نموذج مثالي للشخصنة
[من الصحافة]
كتبت هنا – ولأكثر من مرة- عن غياب الوعي أو الفكر المؤسسي، وكيف أن شخصنة السلطة الإدارية، تجعل المسؤول يتصرف في المرفق العام أو المؤسسة وكأنها ضمن أملاكه الخاصة، وكنت أعتقد أن المسأله سهله وعلاجها بسيط، إذ يكفى أن يتنبه بعض المسؤولين من تلقاء أنفسهم، أو أن ينبههم إلى هذه الحقيقة، ولكن يبدو أنني كنت واهماً.
جذور الظاهرة :
إذ أن المشكلة كما هو واضح تضرب عميقاً فى جذورها، وترجع إلى الأسلوب التربوي الذي نتلقاه منذ الصغر، سواء فى المنزل أو المدرسة. وقد كتبت من قبل أن بعض مديري مدارس الأساس وصعوداً إلى الثانوي يديرون المدارس لا كمؤسسات تربويه وتعليميه ولكن بإعتبارها إقطاعيات خاصه.
ولعلنا نلاحظ هذا النمط في كثير من المرافق والمؤسسات العامة، حيث” يسكن” المسؤول فى وظيفته، ويدير المرفق أو المؤسسة العامة بإعتبارها بيته الخاص.
وهو يتعامل وفق هذه القاعدة الشخصية والذاتية، ليس فقط حينما يتصرف مع من يتعاملون مع (مؤسسته) من خارجها، مثل موظف السنترال أو سكرتير المكتب الذى يسألك حين تسأله هل وصل الطرد أو الخطاب الذى أرسلته إلى المسؤول فلان ؟ قائلاً: من أنت ؟ وما هو محتوي الطرد ؟! .. وكأن الطرد المغلق أرسل إليه هو حتى يتعرف على محتوياته !!.
بل ويمتد هذا الأسلوب فى تصرف المسؤول عن المرفق أو المؤسسة ليطال حتي الأفراد الذين ينتسبون إلى المؤسسة، حيث تجده يعين من يشاء وفق إعتبارات شخصيه بحته، ويرقى من يشاء دون معيارية مؤسسيه موضوعيه تعطي لكل ذى حقٍ حقه، بغض النظر عن شعور المسؤول تجاهه، حباً وإستلطافاً أو كرهاً وإستقلالاً.
نموذج مثالي للشخصنة:
وتأتي الكارثة حينما يتصرف المسؤول في نظم المؤسسة بمزاجية خاصه تغييراً وتبديلاً.
وبين يدى نموذج ” حدث قبل سنوات” يوضح بجلاء هذا النمط الشخصاني من ممارسة السلطة الإدارية ويتمثل في مستشفى حكومي، الذي ما أن إستلم مديره الجديد مسؤولية إدارته حتي أصدر قراراً بإغلاق أجهزة التلفزيون بوحدة غسيل الكلي بالمستشفي، وكانت الإدارات السابقة قد وضعت أمام كل ماكينة غسيل جهاز تلفزيون،تقديراً منها للحالة الصحية والنفسية لهؤلاء المرضي.
ولا أتصور أن الجهات التى وضعت هذه الأجهزة كانت تجهل أهمية العامل النفسي والمعنوي للذين يعانون من الفشل ويضطرون إلي الغسيل ليظلوا على قيد الحياة، وإحتياجاتهم من هذه الناحية كعلاج نفسي يساعد على العلاج العضوي.
ثم غير هؤلاء المرضي هنالك مرافقيهم، وبين هؤلاء المرافقون شباباً وفتيات يأتين بصحبة آبائهم أو أمهاتهم، فكيف يقضون هذه الأربع ساعات في إنتظار نهاية الغسيل ؟!. كان تلفزيون صالة الإنتظار يسليهم ويشغلهم بأخبارة ومسلسلاته ومقابلاته ؟!.
لم يسأل نفسه المسؤول هذه الأسئلة، بل أصدر قرارة،ربما لأنه شخصياً له موقف ديني أو أخلاقي من القنوات
ارسال التعليق