مغازلة الامارات لطهران أربكت الرياض.. فهل بدأ العد العكسي؟!
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري
وسط تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وايران وإسقاط الأخيرة لطائرة استطلاع بدون طيار أمريكية متطورة وغالية جداً، حيث رآى الكثير من المراقبين أنها آيلة الى حرب أقليمية تدفع بحرب عالمية ثالثة سببها المال السعودي والاماراتي، آفاق الرئيس الأمريكي من سباته معلناً خفض حدة التصعيد مع طهران وأن لديه أصدقاء ايرانيون و"إنهم أذكياء وطموحون ويتمتعون بجودة عالية" وهو يعتز بهم وأن الشعب الايراني قوي وذو حضارة وتراث عريقين ولا ينوي تغيير نظامه!!، ساحباً البساط من تحت المحمدين اللذين يدفعانه نحو الإصطدام العسكري؛ فما كان من وزير خارجية الامارات عبد الله بن زايد إلا أن ينبري للتودد لطهران خلال مؤتمره الصحفي المشترك مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، بقوله "إننا لا نستطيع أن نوجه أصابع الاتهام إلى أية دولة في الهجمات التي طالت أربع ناقلات نفط داخل المياه الإقليمية للدولة مؤخرا لأننا لا نملك الأدلة" ..
صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية بررت تودد الامارات لايران، بأن العقوبات الأميركية على الأخيرة أثرت في تجارتها مع الامارات، وقوضت على وجه الخصوص وضع إمارة دبي كمركز تقليدي للأعمال المرتبطة بإيران. ونقلت عن مسؤول إماراتي رفيع القول "إن بلاده تتوقع تسجيل تراجع حاد في تعاملاتها التجارية مع إيران بعد أن ناهز سبعين مليار درهم (19 مليار دولار أميركي) العام المنصرم" لسبب تأثير العقوبات الأمريكية الصارمة على ايران والتي ألقت بظلالها على الامارات قبل غيرها باعتبارها مركزا للتجارة والأعمال في الشرق الأوسط، كمؤشر على التأثيرات السلبية لهذه المواجهة على المنطقة برمتها تشمل حتى الدول الداعمة لموقف واشنطن "المتشدد" تجاه طهران.. فهي تخسر الشريك الاقتصادي الأكبر وتدفع للراعي ايضاً - وفق الخبير المالي باتريك ميرفي، وهو شريك في مؤسسة كلايد آند كومباني القانونية.
مراقبون للشأن الخليجي أكدوا إرسال الإمارات رسائل تودد "سرية" لطهران، شددت فيها على رفضها لأي تصعيد سياسي أو عسكري مع ايران، كاشفة عن عدم رضى الشارقة والفجيرة ودبي عن سياسة أبو ظبي تجاه طهران، ودبي هي التي تشرف على رسائل الود والتقرب الى طهران نيابة عن الإمارات الأخرى، كونها تجيد اللعب على أكثر من حبل، وتتخوف من خطط الرياض في معاداة ايران؛ حيث تبين لها أن مصير حلف الناتو العربي للفشل، ولن تقوم له قائمة بظل رفض قطر وسلطنة عمان، وتردد الأردن، وتشكك الكويت؛ ليطيل السعودية الإرباك من تصرف الامارات.. فـ"توافق الغريمان يصارع الموت وبدأ ينهار"، فيما الدب الداشر لا زال في غفلة من أمره حيث يلعب الإماراتيون في حديقته الخلفية.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية كتبت إن جهود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتت أقل طموحاً، ولا ترقى الى إنشاء تحالف مشترك على غرار "الناتو"، وصار الحديث مقتصرا على إبرام صفقات بيع الخردة من الأسلحة وإنشاء مراكز تدريب عسكرية.. "لقد فقدت الفكرة قوتها" ولم يعد من المتوقع أن تجمع "ميسا" (النسخة العربية للناتو)، البلدانَ على اتفاقية تنص على "أن أي هجوم على أي من أعضائها يعتبر هجوما على جميع الأعضاء الآخرين"- وفق مسؤول خليجي رفيع، ما أضعف حماسة بعض اللاعبين الرئيسيين، ودفع الى تفتق عبقرية نائب رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان، بتغريدة على "تويتر"، كتب فيها: "لماذا كان ترامب أسداً على العرب وأمسى أرنباً أمام إيران؟"؛ ووزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، قال “لا يمكن معالجة التوترات في الخليج إلا سياسيا. الأزمة التي تتشكل منذ فترة طويلة تحتاج لاهتمام جماعي لوقف التصعيد أولا وللتوصل لحلول سياسية عبر الحوار والمفاوضات”.
"وول ستريت جورنال" الأمريكية أشارت الى أن مغادرة أثنين من المسؤولين المشرفين على التخطيط لمشروع إنشاء الناتو العربي، أدت الى عرقلة جهود إنشاء التحالف، وهما: كيرستن فونتنروز، المسؤول الكبير في البيت الأبيض ومدير شؤون الخليج بمجلس الأمن القومي؛ وأنتوني زيني، الجنرال البحري المتقاعد الذي استغله ترامب لقيادة محادثات بناء التحالف ومبعوثه لحل الأزمة الخليجية.. ما لم ولن يخطر ببال عبقري الامارات والرياض، هو ان الرئيس الامريكي ترامب، ليس "أرنبا" ولا "أسداً"، إلا أنه "يستأسد" أمام "الأرانب" و"يتأرنب" أمام الأسود؛ فما كان من أمارات الشارقة ودبي والفجيرة إلا أن سارعوا لإرسال رسائل تودد الى طهران ملتمسين إياها عودة العلاقات الى مجراها الطبيعي، تلك التي واجهت برد قاسٍ من ايران لأن الاماراتي الأرعن قد تجاوز الخطوط الحمر، فما بال أرعن آل سعود بعد الآن؟! - وفق مراقبين.
تزامن ذلك مع تحرك في قاعدة "سلطان بن عبد العزيز" الجوية التي تتسع لخمسة ألاف جندي و200 طائرة عسكرية بعد أن كانت ومنذ الحرب على العراق (أنطلقت منها 2700 مهمة عسكرية ضد العراق)، شبه مهجورة من القوات الأميركية وتشغلها قوات سعودية؛ لتشهد نشاطاً متواصلاً لإعادة تأهيلها ونقل قوات عسكرية إليها بإنشاء طرقات داخلية وتحديث المباني السكنية وبناء منشأة طبية؛ بعد أن وصلها 25 خبيراً أميركياً للإشراف على إجراءات التأهيل والحماية المطلوبة، تمهيداً لإستقدام تعزيزات عسكرية أميركية بطلب من "سلمان" لسبب المخاوف الكبيرة التي تنتابته إقليمياً وداخلياً حيث التحركات داخل القصور الملكية، تستهدف مستقبل نجله محمد الملطخة يداه بدماء الأبرياء سعودياً وعربياً خاصة في اليمن الشقيق.
شبكة "سي إن إن" الأمريكية كشفت النقاب عن خطة للبنتاغون لنشر ما يصل إلى 500 عسكري أمريكي في قاعدة سلطان الجوية (150 كم جنوب غربي الرياض) والتي أغلقتها القوات الأمريكية عام 2003 بعد غزو العراق، بعد أن باتت السعودية وحيدة أكثر من ذي قبل بين مطرقة الصواريخ والطيران المسير اليمني مع خفض عديد القوات الاماراتية، وبقائها وحيدة تحت ضغط الميدان بخسائرها الكبيرة؛ وبين سندان الضغط الامريكي الذي يدفعها للاستمرار في العدوان.."- وفق نيويورك تايمز؛ والوزير الإماراتي أنور قرقاش يلتمس بقوله: "ندعو صنعاء لأن تنظر للخطوة الإماراتية بأنها إجراء لبناء الثقة، والوقت الآن هو لمضاعفة التركيز على العملية السياسية"!!، ما دفع بالمندوب السعودي في المنظمة الدولية للإعلان عن "أن الوقت حان لتسوية المسألة اليمنية سياسياً"!!.
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية قالت "أن مجلس النواب الأميركي مرر وبالإجماع مشروعي قرار إدانة للسعودية، الأول بخصوص إحتجاز وتعذيب الناشطات النسويات المدافعات عن حقوق الإنسان، والثاني مشروع قرار يتعلق بخاشقجي بأغلبية ساحقة (405 أصوات مقابل 7 أصوات)، يدفع بمدير وكالة الأمن القومي للقيام بتحديد الضالعين بعملية إغتياله، ورفض أو سحب أي تأشيرات من الأشخاص المتورطين في الإغتيال (أمريكا منعت بعض الأمراء والمسؤولين السعوديين من دخول أراضيها مؤخراً)؛ فيما يستعد النواب الأمريكي أيضاً الى إتخاذ مجموعة جديدة من الإجراءات تهدف للحد من قدرات السعودية العسكرية، بينها التصويت على إجراءات لعرقلة صفقات بيع أسلحة للرياض، أقرتها إدارة "ترامب" رغم إعتراض الكونغرس، تشمل صفقات صواريخ، وذخيرة، وطائرات مراقبة مسيرة، وغيرها من التجهيزات العسكرية لها وللإمارات.. ما يطرح أسئلة كثيرة عن أسباب تزامن هذه القرارات مع رسائل التودد الإماراتية لطهران وسحب قواتها من اليمن، وإنكارها تورط طهران في إستهداف الناقلات في بحر عمان ومضيق هرمز!!.
ارسال التعليق