية.. فالانفتاح والإصلاح الذي ادعاه بن سلمان يعني تغييراً جذرياً للنظام، ويعني تكوين وتشكيل بنيوي آخر يختلف عن تكوينه وبنيته ومنظومته الفكرية التي تعتبر القاعدة التي نشأ عليها وتكون منها، ولذلك فهذا النظام عاد الى طبيعته العميقة البدوية التكفيرية الإرهابية في أول اختبار له.. عندما قام بحملة قمع مروعة للناشطين والناشطات في المملكة والزج بهم في السجن ومارس أقسى أنواع التعذيب معهم، كما تجلت طبيعته وكينونته الإجرامية في العدوان على الشعب اليمني، في اقتراف المذابح والجرائم بحق هذا الشعب الفقير المحروم، فهذه المذابح والجرائم المروعة والحصار الذي يفرضه على الشعب اليمني، لا لذنب اقترفه ولكن أراد التخلص من الهيمنة والعبودية السعودية.. نقول هذه المذابح أعادت إلى الأذهان التذكير بالأساس الآخر لقيام هذا النظام، وهو العدوان، وسحق الآخرين، فهو قتل الآلاف من أبناء الجزيرة، ليقوم هذا النظام، فالعدوان كان قيمة من قيم البداوة والحياة الصحراوية المختلفة البعيدة عن القيم الإنسانية والدينية كما ذكرنا، كما تجلت هذه الكينونة الإجرامية في الغدر والقتل المروع بالمنشار والتقطيع المعارضين في الجزيرة على غرار ما فعل هذا النظام بجمال خاشقجي لكن لم يحالفهم الحظ بافتضاح جريمة هذا النظام القاتل، مثلما حصل لخاشقجي.
ولأن النظام لا يمكنه مغادرة طبيعيته الإجرامية وهويته الإرهابية، مهما حاول من عمليات تزويق وذر المساحيق على تلك الطبيعة، فأننا نجد اليوم ورغم كل هذه المليارات التي أغدقها بهدف عملية التلميع، الأوساط الغربية والأمريكية تتحدث عن هذه الطبيعة بتفاصيل أكثر وأدلة دامغة، أكثر من أي وقت مضى حيث ساهم بن سلمان نفسه نتيجة قلة خبرته وطيشانه في كشف حقيقة هذا النظام الإجرامية الدموية.. فنجد فريق الأمم المتحدة يتحدث بإسهاب عن جرائم النظام السعودي في اليمن، ونجد المرصد الاورومتوسطي لحقوق الإنسان يتحدث عن مئات الفلسطينيين الذين اختفوا قسرياً في غياهب سجون هذا النظام، كما تتحدث وسائل الإعلام الغربية والأمريكية عن القمع والملاحقات، وعن الإعدامات بحق المعارضين في المملكة السعودية، وتتحدث أيضاً عن توظيف بن سلمان لأجهزة الاتصال المتطورة إسرائيلية وأجهزة ترقب الالكترونية في ملاحقة أبناء الشعب هناك لدرجة انه بات يحصي عليهم حتى أنفاسهم في إطار حملة قمع وترويع تتصاعد باستمرار !!
ارسال التعليق