هنا السعودية.. الجلاد منشغل بقطع رؤوس الأبرياء دون رادع
[حسن العمري]
* حسن العمري
كشف أهالي ومقربون من معتقلي الرأي في مملكة الموت إن عمليات الإعدام التي تنفذها السلطات السعودية ضد ذويهم تجري دون سابق إنذار، أو إخطار لعائلاتهم، ولم تسلم لهم جثث ابنائهم وذويهم المعدومين بين قطع الرؤوس حرابة أو الشنق.. فيما خلص تقرير حقوقي جديد الى أن معدل الإعدام في المملكة يتضاعف عام بعد آخر منذ تولى سلمان بن عبد العزيز وابنه محمد مقاليد الحكم، حيث يستخدم آل سعود خاصة في العهد الأخير عقوبة الإعدام بشكل دوري لإسكات المعارضين والمتظاهرين، الأمر الذي يخالف القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي ينص على وجوب استخدامها فقط في الجرائم الأكثر خطورة.
منظمة "ريبريف" الحقوقية المناهضة لعقوبة الإعدام، وبالتعاون مع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، وثقتا عمليات الإعدام التي تقوم بها السلطات السعودية بسرية تامة والتي تجاوزت 147 عملية إعدام خلال العام الميلادي الماضي 2022، مضيفة أن السلطات السعودية استخدمت "بشكل غير متناسب" عقوبة الإعدام ضد رعايا أجانب.. كل ذلك يتم بوقاحة ودون رادع وبعد الوعد الذي قطعه محمد بن سلمان (بعد عام من توليه منصب ولي العهد) في مقابلة أجريت معه عام 2018 إن الرياض ، تسعى إلى "الحد" من اللجوء إلى عقوبة الإعدام.. فيما وثائق المنظمات الدولية وفي مقدمتها منظمة العفو الدولية تؤكد أن السعودية واحدة من أكثر دول العالم تنفيذا لعقوبة الإعدام، خلال السنوات الثماني الأخيرة.
"مايا فوا" مديرة منظمة "ريبريف"، وخلال لقائي معها من مكتبها في شرقي لندن، أكدت أن ولي العهد "فعل عكس ما وعد به تماما.. أنه أشرف بنفسه على عدد كبير من عمليات الإعدام والقمع الوحشي للأشخاص المعارضين له أو ممن شارك في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والتغيير.. إن الأدهى من ذلك وجود نظام من السرّية يحيط بعقوبة الإعدام، موضحة لم يعلم أحد أن المحتجزين على قائمة انتظار تنفيذ الإعدام.. لم تعرف عوائلهم حتى الآن عنهم شيئا. لديك أشخاص اعتُقلوا، وحوكموا، وحُكم عليهم بالإعدام، ثم أُعدموا سرا.. إن بعض العائلات اكتشفت فقط من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إعدام ذويهم.. أنه إجرام بشع وأحد "أكثر الجوانب قسوة وإزعاجا" في كل حالة" - كارولين هولي، محررة الشؤون الدبلوماسية في البي بي سي.
سلطات آل سعود ومنذ توليهم السلطة على رقاب أبناء الجزيرة العربية اتبعوا سياسة قطع الرأس في الإعدام، وفي الأماكن العامة، بقصد الترهيب والتخويف؛ لكن اليوم وبعد تعالي أصوات المعارضة الدولية لما يجري في البلاد بات الأمر يأخذ منحى السرية وتنوعت حالات الإعدام لتشمل الاغتيالات في الشوارع والبيوت بعد مداهمات وإلصاق التهم المزيفة والباطلة بالضحايا بين مهرب للمخدرات أو قاتل لشرطي أو متعاون مع جهات أجنبية و... ويقول علي الدبيسي، مدير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومقرها برلين، "إن عقوبة الإعدام جزء من نظام قانوني سعودي "غير عادل في جوهره"؛ ناهيك عن التقارير التي تؤكد تعرض المعتقلين من كلا الجنسين ومختلف الأعمار الى أبشع أنواع التعذيب.
منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية لحقوق الإنسان إن غالبية من يتم إعدامهم ينتمون الى الأقلية الشيعية، وإن "انتهاكات كبيرة وممنهجة في نظام العدالة الجنائية السعودي تشير إلى أن أي من الرجال أو النساء أو الأطفال المعتقلين قد خضعوا الى محاكمة عادلة"، وكشفت المنظمة عن حدوث عمليات تعذيب مفرطة وتعرض الكثير من المعتقلين دون ذنب حتى الى التحرش الجنسي والإعتداء عليهم في بعض الحالات؛ وأكدت المنظمة في أحدث تقرير لها عن سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان بأنه "مؤسف جداُ، ووصمة عار"، وأن سلطة محمد بن سلمان تشغل الرأي العام العالمي في مساع كبيرة للتشويش على ذلك السجل الإجرامي الدموي من خلال الترويج لأنشطة رياضية وترفيهية.
منظمات دولية تعني بحقوق الانسان كشفت عن تزايد حالات الإعدام في السعودية منذ بداية العام الحالي 2023، حيث بدأت السلطات السعودية بإعدام خمسة مواطنين دون الكشف عن الأسباب ليليهم بعد يومين الإعلان رسمياً عن إعدام عدد آخر بإحكام حرابة وتعزير، وبداية مارس الجاري نشرت وزارة الداخلية السعودية بيانا، أعلنت فيه عن تنفيذ أحكام قتل بحد الحرابة بحق أربعة أشخاص، وبعد ذلك أثنان آخران وفق ما نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).. وكشفت هذه المنظمات الدولية من أنه خلال الفترة بين 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، و1 آذار/مارس 2023، لم ترصد أي خبر رسمي عن تنفيذ أحكام قتل، إلا أن معلومات موثقة من مصادر متنوعة منها بعض المقربين من المعتقلين، أكدت تنفيذ أحكام قتل بشكل سري ومن دون إعلان رسمي كما جرت العادة.
المدير القانوني للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان طه الحاجي أكد إنّ "السلطات السعودية تسلك هذا المسار الدامي بغرض التخويف والقمع السياسي.. التقارير عن عمليات الإعدام السرية منذ نهاية عام 2022 مقلقة للغاية"؛ وكان آخر إعلان عن تنفيذ إعدام في 23 تشرين الثاني/نوفمبر، وطال عدة اشخاص أدين بعضهم بتهم ملفقة.. وقد زاد عدد القصر والمعاقين الذين تم إعدامهم لمشاركتهم في الاحتجاجات السلمية التي شهدتها المنطقة الشرقية للمطالبة بالعدالة والمساواة ورفض التمييز الطائفي، ولم يكن مصطفى درويش الذي أُعدم في حزيران/يونيو 2021، والذي كان قد تم اعتقاله في 2015 وهو لم يبلغ سن 17 عاماً بعد ليتم إعدامه حرابة "دون تحذير مسبق لأسرته التي علمت نبأ وفاته من الأخبار"- وفق منظمة أمنستي الدولية.
مراقبون للشأن السعودي أكدوا أنه منذ بداية العام 2023 وحتى هذه اللحظة، بأن السلطات السعودية قد نفذت عمليات إعدام بشكل شبه يومي، وما مِن معلومات لدينا عن عدد الأشخاص الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بحقّهم، بما أن عمليات الإعدام في المملكة لا يتم تأكيدها إلا بعد تنفيذها. إلاّ أنّ بعض التقارير الموثقة تشير الى أنّ حالات الإعدام الإجرامية قائمة على قدم وساق بشكل ممنهج وسري وأن ولي العهد لم يعد يهتم بما يتم نشره في وسائل الاعلام أو عبر تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، وأنه تجاوز كل ذلك عبر توثيق صلاته بالحكومات الحليفة بإرشائها من بيت المال وتجويع الشعب على حسابه.
"آلة عقوبة الإعدام السعودية تطحن الأطفال والمتظاهرين والنساء المستضعفات في الخدمة المنزلية، والأشخاص الذين كانت جريمتهم الوحيدة امتلاك كتب محظورة أو التحدث الى صحافيين أجانب أو نشر تغريدات تطالب بالعدالة والمساواة وحرية الرأي والتعبير بعيدا عن التمييز الطائفي القبلي والمناطقي القائم.. ووقعت الثماني سنوات الأكثر دموية للإعدامات في التاريخ الحديث في السعودية في عهد القيادة الحالية" وفق تقرير منظمة "ريبريف" المناهضة لعقوبة الإعدام والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، المؤلف من 58 صفحة تفاصيل عن تعذيب "منهجي" وانتهاكات للإجراءات القانونية، بما في ذلك محاكمات غير عادلة وتعذيب متهمين أطفال ونساء.
فريق للأمم المتحدة معني بمسائل الاحتجاز التعسفي خلص في آخر تقرير له الى عدم وجود أساس قانوني لاحتجاز وإعدام غالبية المعتقلين في سجون آل سعود الذين يتجاوز عددهم عشرات آلاف الأشخاص، حيث لا يعرف عن مصير الكثير منهم أهم أحياء أم أموات الى جانب إحتجاز السلطات السعودية الى مئات جثامين المعدومين بغية ترهيب وتخويف سائر المواطنين، وإرهاب أهليهم والمقربين منهم.. في الوقت ذاته تشير تقارير حقوقية الى قيام الرياض وعلى شاكلة ما يفعله الكيان الصهيوني بجثامين الشهداء الفلسطينين، المتاجرة بأعضاء المعدومين التي تعد من أكثر التجارة أرباحاً في العالم، وهو ما يتوق له ولي العهد محمد بن سلمان.
ارسال التعليق