هل سيقدم الفيل بقرته قرباناً للأسد لينجو بجلدته
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري..
تشير التقارير الواردة من البيت الأبيض أن الفيل الجمهوري يمهد لتقديم بقرته الحلوب قرباناً للأسد الايراني لتهدئة الأمور بين الطرفين بعد قيام الطيران الأمريكي بإغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري وكذلك أبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي في العراقي قرب مطار بغداد الأسبوع الماضي خلال زيارة رسمية للأول الى العراق قالوا أنه كان يحمل رسالة من طهران رداً على رسالة الرياض التي نقلها رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي - وفق قول الأخير.
الإدارة الأمريكية سارعت وبعد عملية اغتيال “سليماني” بتقديم شكرها لإبن سلمان، فيما الأخير شدد على دعم بلاده المستمر لواشنطن، وأنه يدرك حجم التهديدات العدوانية المستمرة التي يشكّلها "فيلق القدس”، كاشفة عن إجراء اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع محمد بن سلمان بعد ما أسماه “إجراءات دفاعية حاسمة لحماية المواطنين الأمريكيين في الخارج”، وهو ما يعطي مؤشرات على وجود تنسيق أمريكي سعودي قبل اغتيال سليماني.
سلطات ال سعود سعت جاهدة للحد من أنتشار هذه التقارير في وسائل الاعلام الغربية خوفاً من تعرضها لهجمات ايرانية ضمن ردها على العملية الأمريكية، مدعية أن الإدارة الأمريكية لم تبلغ المملكة مسبقاً عن تخطيطها لاغتيال سليماني،. فيما أشارت تقارير غربية في عدة مناسبات الى رغبة شخصية من "بن سلمان" بالتخلص من سليماني ضمن حربه غير المعلنة مع ايران.
مصدر أمريكي مقرب من مركز القرار أوشى لقناة ”سي إن إن” الأمريكية، إن ايران ستواصل إنتقامها لعملية إغتيال سليماني والمهندس ولن تكتفي بما قامت به في قاعدة "عين الأسد" الأمريكية الستراتيجية في غرب العراق والتي ألحقت أضراراً مادية وبشرية كبيرة بأمريكا وسمعتها على الصعيد العالمي، الى جانب تدمير أكبر منظومة تحكم ورصد أمريكية في تلك القاعدة، وربما ستتجه نحو ضرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، وفي مقدمتهم السعودية البلد الأكثر عداءً وجفاءً لايران، وأبرز الحلفاء لواشنطن، وتحتضن على أراضيها قواعد أمريكية كبيرة تضم عشرات آلاف الجنود الأمريكان.
وسائل إعلام غربية وضمن تغطيتها لعملية اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، أثارت تساؤلات حول دور محمد بن سلمان في هذه العملية خاصة وأنه أوفد نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان في واشنطن يوم الأثنين الماضي والذي جاء بتوجيهات شقيقه ولي العهد حاملاً منه رسالة شكر للرئيس ترامب - وفق ما نشره المبعوث السعودي على موقعه في تويتر، حيث نشرت الحكومة السعودية صوراً لخالد وترامب وكبار مستشاريه في البيت الأبيض- حسب ما نشرته جمعية "مراسلي البيت الأبيض" التي أخذت بدورها على الإدارة الأمريكية عدم اعلانها اللقاء لوسائل الاعلام والشعب الاميركي ما يثير أكثر من تساؤل بخصوص توقيت الزيارة وأرتباطها بعملية إغتيال سليماني.
مسؤولون أميركيون شددوا على أن المملكة تواجه “خطراً متزايداً” من هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة بعد مقتل سليماني في غارة أميركية في العراق، خاصة وأن الرئيس ترامب قد اعلن عدم نيته دخول الحرب مع ايران رغم الأضرار التي لحقت بقاعدة "عين الأسد" وقواتها ومعداتها معلناً عدم نيته الإنتقام من طهران وعدم دخول الحرب معها، بل مدّ يد التعاون لها للقضاء على "داعش"، وأن أمريكا لم تعد بحاجة الى نفط الشرق الأوسط!!.. كما أبلغت واشنطن الأمم المتحدة استعدادها لإجراء مفاوضات جادة غير مشروطة مع طهران لتجنب التصعيد. ما أثار إستياء وخيبة أمل كبيريين لدى الحلفاء الاقليميين خاصة الرياض التي سعت جاهدة لتحريض الفيل الأمريكي على دخول الحرب مع الأسد الايراني دون جدوى رغم تقديمها مئات مليارات الدولارات على طبق الاخلاص.
المراقبون للشأن السعودي والخليجي يؤكدون عدم قدرة المملكة في الدفاع عن نفسها في حال تعرضت لأي هجوم عسكري ايراني أو من حلفائها الاقليميين، وأن الامريكان غير قادرين على إنقاذ أو الدفاع عن المملكة آنذاك رغم تعهد ترامب بذلك وإستحلابه للبقرة الحلوب بذريعة البعبع الايراني، والضربة القاضية التي دمرت أكثر من 50% من منشآت شركة أرامكو النفطية في بقيق بالمنطقة الشرقية عبر الصواريخ الباليستية وطائرات الدرون اليمنية في ايلول الماضي رغم وجود شبكات الأنظمة الدفاعية الأمريكية هو خير دليل على عجز واشنطن من الدفاع عن القصور الملكية في حال تعرضها لأي إستهداف جوي.
السفارة الامريكية في الرياض اعلنت يوم الثلاثاء الماضي، تحذيراً لرعاياها بعدم السفر الى السعودية او مغادرتها خوفاً من احتمالية مهاجمة طائرات دون طيار أو التعرض لهجوم صاروخي، في سابقة فريدة من نوعها يشير الى أن المملكة وقيادتها ستكون بمفردها في مواجهة الانتقام الايراني المباشر أو بالوكالة - وفق شبكة “سي إن إن”، رغم أن الأخيرة تدفع على الدوام من المال والبترول لهذا الغرض.
صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية كشفت النقاب عن اتصالات أمريكية سعودية ولقاءات تم عقدها في الولايات المتحدة بين مقربين من بن سلمان بينهم نائب رئيس الاستخبارات السعودي آنذاك اللواء أحمد عسيري، وكل من جورج نادر رجل الأعمال الأمريكي من أصل لبناني ومستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وجويل زاميل إسرائيلي له صلات عميقة بوكالات الاستخبارات والأمن في بلده؛ بحثا خلالها عملية إغتيال القائد العسكري الايراني سليماني عبر إستخدام عملاء إستخباراتيين كشفتهم طهران على عدة مراحل، كلّفت الرياض أكثر من ملياري دولار أمريكي.
كريستيان أولريشسن من معهد “بيكر” للسياسة العامة بجامعة رايس الاميركية يقول: أن “الهجوم في ايلول/سبتمبر الماضي على السعودية أظهر عجزها عن حماية مواقع البنى التحتية من هجمات غير تقليدية، فكيف بها إن تعرضت لهجمات صاروخية ايرانية كالتي تعرضت لها القوات الأمريكية في العراق؟!".
ستفين سيش، نائب رئيس "معهد دول الخليج العربية" في واشنطن يقول: أن “اغتيال سليماني.. يهدد أمن واستقرار السلطة السعودية وأخواتها، وسيزيد من إحتمالية شن الحوثيين المقربين لطهران ضربات في العمق السعودي أكثر إيلاماً مما شهدته أرامكو وغيرها حتى الآن، خاصة وأن طهران تقول أن الانتقام من أميركا وحلفائها الأقليميين لمقتل سليماني ورفيقه المهندس لازال قائماً"، وأنها هددت بأن الدول التي ينطلق منها العدوان الامريكي على ايران سوف تكون هدفاً للصواريخ الايرانية.
راين بول الباحث في مؤسسة ستراتفور الأميركية يقول أن "الايرانيين لا يزالون بحاجة لضرب هدف أميركي، ربما يكون في السعودية التي هي أشد العداء لطهران وتضم أعداداً أكبر من القوات الأمريكية، وأنها غير قادرة على حماية نفسها تأكد ذلك خلال حرب السنوات الخمس مع اليمنيين"، حيث لا زالت مقولة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول لقناة "فوكس" الأمريكية: نصحتُ أصدقاءنا في السعودية الكف عن المهاترات لانهم مكشوفين من قبل ايران وان حرب مع ايران معناها عودة السعودية الى ما قبل العصر الصناعي خلال ساعات.. وأننا غير قادرين على منع الايرانيين من تدمير البنية التحتية للسعودية وبذلك لن يجد السعوديون خط هاتف يخاطبونا منه".. لكن لا أذن صاغية من سلمان وابنه لهذه النصيحة حتى الآن.
الصحف السعودية ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة للذباب الإلكتروني لمحمد بن سلمان شهدت إحتفاءً كبيراً بمقتل قاسم سليماني ووصفته بأنه “إرهابي تم القضاء عليه، وبمقتله تم إنهاء مشاريع ايران التخريبية معه”، معيدة نشر مقطع فيديو سابق لولي العهد يقول فيه إن "بلاده ستعمل على نقل المعركة الى ايران قبل وصولها الى المملكة".
ارسال التعليق