هكذا يكافئ المجرم السفاح وتنتهك حقوق الضحية
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري
أنشغلت المواقع والفضائيات الاخبارية خلال الأيام الأخيرة بالمنحة الكبيرة التي منحت للمملكة التي تعدّ الأكثر سفكاً للدماء البريئة وإشعال فتن الحروب بالوكالة في تاريخنا المعاصر، تلك التي أجتهدت بكل ما لديها من خبث ونفاق وخداع ووظفت كل وسائل إعلامها وبترولها ودولارها لإفشال الثورات العربية كما حصل في تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن خوفاً من توغل الفكر الثوري لبلاد الرمال المتحركة وإسقاط عرش أعتى الأنظمة إجراماً وديكتاتوريةً وقمعاً وإنتهاكاً لأبسط حقوق الانسان على أسس طائفية وعرقية.
"بدأت السعودية يوم الأحد الماضي رئاستها لمجموعة العشرين (G20)، التي ستستمر الى نهاية نوفمبر من العام القادم، لحين انعقاد قمة القادة بالرياض يومي 21 ـ 22 نوفمبر 2020".. وقد صدم الخبر منظمات الدفاع عن حقوق الانسان الدولية والمجتمع البشري ووجه صعقة أكبر عندما وقفوا على الهدف العام لمجموعة العشرين خلال الدورة التي سيترأسها "المنشار"، مشددين أن هذا الإختيار وقع على أسس الرشوة المالية التي دفعتها الرياض للعديد من البلدان الأعضاء، ثم أنه يعد أكبر إهانة توجهها الدول الصناعية للانسانية والأخلاق وأبسط حقوق الانسان.
ووضعت مجموعة العشرين ثلاثة محاور رئيسة للعام القادم هي: تمكين الإنسان: من خلال تهيئة الظروف التي تمكن جميع الأفراد، وبخاصة النساء والشباب، من العيش والعمل والازدهار.
ـ الحفاظ على كوكب الأرض: من خلال تعزيز الجهود التعاونية فيما يتعلق بالأمن الغذائي والمائي، والمناخ، والطاقة والبيئة.
ـ تشكيل آفاقٍ جديدة: من خلال اعتماد استراتيجياتٍ جريئة وطويلة المدى لتبادل منافع الابتكار والتقدم التكنولوجي.
منظمة العفو الدولية "أمنستي" أنتقدت بشدة ترؤس السعودية لمجموعة العشرين، وقالت: كيف يمكن لبلد لديه سجل مروع لحقوق الإنسان أن يضمن إحترام حقوق الإنسان في مثل هذه العملية الدولية المهمة.
سلمان ونجله بدآ سلطتهما بإجرام الحرب على اليمن الشقيق والفقير تنفيذاً لوصية عبد العزيز لأولاده "إان عزّكم من ذل اليمن وذلّكم في عز اليمن"، خوفاً من تسري أفكار الثورة الشبابية الى الشارع السعودي وإنزلاق العرش من تحت أقدامهم، فتشدقوا بشعار "إعادة الشرعية" ليكون عنواناً حصرياً لورطة تخصّ السعودية بمفردها، فعملا على تشكيل تحالف ضم بعض الدول الرجعية العميلة للفتك بشعب محب للسلام ذنبه الوحيد أنه أراد أن يعيش بحرية وإستقلال بعد عقود طويلة من ركونه لإملآت آل سعود والتي نتج عنها بعد مضي أكثر من خمس سنوات سقوط مئات آلاف القتلى والجرحى، وعشرين مليون مواطن يواجه خطر المجاعة والأمراض المعدية والأوبة الخطيرة لسبب الحصار الثلاثي الظالم عليه.
الدور المحوري لسلمان ونجله في كل الصراعات والحروب العاصفة بمنطقة الشرق الأوسط لا يمكن لأحد إنكاره أو غض الطرف عنه، رغم مساعي الرياض الحثيثة لإخفاء دورها وإسهاماتها في إراقة الدم العربي والاسلامي، وإبقاء الشارع السعودي بعيداً عن معايشة أحداثها ليكون السبب الرئيسي في تفاعله المتفاوت والمتباين مع هذه الأحداث ولم يصل لدرجة الاجماع الشعبي وتعبئة الرأي العام حيث الماكنة السياسية الإعلامية تدير دفته، فسعى الآلاف منه للإلتحاق بركب الجماعات الإرهابية التكفيرية وساعد المؤسسة الدينية الداعمة لآل سعود على تنفيذ مخططها الإجرامي الدموي في المنطقة خدمة للأسياد الصهاينة على 24 حباية.
هناك قسم آخر من المجتمع السعودي الذي وقف على الفتنة فرفع صوته ضدها وطالب بحرية التعبير والرأي والإصلاح والتغيير وتساوي الحقوق، فكان مآله غياهب السجون أو قطع الأوصال "حكم الحرابة" بذريعة الخروج على "الولي" أعتادت وسائل الاعلام العالمية على سماع مثل هذه الأخبار بين الحين والآخر لنصبح ووكالة الأنباء السعودية تنشر خبر أعدام وقطع رؤوس مجموعة جديدة من خيرة شباب الحجاز من علماء ومفكرين أساتذة جامعات ودعاة وناشطين واعلاميين.
منظمة "العفو" الدولية أعربت قبل أيام عن بالغ قلقها إزاء الإعتقالات الأخيرة في المملكة والتي طالت مجموعة من مفكرين وناشطين وكتاب وأكاديميين ومغردين، مطالبة بالإفراج الفوري عنهم، أو توجيه تهم رسمية إليهم والسماح لهم بتوكيل محامين والتواصل مع أسرهم، وحمايتهم من التعذيب وسوء المعاملة". على شاكلة الحملة التي شهدتها بلاد الحجاز في أبريل/نيسان 2019استهدفت مؤيدين لحقوق المرأة وكتابا ومثقفين، وذوي ارتباط بالناشطات المعتقلات بالمملكة؛ ومن قبلها حملة مشابهة في 2018، اعتقلت السلطات ناشطات تصدرن حملات حقوقية للمطالبة بتحسين أوضاع النساء في المملكة، سبقتها حملة واسعة أكثر في مطلع سبتمبر/أيلول 2017، شملت مئات من رموز "تيار الصحوة" من أكاديميين واقتصاديين وكتاب وصحفيين وشعراء وروائيين ومفكرين.
تقارير منظمات حقوق الانسان الدولية وصفت السعودية بـ"مملكة الموت والوحشية" وهي تعاقب المدافعين عن حقوق الإنسان، وتقول: "إن القمع المنهجي لحقوق الإنسان فيها تكثف منذ تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد في يونيو/حزيران 2017، مشيرة بأصابع الإتهام الى الحليفين الستراتيجيين راعي البقر الأمريكي والثعلب العجوز البريطاني وكذا سائر دول الاتحاد الأوروبي لتقصيرها في إلتزامها بدعم وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان هناك وهو شعار تتشدق به هذه البلدان لتلتزم الصمت ما أن تصلها دولارات نفط الشعب السعودي المنهوب.
وخلص تقرير منظمة العفو الدولية بهذا الخصوص الى أن "الحملة الصارمة على المجتمع المدني في السعودية لم تقابلها إستراتيجية واضحة من الاتحاد الأوروبي لدعم وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة، وأن الحوار مع الرياض يظل غائباً، فيما أعربت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن قلقها من استمرار الاحتجاز التعسفي للناشطين عن حقوق الإنسان في المملكة، مشددة أن "لا إصلاحات حقيقية بالمملكة في مجال الحقوق المدنية والسياسية".
مصادر مطلعة من داخل المملكة كشفت النقاب عن موجة جديدة من الإعدامات ستطال شباب المملكة على خلفية طائفية، حيث أن 39 معتقلا من أبناء القطيف على وشك تنفيذ أحكام الإعدام "حربة" بعد محاكمات صورية مشبوهة جائرة، وقالت: إن الأمر يستدعي تحركاً عاجلاً لإيقاف مُسلسل الإجرام الذي يتبعه محمد بن سلمان بعد محاكمات مسيَّسة وغير مستقلة ولا تلتزم بمعايير المحاكمة العادلة، تعرض فيها المعتقلون للتعذيب من أجل إنتزاع إعترافات بالإكراه"؛ وكانت السلطات السعودية قد أعتقلت العشرات من أبناء المنطقة الشرقية على خلفية طائفية غالبيتهم من أبناء القطيف إثر بدء الحراك السلمي فيها عام 2011، للمطالبة بإصلاحات في نظام الحكم ووقف التمييز المذهبي.
منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية المعنية بحقوق الانسان أشارت في تقرير لها "إن شعار الإصلاحات الاجتماعية الذي يرفعه محمد بن سلمان يترافق مع تشديد القمع وممارسات مسيئة ترمي الى إسكات المعارضين والمنتقدين.. وراء المظاهر البرّاقة المستجدة في السعودية تقبع حقيقة مُظلمة، في ظل سعي محمد بن سلمان إزاحة أي شخص في المملكة يجرؤ على الوقوف في طريق صعوده للعرش.
حكمة بمعنى الكلمة كانوا يقولونها في غابر الزمان "عند الإمتحان يكرم المرء أو يهان"، كانت ساعتها تبيض وجوه وتسود أخرى، ويحسب لها ألف حساب.. أما اليوم فلا عذاب لوجدان هناك أو ضمير أضحت الأمور تحل بالمال المنهوب والمسروق من رمق الشعوب المغلوبة على أمرها، فتغيرت القواعد فأضحى بيت الشعر هذا الذي أنشده أعظم شعراء العرب أبو الطيب المتنبي هو حال نجل سلمان:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ارسال التعليق