هذا ما شاهدتُـه في المشاورات اليمنية بالرياض قبل انسحابي منها
صلاح السقلدي
الحوارات اليمنية اليمنية بالعاصمة السعودية الرياض والجارية اليوم ليست الاولى التي تتم هناك، فقد سبق وان عقدت حوارات (مشاورات ) من هذا القبيل نهاية شهر ايار مايو 2015 اي بعد قرابة شهرين من تفجر الحرب،وكانت ايضا بغياب الطرف الرئيس الآخر بهذا الصراع :(الحركة الحوثية والمؤتمر الشعبي العام).ولكنها أي حوارات الرياض عام 2015م كانت غير ذي جدوى، كونها تتم داخل معسكر واحد هو معسكر السلطة المعترف بها بإشراف وتحكم سعودي واضحين. فقد بدأ المشهد للعالم حينها اشبه بشخص يقف امام المرآة ليخاطب نفسه. وكان مصير مخرجات تلك المشاورات حبر على ورق، وفشل تطبيقها كان امرا منطقي الحدوث. مع انها تمت في وقت كانت فيه الصراعات داخل ذلك المعسكر غير موجودة، او لنقُــــل في حدودها الضيقة، فلم يكن حينها قد ظهر المجلس الانتقالي الجنوبي على السطح، ولا تشلكت قواته الضاربة كما هي اليوم ولم تكن قد سيطرت بعد على حاضرة الجنوب (عدن)، وكانت الرئاسة والحكومة تعمل بكل طاقمها ومن داخل عدن، ولا الخلافات كاتت قد دبت تعصف بدول التحالف،ومع ذلك فشلت تلك المشاورات او ما عُرف حينها بـ(مخرجات إعلان الرياض).فكيف اليوم ستنجح مثل هكذا مشاورات تجري بنسخة مشابهة لمشاورات 2015م وبذات المكان (الرياض) وبغياب طرف رئيسي بالصراع (الحوثيين) ؟. فمن المؤكد ان مخرجاتها ستكون عديمة الجدوى، والفشل حليفها لا محالة، والسعودية تدرك هذه الحقيقة، ولهذا نراها تخوض حوارات حقيقية وجادة (وإن كانت غير معلنة) مع الطرف الآخر الحوثيين في مسقط برعاية عمانية ، وقد احرزت بالفعل نتائج ملموسة تمثلت بإعلان متبادل لوقف اطلاق النار بين الطرفيين (الحوثييين والتحالف) وفتح مطار صنعاء واطلاق الاسرى وسواها من الخطوات الايجابية التي تشير الى ان حوارات الظل في مسقط هي التي ستحدد مستقبل هذه الحرب وتضع حدا لها، وربما تضع ملامح خارطة اليمن السياسية القادمة شمالا وجنوبا. فالسعودية لا تراهن على مشاورات الرياض لوقف الحرب،فهي تتخذ منها فقط فرصة لترميم معسكرها واعادة غربلته بما يتوافق والمصالح السعودية وينسجم الى حد كلير مع مطالب الحوثيين وتلبي شروطهم، وبالذات بما يتعلق بتغيرات تشمل الموضوع السياسي للسطات الرئاسية والحكومية والعسكرية التي لا يقر بها الحوثيون ويطالبون بنسفها وتشكيل سلطة توافقية جديدة خالية من رموز ترى فيها الحركة الحوثية عناصر متآمرة. وحتى القضية الجنوبية تم اهمالها، وهيمنت على تلك المشاور محاور ستة لا علاقة لها بالقضية الجنوبية ابدا، بقدر ما كانت ذات علاقة بقضايا إصلاحات لمؤسسات دولة غير موجودة اصلا مثل الإصلاح الإداري والحوكمة ومكافحة الفساد» إضافة إلى المحور والإنساني، والاستقرار والتعافي الاقتصادي، والتعافي الاجتماعي، وتعزيز مؤسسات الدولة.
عما شاهدته في تلك المشاورات التي دُعيت لها – قبل ان اعلن انسحابي لأسباب سبق وان شرحتها بمواقع وصحف يمنية-:
السعودية جادة فعلا بطي صفحة الحرب، وإن كان على طريقتها وعلى حساب شركائها المحليين واولهم الجنوبيين.لا مؤشرات تدل على ان تلك المشاورات ستفضي لوقف الحرب للاسباب آنفة الذكر.مصير مجهول ينتظر الرئيس هادي منصور بقادم الايام، وهو الرئيس المُـنسي اصلا، او لنقل المحتجز باحد فنادق الرياض منذ سنوات، ويتم منعه من حضور هذه المشاورات بشكل اثار حالة من الدهشة لدى الجميع يستعصي معها فهم ما تخطط له الرياص بالضبط.ثمة توجه لدى السعودية ومعها الإمارات باعادة انتاج قوى يمنية قدمية للواجهة المشهد السياسي من جديد، ومنها حزب الرئيس الراحل صالح،مع بعض الشخصيات والقوى الجنوبية ولو بشكل محدود لإضفاء شيؤ من المشروعية لمرحلة ما بعد الحرب.حالة من التبرم لدى غالبية المشاركين افراداّ وكيانات وقوى شمالية جنوبية، سياسية واجتماعية من طريقة إعداد المشاورات ومن اجندتها الغامضة التي لم يُستشر بها احد.شعور كثير من المشاركين من القوى المنتمية للشمال بأن الوحدة اليمنية اصبحت على المحك ، وبالمقابل حالة من السخط تتملك الجنوبيين جرّاء تهميشهم وتجاهل قضيتهم السياسية ومن اعادة فرض شكل جديد من الوحدة اليمنية مشفوعا بصولجان خليجي غليظ برغم ما قدمونه للتحالف من صنيع طيلة فترة هذه الحرب.لم يبد منظمو المشاورات- وأعني هنا مجلس التعاون والسعودية- أية أهمية تذكر بموضوع غياب الخدمات وتردي الوضع المعيشي والانساني المريع، وهذا فاقم من حالة انعدام الثقة بهكذا مشاورات ومن حالة الشعور باتباع سياسة تجويع وإذلال ممنهجة بالجنوب من قٕـبلِ الرياض لانتزاع أطماع مريبة من خلال انشغال الناس والنخب السياسية بأمورٍ خدمية وحياتية بعيدة عن السياسة.
*صحافي من اليمن- عدن
ارسال التعليق