مشروع تطوير الحقل النفطي في القطيف: #محمد_بن_سلمان عقد النيّة على التهجير
بقلم: منصور العلي...
تتسابق وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الطاقة في "السعودية" لإرضاء نزوات محمد بن سلمان الملك غير المتوّج، الوزارتان تخوضان تنافسا محموما على وضع خطط الهدم والتهجير لسكان القطيف كافة، سيرا على مبدأ العداء والتحريض وتهيئة مناخ الانتقام الذي تشي به اجراءات محمد بن سلمان الاستئصالية وما تكشفه خطط وقرارات التهجير القسري ضد أبناء القطيف والأحساء في الجزيرة العربية.
مشروعان وضعا على طاولة التنفيذ للتعجيل في "أجل" القطيف وأهلها، كما يتمنى ابن سلمان. الأول مشروع تبنته وزارة الطاقة لتطوير مشروع حقل القطيف النفطي، والذي وفقا لما هللت له الوزارة "يتمتع بمزايا جيولوجية خاصة جداً، ستجعل منه مميزا عما سواه، من بين جملة حقول إنتاج الزيت، التابعة لشركة أرامكو السعودية".
ما يهمنا في الإعلان، أن وزارة الطاقة في 9 مايو/أيار الماضي أعلنت عن بدء إجراءات لما يحلو لها تسميته، من باب تخفيف الوطأة على المتلقي، بـ" نزع الملكيات" والتي ستشمل مساحات واسعة تغطي غالبية مدن وقرى وبلدات محافظة القطيف، لصالح تطوير مشروع الحقل المزعوم، والمكتشف عام 1945. وتشير التقارير إلى أن مساحة حقل القطيف تمتد إلى 50 كيلو مترا طولا، وعرض 10 كيلو مترات، فيما تبلغ مخزوناته 8.4 مليار برميل، بما يفوق مخزون شركتي إكسون موبيل وشيفرون مجتمعتين! وينتج 800 ألف برميل من الزيت الخام يوميًا.
تبيّن التفاصيل أن المساحات المرصودة للهدم والمصادرة من قبل وزارة الطاقة تشمل منازل ومحلات تجارية وأراضي زراعية.
وهنا لا بدّ من طرح أسئلة مشروعة في معرض تناولنا ملف مشروع حقل القطيف النفطي. بالاستناد إلى حقيقة أن الحقل النفطي مكتشف عام 1945، ما هي أسباب الامتناع عن استثماره حتى الآن؟
واقعا، إن المشروع المقدم من قبل وزارة الطاقة في غاية الخطورة، إذ أنه يؤكد نيّة النظام على إزالة القطيف عن بكرة أبيها، ومسحها من الخارطة كمنطقة سكنية مأهولة. توضح الخرائط المنشورة للوزارة حول "نزع الملكيات" أنها تمتد لمسافة 50 كيلومتر تقريبا، شملت الوجه الغربي للمحافظة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وتتوزع إحداثيات الإزالة والهدم على مواقع كثيرة حاول النظام تمييزها وفقا لثلاث محددات واهية. فيما تكفلت مشروعات وزارة الشؤون البلدية بتجريف وتدمير أحياء قلب القطيف والمناطق الممتدة شرقا حتى جزيرة تاروت.
في التفاصيل أظهرت خريطة وزارة النفط 3 ألوان هي المساحة المرصودة للهدم ونزع الملكيات: اللون الأحمر، سيتم نزع ملكية جميع الأراضي الواقعة ضمنه، ويمتد من شمال القطيف فيما يُعرف حاليا بمسمى "ضاحية الملك فهد بمحافظة البيضاء (وهي محافظة تم انشاؤها العام 2022 بعد اجتزائها من محافظة القطيف نفسها) وحتى حدود محافظة الجبيل في أقصى الشمال، وهي مساحة هائلة تضم مناطق زراعية وسكنية وبحرية. اللون الأصفر، سيتم إزالة جميع الأراضي الواقعة ضمن منطقة التأثر بالمخاطر، والبالغة 450 مترا المحيطة بموقع الحفر باستثناء الأراضي الزراعية، ما يعني سيتم تهجير سكان هذه المساحة أيضا، التي تتناثر في شكل مساحات منفصلة من منطقة "البدراني" جنوب غرب القطيف إلى الحدود البحرية شمالاً قرب محافظة الجبيل. أما اللون الأزرق، فسيتم إزالة جميع الأراضي السكنية الواقعة ضمنه، بمبرر أن هذه المناطق ذات كثافة سكانية أعلى من غيرها. يعدّ هذا اللون الثاني من حيث المساحات التي توضحها الخريطة، سيطال أحياء سكنية قائمة، بالذات في بلدة الأوجام ومدينة صفوى.
استناداً للخريطة، فإن مدينة صفوى والأوجام، سيكونا الأكثر تأثرا بإجراءات الإزالة، وهما مهددتان بالمحو الكامل من الخريطة، سيّما لناحية محاصرة إحداثيات الإزالة ببلدة الأوجام من جميع الجهات تقريبا، باستثناء فُرجة في الجنوب الشرقي، في حين تُحيط الإحداثيات مدينة صفوى من 3 جهات: من أقصى شمالها وحتى آخر حدودها الجنوبية المتصلة بالعوامية، ومن أقصى جنوبها وحتى آخر حدودها الشمالية المتصلة بمحافظة رأس تنورة، ومن أقصى شرقها وحتى حدودها الغربية المتصلة بأم الساهك والواجهة الزراعية الغربية، بما يشي أنها مهددة بالتجريف والإزالة الشاملة!
وتبيّن الخريطة أن المنطقة الزراعية المعروفة بسيحة البحاري وسيحة الخويلدية، شرق المنطقة الصناعية وتمتد حتى غرب الجارودية، سيجري مسح جميع الأراضي ضمن النطاق الأحمر في هذه المنطقة، إلى جانب هدم جميع المساكن ضمن نطاق اللون الأصفر باستثناء الأراضي الزراعية.
هذا وستشمل عمليات الهدم منطقة غرب القديح والعوامية، ويتركز اللون الأحمر والأصفر ما يعني أننا سنشهد عملية تهجير واسعة النطاق أيضا.
بالإضافة إلى ذلك، خطر التهجير يهدد كل من الجش، وأم الحمام بعد أن تقرر أن يطال الهدم مساحات شاسعة من أحيائها السكنية ومساحاتها الزراعية. في وقت تفاقم أزمة السكن وتعثر مشروعات عقارية ضخمة إلى جانب جمود وانحسار القروض العقارية للأفراد.
إن هذه الحقائق، تحيلنا إلى السؤال البديهي: ما هو مصير الأهالي بعد نزع ملكياتهم؟ هل النظام سيؤمّن لهم أماكن سكن بديلة؟ أو بالحد الأدنى، هل سيقدم على تجهيز وحدات سكنية تلبي ازدياد الطلب الناتج عن عمليات التهجير؟ بالطبع، لا. يذكر أن وزير الطاقة أصدر في 15 ديسمبر/كانون الأول 2022 قراراً بالموافقة على البدء بإجراءات نزع ملكية الأراضي الواقعة ضمن "مشروع تطوير حقل القطيف" والأراضي الواقعة ضمن نطاق التأثر بالمخاطر، والأراضي غير المتوافقة مع الاستخدامات الآمنة للمواقع المحيطة بالآبار وخطوط أنابيب الإنتاج، لصالح شركة أرامكو وفق الإحداثيات التي أعدتها الشركة.
ارسال التعليق