أمريكا تحلب السعودية بهدوء بعد تمردها في منظمة أوبك
سلط موقع "بزنس إنسايدر" الضوء على ما اعتبرها تنازلات تنتزعها الولايات المتحدة بهدوء من السعودية على خلفية توتر العلاقات بينهما جراء دعم المملكة خفضا كبيرا لإنتاج النفط.
وذكر الموقع، في تقرير له، أن الغلام "محمد بن سلمان" تجرأ على سيده بايدن بإصراره على خفض إنتاج النفط رغم زيارة "بايدن" للرياض من أجل هذا الملف، ما أشعل غضبا في الإدارة الأمريكية، وصل صداه إلى المسؤولين السعوديين، الذين أطلقوا، في الأسابيع الأخيرة، سلسلة من المبادرات الدبلوماسية، تهدف إلى استرضاء الولايات المتحدة.
ففي اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر الماضي، صوتت السعودية لصالح قرار يعتبر ضم روسيا لأجزاء من شرق أوكرانيا غير قانوني، كما أعلن "بن سلمان" مؤخرًا عن زيادة هائلة في المساعدات الإنسانية التي سيرسلها السعوديون إلى أوكرانيا، عبر إضافة 400 مليون دولار إلى العشرة ملايين دولار التي تعهد بها في أبريل/نيسان الماضي.
كما لعب السعوديون أيضًا دورًا رئيسيًا في التوسط في تبادل أسرى رفيع المستوى بين روسيا وأوكرانيا، حيث تم إطلاق سراح بعض المواطنين البريطانيين والأمريكيين الذين تم أسرهم وهم يقاتلون في صفوف الجيش الأوكراني.
ونوه "بزنس إنسايدر"، في هذا الصدد، إلى أن الخطر الإيراني يقف وراء محاولة السعوديين استرضاء نظرائهم الأمريكيين، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة أطقت طائراتها، الأسبوع الماضي، باتجاه إيران، وسط تحذيرات من تخطيط طهران لهجوم وشيك على السعودية بصواريخ وطائرات مسيرة.
وأضاف أن السعوديين يدركون أن الاستعراض الأمريكي للقوة كان أحد أسباب عدم وقوع الهجوم الإيراني الوشيك، ما يسلط الضوء على شبكة المصالح المعقدة التي تبقي التحالف الأمريكي السعودي على قيد الحياة حتى في الأوقات الصعبة.
ومع ذلك، يبقى التوتر الأمريكي السعودي قائما بشأن النفط، إذ يعتقد "بن سلمان" أن قوة الولايات المتحدة تتضاءل، ما يدفعه لمغازلة قوى منافسة مثل روسيا والصين.
وأدت هذه الخطوة إلى رد فعل واسع النطاق في الحزب الديمقراطي الأمريكي، حيث دعا السيناتور "كريس مورفي" إلى سحب بعض من قوات بلاده بالسعودية وحظر مبيعات الأسلحة إلى المملكة. "بايدن" نفسه سبق أن أعلن عن "عواقب" على السعودية حال استمرار خفض إنتاج النفط، رغم أنه لم يحدد ماذا ستكون.
وعن هذه المفارقة، قال "جورجيو كافييرو"، الرئيس التنفيذي لشركة التحليلات "جلف ستيت أناليتيكس": "لا يمكن إنكار أنه ما دام النظام الإيراني يحتفظ بالسلطة فإن المسؤولين في واشنطن والرياض سيستمرون في النظر إليه كتهديد خطير لكل من المصالح الأمريكية والسعودية".
وأضاف أن "هذا العامل هو أحد العوامل العديدة التي تعمل على إبقاء الشراكة بين واشنطن والرياض حية على الرغم من كل مصادر التوتر بين الأمريكيين والسعوديين".
وتابع "كافييرو": "على الرغم من برودة العلاقات الدبلوماسية، تواصل الولايات المتحدة الاعتماد على السعودية كحصن ضد إيران وشريك استراتيجي رئيسي في منطقة مضطربة".
ولذا فإن "الرياض يمكنها أن تستمر في إظهار رغبتها في سياسة خارجية مستقلة بشكل متزايد دون القلق بشأن انسحاب الولايات المتحدة فجأة من التزامها تجاه المملكة"، بحسب "كافييرو".
لكن "كافييرو" نوه إلى أن "مناورات الرياض الجيوسياسية ورفضها معاقبة روسيا على غزو أوكرانيا عززت انعدام الثقة العميق في واشنطن"، مردفا: "لا يبدو أن المبادرات الدبلوماسية للمملكة، فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، لديها الكثير من الإمكانات لتعويض الضرر الذي لحق بسمعة السعودية في العاصمة الأمريكية".
ارسال التعليق