منبوذ تحت رحمة مطرود.. وحقبة قاتمة في إنتظارهما
[حسن العمري]
هناك في أمريكا رئيس مخبول يواجه عقبات كبيرة لبلوغه ولاية رئاسية ثانية واستطلاعات الرأي تشير الى فقدانه الكثير من الفرص من قبل أنصاره وحلفائه وحزبه يوماً بعد آخر، لتزيد الاضطرابات العاصفة في أكثر من 120 مدينة أمريكية رفضاً للتمييز العنصري المقنن منذ قرون طويلة الأمور سوءً على "فيل" البيت الأبيض لسبب الخسائر الكبيرة في الأرواح والاقتصاد جراء جائحة كورونا وتقلبات سوق الطاقة وتهاتراته مع بلدان العالم وانسحابه من الاتفاقيات الدولية.
هنا في مملكة الذهب الأسود شاب طائش يغرق يوماً بعد آخر أكثر وأكثر في وحل مستنقع جرائمه الوقحة على المستويات الداخلية والإقليمية والجوار الشقيق حتى وسّم بـ"الأمير المنبوذ" من أقرب حلفائه وأكبر داعميه وأضحت أحلامه زبد البحر وأصوات المظلومين تعلو سماء البلاد ودمائهم تلاحقه ليل نهار في أروقة محاكم العدل ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان رغم حذف اسمه من قائمة قتلة الأطفال لمنظمة الأمم المتحدة بدفع الرشى لذوي النفوس الضعيفة، لائذاً بصنمية "البوفالو" بتقديمه ثروات بلاد الحرمين الشريفين على طبق الإخلاص متى ما اقتضت ضرورة الاستحلاب، ومستنجداً "الثعلب العجوز" ومستخدماً ذبابه الإلكتروني لتبييض وجهه القبيح.
قبل بزوغ شمس الاسلام في الجزيرة العربية، كان الكاهن في قريش يقول لعابدي الصنم: ان الصنم يطلب منكم بقرة حتى يلبي طلبكم!!!، والحقيقة أن الصنم لا يتكلم، والكاهن هو من يريد البقرة، وإذا قال للناس أريد بقرة لي لما أعطاه إياها أحدا، لذلك يحتال الكاهن على عقول الناس باسم الصنم فيعبدونه ويقدسونه ويعطوه ما يشاء ويعظمونه.. والكاهن يتصدر حديثه باسم الصنم على الدوام داعياً إياهم الى تقديسه وتعظيمه.. حتى إذا طلب من عابدي الصنم شيئا باسم الصنم, دفعوه للكاهن وهم فرحون بل ينتظرون من الكاهن أن يخبرهم بأن الصنم قد تقبل عطاءهم!!!.
الحالة ذاتها تتكرر منذ عقود طويلة في بلاد الحرمين حيث العلاقة الوثيقة بين راعي البقر الأمريكي "ترامب" وبين كارع بول الإبل السعودي "بن سلمان" الذين لا يتوانون من تقديم ما لذ وطاب الى كاهن وثنيتهم بين الحين والآخر، لكن الأخير زاد من مطامعه والولوج في سياسة تفقير وتجويع شعبنا ولوجاً كبيراً بدأه بزيارته للرياض في 20 مايو/آيار 2017 ليعود منها حاملاً معه أكثر من تريليون و500 مليار دولار سرقها سلمان ونجله من لقمة عيشنا وكرامة حياتنا وأتعاب سواعدنا، ضمن اتفاقيات وهمية وشراء أسلحة الخردة وإستثمارات مشتركة وهدايا للكاهن وأفراد عائلته.
تلك العطايا أدت الى ارتفاع كبير في نسبة الفقر بين صفوف الشعب السعودي، والبطالة أخذت تعج في صفوف المواطنين خاصة الطبقة المتعلمة والمنبعثة، والتضخم يزداد سوءاً حتى لم يعد بمقدورنا تأمين لقمة العيش، والبحث عنها في مزابل القصور الملكية لسد رمق الجوع بات يشغل مواقع التواصل الاجتماعي بصورة وأفلامه؛ وسياسة التقشف المتتالية ورفع نسبة الضرائب على السلع الأساسية وحذف الدعوم الحكومية، كسر ظهر الجميع من صغير وكبير وباتت أحلامهم هباءً في شبك؛ كل ذلك لن يجدي الحاكم الظالم نفعاً ولم يشفع له لدى الكاهن وحواشيه لتتعالى الأصوات بضرورة التعجيل للتخلص من سلمان ونجله.
لعائن كثيرة تلاحق المنشار والبوفالو المتوحشان تتصدرها قضايا حقوق الانسان وجائحة كوفيد 19، حيث الخسائر البشرية الكبيرة (بلغت الاصابات في اليوم الواحد 55 ألف شخص في امريكا وأكثر من 5 آلاف شخص في المملكة) لسوء الإدارة والخدمات الصحية في "أعظم قوة عالمية" وكذا في "بنك الإرهاب التكفيري" اللذان يتقاسمان مسؤولية إراقة الدماء البريئة من شرق الكرة الأرضية الى غربها ومن شمالها لجنوبها بشتى الوسائل الاحتلالية والحروب التدميرية لا يعرفان من الانسانية حتى ألفها، والعفو الدولية والصحة العالمية تطارد ترامب ونجل سلمان لمقاضاتهما على أفعالهما الشنيعة بإنتهاكاتهما الخطيرة لحقوق الانسان.
"ترامب" يواصل إبتزاز وإذلال ال سعود في كل شاردة وواردة بين الحين والآخر دون أن ينفع ذلك تحقيق حلم محمد بن سلمان بلوغه العرش، والصحفي الأمريكي "بوبي غوش" يفضح ذلك في مقالة نشرتها وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية بقوله: إن "تبعية ولي العهد السعودي للبيت الأبيض جعلته تحت رحمة أساليب الإدارة الأمريكية القاسية.. وأضحى عرضة بشدة لأساليب «لَيّ الذراع»"، وصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تصف نظام ال سعود الذي يقوده ولي العهد محمد بن سلمان بأنه أكثر قمعاً ودمويةً في التاريخ السعودي الحديث.
التمييز العنصري والأثني والديني، لعنة اخرى تواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومحمد بن سلمان، حيث التظاهرات المناوئة لسياسة التمييز العنصري والقتل على اللون لن تكتفي بنشر الفوضى في ربوع امريكا بل تعد الأمر ليشمل بريطانيا وفرنسا والمانيا وبلجيكا وغيرها من الدول الاوروبية الاخرى التي لها باع طويل في استعمار وأستحمار الشعوب طيلة القرون الماضية والحالية، والوضع ليس بفارق عنه في بلاد الحرمين الشريفين حيث قطع الأعناق بسيف الحرابة لسبب الاختلاف في المذهب رغم العقيدة الواحدة.
مئات مليارات الدولارات التي نهبت وسرقت من جيوبنا وحرمتنا وأبناءنا وأحفادنا وبلادنا المستقبل الواعد وتسببت ببطالة تبلغ نسبتها أكثر من 12% وفق الهيئة العامة للإحصاء، و19% وفق لجنة الشؤون المالية والاقتصادية لمجلس الشورى، وأكثر من 24% وفق تقارير المؤسسات الاقتصادية العالمية في الشارع السعودي بين مهني وخريج جامعات ومعاهد؛ كان لها أن تؤمن ثلاثة ملايين فرصة عمل للمواطن الأمريكي بتصريح "ترامب" وإذا بالبيانات الأمريكية الرسمية تكشف النقاب عن زيادة كبيرة في عدد العاطلين عن العمل بلغت 36 مليون شخصاً في ظل الضغوطات التي يتعرض لها الاقتصاد وجائحة كورونا.
وزارة العمل الأمريكية تقول: إن ما يقرب من 3 ملايين عامل يتقدمون كل أسبوع للحصول على إعانات البطالة في البلاد، يتم تأمينها من البترودولار المنهوب في وقت تم إغلاق باب هذه المعونات في بلاد الحرمين من قبل الحكام بذريعة "عجز الموازنة" مع رفع نسبة الضرائب المضافة على المواد الاستهلاكية والأساسية التي لم تستثن حتى حليب الأطفال والأدوية، وأموال الدعوم تذهب لمصانع إنتاج المعدات العسكرية الأمريكية ويضحى بلدنا أحد عنابيرها المكدسة دون حاصل أو جدوى سوى إستخدامها في قتل وذبح الجار اليمن الشقيق وأطفاله.
"كلا الحزبين في الكونغرس الأمريكي يؤيدان إجراءات عقابية ضد الرياض في العديد من القضايا، إبتداءً من تقييد مبيعات الأسلحة لها ووصولا الى المطالبة بتقديم قتلة خاشقجي للعدالة.. و"بن سلمان" عرضة لهجمات مستمرة من كل دوائر الحليف الإستراتيجي بسبب الحرب في اليمن، وحصار قطر، واعتقال الناشطين والناشطات في مجال حقوق الإنسان، والكم الهائل من الاعتقالات التي طالت علماء ومفكرين وأكاديميين ودعاة وحتى أمراء بذرائع واهية" - وفق مراقبين؛ ليرى ترامب أن التوقيت مناسباً لإذلال نجل سلمان وإبتزازه أكثر فأكثر حتى يجف الضرع ويحين وقت الذبح ونحن على مقربة كبيرة من موسم تقديم القرابين في منى رغم مسعى السلطات السعودية الى منع فريضة الحج هذا العام.
"الفيل" هو الآخر لم ينجو من المطالبة بطرده من البيت الأبيض والأمر لم يعد يُقتصر على الخصم الديمقراطي "الحمار" بل بات عدد كبير من الجمهوريين يطالبون بمنع "ترامب" بلوغ دورة رئاسية ثانية لسياساته الطائشة التي أضرت بأمريكا وسمعتها الدولية وسمعت حزبه، تم جمع تواقيع أكثر من 10 ملايين أمريكي لإقصائه من البيت الأبيض - وفق تقارير وإستطلاعات رأي لمجلة "واشنطن إكزامنر"، وموقع "غلوبال ريسيرش"، وصحيفة "ذا هيل" الأمريكية، ومجلة "بوليتيكو" الأمريكية بالتعاون مع مؤسسة "مورنينج كونسالت " للأبحاث والاستطلاعات؛ وكم الإستقالات في صفوف حكومته خير دليل.
ارسال التعليق