هكذا يمتطي "بن سلمان" الدعاة والمشايخ لتمرير مشاريعه الفتنوية
[عبد العزيز المكي]
*جمال حسن
قال أحد السلف الأخيار “إذا رأيتم العلماء على أبواب الأمراء والحكام فاتهموهم”- رواه أبو نعيم في الحلية، وذكره المزي في تهذيب الكمال والذهبي في سير أعلام النبلاء؛ ما يعني أن من أرضى الناس بسخط الله جل وعلا، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أرضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى الناس عنه.
بات محمد بن سلمان يمتطي دعاة الزيف ومشايخ التزوير كيف ما يطيب له ويخدم مصلحته، فمنهم من جعله وسيلة للعلمنة والانحطاط الخلقي بين أوساط المجتمع المسلم المحافظ، وآخر دفعه نحو تبرير التطبيع مع العدو الصهيوني وإسقاط قبح هذه الخيانة لدى الوسط الشبابي لابناء الجزيرة العربية.
ثم هناك من يمتطيهم نحو استمرارية سياسة الخبث والنفاق في شق عصا الأمة وإبتداع ما يحلو ويطيب لأرعن آل سعود، فينبري صادحاً داعيا ربه أن يوفقه ابتداع "مذهب جديد" يرضي سيده وولي نعمته الذي لا يزال رغم كل الترضع الذليل غاضباً وساخطاً عليه.
فقد أخرج أحمد في مسنده، والبيهقي بسند صحيح، عن أبي هريرة قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحد من السلطان قرباً، إلا ازداد من الله بعداً"؛ تغريدة واحدة بطلب العفو عن السجناء القابعين في سجون آل سعود، دفع المغامسي ثمناً باهظاً ولم تشفع له تملقاته حتى اليوم بتاتاً.
ورغم أنه حذف التغريدة لاحقا واعتذر عنها بالقول إنها غير مناسبة، إلا أنه لم يفلت من عاقبته المحتومة في النهاية، إذ جرى فصله من إمامة وخطابة المسجد، ليتحول المغامسي الذي كان أحد المدافعين عن مشاريع ولي عهد سلمان العاهرة والفاشلة، الى ضحية تم التخلي عن خدماتها بسبب تغريدة.
لا يخفى على أحد كيف تمكن محمد بن سلمان وخلال مدة قصيرة من تقليم أظافر المؤسسة الدينية إحدى الركيزتين الرئيسيتين للنظام السعودي، وكيف تحولت الى بيدق علني بيده لبلوغه ولاية العهد نحو العرش، وكيف كانت فتاواها سلاح حرابة لقمع المعارضين لأبو منشار على المستوى الشعبي وفي صفوف الأسرة الحاكمة.
وكيف استخدم مدلل سلمان كبار المؤسسة الدينية بيادق لتمرير خططه الوضيعة والعميلة والخيانية للأمة وأبناء الجزيرة العربية، وكذا مشاريعه الخاصة ليتحول دور الدعاة والمشايخ وعلماء البلاط الى منصات لشرعنة الفساد، وشرعنة الجرائم بطرق مختلفة ومخادعة للمجتمع.
لكن كل ذلك لم ولن يشفع للكثير منهم فكان السجن مأواهم الأخير رغم خدماتهم الجلية في دعم "بن سلمان" بكل قبح ودعارة؛ وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله: "إن في جهنم وادياً تستعيذ منه كل يوم سبعين مرة، أعده الله للقراء المرائين في أعمالهم وإن أبغض الخلق إلى الله عالم السلطان ".
فهناك أكثر من 400 عالم دين وداعية وخطيب يرزحون في سجون العهد السلماني دون تهم، والكثير منهم كانوا أبواق دعايات بالمجان لأسرة آل سعود في سطوتها على رقاب أبناء الحجاز وفي كل شاردة وواردة، ، موجهاً بذلك رسائل الى الآخرين بأن خدماتهم لا تقيهم من غضب "أبو منشار" بسبب أو بدونه.
لن يتوانى محمد بن سلمان من جعل المشايخ المتشدقين بالوعظ والإرشاد الديني، وسيلة امتطاء للترفيه والعلمنة والتطبيع والفرقة والنفاق ومنهم الشيخ محمد العيسى الذي حمل شمعة خلال زيارته لمعسكر الإبادة النازي الألماني السابق (أوشفيتز) في بولندا وأقام صلاة الجماعة في المعسكر وتلا فيه آيات من القرآن الكريم، ليكون تبريراً دينياً للتطبيع مع المحتل الغاصب.
وأخرج الشيرازي في «الألقاب» عن ابن عمر قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها ستكون أمراء، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، وغشي أبوابهم، فليس مني ولست منه، ولا يرد علي الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، ولم يغش أبوابهم، فهو مني وسيرد علي الحوض".
ثم لا ننسى الشيخ عبد الرحمن السديس إمام المسجد الحرام وتالياً للقرآن الكريم الذي كان أحد سفراء السلطة السعودية في البلاد الاسلامية، ورغم دفاعه عن ولي عهد سلمان ووصفه بالقائد الملهم بعد قتل وتقطيعه جمال الخاشقجي؛ نرى كيف أرغمه على التخلي عن جزء كبير من ثروته الضخمة والتي تبلغ حوالي 600 مليون ريال سعودي.
لنأتي على المغامسي الذي خرج هذه الأيام ببدعة "المذهب الجديد" إرضاءاً لسيده وهبله محمد بن سلمان الذي لم يتحمل تغريدته التي حذفها لاحقها وكانت السبب في السخط والغضب عليه رغم أنه لم يكتب فيها سوى “رفع البلاء وكشف الوباء ثلاثة: الالتجاء إلى الله بالدعاء والاستغفار.. الإحسان إلى الفقراء والمنقطعين، العفو -ما أمكن- عن المخطئين من المسجونين”.
هناك سؤال يطرح نفسه على "المغامسي" الذي يدرس اللغة وليس له أي تأليف في الفقه، ولا أصوله، ولا كتب بحثا فيه، ولا مقالا، وليس له فتوى فقهية تعلن عن ملكته الفقهية، أو ميوله الفقهية؛ ولا يعرف عنه الفقه تقليدا حسب قواعده المعروفة لدى أهل التقليد الفقهي، ولا اشتغالا بالفقه فكرا أو تأليفا؛ كيف يقدم على هذه الخطوة، أو الدعوة إليها اذا لم يكن هناك من دفعه الى ذلك من السلطة الحاكمة؟!.
لقد فضح المغامسي نفسه وكشف عمن يقف وراء مشروعه النفاقي هذا والهدف منه، إنه "بن سلمان" الذي كشف عن هذا المشروع قبل عام تقريباً خلال حوار له مع مجلة (أتلانتيك) الأمريكية، ونقل الحوار موقع روسيا اليوم، والسي إن إن، ومواقع سعودية؛ حيث صرح وبوضوح عن قرب انتهاء مشروع قام به يتعلق بالسنة النبوية، من حيث تنقيتها حسب قوله (محمد بن سلمان)، وأن ما صح منها فقط يصل لألف حديث، في تصريح غريب وعجيب!!.
المغامسي صاحب الفتاوى تصريحات مثيرة للجدل منها أن "الذبيح هو إسحاق عليه السلام، وليس إسماعيل"، لافتًا إلى أنه "لم يقل هذا القول إلا بعد أن بحث 16 عامًا، ليعلن رأيه للملأ"، خلال محاضرة في جامعة الأمير مقرن بن عبد العزيز بالمدينة المنورة؛ او فتوى عدم جواز بعدم استحباب تشغيل القرآن الكريم في البيوت طوال اليوم؛ و.. بات اليوم يدعو وبإذن سيده الصنم لمذهب جديد!!.
"المغامسي" عالم السلطان الذي فشل أن يكون “شعراوي السعودية”، كما وصفه أحدهم يسير مسرعاً بتجديد الخطاب الديني هذه الورقة الصهيونية التي باتت تطوف العالم العربي بداية من مصر الى الإمارات وأخيرا السعودية، ورغم رد الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية، عليها بالقول إن "الدعوة إلى إنشاء مذهب فقهي إسلامي جديد، تفتقد الموضوعية والواقعية"؛ ستأخذ مجراها حتى تصل ساحل "بن سلمان" ثم يزج بفاعلها الى السجن كما الذين سبقوه.
أيام ليست ببعيدة ستخرج علينا أنباء غضب محمد بن سلمان ضد الشيخ محمد العيسى وطرده واعتقاله، ولكن بعد أن تتم صفقة التطبيع مع كيان العدو الاسرائيلي وتمرر بفتاوى من أمثال هؤلاء المشايخ الذين اشتروا رضى المخلوق بسخط الخالق وباعوا دينهم وآخرتهم بدنانير ودراهم مسروقة من لقمة عيش الشعب وايام قدرة وقوة معدودة.
ارسال التعليق