جسر بري يعزز الشراكة المتنامية بين الإمارات والصهاينة
يمثل إقامة جسر بري يربط دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل دلالة قوية على أن حرب غزة لن تعطل الشراكة المتنامية بين الدولتين.
وكشف موقع “والا” العبري يوم السبت 16 ديسمبر/كانون الأول 2023، أن دفعة أولى من الشحنات التجارية وصلت إلى إسرائيل عبر جسر بري جديد يبدأ من الإمارات ويمر عبر السعودية والأردن.
وكانت صحيفة معاريف العبرية أعلنت في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن توقيع اتفاق بين الإمارات وإسرائيل لإنشاء جسر بري بين البلدين، حيث وقعت شركة “تراكنت” (Trucknet) الإسرائيلية اتفاقية مع شركة “بيورترانس” (Pure Trans) الإماراتية للخدمات اللوجستية لتسيير شاحنات البضائع من ميناء دبي إلى ميناء حيفا في إسرائيل مروراً بالأراضي السعودية ثم الأردنية، بسعة 300 إلى 350 شاحنة يومياً.
وبحسب منصة “أسباب” البحثية لا يعتبر مشروع الجسر البري بين الإمارات وإسرائيل فكرة وليدة لتداعيات حرب غزة، ولكنّ الحرب وما تبعها من هجمات الحوثيين ضد السفن الإسرائيلية حفزت من سرعة البدء في تنفيذ المشروع.
إذ سبق أن عرضت وزارة الخارجية الإسرائيلية خطة إنشاء هذا الطريق البري على المبعوث الأمريكي الخاص، آموس هوكشتاين، بحسب يديعوت أحرنوت في يوليو/تموز الماضي، ونقل المسؤولون في إدارة بايدن الخطة للدول المعنية: الإمارات والسعودية والأردن، بالإضافة للبحرين وسلطنة عمان.
وبالفعل، وقعت “تراكنت” الإسرائيلية، في أيلول/ سبتمبر الماضي، اتفاقية مع كل من الإمارات والبحرين، في المنامة، تمهيدًا لبدء تشغيل الخط البري.
ومع تصاعد هجمات الحوثيين وإثبات جديتهم في تهديد الملاحة المرتبطة بالاحتلال ردا على الحرب الإسرائيلية على غزة، باتت الحاجة ملحة لتشغيل الخط البري، بحسب تصريح “حنان فريدمان”، رئيسة “تراكنت”، خلال توقيعها الاتفاق مع شركة “بيورترانس” الإماراتية للخدمات اللوجستية (Puretrans FZCO).
ولا تنبع أهمية تشغيل هذا الجسر في كونه يربط بريا بين الإمارات ودولة الاحتلال، حيث كان النقل البري قائما بالفعل بين الجانبين، فقد كانت الشاحنات تصل بالفعل من الإمارات إلى ميناء حيفا مرورا بالسعودية ثم عبر الأردن.
لكنها لا تتحرك كخط مباشر، وإنما يتغير السائقين والشاحنات عند المعابر الحدودية، وذلك لعدم وجود اتفاق مباشر بين السعودية والاحتلال، مما يطيل المدة.
لكن الآن، بات وصول شاحنة واحدة وسائق واحد من دبي إلى ميناء حيفا مباشرة، دون تغيير عند المعابر الحدودية بين الدول، وهو ما يعكس التوصل لاتفاق بين جميع الدول المشتركة في المسار، لتوحيد الشاحنات وقبول رخص القيادة للسائقين المصرح لهم بالسفر.
ولذلك؛ فكما أن الخطوة لا تترك مجالا للشك حول تمسك كل من الإمارات والبحرين بنظرتهما الاستراتيجية للشراكة مع إسـرائيل، فإنها تشير أيضا إلى أن السعودية تواصل المضي قدما في مسار صفقة التطبيع مع إسـرائيل، خاصة في ظل استراتيجية المملكة التي تتعامل مع هذا الأمر في سياق أوسع يشمل شراكة أمنية ودفاعية مع الولايات المتحدة.
وتعاملت الرياض منذ بدء الحرب الإسـرائيلية على غزة بنهج دبلوماسي حذر، حيث انتقدت الانتهاكات الإسـرائيلية في غزة وطالبت بالوقف الفوري لإطلاق النار، لكن لم تظهر أي رغبة في استخدام الأدوات المتاحة لديها للضغط على الولايات المتحدة وإسـرائيل مثل قدرتها على خفض إنتاج النفط.
وبالرغم أن الحرب الإسـرائيلية في غزة عطلت مؤقتا الجهود الدبلوماسية متعلقة بمسار التطبيع بين السعودية وإسـرائيل، فلا تزال الحسابات التي دفعت الرياض إلى مسار التطبيع قائمة، حيث تعتقد الرياض أن طموحها للريادة الاقتصادية في الشرق الأوسط يتطلب ضمان استقرار طويل الأجل وفي ظل علاقات قوية مع واشنطن.
ولا توجد مؤشرات على أن السعودية قد غيرت هذا التقدير نتيجة حرب غزة، وإن كان للقضية الفلسطينية وزن نسبي أكبر في مفاوضات التطبيع، بعد أن أعادتها حرب غزة مجددا إلى قلب الأجندة الإقليمية.
من جهة أخرى، يعد الجسر البري أسرع من قناة السويس بنحو 10 أيام، حيث يستغرق 3-4 أيام فقط. لذا تبرز أهمية الجسر على نحو خاص في حالة نقل البضائع ذات الصلاحية قصيرة المدة، مثل المنتجات الغذائية الطازجة.
وبالرغم من أن تكلفة استخدام الجسر البري أعلى من قناة السويس، فإن ارتفاع تكاليف التأمين البحري في الوقت الراهن جراء التوترات عند مضيق باب المندب جعلت الطريق البري أقل تكلفة.
وبينما سيكون تأثير الجسر البري بين الإمارات وإسـرائيل على قناة السويس محدودا، فإن القناة ستواجه في المستقبل المنظور تحديات كبيرة.
إذ أن التوترات الجيوسياسية والتنافس بين عدة جهات دولية وإقليمية تحفز باتجاه المضي قدما في مشاريع بديلة قائمة على تحالفات استراتيجية واسعة واستثمارات مالية ضخمة، مثل الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (والذي سيمثل تطويرا للجسر البري الراهن) أو طريق التنمية بين العراق وتركيا.
وسيكون لهذه المشاريع الضخمة ارتدادات مباشرة على قناة السويس، بينما ستحتفظ الأخيرة بميزة تنافسية ترتبط بقدرتها دون غيرها من المسارات على استقبال الحاويات العملاقة وناقلات النفط والغاز.
ارسال التعليق