من أثمان وصوله للعرش...بن سلمان يخرب قيم وثقافة المجتمع المتحفظ!!
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبد العزيز المكي
أن تقوم فتاة سعودية منقبة بالتوجه نحو خشبة المسرح أثناء حفل غنائي للفنان العراقي ماجد المهندس، ومن ثم اعتلاء المسرح واحتضان ومعانقة الفنان المذكور وأمام الجمهور الذي كان حاضراً في هذا الحفل الذي أقيم في محافظة الطائف مساء يوم 13تموز2018، وأيضاً أمام الكاميرات...فذلك لا يعبر عن انه مجرد نزوة عاطفية، أو تصرف فردي، وجرى تحت ضغط عوامل معينة أو ما شابه ذلك وحسب، وإنما هذا التصرف "تصرف القناة المذكورة" يعبر عن توجه عام يراد له أن يتجلى في سلوكيات المجتمع داخل مملكة آل سعود، وفي ظل السياسات الجديدة لبن سلمان، ولي العهد السعودي ،فيظل ما يسميه الانفتاح والإصلاحات، "ورؤية عام2030". وما إلى ذلك من العناوين....
صحيح أن السلطات السعودية سارعت إلى اعتقال الفتاة، وقيل انه سيتم محاكمتها وسجنها على الأقل بمدة سنتين، وذلك في إطار محاولة امتصاص واحتواء ردة فعل الرأي العام في داخل المملكة وخارجها.. إلا أن هذه الفتاة لا يمكن أن تقدم على هذا العمل وتمتلك كل هذه الجرأة والوقاحة والتحدي لقيم المجتمع، ما لم تكن جهة داعمة لهذا الانفتاح، وضمن برنامج وسياسات محددة، إتبعها بن سلمان منذ مجيئه ولحد الآن، ويمكن رصدها، أو رصد بعض مفرداتها كما يلي:
1. تعطيل ما يسمى "بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ومنعها من ملاحقة الشباب أو الشابات، أو اعتقالهم، إذا بدرت منهم تصرفات مخلة للأدب وللأخلاق وما شابه...صحيح أن هذه الهيئة تتصف ممارساتها بالغلظة والتطرف لأنها تعبر عن فكر وتوجهات المؤسسة الوهابية التكفيرية، لكنها وللأنصاف كانت تشكل جهازاً ضابطاً لسلوكيات المجتمع ، وتشكل حصناً يمنع من احتمالات حصول ظواهر منحرفة، أو انزلاقات نحو الانحراف...هذا من جانب ومن جانب آخر فأن بن سلمان سمح بالاختلاط بين الجنسين في الملاعب الرياضية، سمح بفتح دور السينما، وبمهرجانات الاحتفالات الغنائية والموسيقية، وعلى شاكلة الحفل الغنائي لسوق عكاظ في محافظة الطائف المشار إليه...في حين كان الاختلاط بين الجنسين في مثل تلك المناسبات، بل وحتى إقامة مثل هذه المناسبات من الممنوعات في المملكة الوهابية.
2. قام بن سلمان بتأسيس " الهيئة العامة للترفيه " تماشياً مع رؤيتة 2030، لتعمل على تنظيم وتنمية قطاع الترفية لجميع شرائح المجتمع في كل مناطق السعودية...ويقول البعض من المحللين ان هذه الهيئة لم يمض على تأسيسها سوى أقل من عامين، حتى تسببت في احداث صدمة في المجتمع ، بل تجاوزت هذه الصدمة حتى حدود المملكة نفسها !!فرئيس الهيئة أحمد الخطيب الذي وضعه بن سلمان على رأسها والمعروف بانفتاحه وحماسه للتغريب، كان قد كشف " ان خطة الهيئة الوصول الى انفتاح غير مسبوق ولمستوى اكثر بكثير مما شهدته المملكة في خلال نحو عام."وقال أيضاً..." ان مدناً سعودية لافرق بينها وغيرها من مدن العالم" وذلك في حديثه عن الانفتاح في الترفية الذي يصل الى سهرات غنائية مختلفة وعروض فنية صاخبة! الخطيب قال أيضاً في حوار له مع شبكة السي ان ان الامريكية في ابريل الماضي..." ان مجتمع بلاده منفتح جداً، وان بلاده في عام2017 شهدت 2200 فعالية ترفيه حضرها اكثر من 9ملايين شخص،مشيراً الى ان هذه الأنشطة تلاقي قبولاً " على حد قوله..مايؤشر الى ذلك الدعم الهائل الذي كان الخطيب يحظى به من بن سلمان للقيام بكل هذا الجهد (الانفتاحي) للمجتمع السعودي، ولدرجة ان صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية قالت في مارس الماضي " ان السعودية عرفت بأنهامن اكثر الأماكن تحفظاً في العالم، مشيرة الى ان المملكة دخلت عهداً جديداً،اذ بدأت تنتشر فيها الفرق المسرحية وتقدم عروضها، كما نظمت حفلات موسيقية، منها واحدة للموسيقي العالمي (ياني) أقيمت في ديسمبر الماضي). ولأن الخطيب له من الوظائف ما يمنعه من متابعة موضوع الترفيه، قام سلمان وتخلصاً من الاحراج باعفائه من منصبه بحيث يتصور الرافضون لهذه الخطوات انها تلبية لمطالبهم، فالرجل استقدم فرق سيرك، منها روسية عارية، اي تضم فتيات روسيات بلباس البحر أو شبه عاريات، مما اثار ذلك استياء الناس، واثار غضبهم من السياسات الابتذالية تحت مسمى الانفتاح التي يتبعها فريق بن سلمان..لكن اعفاء الخطيب لايعني ان هيئة الترفيه جمدت نشاطها، بل على العكس واصلت ماقام به الخطيب، ويعتبر مهرجان سوق عكاظ مار الذكر من نشاطاتها !! وللأشارة فأن هيئة الترفيه نالت دعماً حكومياً كبيراً، حيث خصص لها نحو 64مليار دولار امريكي، ليبدأ هذا القطاع من الصفر، صاعداً بتسارع غير مسبوق نحو ما أطلق عليه الانفتاح!!
3. في اطار سياسة الانفتاح التي ينتهجها بن سلمان، أعلن النظام السعودي في الثاني من حزيران الماضي تعديلاً ادارياً يندرج في اطار سياسة الانفتاح التي يتبناها ولي العهد بن سلمان، وقضى هذا التعديل بفصل الثقافة عن الاعلام، وتخصيص وزارة مستقلة للثقافة، ووزارة أخرى للاعلام، وكانت للمملكة وعلى مدى عقود وزارة واحدة للثقافة والاعلام، ونص قرار التعديل على ان " وزارة الثقافة أصبحت الآن كياناً منفصلاً بقيادة الأمير بدر بن عبدالله بن محمد بن فرحان آل سعود" الذي ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنه اشترى اللوحة التي تجسد المسيح (ع) لبن سلمان بسعر قياسي بلغ 450مليون دولار في مزاد علني العام الماضي.ذلك حسب ما أفادت به صحيفة (وول ستريت جورنال) لاحقاً، بقولها انه أي بدر بن فرحان آل سعود، أبرم الصفقة نيابة عن محمد بن سلمان، ويتولى بدر بن فرحان آل سعود عدداً من المناصب الرفيعة فهو محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، التي تشرف على تطوير الوجهة السياحية التاريخية، كما يتولى أيضاً رئاسة مجلس إدارة المجموعة السعودية للابحاث والتسويق،التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بفرع الملك سلمان بالأسرة الملكية، ما يعني ان هذا الامير من المقربين جداً من بن سلمان، وهو أيضاً من المتحمسين لتنفيذ توجهاته الانفتاحية والتغريبية!! وبالتالي فأن ثمة إجماع لدى الكثير من المحللين ان الثقافة السعودية ستدخل في عهد هذا الأمير عصراً جديداً، يتميز بالابتعاد عن العصر السابق أي عصر"التحفظ والانغلاق"والانفتاح على الثقافات العالمية ومفاهيمها غير الملتزمة ....
ولتعزيز وتكريس هذا التوجه الانفتاحي ورمي المجتمع في المملكة السعودية في أتون سوق الثقافات العالمية المنحطة منها والاغلالي دون أن يترافق ذلك بعمليات تحصين وحماية لمنع غزو هذه الثقافات واختراقها لمنظومة ثقافة المجتمع الإسلامية والعربية في المملكة...نقول لتعزيز هذا التوجه وضع الملك سلمان على رأس وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السابق عبد اللطيف آل الشيخ المعروف بأنه من قص أجنحة رجال الهيئة خلال فترة توليه رئاستها بين عامي2012-2015، ومنعهم من مطاردة الناس في الشوارع العامة، لدرجة انه كان يتهم قبل مجئ سلمان وابنه بالرجل الذي أضاع هيبة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو إلى جانب ذلك كان وما يزال من المقربين من الملك سلمان وابنه ولي العهد.
4. تعزيزاً للتوجه الانفتاحي على ثقافة التغريب، الذي يتبعه ولي العهد محمد بن سلمان، قررت الحكومة السعودية في الرابع عشر من تموز الجاري إلغاء برامج "التوعية الإسلامية ".من جميع المدارس الحكومية في خطوة مثيرة غير مسبوقة، ونشرت،في حينها صحف سعودية تعميماً صادراً عن وزارة التعليم يهيب بجميع المدارس بإلغاء برامج (فطن، وحصانة، والتوعية الإسلامية)، وإلغاء جميع اللجان المرتبطة بها. ومعلوم أن برامج التوعية الإسلامية المستندة إلى الفكر الوهابي يعمل بها في المملكة منذ نحو نصف قرن، أذان برنامج "التوعية الإسلامية" عام 1969، وانتشر في كافة مدارس المملكة وأشرف على نشاطات إسلامية ومراكز صيفية طيلة الأعوام الماضية، وتخصص غالبية المدارس في السعودية غرفة لما يسمى التوعية الإسلامية، يتجمع فيها طلبة مهتمون بالنشاطات الدعوية، حيث يتشربون الفكر الوهابي التكفيري.وبحسب موقع وزارة التعليم السعودية فأن الإدارة العامة للتوعية الإسلامية تقوم بالإشراف والمتابعة على البرامج والنشاطات التربوية التي تقدم لتعزيز التمسك بتعاليم الإسلام وقيمة، بحسب الفهم الوهابي التكفيري، في إدارات التربية والتعليم ومدارسها، بالإضافة إلى توفير البرامج المناسبة لمنتسبي الجهاز المركزي لوزارة التعليم. يشار إلى أن " التوعية الإسلامية " كانت قد اتهمت من قبل التيار الليبرالي السعودي في السنوات الماضية بتنشئة جيل "متطرف"،وهو دفع للمطالبة بإلغائها.ووفقا للقرار الحكومي، فأنه جميع الأنشطة سيتم إحالتها إلى برنامج " الوعي الفكري" الذي أطلقته وزارة التعليم مؤخراً. في السياق ذاته قررت السعودية، وبالتعاون مع لجان متخصصة من الكيان الصهيوني إجراء تغييرات شاملة في المناهج المدرسية في كافة المجالات، كالتاريخ والجغرافيا والتربية الدينية و.و.بحيث تنسجم وتتلائم مع متطلبات مرحلة التطبيع والتقارب مع العدو الصهيوني، ومع توجهات بن سلمان التغريبية الانفتاحية!
4. ما يثير الاستغراب، هو ان علماء الوهابية، باتوا الجسر الذي يمر منه هذا التوجه التغريبي لبن سلمان، والتخريبي لقيم المجتمع في المملكة السعودية، بحيث تجد ان هذا " الداعية " أو ذاك ينقلب على فتاواه السابقة، ويصدر جديدة تناقضها تماماً !!
ففي هذا السياق وعلي سبيل المثال لا الحصر، أن الشيخ علي الشمري عضو الإفتاء والمشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة الشرقية قال: إن " الغناء مسألة فيها خلاف، لا يجوز ان تصل بالأمة إلى التناحر والتدابر". وبين الشمري أن " المسألة فيها نزاع، وما كان مصحوباً بالآت ينبغي للإنسان أن يدعه،لكن لا ينبغي أن يكون ذلك سبباً في تفريق الناس وتشتيتهم والوقيعة في ولاة الأمور أو بغيرهم من العلماء الذين قالوا بالجواز، مع بيان الحق والنصح للخلق ".من جهته قال الشريف العوني عضو مجلس الشورى سابقاً وأستاذ الدراسات العليا في الشريعة الإسلامية بجامعة أم القرى " انه لا محظور شرعياً " في الحفلات الغنائية، وأوضح العوني في تغريدة له، أن (الغناء بالموسيقي فيه خلاف معتبر،وبينت ذلك منذ سنوات، ومادام كذلك، فليس في إقامة حفلات الغناء محظور شرعي، إنما المحظور هو استغلال أصحاب الانحلال لهذه الحفلات، واستغلال المتشددين لهذا التفلت لإنكار ما لا يجوز إنكاره من الاجتهاد المعتبر، خاصة بعد اختيار الحكم الذي يرفع اختياره الخلاف". وسبق أن قال العوني أن "كثيراً ممن يسمعون الموسيقي يسمعونها متأثمين، ويعتقدون أنهم يرتكبون كبيرة من الكبائر.وبيّن أن أغلب التحريم مرتبط بآلات الموسيقي ولا حرج في إباحته ".
ليس هذا وحسب، بل ذهب بعض علماء الوهابية الى التقليل من أهمية فعل المنكرات وممارسة الرذائل، بهدف احتواء ردة فعل الشارع المستنكرة لهذه الممارسات والسقوط الأخلاقي في المملكة السعودية، وبالتالي تدجين المجتمع وتعويده على شيوع مثل هذه المنكرات، كما هو حال الشيخ عادل الكلباني، الذي علق على ردود الفعل الشعبية الغاضبة على حادثة احتضان فتاة منقبة الفنان العراقي ماجد المهندس في حفل غنائي، قائلاً " فتاة أخطأت، أو قل فعلت منكراً، ثم ماذا؟ تعاقب، تؤدب، وتنتهي القضية"!ولم يكثف الكلباني بهذه التغريدة، و انما عززها بتغريدة أخرى أعاد نشرها، كما يقول الكاتب في صحيفة، رأي اليوم، محمود القيعي، أعاد نشرها الناقد السعودي د.عبد الله الغذامي، قال فيها الكلباني: " اعترفت امرأة بحبلها من الزنا للنبي (ص) فلم يعنفها ولم يشتمها ولم يسألها عن الجاني ولم ولم ولم وبعد حين أقام عليها الحد هكذا تنتهي قضايا المنكرات ".
على أن ردود فعل الشارع في المملكة جاءت بعد فتاوى (الدعاة) الوهابيين الذين حللوا من الحفلات الماجنة في السعودية، اكثر غضباً وانتقاداً، فقد سخرت امرأة على توتير من الكلباني قائلة " أمرك عجيب ياشيخ جاءت المرأة تعترف امام نبي هذه الأمة ليطهرها من الذنب ويقيم عليها الحد من معصية وقعت فيها وأمام ولي الأمر فهل جاءت البنت أمام ماجد المهندس لتعترف بذنبها ليقيم عليها الحد ويطهرها لتلقى الله وهي بدون ذنب أقول اتق الله (يا شيخ) ولاتكن عوناً للعاصي للاستمرار في معصيته ". وعلق متابع آخر قائلاً: "السعودية تسجن العلماء والدعاة الأبرياء وتجلب المغنين والراقصين والطاهرين والفاسدين وتقيم لهم الحفلات لماذا؟ كي ترضى عنهم أمريكا وأوربا، إن السعودية تتحول لدولة...في العلن" أي لدولة فاسدة.
متابعون آخرين شبهوا بن سلمان بتشبيهات مسيئة له، ونصحوا الفتيات السعوديات قائلين: "لن ينفعكن ولد سلمان الذي يسعى لإفسادكن ونزع ثيابكن وعفافكن وحجابكن، إن بن سلمان هو...الذي أقسم على أن يحارب الفضيلة وينشر الرذيلة ".
هذا وكانت حادثة فتاة المغني العراقي ماجد المهندس، قد أثارت موجة احتجاجات عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً من قبل السعوديين، وحمّلوا بن سلمان مسؤولية ما وصلت إليه الأمور في المملكة السعودية بنهجة الانفتاحي على ثقافة التغريب، حيث وجد هؤلاء في هذه الحادثة فرصة في التعبير عن غضبهم إزاء ما يجري في بلدهم من تحلل وسقوط أخلاقي وابتذال تحت مسميات الانفتاح والإصلاح وما إلى ذلك من المصطلحات الرنانة...واعتبروا أن هذا الشر داهم بلادهم مع ظهور هيئة الترفية، وأن أهل الجاهلية على ما عندهم من شرك لا يرضون أن يؤتي مثل هذا أمامهم.
أكثر من ذلك، انه حتى الأميرة السعودية حصة آل سعود انتقدت هذا الوضع وقالت "إن ما يحدث حالياً في السعودية لا يرضى الله ولا رسوله ولا خلقه، متسائلة أن كانت في حلم أو علم "وأقسمت الأميرة حصة في فيديو تناقله النشطاء على الانترنت، بأن مارأته من حفل غناء في (الجوري مول) في الطائف قبل فترة لم تره من قبل في الدول الأجنبية والبنات والأجانب ولا حتى من أسمتهم ب(الكفرة)، مؤكدة أنها لم تترك دولة إلّا وذهبت إليها، وأنها لم تر مثل ما تقوم به فتيات السعودية الآن!!
كل ذلك يؤشر بل ويؤكد أن بن سلمان يتحرك وفق برنامج محدد كما أشرنا لتخريب المجتمع وثقافته، ولعل هذا الجهد الذي يقوم به هو جزء من الثمن الذي يدفعه للاميركان والصهاينة لقاء وصوله إلى العرش، إلى جانب دفعه الأموال الطائلة، والى جانب توظيف كل إمكانات المملكة في خدمة المشاريع الأمريكية والصهيونية!! ذلك أن تدمير الشعوب الإسلامية يشكل هدفاً محورياً للكيان الصهيوني، فالذي يطلع على مضامين إتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة بين مصر والأردن من جهة والكيان الغاصب من جهة أخرى، يجد أن هناك بنوداً الزامية للطرفين المصري والأردني تخص التطبيع الثقافي مع العدو، ما مكن ذلك، الاحتلال من اختراق حصون المجتمعين المصري والأردني الثقافية، لدرجة أن فرق الاختراق الصهيوني لم تصل إلى قلب الجامعات والمدارس ومراكز التربية والتعليم الأخرى...وحسب، وإنما وصلت إلى أقصى قرية نائية في الأرياف، حيث دربت نسائها الأميات على الخياطة واشترت لهن ماكنات خياطة وأقمشة وشغلتهن بمشاريع خياطة، والغرض منها، التأثير على طريقة تفكيرهن، وبالتالي محاولة حرفهن عن قيمهن الإسلامية. أما في الجامعات والمدارس فالأمور وصلت إلى درجة أن الصهاينة نجحوا في غسل أدمغة الكثير من الدارسين والأساتذة، وتمكنوا من تزوير التاريخ والجغرافيا و.و.من خلال بعض العقول المصرية...والقصة معروفة ومثبتة في أرشيف منظمات وحركات مقاومة التطبيع المصرية والأردنية، فقد وثقت نشاطات التخريب الاجتماعي والثقافي والاقتصادي وعلى كل الأصعدة، التي قام ويقوم بها النظام الصهيوني، منذ ذلك التأريخ وحتى اليوم!! وبدون شك فأن تجربة العدو في مصر والأردن تكرر في السعودية من خلال تجنيد بن سلمان في هذا البرنامج، سيما وان العدو ينظر إلى التخريب الثقافي في السعودية بأهمية تفوق ما يحصل في مصر أو الأردن أو حتى في أي بلاد إسلامية أخرى، لأن التخريب في مهد الإسلام الأول،والمكان الذي أشرقت منه شمسه التي عمت أغلب أرجاء الكرة الأرضية بضيائها، له تأثير كبير على مواطن الإسلام الأخرى.
وما يقوم به بن سلمان في تحقيق ما يريده الصهاينة، يذكرنا بتصريح نتنياهو قبل أشهر الذي قال فيه أن التطبيع مع الأنظمة الخليجية بات محروزاً، ما يهمنا هو التطبيع مع الشعوب،فهذه الشعوب مازالت ترفض قبول "إسرائيل" وتعتبرها عدواً،فلابد من تغيير هذه النظرة عبر تغيير تفكير وثقافة هذه الجماهير والتي ترتب عليها عقود من الزمن، وأضاف نتنياهو أن الأنظمة لابد أن تضطلع بدور أكثر فاعلية في تغيير نظرة الأمة إلى الكيان الصهيوني، وذلك ما يؤديه بن سلمان بكل أمانة وإخلاص!!
ارسال التعليق