مساعٍ جادة في القصور الملكية لإستباق "بيريسترويكا" ابن سلمان
[حسن العمري]
* حسن العمري
مصادر من داخل الأسرة الحاكمة واخرى دبلوماسية غربية تكشف النقاب عن فوضى تعم القصور الملكية بحثاً عن مخرج موحد يسعى اليه أمراء آل سعود الساخطين على ولي عهد سلمان وطيشه وسياسته القمعية التي لم ينج منها أحد، مشيرة الى أن الاتصالات فيما بين هؤلاء الأمراء بدأت تتكاثر ولكن باحتياطات كاملة خوفاً من بطش المدلل فيما اذا اعلن عن وفاة الوالد المصاب بالزهايمر العضال ورهين الاعتقال القسري هو وزوجته في مدينة نيوم منذ فترة طويلة تم الافراج عنهما مؤخراً، وهو ما أكدته تقارير المخابرات الالمانية والبريطانية ونقلته صحيفة "ميدل إيست آي البريطانية" مؤخراً.
تقارير وكالات الاستخبارات الغربية هذه كشفت النقاب عن مساعِ "بن سلمان" لاغتيال والده على عدة مراحل حيث البعض منها لم ينجح وكان ضحيتها اللواء عبدالعزيز الفغم الحارس الشخصي للملك سلمان، ومن قبله عزل العديد من القيادات العسكرية الكبيرة في القوات المسلحة السعودية وفي مقدمتهم رئيس هيئة الأركان العامة للجيش، عبد الرحمن بن صالح، و قائد قوات الدفاع الجوي محمد بن عوض سحيم وآخرين كانوا من أشد المعارضين لتولي الشاب الأرعن العرش فما كانت النتيجة سوى الضغط على الأب لعزلهم، ولم تكن قضية أعفاء الأمير فهد بن تركي من منصب قائد القوات المشتركة في التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن، ونجله آخر الأوراق التي يلعبها محمد بن سلمان.
الفوضى التي زرعتها قرارت ولي العهد خلال السنوات الستة الماضية لتثبت للجميع مع غبائه وطيشه وطمعه للقدرة والقوة المنفردة، فباتت اعماله كلها تصب في اطار كيفية بلوغه العرش وبأي ثمن كان مع الإصرار على الأخطاء التي يرتكبها والاجرام الذي يقترفه داخل الأسرة الحاكمة وفي المجتمع السعودي وكذا في المحيط الإقليمي.. وتظهر حماقته أكثر فأكثر كلما ظهر على شاشات القنوات الفضائية ليخبر الجميع بأنه ذاهباً الى الاصلاح والتغيير والتقدم راسماً لنفسه احلاماً وردية وطالباً من الشعب أن يصدقه حيث الطبقة الشابة التي بات بعضها يرتهن انجازاته الوهمية وتمكن عبر ذلك من تنويمها مغناطيسياً ثم يأمرها بأن تلقي بعقولها نحو حاويات الازبال.
منذ تأسيس الدويلة السعودية الثالثة وحتى لحظة كتابة هذه السطور لم تشهد بلاد الجزيرة العربية كل هذا الكم الهائل من الأحداث المرتبكة والتغيرات الجذرية الداخلية والاقليمية والتي قلبت نظام آل سعود رأساً على عقب خلال السنوات الماضية فقط، أي منذ أن تولى سلمان العرش والعبث بتشكيلة وتسلسل سطوة الأسرة الحاكمة وتقسيم المناصب والثروات المنهوبة من رمق وقت الشعب الذي لاحول ولاقوة له.. شان ثلاثيني العمر يعبث بمقدارت أثرى بلد في العالم رافعاً شعار "البيريسترويكا" بحركات جاهلية سريعة وخطوات طائشة مستعجله ستؤدي الى حرمانه من حلمه في تأسيس مملكته "السليمانية" ليتربع على عرشها، بل ستكون كابوساً يهدد بقاءه، كما انهار الاتحاد السوفياتي السابق بهذه السياسة على يد ميخائيل غورباتشوف.
البيريسترويكا (بالروسية: перестрoйка) تعني «إعادة الهيكلة» هي برنامج للإصلاحات الاقتصادية أطلقه رئيس للاتحاد السوفييتي السابق "ميخائيل غورباتشوف" وتشير إلى إعادة بناء اقتصاد الاتحاد السوفيتي صاحبت البيريسترويكا سياسة "غلاسنوست" والتي تعني الشفافية. حيث يؤكد المراقبون أن تلك السياستين أدتا الى تفكك الاتحاد السوفيتي سنة 1990.. وهو ما يفعله محمد بن سلمان حيث شعار بناء اقتصاد المملكة بعيداً عن عوائد البترول التي باتت مصدر طرب وترف هو ومن حوله مما تبقى من الأمراء الشباب الطامعين بالسلطة والمال، حتى انهار اقتصاد مملكة البترول، ثم الشفافية في ماذا؟ الفساد الذي هو مصدره ورأسه وذيله.
المسؤوول السابق في جهاز القمع سعد الجبري، الموجود الآن في المنفى في كندا، كشف مؤخراُ عن أسرار محرجة حول محادثات مع محمد بن سلمان عندما هدد باستهداف الملك عبد الله بخاتم مسموم.. فيما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الكثير من كبار أمراء آل سعود وفي مقدمتهم أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف ومقرن بن عبد العزيز يتعرضون للأذى الممنهج اليومي ، ووثائق استخباراتية كشفت النقاب عن فضائح مؤخراً حول اعتقاله وتعذيبه لعدد من الأمراء المنافسين، لا تستبعد إنقضاض ولي العهد عليهم وقتلهم دون مبالاة رغم أنه يعرف أن ذلك سيعقد الأمور من حوله أكثر وأكثر لكن الطيش المسيطر عليه يردعه من التفكير في عواقب ما يقوم به.
لسنا بصدد المقارنة بين دبلوماسي محنك مثل غورباتشوف آخر زعيم للاتحاد السوفييتي وولي العهد السعودي الأرعن، لكن من باب التحذير على مستقبل البلاد والعباد وأن ما يطلق عليه الأخير بأنها خطوات إصلاحية ماهي إلا سياسة انتقامية قمعية همجية للأنفراد بالسلطة بكل أركانها السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي باتت كلها حالياً تحت أمرته وسيطرته وبات يعيث الفساد في البلاد والعباد كيفما يشاء بمساعدة جيشه المنافق الغدار، لا يتحمل النقد والنصح ولا يعترف بالقرابة ناهيك عما يفعله من إجرام بحق قاطبة الشعب، فيكون مستقبل بلادنا نحو المجهول المظلم وهو ما نشاهد بوادره تظهر شيئاً فشيء رويداً رويدا يوماً بعد آخر.
كان غورباتشوف قد تبنى في عهده سياسة ذات بعدين، هما البروسترويكا والغلاسنوست، أي الإصلاح وإعادة البناء، فالاتحاد السوفييتي الذي نخره الفساد وتضخمت أحلام الشعب فيه بالتحرر والانفتاح، قاده غورباتشوف الى ذلك بطريقة متهورة، فالخراب الذي كان يعيشه الاتحاد السوفييتي حينها يحتاج الى خطة أكثر عمقاً ومتدرجة للوصول الى تغيير تنعكس نتائجه بشكل إيجابي.. فكانت المسمار في نعش انهيار النظام الشيوعي الذي دام سبعة عقود بكل جبروته وطغيانه، وكانت لمرحلة احتلال أفغانستان اليد الكبرى في هذا الاتجاه.. كما هو الحال للنظام السعودي التي يواجه عدة جبهات داخلية وأسرية وإقليمية ووحل مستنقع العدوان على اليمن يخنقه يوماً بعد آخر حتى بات يلتمس أشد أعدائه طهران لإنقاذه من السقوط والورطة.
بلاد الذهب الأسود وبكل ثرواتها باتت اليوم على شاكلة الأيام الأخيرة للنظام السوفياتي القديم، نسمع رأس هرم النظام الحاكم بقبضته الحديدية يتحدث عن الإنجازات الوهمية التي لم ولن ترى النور، وعن الإصلاح والتغيير والوقوف على منابر المقابلات الرنانة الخاوية ليتم له التصفيق بأنه البطل المنقذ، وأي بطولة هذه عندما تكون أنت بؤرة الفساد والفرعنة والديكتاتورية وتساهم في تدمير بلدك وشعبه ومستقبله.. وسياسة العري والفسق والفجور لن تنجز لك ما تصبو إليه بل ستكون هي مسمار نعش حلمك اعتلاء العرش وسط صراع السلطة الكبير داخل العائلة المالكة والذي لم يعد خافياً على أحد، بعد حملة الاعتقالات الكبيرة بين أمراء الأسرة الحاكمة لتثبيت ولاية عهد بن سلمان ومن ثم إعلانه ملكاً خلفاً لوالده.
ارسال التعليق