الفيفا تطلق العنان لكابوس حقوق الإنسان في السعودية
أصدر معهد شؤون الخليج الجزء الأول من سلسلته الحصرية ( الفيفا يُطلق العنان لكابوس حقوق الإنسان في السعودية)، الذي حمل عنوان " الرياضيون الذين قتلتهم الحكومة السعودية أو الذين يواجهون الموت" .
يسرد التقرير أسماء لاعبي كرة القدم والرياضيين والمدربين الذين قُتلوا على يد قوات الحكومة السعودية، أو أعدموا أو تعرضوا للتعذيب حتى الموت داخل السجون السعودية. ويسرد الجزء الثاني الرياضيين المحكوم عليهم بالإعدام حاليًا في السعودية، أو المفقودين أو المسجونين.
ويهدف التقرير إلى إبلاغ الحكومة السويسرية والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والحكومات الأوروبية والمسؤولين ووسائل الإعلام والجهات الفاعلة غير الحكومية ذات الصلة بخطة الفيفا لمنح أكبر ملكية مطلقة في " السعودية" حق استضافة كأس العالم 2034. وتم تقديم التقرير إلى الفيفا وأعضاء مجلسه مسبقًا.
إن وضع حقوق الإنسان في السعودية هو الأسوأ منذ تأسيسها عام 1932. لقد حظر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أكثر من 51 دولة بسبب انتهاكات أصغر بكثير من تلك المفصلة في هذا التقرير، وبالتالي فإن منح الحكومة السعودية حق استضافة كأس العالم 2034 ينتهك قواعد وممارسات أخلاقيات الفيفا. كما ينتهك قانون مكافحة الفساد السويسري وقانون الاتحاد الفيدرالي الأمريكي.
إن الاتحاد الدولي لكرة القدم يختبئ وراء شركة المحاماة البريطانية كليفورد تشانس وتقييمها الاحتيالي لأوضاع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. إن تقييم كليفورد تشانس غير صالح ببساطة بسبب تضارب المصالح. إن الحكومة السعودية ومؤسساتها من عملاء كليفورد تشانس ودفعت ملايين الدولارات بموجب هذه العقود. وهذا وحده يوفر أساسًا قويًا لاتخاذ إجراءات قانونية ضد الفيفا وشركة كليفورد تشانس في بريطانيا وسويسرا.
يتعين على الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وقف عرض السعودية أو قد يواجه تحقيقات غير مسبوقة في قضايا فساد ورشاوى من قبل المدعين العامين السويسريين والأمريكيين.
وستتضمن الأجزاء المقبلة من السلسلة: العنصرية السعودية الرسمية، الوضع المقيت للمرأة، القمع الديني، تدخل النظام السعودي في الرياضة، وجرائم البيئة، وسرقة الأراضي على نطاق واسع.
وذكّر المعهد بمصير لاعب كرة اليد في نادي السلام مجتبى نادر السويكت في منطقة العوامية بالقطيف، والذي قتله النظام السعودي بتهمة المشاركة في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية. وذكر المعهد الحقوقي أن قوات النظام قبضت على الششهيد مجتبى وهو في طريقه للالتحاق بالجامعة في الولايات المتحدة الأميركية. وبعد اطلاع معهد شؤون الخليج على نسخة من محاكمته أكد أن مجتبى السويكت تعرض للتعذيب الشديد وأجبر على التوقيع على الاعتراف بتهم ملفقة.
أما اللاعب الثاني، فهو لاعب كرة اليد والمراسل الرياضي مكي علي العريض، اللاعب في نادي السلام في العوامية. وأورد المعهد أن مكي تعرض للتعذيب حتى الموت على يد قوات النظام في مركز شرطة العوامية في 2 مارس/آذار 2016.
وأشار المعهد إلى تسلّم عائلة مكي لجثته، بعد أربعة أيام من اعتقاله، والتي ظهر عليها آثار التعذيب والجروح الخطيرة المصاب بها
واللاعب الثالث هو لاعب كمال الأجسام حسين عبدالعزيز الربح. أكد معهد شؤون الخليج تعرض حسين للتعذيب حتى الموت في سجن المباحث بالدمام في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019. وكان حسين قد اعتقل في أغسطس/ آب 2017 خلال الاحتجاجات السلمية .
وأشار المعهد إلى اهتمام حسين الكبير بالرياضة ومشاركته في البطولات الفردية وتدربه في صالات رياضية خاصة. وحملت جثة حسين آثار تعذيب شديدة وفقا لأحد أصدقائه الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من النظام السعودي.
زهير عبدالله السعيد، بطل الألعاب في نادي السلام. أطلقت القوات السعودية النار على اللاعب زهير خلال تصويره لمظاهرة احتجاجية، حيث أطلق قناص سعودي النار عليه من داخل عربة مدرعة.
بطل الجمباز جعفر المبيريك من نادي الابتسام في مدينة أم الحمام بالقطيف. وذكر معهد شؤون الخليج أن المبيريك فاز عام 2012 ببطولة الجمباز السعودي.
استشهد جعفر على يد فرق الموت التابعة للنظام السعودي في 21 يوليو/تموز 2017 بينما كان يقود سيارته. وأكد المعهد أن النظام يغيّب جثمان جعفر.
أكبر الشاخوري، من العوامية. استشهد الشاخوري بعد شهر واحد على زواجه على يد قوات النظام، خلال مشاركته في مظاهرة احتجاجية. وأورد المعهد أن أكبر الشاخوري كان لاعب كرة قدم وهدّاف سباقات المضمار والميدان لنادي السلام. شارك في جنازة الشهيد أكبر عشرات الآلاف بمن فيهم والدي الراحل لأنه كان ناشطا رياضيا واجتماعيا شعبيا، ومنظما لبطولات كرة القدم.
عبدالمجيد حسن النمر، من العوامية، لاعب كرة قدم مخضرم في نادي السلام خلال فترة التسعينيات، ودأب على ممارسة الرياضة حتى تاريخ اعتقاله. يذكر معهد شؤون الخليج أن النظام السعودي أعدم عبدالمجيد بتهم واهية بانتسابه إلى القاعدة، وذلك على الرغم من كونه شيعيا. وأكد المعهد أن جثة الشهيد النمر يغيّبها النظام السعودي ويمنع تسليمها إلى ذويه.
علي الفلفل، من مدينة القطيف. مدافع رياضي ومنظم، تعرض الفلفل لرصاصة في قلبه أودت بحياته خلال مشاركته بمظاهرة احتجاجية في القطيف. ويوضح المعهد أن الفلفل كان مصابا بفقر الدم المنجلي، الأمر الذي منعه من الانضمام إلى ناد رياضي، فشرع بتأسيس ورعاية فرق وبطولات الشباب المحلية.
في سياق متصل، أكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان استخدام " السعودية" استضافة كأس العالم لتعزيز صورتها الدولية، محاولةً تقديم نفسها كدولة تقدمية ومنفتحة، وعمدت الفيفا إلى قبول الطلب على الرغم من كون الملف الذي قدمته السعودية لاستضافة كأس العالم تجاهل المعايير الواجبة فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وأشارت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن حقوق العمال المهاجرين، من أبرز الملفات إثارة للقلق مع تجاهل الانتهاكات التي تطالهم، والمخاوف من انتهاكات إضافية خلال فترة التحضير للبنية التحتية اللازمة لاستضافة كأس العالم. وتشير التقديرات إلى أن العمال المهاجرين يشكلون أكثر من 30% من السكان في السعودية، وهم يعملون في قطاعات حيوية مثل البناء والخدمات.
وعلى الرغم من التغييرات التي شهدتها القوانين، لا زالت السعودية تطبق نظام الكفالة في العديد من المهن ما يمنح أرباب العمل سيطرة شاملة على حياة العمال المهاجرين، بما في ذلك سحب جوازات السفر وفرض قيود على حريتهم في مغادرة البلاد. هذه الآليات تعد انتهاكًا لحقوق العمال الأساسية وتتعارض مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة العمل الجبري.
إضافة إلى ذلك، فإن التحضيرات لكأس العالم تتطلب مشاريع بنية تحتية ضخمة، مثل بناء الملاعب والفنادق وتحسين المواصلات. في ظل النظام الحالي، هناك مخاوف من تعرض العمال المهاجرين للاستغلال خلال تنفيذ هذه المشاريع، وذلك في ظل انعدام وجود مجتمع مدني او منظمات حقوقية أو نقابات عمالية ما يمنع أي نوع من انواع الرقابة أو المسائلة.
يضاف ذلك إلى الانتهاكات التي يتعرض لها العمال في السجون، حيث يشير التوثيق إلى انتهاكات جسيمة بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة والحرمان من الحق في الدفاع الكافي عن النفس. ومنذ بداية 2024، أعدمت السعودية أكثر من 100 أجنبي معظمهم من العمال على الرغم من الشوائب التي من المتوقع أن تكون اعترت محاكماتهم.
قصة أحمد عبد المجيد:
أوردت المنظمة قصة أحمد عبد المجيد، وهو عامل هندي، الذي أمضى أربعة عقود في " السعودية" ، حيث عمل في شركة “سيرا” للسفر. مع التغييرات الإدارية في الشركة بعد حملة “مكافحة الفساد” التي قادها محمد بن سلمان وبعد سيطرته عليها، تعرض لسلسلة من الانتهاكات، بينها سحب جواز سفره ومنعه من العودة إلى بلده، إجباره على العمل دون أجر لسداد ديون لا علاقة له بها.
لاحقا، تم ابتزاز عبد المجيد بدفع مبلغ مالي كبير مقابل منحه الحق في مغادرة " السعودية" ما دفعه إلى بيع ممتلكات عائلته لتغطية هذه الديون تحت التهديد بالسجن.
أشارت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن هذه الممارسات تتعارض مع اتفاقية العمل الجبري رقم 29 واتفاقية إلغاء العمل الجبري رقم 105 لمنظمة العمل الدولية، والتي تعتبر " السعودية" طرفًا فيها، كما أنها تنتهك مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يؤكد على حق الأفراد في حرية التنقل والعمل تحت ظروف لائقة.
رأت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن الاتحاد العالمي لكرة القدم تجاهل موضوع حقوق الإنسان في " السعودية" في قبوله استضافتها كأس العالم، وعلى رأسه حقوق العمال. وتعتبر أنه لا يمكن التعويل على أي وعود رسمية أو رقابة في الداخل مع انعدام أي دور للمجتمع المدني ومعاداة للمنظمات الحقوقية.
اعتبرت المنظمة أن عدم الاستجابة لطلبات أحمد المجيد وأسرته بالتحقيق فيما حصل معه والتعويض عن خسارته يظهر استحالة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وخاصة مع استمرار تطبيق نظام الكفالة.
وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن قصة عبد المجيد وآلاف العمال الأجانب يجب أن تذكر العالم بالتحديات الحقيقية التي تواجه حقوق الإنسان في السعودية بعيدا عن محاولات تحييد هذه الواقع عن صورة السعودية.
ارسال التعليق