مملكة "قمعستان" والصمت على جبروت "بن سلمان".. الى متى؟!
[جمال حسن]
* جمال حسن
"لو خيروني بين زوال الطغاة أو زوال العبيد لاخترت بلا تردد زوال العبيد، لأن العبيد يصنعون الطواغيت ولا يبنون الأوطان" - أبن خلدون، وهذه هي انطلاقة ناجحة لكل "من يستطيع إيهام الجماهير يصبح سيدًا لهم، ومن يحاول إزالة الأوهام عن أعينهم يصبح ضحية لهم"- من كتاب "سيكولوجية الجماهير" لغوستاف لوبون
فالعبيد هم من وراء نجاح مهزلة التصبيرية أو التأجيلية للحكام الطغاة الذين يستخدمون سياسة "دق وصدح الدودك"، ولفتعالهم للأزمات مع إبعاد حلولها رغم أنها موجودة مسبقاً وسهلة التطبيق، ليسهل عليهم تنفيذ مآربهم الخبيثة والشيطانية على شعوبهم دون رادع أو معارضة أو صوت اعتراض.
لكن على الشعوب الحرة أن لا تدع لهذه السياسة الفرعونية أن تنطلي عليها وهي صامتة على غصبها أبسط حقوقها، وتنشغل بالبحث عن لقمة العيش وسد رمقها حتى لو بانت هياكلها العظمية وأضحت في أسوأ الأحوال، فإن لم تحرك ساكنا ستبقى على حالها وتسلب كل ما تبقى لها من فتات تعتاش عليه أو كرامة قليلة ترفع رأسها بها.
فإن كنا نريد أن نعيش أحراراً ومقدرات بلدنا الذي هو أغنى بلدان العالم "بلد الذهب الأسود"،أن نسعى جاهدين للحرية والتغيير والمطالبة بحقوقنا المسلوبة، ولا نهاب الجبروت السلطوي وفرعنته ومدى دمويته وكما يقول الشاعر العربي الشهير إيليا أبو ماضي:
وإن فرض الطغاة عليك ذلاً......... فلا تخضع و عش دنياك حراً
ففي مملكة قمعستان لا تجد ناصحا ولا عالما ولا مفكر ولا اقتصاديا، إلا بالسجن ووراء قضبان الزنازين المظلمة ينتظر الكثير منهم "سيف الحرابة" ظلماً وجوراً ليشفي غليل أوقح وأوسخ الناس وأكثرهم دموية وقمعاً وفرعوناً؛ ولن تجد في هذه البلاد سربوت ولا مفسد إلا بأعلى المناصب ومتصدر الترندات لا عجب في ذلك مادام يدير الدولة سفيه وأحمق # أنه# محمد_ بن_سلمان.
دعونا لا نكون ممن تروضوا الخنوع ومصوا النوى من شهوة التمر، ويأكلون أصابعهم ولحوم سواعدهم من الجوع والفقر ونحن نملك أكثر الثروات السماوية بوجود الحرمين الشريفين، فاعلموا إن وصلنا لهذه المرحلة فعلاً فأننا قد بلغنا مرحلة ما بعدها حياة.
وإن شن البغاة عليك حرباً.......... وأجروا من دم الأحرار نهراً
لنزيل الخوف والفزع من نفوسنا ونتوطن لكل قادم ما دمنا احراراً، بدلاً من العيش بذل وركون وفقر وفاقة وانبطاح لسلطة آل سعود الاجرامية الدموية، ونصرخ عالياً مطالبين بحقوقنا دون مبالاة والكل يشاهد أن صمتنا لم ينفعنا سوى تزايد قطع رؤوس الأحرار من أبنائنا من قبل "أبو منشار" وسط صمت عربي واسلامي وغربي جراء الرشى التي ينفقها "بن سلمان" لضمان بقائه على العرش.
لقد بات الكثير من أبناء شعبنا تنطبق عليهم مقولة الفيلسوف والناقد الثقافي، والشاعر والملحن الالماني فريدريك نيتشه "الناس تحبّ وتكافئ من يستطيع تخديرها بالأوهام، منذ القدم والبشر لا تعاقب إلاّ من يقول الحقيقة، إذا أردت البقاء مع الناس شاركها أوهامها، الحقيقة يقولها من يرغبون في الرحيل بقامة عز وكرامة".
الكثير من آبائنا وإخواننا وأخواتنا وأبنائنا الأحرار الذين أحسوا بالمسؤولية تجاه أبناء جلدتهم ووطنهم، قد دفعوا حياتهم الغالية من أجل أن نضحى بحرية الرأي والعدالة والمساواة، وأن لا نحيد عن نشاطنا السياسي والحقوقي الذي نمارسه منذ عقود مطالبين بأبسط الحقوق الاجتماعية والإصلاحية في الجزيرة العربية، شأننا شأن سائر شعوب العالم الحرة والأبية.
دعوتي لقوى المعارضة وجميع أحرار الجزيرة العربية بمختلف توجهاتهم إلا يضعوا بيضهم في سلة الحكومات الغربية وأن لا يعولوا عليها لا من قريب ولا من بعيد، فهي تبحث عن مصالحها القومية ولا تكن أدنى إهتمام لمصالحنا وحقوقنا المنهوبة والمسروقة في أبسطها مقيمة علاقاتها الوطيدة مع آل سعود على طول القرون والعقود وتدعمهم في إجرامهم وقتلهم لنا بمختلف الاتهامات الواهية.
رفع هذه الحكومات المنافقة والمزيفة شعار الحرية والديمقراطية ماهو إلا تستر على ألاعيبهم الوسخة والماكرة، وهي توقع اتفاقيات التستر والتكتم على إجرام العرش السعودي في مختلف صنوفه ضدنا، وتسعى جاهدة الى تبييض صورته الدموية خاصة خلال الفترة الزمنية الحالية ومحمد بن سلمان يريق دماء الأبرياء يوميا بذرائع كاذبة ومزيفة.
ومن هذا المنطلق علينا توحيد الصفوف والعمل يداً واحدة في تبيين ما يجري على شعبنا المظلوم والمسلوب الإرادة والمنهوب الحقوق، عبر تشكل موحد يمكننا من وضع كل جهودنا لرفع صرختنا عالية تصدح في سماء المعمورة نستغيث بها همم الأحرار الشرفاء ليقفوا الى جانبنا ويساندوننا لفضح أساليب القمع والبطش القبلي والمناطقي والطائفي الواسع النطاق في بلاد الحجاز.
دعونا نعمل جاهدين يداً بيد بكل ما أوتينا من قوة وفكر ونشاط بغية تعرية السلطة السلمانية وإجرام "أبو منشار" المدعوم من حفنة باعت آخرتها بدنياها، ودينها بدراهم معدود، واشترت سخط الخالق برضى المخلوق الواطي؛ ثم لا ننسى قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ.." – الرعد الآية 11، وكما قال الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي:
إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ........ فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي......... ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ
ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ....... يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ
السلطات السعودية لم ولن تكف عن اعتقال كل معارض حتى لو نبس بخصوص غلاء المعيشه أو البطالة المتنامية في صفوف شبابنا، وتزج بعشرات الناشطين السلميين من مثقفين وحقوقيين وعلماء وطلبة من كلا الجنسين، وتحكم عليهم بالسَّجن لعقود طويلة وبعضهم يتم اعدامه بسيف الحرابة أو رمياً بالرصاص بسبب النشر على مواقع التواصل الاجتماعي أو رفضهم لقرارات سلطة :بن سلمان" في إستباحة دماء الأبرياء داخلياً واقليمياً كما يحدث للعسكريين في الحرب على اليمن الشقيق.
وما زالت الممارسات الوحشية التعسفية منتشرة في مراكز الاحتجاز، وتشمل التعذيب الدامي، وسوء المعاملة، والاحتجاز التعسفي المطول، ومصادرة الأصول، والتعدي الجنسي، وسرقة الأعضاء لم يتم اعدامهم، واحتجاز وارتهان جثثهم لإرهاب أهاليهم وسائر ابناء الجزيرة العربية، دون أي إجراءات قانونية واضحة على المستوى الدولي غير التزام الصمت حتى من قبل المنظمات الغربية والعربية المتشدقة بحقوق الانسان.
واعتبر أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برينستون "برنارد هيكل"، وفي تحليل نشره بموقع “بروجيكت سنديكيت”، أن السعودية تشهد تحولا قبلياً منذ صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمنصبه في 21 يونيو/حزيران 2017، وأن الأخير يعتقد أن اعتماد قبيلته ومن حوله أفضل له من اعتماده على الجناح الجيني الذي كان ولا يزال مسانداً لسلطة أسرته على الجزيرة العربية، هو السبيل الوحيد لبقائه.
ويضيف "هيكل"، ومن هذا المنطلق "يتبع ولي العهد سياسة الانفراد في السلطة وتوحيدها في كل شقوقها؛ وقمع المعارضة، وخاصة من الاسلاميين الذين يدعون الى نموذج سياسي بديل؛ ومراجعة التاريخ السعودي والمناهج المدرسية لتتماشى مع روايات الأنظمة الغربية الداعمة له؛ وهنا نرى انفتاحه على الرقص والتعري والمثلية والعلمنة والمخدرات بشكل لا يصدق، الى جانب استثمارات ضخمة في الرياضات الدولية (وخاصة الجولف وكرة القدم) لتبييض وجهه الديكتاتوري.
نحن نعيش اليوم في مستعمرة ليست في وطن ودولة ذات سيادة وقرار، حيث نفطنا وثرواتنا محرمة علينا، وكلمة حرية وانسانية وديمقراطية جريمة لا تغتفر، وحتى كلمة عيد وطني التي يحتفل بها النظام السعودي كل عام ماهي إلا كذبة وخدعة استعمارية لا أكثر اصطنعها الثعلب البريطاني الماكر منذ يوم دعمه لآل سعود بسطوتهم على أرضنا ومقدراتنا وثرواتنا؛ واشغلونا بالأوهام وابعدونا عن سبهة عبودية الطغمة الحاكمة وطأطأة رؤوسهم لراعي البقر.. يريدون كما هم أن يبقى شعبنا كالأغنام يرعى وينام لا أكثر من ذلك.
ارسال التعليق