حدث وتحليل
هل يستطيع "العاصوف" مواراة سوءة آل سعود؟
[ادارة الموقع]
لم يترك حُكام آل سعود الجدد طريقةً إلا وانتهجوها للخروج من قمقم "الإرهاب" الذي اُشتهروا به، محاولين إلقاء اللوم على الآخرين وكأنّ ما جرى ليس من صُنعِ أيديهم، وكأنّ أفواج المقاتلين الذين خرجوا إلى أفغانسان والشيشان وغيرها من بلاد "الجهاد" لم تكن تحت إدارتهم وتوجيههم.
واليوم يخرج مسلسل "العاصوف" للعلن عائدًا بالعرب عمومًا والسعوديين على وجه الخصوص إلى الحقبة التي بدأت تقوى فيها الأفكار التكفيرية الإقصائية في مملكة آل سعود، أو ما يُسميها البعض بفترة "الصحوة" والتي بدأت خلالها الأفكار المُتطرفة تظهر إلى العلن.
مسلسل "العاصوف" وكما يبدو فهو نقضٌ للبنية الأساسية لقيام الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، فمن المعروف أنّ الدولة السعودية قامت بتحالف سياسي - ديني مع محمد بن عبد الوهاب "مؤسس الوهابية"، في حين قامت الثانية والثالثة بتحالف سياسي - ديني أيضاً مع أحفاد عبد الوهاب والذين يُعرفون بـ "آل الشيخ"، وعلى هذا الأساس فإنّ مسلسل العاصوف يضرب البنية الرئيسية لقيام الدولة السعودية، والتي كانت قائمة منذ أكثر من ثلاث مائة عام بالتحالف السياسي الذي يقوده آل سعود والديني الذي قاده محمد بن عبد الوهاب وأحفاده من بعده.
وبعد عرض الحلقات الأولى من المسلسل بدأ الناشطون بتداول مقاطع فيديو لملوك ومشايخ عاصروا تلك الفترة، ومن بين تلك الفيديوهات مقاطع من كتاب "الصحوة الإسلامية" لعضو هيئة كبار العلماء وأحد أكبر مشايخ المملكة "محمد بن صالح آل عثيمين" قال فيه "إنه لا يخفى على الجميع ما من الله به على الأمة الإسلامية في هذه البلاد وفي غيرها من الحركة المباركة واليقظة الحية لشباب الإسلام في اتجاههم الاتجاه الذي يكمل به اتجاه سابق، هذا الاتجاه السليم الذي هدفه الوصول إلى شريعة الله من خلال كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم".
وبالعودة إلى المُسلسل الذي كان من المُفترض أن يُعرض في رمضان من العام الماضي؛ فقد تم تأجيله إلى رمضان الحالي والهدف من ذلك زيادة الزخم الإعلامي، بالإضافة إلى منح المسلسل المزيد من الترويج بحجة أنّه يُلامس قضايا حساسة، غير أنّ المسلسل وبعد حلقاته العشر الأولى يظهر أنّه ليس أكثر من ترويج سياسي سخيف ورخيص أراد من ناصر القصبي إعطاء المزيد من الزخم لمسلسه، وهو مأخوذ عن رواية "بيوت من تراب" للكتاب الراحل "عبد الرحمن الوابلي".
أولى ردود الفعل على المسلسل أتت من قِبل السعوديين أنفسهم، حيث ذهب بعضهم إلى التقليل من أهمية وتأثير ودور هذا المسلسل، إذ ذهب بعضهم لوصف بطل العمل "ناصر القصبي" وبقية الممثلين بأنّهم مجرد "اراجوزات" يُستخدمون لتنفيذ اجندة "التغريب الفكري" و "الإنحلال الخُلقي" و"الإنسلاخ الديني" مشيرين إلى أنّ قناة MBC وهي القناة التي تعرض المسلسل بشكلٍ حصري بأنّها "اللاقط لكل ساقط" من كاتب وممثل ومخرج، كما أنّها الداعم الأول لكل "فاسق وفاجر".
ويرى مراقبون للمشهد العام أنّ العقلية الجديدة التي تُدار من قبل بن سلمان اعتمدت في جزءٍ كبيرٍ منها على الإعلام لتحسين صورة آل سعود وإظهارهم وكأنّهم رعاة الديموقراطية في المشرق العربي، فما هيئة الترفيه أو قناة SBC الجديدة إلا إضافة صغيرة للأمبراطورية الإعلامية السعودية التي يحاول من خلالها ابن سلمان لإظهار المملكة على أنّها "سويسرا الشرق".
وغير بعيدٍ عن السعودية؛ أثار المسلسل ردّة فعل عنيفة في المجتمع السوري من خلال مُحاولة المسلسل وصم الشعب السوري بأنّه هو من أرسل الإرهاب والتكفير إلى المجتمع السعودي، وذلك من خلال إظهار إمام المسجد وبعض السوريين الذين كان يعيشون في المملكة خلال تلك الحقبة على أنهم من ذوي الأفكار التكفيريّة، وأنّهم من قام بنشر الفكر التكفيري الوهابي، في حين أن الجميع يعلم أن كافة العرب من سوريين وغيرهم ذهبوا إلى السعودية وكافة دول الخليج بعد الطفرة النفطية وذهبوا للعمل فقط ولا شيء سواه.
خلاصة القول هو ما قالته العرب "رمتني بدائها وانسلت" فأنّا لمسلسلٍ الكل يعرف أنّه تم بإنتاجٍ سعودي ويمجد آل سعود في كلّ مشاهده أنّ يعرض الحقيقة التي ما أُنتج هذا المسلسل إلّا لإخفائها في أحسن الأحول، أما عين حقيقة هذا المسلسل فهي تشويه الحقائق التي يعرفها القاصي والداني علّه يجمل ولو قليلاً من قبح المشهد الحقيقي الذي فعله آل سعود في المجتمع السعودي.
ارسال التعليق