نقض العهود ديدنكم والخيانة سجيتكم وإراقة الدماء هوايتكم
[حسن العمري]
ما أسطره ليس بأمر جديد فالجميع يقف على خصوصيات آل سعود من كبيرهم حتى صغيرهم حيث نقض العهود ديدنهم والخيانة سجيتهم وإراقة دماء الأبرياء هوايتهم منذ تأسيس دويلتهم الأولى وحتى يومنا هذا، لكن العهد السلماني فاق كل تلك العقود إجراماً وبطشاً ودموية وخيانة لقضايا الأمة وشعبنا ما يعيد للذاكرة التاريخ الأسود القبيح لجدهم أبن سعود الى الواجه وكيف تمكن عبر سياسة الخداع والكذب والمكر والحيلة والخيانة والأجرام من فرض سيطرته على بلاد الحجاز، ذلك التلميذ الجيد للاستعمار البريطاني الماكر الذي ولّاه هذه السلطة بعد أن رأى فيه تحقيق مآربه الخبيثة في تمزيق الأمة ووحدة صفها و"الطيور على أشكالها تقع".
دخلنا هذه الأيام العام السادس لعدوان التحالف السعودي الإجرامي على البلد الجار المسالم اليمني الفقير الذي ذهب ضحيته مئات آلاف ألأبرياء بين قتيل وجريح ومعاق جراء القصف الجوي والبحري والبري والحصار الظالم على شعب ذنبه الوحيد أنه يسعى لحريته وإستقلال قراره السياسي، ما أوجس خيفة في نفوس سلمان المريض ونجله المنشار فقررا ذبحه في 25 مارس 2015 طاعة منهما لراعي البقر، متجاهلان أنهما يستطيعان ببساطة تحديد الوقت واللحظة لشن الحرب وإطلاقهما الشرارة الأولى نحو الطرف الآخر لكنهما لن يستطيعا تحديد نهايتها والخروج منها منتصران، وهو ما حدث لحربهما الدموية الوقحة على اليمن الجار، ونراهما اليوم يلتمسان عدوهما اللدود الشيعي الرافضي الحوثي بالجلوس الى طاولة التفاوض سعياً منهما للخروج من وحل هذا المستنقع.
الرياض وحلفها الشيطاني خسروا العدوان على اليمن منذ اللحظة الأولى لإنطلاقه وفق ما كشفه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول في حديثه عام 2015 لقناة "فوكس نيوز" الأمريكية بقوله "أخطأنا بترك السعودية تهاجم اليمن وكان علينا ألا نصدق وعودهم.. النتيجة كانت كارثية فبعد شهر ونصف من القصف سمعنا صراخ حلفائنا السعوديين يطلبون النجدة لأن اليمنيين خلقوا مفاجأة لم يتصورها أحد بالداخل اليمني وعلى الحدود ودخلوا مدن سعودية وقتلوا الجنود السعوديين وصادروا أسلحه سعودية رغم أننا قدمنا دعماً كبيراً عسكرياً ولوجستياً للسعوديين.. إننا أخطأنا برهاننا على جيش ضعيف ووزير دفاع (محمد بن سلمان) ليس لديه فكرة عن كلمة حرب”. مشيراً الى أن سلمان ونجله كانا قد وعدا بدخولهما صنعاء خلال فترة أقصاها 10 أيام!!.
اليوم تشير الخريطة الميدانية من سيطرة الحوثيين على غالبية مناطق اليمن وليس محافظة الجوف التي تعد أكبر مخزن نفطي في شبه الجزيرة العربية والتي سيطر عليها الحوثيون قبل أيام، ما يعني أنها أمتلكت الآن خطوطاً دولية ستراتيجية خاصة مع نجران ما سيساعدها على تطويق كامل لمأرب حيث تعد هذه العملية هامة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً؛ وسيكون بداية لدق آخر مسمار في نعش مخططات المنشار وإسقاطه من العرش الذي يحلم بإعتلائه.
السلطات السعودية أعلنت قبل أيام قبولها تنفيذها وقف إطلاق النار مع الجانب اليمني بناءاً على طلب مارتن غريفيث مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، لكنها سرعان ما نقضت تعهداتها وشنت موجة جديدة كبيرة تجاوزت 80 غارة جوية على اليمن، فكان الرد اليمني صاعقاً وموجعاً أذهب بريقه سكرة الدب الداشر بإستهدافه أهدافاً حساسة في الرياض ونجران وجيزان وعسير شارك فيها سلاح الجو المسير والقوة الصاروخية اليمنية بصواريخ "ذو الفقار" وعدد من طائرات "صماد 3"، وتوعدت صنعاء أن هذا العام سيشهد تكثيفاً لإستهدافها مناطق بالغة الحساسية عسكرياً وإقتصادياً في العمق السعودي بأسلحة يمنية متطورة تذهل العدوان وخبراء العالم.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية نقلت إلتماس الرياض للحوثيين بوقف إطلاق النار مرة أخرى والخروج بصيغة يحفظ لمحمد بن سلمان ما تبقى من ماء الوجه -إن كان باقياً، وذلك على لسان سفير الأخير لدى اليمن محمد آل جابر بقوله: "السعودية ملتزمة بوقف التصعيد، ومستعدة لوقف إطلاق النار في جميع الأراضي اليمنية إذا قبلوا ذلك". مشيرة الى الكلام هذا يؤكد المخاوف الكبيرة التي تطال ابن سلمان دفعته لإبداء حرصه على إنهاء هذه الحرب بدعوته للقاء الحوثيين وجهاً لوجه في وقت أخذوا فيه تحقيق مكاسب أقليمية كبيرة - وفق إيلانا ديلوزيير الخبيرة في شؤون اليمن في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التي أكدت "إن الدعوات السعودية الحالية للقاء الحوثيين وجها لوجه لإجراء محادثات بعد هجماتهم الدقيقة على المواقع السعودية الستراتيجية، يشير الى أن الرياض أحست بخطورة الموقف أكثر من ذي قبل وأنها تفكر بشدة كبيرة لإنهاء الحرب على اليمن".
الكشف عن المبادرة هذه في ظل الظروف الحالية تؤكد مدى خطورة الموقف الذي يواجهه ابن سلمان والتعثر والإحباط والفشل الكبير بعد خمس سنوات من الحرب الطائشة المجنونة على بلد جار فقير، عسكرياً وسياسياً إقليمياً ودولياً الى جانب دفع الثمن الاقتصادي الباهظ في ظل التدني الكبير لأسعار النفط عالمياً جراء حربه الغبية ضد الدب الروسي ليضاف هذا القرار الخاطئ الى سلسلة قراراته الغبية الاخرى التي تعكس رغبته المتعطشة للسيطرة على مقاليد الحكم في المملكة بأي ثمن كان حتى بتدمير البلاد والعباد، والتقارير الدولية العسكرية تؤكد سلسلة الفشل المتتالية التي تواجه الجيش السعودي وحلفائه ومرتزقته من اليمنيين بشكل يومي في مواجهة الحوثيين وحلفائهم من الجيش اليمني ميدانياً ليرتفع عدد قتلى تحالف السعودية الى عشرات الآلاف ناهيك عن عدد الجرحى والأسرى والكم الهائل من المعدات والآليات العسكرية والطائرات والمواقع الحساسة في العمق السعودي المدمرة وفي مقدمتها "آرامكو".
موقع «مودرن دبلوماسي» الأميركي ونقلاً عن محلل استخباراتي وصحفي الماني إستقصائي بارع مختص بالعلاقات الدولية سيما المسائل العسكرية، كتب تحت عنوان «هزم فقراء اليمن السعودية الغنية» يقول "إن السعودية خسرت حرب اليمن نهائياً بعد هجوم الحوثيين بالطائرات بدون طيار على حقل النفط السعودي.. لقد خسرت الرياض الحرب منذ إستهداف أرامكو، فليس لديها أي دفاعات ضد أسلحة جديدة حصل عليها الحوثيين هذه الأسلحة التي باتت تهدد الحياة الاقتصادية للمملكة، وجعلت الهجوم على أكبر منشأة نفطية سعودية يومأً حاسماً".
الخبير الالماني هذا الذي لديه أفضل سجل بالعالم في تحديد نقاط التحول التاريخية ونشر تحليلاته بشكل علني وواضح، وبعد الهجوم في سبتمبر الماضي على منشأتي بقيق وهجرة خُرَيص وهما معملان تابعين لشركة "أرامكو"، ويعد أحدهما أكبر معمل لتكرير النفط في العالم بواسطة طائرات يمنية مسيرة؛ كتب لقد "كان الهجوم ضربة دقيقة ضد السعوديين، والجدير بالذكر أن منطقة الشيبة تقع على بعد 1200 كيلومتر من الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيين.. الهجوم يوضح بشكل قاطع أن أهم أصول السعوديين باتت معرضة للتهديد من قبل جماعة الحوثي أكثر من أي وقت مضى".
موقع "لومبيرغ إل بي" ونقلاً عن المحلل الاستخباراتي هذا كتب يقول "أن هذه الحرب لا يمكن أن يفوز بها ولي العهد محمد بن سلمان.. أن فوزه بهذه الحرب كان منذ البداية غير محتمل، والآن أصبح مستحيلاً، فلن تقدم الولايات المتحدة ولا الأوروبيون المساعدة للسعوديين، بالإضافة لعدم وجود وسائل تكنولوجية للحماية المعقولة من مثل هذه الهجمات لدى السعوديين، أستطيع أن أقول أن فقراء اليمن هزموا السعودية التي تعتبر من أغنى ممالك شبه الجزيرة العربية".
ارسال التعليق