هكذا مر اليوم العالمي للشباب على شباب المملكة؟!
[حسن العمري]
* حسن العمري
مرّ علينا قبل ايام قلائل اليوم العالمي للشباب في عتمة حكومية شبابية وشيخوخة، حيث السلطة وجهت سهام حقدها ضد الطبقة الشابة بموجة جديدة من الاعتقالات طالت الوسط الشبابي الناشط بين معلن وبالخفى، برز منها تفجير أحد المطلوبين أمنيا نفسه بحزام ناسف في مدينة جدة ما أسفر عن مقتله وإصابة 4 بينهم 3 من رجال الأمن، وفق الرواية الحكومية فيما الحقيقة تجافي ذلك حيث نقلت أوساط الناشطين أن قوات أمن محمد بن سلمان كانت تلاحق عبد الله الشهري منذ أشهر وما أن رصدت حركته في سيارته حتى قامت بتفجيرها بلغم لاصق، كما هو الحال مع شخص آخر في القطيف وفق شهود عيان وفي اليوم ذاته الا ان النظام منعت اي حديث عنه.
خبر آخر غطى مجريات اليوم العالمي للشباب في الجزيرة، حيث أعربت جامعة "ليدز" البريطانية عن قلقها العميق على طالبة الدكتوراه لديها سلمى الشهاب التي قضت محكمة استئناف سلطوية سعودية في 9 آب/أغسطس بسجنها34عاما، بتهم "تقديم الإعانة" لمعارضين يسعون "لزعزعة استقرار الدولة" و تغريدات وإعادة تغريدات على موقع تويتر، بموجب "قانون مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله".. فيما كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، أنّ طالبة الدكتوراه السعودية في مجال طب الأسنان سلمى الشهاب حكم عليها بالسجن 34 عاما من قبل نظام آل سعود؛ بسبب تغريدات على تويتر، كاشفة عن تعرضها لسوء معاملة ومضايقات أثناء احتجازها،عندما كانت في زيارة لاهلها في السعودية في كانون الثاني/يناير 2021.
سلمى الشهاب البالغة من العمر 34 عاما وهي أم لطفلين، كشفت النقاب من أن 5 رجال من رجال أمن "بن سلمان" المقربين على الأقل اعتدوا عليها “مرارا وتكرارا” لكونها تنتمي للأقلية الشيعية في المملكة- وفق صحيفة الغارديان البريطانية التي أشارت الى أن الشهاب قد تعرضت للعنف الجسدي ؛ واحتجزت بالحبس الانفرادي لمدة طويلة وحرمت من الزيارات والمكالمات الهاتفية مع عائلتها. كما هددها أحد المحققين بـ “إلغاء” دراستها بعد أن رفضت طلبه إدراج انها كانت عضوة في جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها السعودية كمنظمة إرهابية، في بيانها التي اصدرته، ولهذا تم احتجازها وبشكل غير قانوني لمدة 285 يوماً قبل إحالتها الى المحكمة الصورية، رغم أن قانون المملكة يؤكد وجوب إطلاق سراحها بعد 180 يوما.
يمثل الشباب السعودي، الشريحة الأكبر في الهرم”على كفّ عفريت”، حتى يكاد يُطلق على مجتمعنا "مجتمعٌ شبابي"، لكن لا يختلف اثنان من أن آل سعود هم على رأس قائمة منتهكي حقوق الشباب، حيث يواجه الشباب في الجزيرة العربية تحديات مختلفة من نوع خاص حتى أنه يمكن القول بأنهم لا يشبهون نظرائهم في المجتمعات الاخرى، وهم يتعرضون الى أبشع أنواع الظلم والاضطهاد والإقصاء والتمييز القبلي والطائفي والمناطقي، وحرية الرأي والتعبير والمطالبة بالعدالة والمساواة مفقودة، وسجون آل سعود ومعتقلاتهم باتت وفي العهد السلماني مليئة بالشرفاء والمخلصين والنخب الشبابية من كلا الجنسين، وأبسط حقوق الانسان منتهكة دون رادع داخلي أو أممي أو خارجي.
أحداث اليوم العالمي للشباب لن تتوقف عند هذا الحد، بل كشفت مصادر المعارضة السعودية عن تعرض أبناء قبيلة الحويطات المالكة لمنطقة نيوم والتي أخذت من الكثير من أبناء تحت حدّ السيف، الى اعتقالات جديدة للمخالفين تسليم أراضيهم لمحمد بن سلمان أو ناطئهم الذي رفعوا الصوت ضد هذه الإجراءات ومنهم مها الحويطي لتنضم الى قافلة معتقلي الحويطات من الرجال والنساء مثل “حليمة الحويطي” وابنها وزوجها وشخصيات مقربة من عائلتها...
سياسة الاختفاء القسري والاعتقالات وانتهاك حقوق الإنسان متواصلة على قدم وساق برزت بعض جوانبها لمناسبة اليوم العالمي للشباب، حين أصدرت منظمة Raise The Voices (ارفعوا الأصوات) الحقوقية الأمريكية تقريراً يبرز قمع "بن سلمان"، والاختفاء القسري للصحفيين السعوديين، فكتب ” Luke Reitinge” لوك ريتنج: "بعد فترة وجيزة من تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، قام بتطهير أجهزة الأمن والاستخبارات في البلاد، مستهدفًا منتقدي نظامه، وأصبحت الممارسات التعسفية شائعة، في الاحتجاز والإخفاء القسري.. ثم غالباً ما يتم استهداف عائلات المعارضين الذين يعيشون في الخارج. وأن حكم مدلل سلمان يقوم على الاستبداد والبطش.. وأن للسعودية سجلا سيئا في مجال حقوق الإنسان، حيث يتعرض الصحفيون الذين يكتبون، عن قضايا مثل: حقوق الإنسان، والفساد ؛ للاحتجاز والتعذيب وسوء المعاملة أثناء وجودهم في السجن".
المنظمة الأمريكية اشارت الى اعتقال الصحفي السعودي تركي الجاسر، بتاريخ 15 آذار / مارس بتهمة كاذبة بإدارته حساباً معارضاً لأبن سلمان على تويتر، وان حالته الصحية ومكان احتجازه غير معروفين (لجنة حماية الصحفيين الدولية).. وكشفت عن هروب شيماء البقمي من عائلتها بعد سنوات من سوء المعاملة في أكتوبر 2021. لتتعرض الى الاختفاء القسري في أبريل 2022.. كما تعرض عامل الإغاثة الإنسانية في الهلال الأحمر “عبد الرحمن السدحان” للاختفاء القسري ايضاً من قبل السلطات السعودية عام (2018) وتم تعذيبه بقسوة أثناء وجوده في السجن، ثم حكم عليه لمدة 20 عاماً، تليها حظر سفر لمدة 20 عاماً، بتهمة إنشاء حسابات ساخرة عبر تويتر، تنتقد النظام السعودي.
شباب الجزيرة العربية يواجهون تحديات كبيرة ومختلفة عن غيرهم فهم لا يشبهون نظرائهم في العالم، جراء ما يفرضه نظام آل سعود عليهم حيث جردهم من جميع حقوقهم على رأسها الحقوق المدنية والسياسية، حيث الفراغ والخوف من المستقبل والحياة المقبلة، وارتفاع نسبة الفقر في المجتمع السعودي مع إحساس الشباب بعدم صلاحيتهم في المجتمع، المدعوم بالتفكك الأسري وارتفاع تكاليف الحياة مع ارتفاع كبير في نسبة البطالة والذي يتسبب في تأخّر الزواج.. اضف الى ذلك غسيل الأدمغة الكبير الذي تعرض ولا يزال يتعرض له الشباب السعودي ليكون وقوداً دون ثمن للحروب بالوكالة في الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي بفتن مذهبية طائفية ارهابية وهابية الدعاة والدعوة.
المصيبة والطامة الكبرى هو الانحطاط والانفلات الأخلاقي والخلقي منذ بدء العهد السلماني، ليتم تحديد الشباب بالرقص الماجن المختلط ولعب القمار وشرب الكحول والإدمان على المخدرات التي باتت اليوم اسعارها ارخص بكثير من أسعار السجائر حتى، وسوقهم الى اللهو واللعب وإبعادهم عن معتقداتهم الدينية وتقاليدهم الاجتماعية حيث أفسق وأفسد ما في الثقافة الغربية، فباتوا لا يفكرون بالمستقبل ولا يخططون له ولا يبحثون عن حياة كريمة وهوية وطنية مستقلة.. وهو ما يبحث ويسعى محمد بن سلمان بلوغ المجتمع الشبابي له حيث لا خطوات للأمام ولا دافع للتجديد، ولا سبيل للتغيير؛ فالواقع هو هو، وجميع الخيارات أمامهم مقفلة، لا سبيل لكسرها إلا بصراع الصعوبات وملاكمة الأزمات وكسر جدارها.. ومن ينبس بكلمة يكون مصيره السجن أو الاغتيال وقطع الرأس حرابة.
منظمة العفو الدولية، اعلنت قبل ايام من "أن قيود منع السفر تكتيك تستخدمه السلطات السعودية لكبت الأصوات المستقلة والناقدة داخل البلاد وخارجها، وتعتبر هذه القرارات انتهاكاً لحقوق الإنسان المكرّسة في القوانين الدولية، وأنها غير قانونية وتعسفية ووجه آخر لنمط القمع الحكومي وأداةً لمعاقبة الناشطين والكُتّاب والصحفيّين بكلا الجنسين والسيطرة عليهم من خلال حبسهم داخل المملكة، أو في حالة أولئك الذين يعيشون في الخارج، من خلال منع عائلاتهم من السفر إليهم".. والشباب هم عصب المجتمع وعموده الفقري، ومن اعتمد عليهم فلح ومن أهملهم خاب وأخفق، فلا يخلو مجال من الشباب إلا وأصابه التجمد والشلل.
ارسال التعليق