مشروع محمد بن سلمان للخصخصة.. فرهود يا خايب
[جمال حسن]
* جمال حسن
ما يدور في كواليس السلطة الحاكمة منذ بدء العهد السلماني يشير الى عزم قمة الهرم على "فرهود" ما تبقى من ثروات البلاد والعباد أكثر ممن سبقهم في ذلك، ولكن على طبق مرصع باسم "الخصخصة" رفع شعاره محمد بن سلمان، مستهدفاً ما تبقى من مجالات قابلة للسرقة والنهب مثل المطارات، والنوادي الرياضية، ومطاحن الدّقيق، والتّعليم، والصّحة، وتحلية المياه و...
باتت عمليات السرقة والنهب يقدم عليها في وضح النهار على قدم وساق لتتصدر البلاد وللاسف مراتب متقدمة في الفساد المالي والاداري اضافة الى تصدرها انعدام حرية الرأي والاستبداد والقمع والتمييز الطائفي والقبلي وأبسط الخدمات؛ فباتت شوارعنا تغوص بمياه الأمطار وينجرف العديد من المواطنين فيها الى ما لا رجعة، مع كل موسم مطر.
ففي منتصف آذار الماضي وافق مجلس الوزراء السعودي برئاسة سلمان بن عبد العزيز، على مشروع ولي العهد باعتماد نظام التخصيص في المملكة بذريعة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص والى تحرير الأصول الحكومية أمام القطاع الخاص؛ فيما قضية فندق "ريتز كارلتون" في الرياض الذي ضم عشرات الأمراء ورجال الأعمال وكيفية تجريدهم من أكثر من 110 مليارات دولار حتى تم اطلاق سراحهم المشروط، تدور في الأذهان.
الإعلان الحكومي هذا زاد من مخاوف الطبقة المتوسطة والفقيرة والذين يشكلون غالبية الشعب، من تداعيات هذه الخصخصة خاصة في قطاعات الخدمات الأساسية على قدرتهم بالحصول عليها، وفي مقدمتها الخدمات الصحية والتعليمية، ما يعني بالنسبة للطبقات ذات القدرة المحدودة مزيدا من الضغط؛ واعتبرها غالبية المواطنين انها خطوة اخرى نحو تفقير المواطنين والقضاء على الطبقة المتوسطة منهم.
صدق من قال أن لكل تاريخ شخصياته، ونحن على مسرح الحياة نختار الدور الذي نلعبه ونعيشه في عروض الحياة، وللعهد السلماني شخصياته التي قدمت عروضها الدموية ومشاهد الرعب فيها على مسرحنا السعودي والإقليمي بالعدوان على الجار ودعم الجماعات الارهابية المسلحة في المنطقة، فيما سيف جلاد الحرابة قائم على رؤسنا ليل نهار يزيد من المأساة التي نعيشها باستهداف لقمة عيشنا بسهولة لسكوتنا على كل ما يدور من حوالينا.
كاراكوز الخصخصة هذه المرة ينفرد به ولي عهد سلمان باداء ملفت للنظر كسائر إجراءاته القمعية والدموية في قطع رؤوس معارضيه أو تنشيرهم وتذويب أجسادهم أو إرتهان أجسادهم وبيع أجزائها ضمن مافيات دولية، تلك السياسة الطائشة التي أبعدت حتى الإبتسامة الكاذبة عن شفاه المواطن وبات يرثي نفسه بدلاً من أن يرثيه الآخرون على فقره المدقع في بلد الذهب الأسود.
لقد بات المواطن يكتشف يوما بعد يوم من ان حالات الفساد وانتهاك أبسط حقوقه الانسانية تتضاعف مع انتعاش السياسة القمعية للسلطة الجائرة التي تحصد أرواح الابرياء بين قتل واغتيال وموت بسبب الجوع والمرض والتفقير المقصود من قبل حيتان الفساد وحرامية العرش الذين لا ينفكون من تنهب وتفرهد بميزانية مملكة البترول وأكبر مصدر في العالم.
يا ترى ألا يكفي آل سعود ماسرقوه من خزينة أموال الشعب وثرواته بصفقاتهم المشبوهه، الا يكفيهم ما كذبوا على الشعب بيافطات ملونة سلبوه حتى فلسه الأحمر/ ألا يكفيهم ضحكا على ذقون أبناء جلدتهم ومن ناصرهم في السطوة على الرقاب والمال، الا يكفيهم مايطعمون بطونهم وبطون ذويهم من مال حرام مسروق.. اتقوا الله وارحموا هذا الشعب المسكين الذي يذوق ويلات الإرهاب السلطوي الممنهج وانعدام الخدمات الصحية والبلدية وفوقها ويلات الغلاء والتضخم والبطالة وتكميم الأفواه.
ليس هناك بلد يخلو من الفساد والفاسدين، فهم متواجدون في كل ركن من أركان المعمورة لكن ما هو موجود لدينا في شبه الجزيرة العربية فساد من نوع مختلف وفاسدون لم يشهد التأريخ لهم مثيلا؛ نعم الفاسدون في دول العالم يحذرون ويتسترون ويراجعون أنفسهم ألف مرة قبل ان يقدموا على سرقة أو ابرام عقد يحمل بين طياته شبهات الفساد التي تؤمن لهم سرقة المال العام، لكن الوضع هنا مختلف تماما، فسرقة المال العام تتم تحت ضوء الشمس وعدسات الكاميرات والسارق فينا معزز مكرّم موقّر والشريف فينا مرفوض محاصر محقّر.
بات الفاسدون عندنا معروفين واضحين مشخصين ولهم امتيازاتهم ولهم حماياتهم ولهم مناصبهم ولهم قصورهم ولهم مواكبهم ولهم منصّاتهم، انهم تحولوا الى وحوش كاسرة في نهب المال العام وسرقة أموال الشعب فهم لا يكتفوا بالملايين ولا تقنع أنفسهم الفاجرة حتى بالمليارات ولا تملأ عيونهم الفارغة حتى التريليونات، بالمختصر المفيد ان المملكة بأرضها ومائها وحالها ومالها تحولت الى فرهود بين أنياب آل سعود اللصوص، خاصة خلال العهد السلماني.
كلنا يذكر حكاية الضرير الذي حضر مأدبة عشاء وكان يعتمد على ابنه وإرشاده حيث اتفق معه ان (يبزهّ) في خصره بإصبعه مرة واحدة للدلالة على انهم وضعوا الطعام لكي يتهيأ و(بزّة) أخرى اذا أكملوا الطعام وواحدة اذا ابتدأوا لكي يمد يده ويأكل، لكن ابن الرجل الضرير وما ان جلسوا حتى اخطأ ومن دون قصد فمسّ اصبعه خصر ابيه فتقرب الرجل من الطعام فأراد الابن ان ينبهه ويمنعه من المباشرة فنغزة مرة أخرى إلا أن الرجل فهمها خطأ انها اشارة للمباشرة في الطعام فمد يده ليأكل فما كان على الابن إلا ان يسارع بنغزة أخرى ليمنع اباه من الأكل هنا صاح الرجل بأعلى صوته ((گول صارت فرهود))… اليوم الفاسدون في السعودية يبصرون وليسوا عمياناً لكنهم يفرهدون بجنون وربما هو عمى البصيرة وليس البصر.
وما يزيد الشبهة في قضية "الخصخصة" التي تبناها محمد بن سلمان، أنه وبعد أيام معدودة من الإعلان عنه من قبل والده المخرف المصاب بالزهايمر العضال لتعلن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) في المملكة، توقيف عدد من الموظفين والضباط، في نحو 10 قضايا تحقق فيها بتهم فساد، وحصول أثنين من موظفي الأمانة على مبلغ 5.174.000 ريال، واستخدام حسابات بنكية خاصة بمؤسسة تجارية عائدة لموظف البنك في تمرير تلك الأموال، مقابل ترسية مشروع بقيمة 60 مليون ريال على أحد الكيانات التجارية"؛ مستخفين بذلك بعقول المواطن.
وقبل ذلك كانت الحكومة قد اعلنت عن تورط ضباط في الحرس الملكي وموظفين بالديوان الملكي في تهم فساد وتلقي رشاوي. كما أعلنت توقيف 241 شخصا بينهم موظفون في 5 وزارات؛ بتهم فساد؛ لكن العجب كل العجب لم نر بين هؤلاء لا أمير ولا مقرب من البلاط ولا أي فرد من أفراد الحلقات الثلاث المقربة من ولي العهد والذين باتوا يسرحون ويمرحون في بلاد المقدسات بأسم الترفيه ويقيمون الحفلات الراقصة الماجنة حتى في أقرب الأماكن للحرم المكي!!.
فيما المتورطين في "صفقة اليمامة" والتي تعتبر الأكثر ارتباطا بالفساد الذي تورط فيه أمراء من آل سعود، أبرمت بين العرش السعودي وشركة "بي أيه إي سيستمز" البريطانية لصناعة الأسلحة في سبتمبر/أيلول 1985 وتجاوزت قيمتها 43 مليار جنيه إسترليني (حوالي 56 مليار دولار أميركي)، وتمت الصفقة بدعم من رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر؛ لم يعرف عنهم أحد حتى يومنا هذا رغم الكشف عنها ضمن وثائق رسمية نشرت عام 2016 في بريطانيا، يقول مراقبون أن سلمان بن عبد العزيز أحد ضلوعها.
ارسال التعليق