معركة سيف القدس... وخسارة رهان المطبعين العرب على حماية العدو الصهيوني لهم!.....(1)
[عبد العزيز المكي]
مما بات معروفاً، أن التطبيع الإماراتي الساخن مع العدو الصهيوني، وكذلك التوادد والتعاون الأمني والعسكري السعودي الذي يجري من تحت الطاولة وأحيانا فوقها.. وما رافق هذا التطبيع من تطبيل وهرولة وإشادة.. وما إلى ذلك كثير!! نقول إن ذلك ارتكز إلى عدة أسس وقناعات اعتقد بها المطبعون الإماراتيون والسعوديون، وحاول العدو تكريسها في أذهانهم حتى نجح في جعلها بديهيات في تفكيرهم ومعتقداتهم! ومن هذه الأسس والقناعات ما يلي:-
1- حماية الكيان الصهيوني للأنظمة المطبعة، بعد تراجع الحماية الأمريكية والتشكيك بجدواها في ظل تصدع الهيمنة الأمريكية في المنطقة وضعفها، وهذه قضية معروفة سوّق لها الصهاينة وعلى رأسهم نتنياهو وباقي المسؤولين الصهاينة، والذين قالوا صراحة أن الأنظمة الخليجية المطبعة يطبعون معنا طلباً للحماية من " ايران " لاننا أقوياء! ولأننا القادرون على مواجهة " الخطر الايراني"، بحسب زعمهم! من جهتهم المطبعون ووسائل اعلامهم يتغنون ليل نهار بربيع التطبيع وحماية الكيان الصهيوني، والتغزل " بقوته" وبتطور آلته العسكرية وما الى ذلك، وهو واضح للمتابعين للمطبلين لهذا التطبيع، ولدرجة ان هذا التطبيل دفع باكثر المعلقين والمحللين الصهاينة الى التصديق بأن كيانهم القوة العسكرية الخارقة القادرة على ردع الاخطار التي تتهدد المنطقة، ويمنون على الانظمة المهرولة نحوهم بأنهم يقدمون الحماية لها، وأيضاً يبتزونها!!
2- ان القضية الفلسطينية ماتت وانتهت، على خلفية اليأس والاحباط والتمزق والصراعات الداخلية والتخلف، الذي تعاني منه الأمة الاسلامية، والشعوب العربية خصوصاً، نتيجة عمليات التيأيس والتحبيط والتثبيط لهذه الأمة من أدوات أمريكا والصهيونية في المنطقة، حتى خال البعض من المسؤولين الأمريكيين، وهو صهر الرئيس السابق ترامب، كوشنر، أن القضية الفلسطينية انتهت حيث قال عند ما اعلن ترامب عما يسمى بصفقة القرن، نحن نشهد نهايات القضية الفلسطينية، كما ان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني المهزوم هو الآخر طالما كان يردد مقولته المشهورة بأن القضية الفلسطينية انتهت وتراجعت في اهتمامات الأنظمة العربية المطبعة وحتى في اهتمامات الشعوب العربية، معتقداً ان الاهتمام الآن منصب حول التعاون مع الكيان الصهيوني، ذلك على خلفية التغني بالعدو وبالتطبيع معه من جانب سياسيي واعلام الانظمة الخليجية المطبعة ومن لف لفهم!!
3- مقولة ان التطبيع مع العدو، وفتح آفاق التعاون العسكري والاقتصادي، بينه وبين هذه الانظمة المطبعة من شأنه أن يجعل من هذه الأخيرة والعدو قوة إقليمية كبرى لها السطوة والهيمنة على المنطقة، ذلك أن الأوساط الصهيونية والامريكية وحتى الغربية كرست وسوقت طيلة الفترة الماضية منظومة قناعات وافكار مفادها ان التعاون بين العدو صاحب القوة العسكرية " الأولى في المنطقة" وتلك الانظمة الغنية جداً، سيخلق مثل هذه " القوة الكبرى" التي من شأنها ان تبسط سطوتها وجبروتها على باقي القوى الناهضة، وهذا ما انعكس كثيراً في تصريحات المسؤولين الصهاينة والاماراتيين خصوصاً طيلة الفترة الماضية، وبعد الاتفاقات التطبيعية بين الطرفين، حيث كانوا الى ما قبيل معركة سيف القدس، يسوقون ويروجون إلى ان التعاون مابين العدو " القوي عسكرياً" والمتطور تكنولوجياً، وبين الانظمة الخليجية الغنية، سوف يطلق هذه القوة الكبيرة، والتي من شأنها أن تقضي على محور المقاومة أو على الأقل تحجمه في اطار لا يشكل خطراً عليها!! وقد لاحظنا كيف ان نتنياهو ظل يلح على إقامة ناتو عربي صهيوني في منطقة الخليج بهدف القضاء على مايسمونه الخطر الايراني على العدو وهذه الانظمة. وعلى خلفية هذه القناعات والتصورات ضخت الأمارات بحسب ما أعلن عنه نتنياهو وباقي القنوات الصهيونية ثلاثة مليار دولار للاستثمار في الاقتصاد الصهيوني، كما أنها فتحت الأبواب على مصاريعها للتعاون مع العدو في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية فضلاً عن الأمنية والعسكرية وما اليها!!
4- ما عزز هذه القناعات عند الاطراف المذكورة، هو ان الولايات المتحدة أبلغت تلك الانظمة، ان عليها التعاون مع الكيان الصهيوني، لان واشنطن بصدد التراجع بعض الشئ والتفرغ للتحدي الصيني، والسماح للعدو، أو إناطتها لهذا الأخير، مسؤولية ملئ الفراغ، وان ما من شانه تلاقي هذه الانظمة بثقلها المالي وبعمقها الاستراتيجي والجغرافي، سوف يعوض عن تراجع القوة الأمريكية في المنطقة، وسوف يوفر الحماية اللازمة لهذه الانظمة!!
وإلى ما قبل التطورات الأخيرة، كانت الانظمة تنظر الى هذه القناعات او الأسس، على أنها ثوابت لا يمكن أن تتغير، وظلت مندفعة بكل ثقلها نحو التطبيع مع العدو والتعاون معه، على أساس هذا التصور!! ولذلك شكلت التحولات التي شهدتها المنطقة والعالم، وداخل الأرض المحتلة صدمة كبيرة لهذه الانظمة وللمسؤولين الصهاينة أنفسهم وعلى رأسهم نتنياهو فهذا الأخير كان يعتقد حينما بدأت تحرشات قواته بالفلسطينيين في المسجد الأقصى وفي حي الشيخ جراح، ان هذه الممارسات سوف تمر دون ردة فعل تشكل خطراً على العدو وعلى حلفائه المطبعين العرب فلم يكونوا يتوقعوا هذا التحول الاستراتيجي الضخم والذي أوجد واقعاً جديداً بمنظومات فكرية وقناعات جديدة تختلف كلياً عما كان سائداً من تلك المنظومات الفكرية قبل معركة سيف القدس، فهذه المعركة التي دامت11 يوماً وتكبد فيها العدو خسائر معنوية ومادية فادحة، حطمت كل " الثوابت" والقناعات الآنفة، واعادت الحياة أو خلقت قناعات جديدة من شأنها التأثير بشكل مباشر على المعادلات والتوازنات الاقليمية وعلى العلاقات وعلى الصراع في المنطقة، خصوصاً الصراع مابين محور المقاومة والمحور الأمريكي الصهيوني في المنطقة. ولعل من أهم تلك القناعات والمعطيات التي نهضت بها هذه المعركة ما يلي:-
1- الهزيمة العسكرية المدوية أمام فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وبقيادة حركتي حماس والجهاد الاسلامي... فهذه الهزيمة كشفت زيف الهالة المخيفة التي نسجها العدو والانظمة المطبعة حول الجيش الصهيوني وقوته العسكرية وقببه الحديدية و" النحاسية" وما اليها، ودباباته ومجنزراته " المتطورة جداً جداً" كما كان يروج الاعلام الصهيوني والاعلام العربي المطبع مع العدو!! وهذا ما اعترف به الصهاينة أنفسهم قبل غيرهم، ومن معالم هذه الهزيمة ما يلي:
أ- كسر هيبة الجيش الصهيوني ونسف تفوقه العسكري، وكشف زيف الهالة التي نسجها العدو حول فاعلية القبة الحديدية وباقي القبب المضادة للصواريخ والطائرات وكسر هذه الهيبة يعني سلب الاستقرار والأمن من المستوطنين الصهاينة لأن العنصر الأساسي الذي يربط بقائهم في الأرض المحتلة هو تفوق جيشهم وقوتهم العسكرية على الحرب والفلسطينيين فاذا اهتزت هذه المعادلة فذلك يعني سريان القلق وعدم الاطمئنان بالسلامة والوجود في هذه الارض، ويتحول هذا الوجود، الى عبث وابحار في المجهول الذي يؤدي الى الغرق لامحالة.. وفي هذا السياق يعترف خبير عسكري صهيوني لصحيفة يدعوت احرونوت قائلاً: " ان الوضع الحالي انقلبت فيه الموازين، فحماس تبدأ بضربة اولى قوية وتطلب التوقف، والنتيجة مشاهد محرجة لقواتنا وهي تخلي المحتفلين في مسيرة الاعلام بالقدس، نواب " إسرائيليون" يفرون من القاعة الى الملجأ، وبالتوازي يحتفل الفلسطينيون بصواريخ غزة". كما ان الخبير العسكري الصهيوني رون بن يشاي كتب في مقال له بصحيفة يدعوت احرونوت أيضاً.."..فشل الجيش " الاسرائيلي" في إحباط وتدمير نظام إطلاق الصواريخ، إذ لا يزال الكثير من السلاح الاستراتيجي الرئيسي للمنظمات المعادية في غزة قابلاً للاستخدام، مايسمح لحماس والجهاد بتهديد " اسرائيل" " ! على حد قوله. وحول فشل واخفاق القبة الحديدية رد بن يشاي بشكل غير مباشر على مزاعم الجيش الصهيوني بأن القبة الحديدية صدت 90% من صواريخ المقاومة، بالقول.." أسمح لنفسي أن أفترض ان الجيش الاسرائيلي يدرك أيضاً الحاجة الى ايجاد رد هجومي أفضل على تهديد الصواريخ". وأضاف " فشل الحماية في عسقلان وأسدود وفي التجمعات السكانية في الجنوب غير المتاخمة للسياج ( أي حدود غزة) هو أمر خطير ويتطلب إصلاحاً فورياً) ودعا هذا المحلل العسكري الصهيوني الى " خطة حكومية سريعة سيتم تنفيذها لتوفير مناطق أمنية ومحمية لجميع سكان جنوب " إسرائيل" ومدن النقب الى عسقلان وخارجها".
ب- لم تقتصر الهزيمة العسكرية للعدو في هذه المعركة على صعيد كسر هيبته وكشف زيف تفوقه واخفاق واسلحته المتطورة ومنها القبب الحديدية المضادة للصواريخ وحسب، وانما هُزم أيضاً على صعيد الحرب النفسية، فبالرغم من محاولات نتنياهو وجنرالاته ومنهم وزير الدفاع غانتس ورئيس الاركان التحجج بقوة الجيش وسطوته الّا ان الوقائع على الأرض والتطورات الميدانية، أظهرته جيش جبان يفر من المناطق المحاذية لقطاع غزة كفرار الأرانب، بل ان الفيديوهات المصورة أظهرت هذا الجيش وافراده يرفضون الذهاب الى المناطق المحاذية لغزة، بل واظهرت ان بعضهم " بال على نفسه" من شدة الخوف والهلع!! وذلك السبب الاساسي الذي منع نتنياهو وجنرالاته من الحرب البرية على غزة خوفاً من فضيحة كبرى، وبالتالي خسر العدو الحرب النفسية ضد المقاومة التي نجحت في المقابل في ترسيخ مفهوم انها صاحبة السطوة والاقتدار ليس عند اتباعها من الشعب الفلسطيني ومن الشعوب العربية والاسلامية، وحسب، بل وعند الصهاينة أيضاً..
و في هذا السياق يقول المعلق العسكري الصهيوني يوآف ليمور لصحيفة " اسرائيل اليوم" أن..." جولة القتال الحالية، مست بمكانة " اسرائيل" التي تقدم نفسها على أنها القوة الأعظم في المنطقة، لاسيما بعد ما أجبرت حماس الملايين من الإسرائيليين على النزول الى الملاجئ، واضطرار تل أبيب الى إغلاق مطار بن غوريون مشدداً على ان مكانة حماس تعاظمت بشكل كبير".من ناحيته قال المعلق العسكري لصحيفة هاآرتيز عاموس هارئيل، لصحيفة هاآرتيز، " ان حركة حماس تمكنت من مفاجأة اسرائيل عبر إطلاقها الصواريخ على القدس ومنطقة تل أبيب".. وهكذا جاءت تعليقات بقية المحللين والمعلقين الصهاينة في ذات السياق الآنف لكن اكثر من عبر عن الهزيمة النفسية الجنرال رونين مانليس الناطق السابق بإسم جيش الاحتلال الصهيوني في مقالة على موقع القناة الـ12 بالتلفزيون العبري، ومما جاء في مقاله بهذا الصدد: " الحملة العسكرية الجارية في هذه الأيام على غزة لم يتزامن معها تزويد " الإسرائيليين" بالمعلومات الحالية، ولذلك يعد غياب هذه الآلية أحد الأسباب الرئيسية التي تجعلنا في كل جولة من القتال نخسر في ساحة الوعي ومعركة العقل..".
ج- الأنهيار لم يقتصر على القبة الحديدية وغير الحديدية وحسب بل الانهيار طال استراتيجية التفوق الصهيوني التي نجح العدو في تسويقها من خلال اعلام وحرب نفسية وما الى ذلك، وجعلها قناعة ومرتكزاً فكرياً وثابتاً عند الانظمة العربية المطبعة!! ذلك لأن المرتكز الذي قامت عليه هذه الاستراتيجية والتي كان لها الاثر الفعال في هزيمة تلك الانظمة نفسياً وعسكرياً ومن ثم استدراجها للتطبيع المجاني مع العدو.. لأن المرتكز الذي قامت عليه تلك الاستراتيجية نسفته صواريخ المقاومة وقلعته من الجذور، لأن هذه المعركة كما قلنا كنست ونسفت كل منظومة الافكار والقناعات الزائفة التي كان قد نسجها الكيان الصهيوني والانظمة العربية المطبعة طيلة العقود الماضية، على خلفية أكاذيب العدو وهزائم تلك الانظمة مثلما أشرنا قبل قليل... ولقد عبر المعلقون والخبراء الصهاينة عن هذا الانهيار بصورة غير مباشرة، من خلال الإشارة الى العجز العسكري الصهيوني في هذه الجولة من الحرب.. فهذا الصحفي والمحلل الصهيوني بين كاسبيت في مقالة له في صحيفة المونيتور الأمريكية، يقول: " ان الجولة الحالية من الصراع شهدت ظاهرة جديدة ومختلفة من حركة حماس، حين وجهت انذاراً صريحاً لإسرائيل طالبت فيه بسحب جنودها من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، وحددت لذلك مهلة تنتهي الساعة السادسة من مساء الاثنين الماضي.."..
و بحسب كاسبيت فإن " هذا السلوك من حماس جديد على " اسرائيل" وغير اعتيادي، ولا يتوافق مع قدراتها العسكرية الصغيرة مقارنة بالترسانة العسكرية الاسرائيلية، ورغم ذلك حققت أهدافها، فنفذت تهديدها، واطلقت ستة صوايخ باتجاه مدينة القدس، لم توقع إصابات بشرية، ولكنها تمكنت في النهاية من إثارة الهلع وافسدت احتفالات المستوطنين السنوية بيوم القدس، وأنهت جلسة منعقدة بمقر الكنيست في القدس، مسببة حالة من الهلع بين المشرعين الاسرائيليين"..))
2- لعل من الوقائع المهمة التي تمخضت عنها " معركة سيف القدس" هي أنها وحدّت الشعب الفلسطيني بمحورية وقيادة الفصائل الفلسطينية المقاومة في غزة، وايضاً أحيت القضية الفلسطينية بعد أن تصور نتنياهو والانظمة الخليجية المطبعة معه، أن القضية بات يلفها النسيان والى الأبد، فهذه القضشية تصدرت اهتمامات الرأي العام في كل مكان، واعادت المطالبات الشعبية والرسمية بانصاف الفلسطينيين واقامة دولة لهم كما جاء ذلك على لسان بعض المسؤولين الامريكيين والغربيين.
فبالنسبة الى قضية توحيد الساحة الفلسطينية، لأول مرة في تاريخ العدو ينضم فلسطينيو الثمانية والأربعين في اللد وام الفحم والمدن الأخرى الى ابناء الضفة الغربية وغزة في مواجهة الاحتلال، وخلف قيادة حماس والجهاد الإسلامي وهذا ما أقضّ مضاجع الصهاينة، واعترفوا بأن كيانهم بدأ يتفكك من الداخل.. ففي هذا السياق قال عومر عيناف الباحث في مركز " موليد للابحاث" " ان انفجار المواجهة الحالية في غزة والقدس، وداخل مدن وبلدات فلسطيني الداخل المحتل يدل على تهاوي الانطباع الذي حاول بنيامين نتنياهو تكريسه بعد اتفاقات التطبيع مع الدول العربية بأن القضية الفلسطينية لم تعد قائمة، ولم تعد تعني الشعوب العربية". وشدد عيناف في مقال نشرته صحيفة يدعوت احرونوت في 12/5/2021 على ان " عودة القضية الفلسطينية بقوة بعد أحداث القدس والتصعيد مع غزة، وما رافقه من التفاف عربي كل ذلك، أضفى صدقية على تحذيرات الجنرال دورون شلوم قائد لواء الابحاث، في شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية السابق، الذي حذر من قبول إدعاء نتنياهو بأن العالم العربي سيتخلى عن القضية الفلسطينية في أعقاب اتفاقات التطبيع، وان دعم القضية الفلسطينية يعد القاسم المشترك الذي يجمع العرب".
أما روجل إلفر، الناقد الاعلامي في صحيفة هاآرتيز، فقد إعتبر " إنخراط فلسطيني الداخل على نطاق واسع في المواجهة ضد " اسرائيل" لأول مرة، وعلى هذا النطاق أظهر "اسرائيل" كدولة ثنائية القومية في اوج حرب أهلية". وفي مقال نشرته الصحيفة وجه إلفر كلامه للاسرائيليين" بقوله: " اسرائيل" تتمزق ويتم قبرها تحت اكوام من الركام، لقد اعتقدت ان هذا يحدث فقط في أفريقيا وامريكا اللاتينية" مشيراً الى ان " اسرائيل تمر حالياً في نفس التجربة". بدوره المراسل العسكري لصحيفة يدعوت احرونوت يوسي يهوشع، لم يخرج عن هذا السياق وقال في مقاله الافتتاحي للصحيفة: " أن من أهم إنجازات حماس في هذه المعركة، هو " ضم العرب في الداخل الى تلك المعركة، إضافة الى الفلسطينيين في الضفة ولبنان".
ومما تجدر الإشارة إليه هو ان هذا التوحد في الساحات الفلسطينية الذي تحدث عنه الخبراء الصهاينة قبل غيرهم، وبمرارة وتعجب، جاء نتيجة ان المعركة الأخيرة وتفوق المقاومة فيها على العدو تحدياً وصولات صاروخية كسرت بل هزمت كل مشاعر اليأس والإحباط التي كانت تكبل الفلسطينيين نتيجة تعاون سلطتهم مع العدو ونتيجة لهاث الأنظمة العربية نحو التطبيع مع العدو الصهيوني. وبموازاة كنس المعركة لهذه المشاعر، فإنها احيت مشاعر الثقة وامكانية التحرير على يد هذه الفصائل الفلسطينية المدعومة من المقاومين في البلدان العربية والإسلامية، حيث جددت هذه الثقة الآمال بالتخلص من واقع الهزيمة والانحناء أمام القوة الصهيونية والأمريكية، بعد ما الحقت هذه الجولة من الصراع اكبر هزيمة بهذه القوة التي يتدرع بها العدو ويعتبرها الضامن الاساسي لوجوده واستمراره.
_ يتبع_
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق