آل سعود وأضرابهم رهان فاشل على كامب ديفيد!
لا يكاد يمر يوم دون أن يحمل جديداً في مجال التقارب بين كل من السعودية وتوابعها الخليجية والعربية من جهة، والكيان الصهيوني من جهة أخرى. وهذا التقارب الذي يتسارع على جميع المستويات الاقتصادية والثقافية والسياسية والديبلوماسية يشتمل على تقارب على الصعيد العسكري وصل إلى مستوى بتنا نسمع معه تعابير كـ “الناتو الخليجي” و”الناتو العربي” وحتى “الناتو السني”.
وآخر التعبيرات عن هذا التقارب - وليس آخرها على المستوى السياسي- تصريحات للواء السابق في الاستخبارات السعودية، أنور عشقي، المشهور بكونه أبرز السعوديين الذين يشكل مجرد ذكرهم مؤشراً على تطور هام في مجال التقارب الإسرائيلي السعودي.
وأياً تكن حرفية تلك التصريحات التي أكد فيها عشقي أن اتفاقية كامب ديفيد لم تعد اتفاقية مصرية- إسرائيلية نتيجة لتسلم السعودية جزيرتي تيران وصنافير، فإن مدلولها الأساسي هو (لكون الاتفاقية قد أصبحت، بذلك، اتفاقية سعودية-إسرائيلية أيضاً) أن السعودية قد امتلكت، من الآن فصاعداً، حصة في “شرف” الانتماء لكامب ديفيد، وبالتالي فإنها قد فتحت لنفسها أبواب المستقبل بفعل دخولها في العصر الإسرائيلي.
ذلك العصر هو، على ما تريده أوهام الحلف الصهيو-أميركي، عصر تحول الكيان الصهيوني من كيان معزول وعدو في المنطقة إلى كيان يمد أذرعته الأخطبوطية في جميع مفاصل المنطقة، على طريق توحيدها وتحويلها إلى منطقة يبسط عليها سيطرته ونفوذه بشكل كامل.
أما ما تريده أوهام أعراب الناتو فهو موقع تحت جناح الهيمنة الصهيو- أميركية. وهذا الموقع يتراءى لآل سعود وأضرابهم أنهم قد حصلوا عليه بمجرد إقدامهم على التطبيع مع الكيان الصهيوني والدخول معه في اتفاقيات وتحالفات معادية لمحور المقاومة بوجه عام، وللشعب الفلسطني بوجه خاص.
وبهذا الصدد، عرج عشقي على المبادرة العربية التي أطلقها الملك السعودي السابق، عبد الله بن عبد العزيز، في قمة بيروت عام 2002، وهي المبادرة التي عرضت تطبيعاً عربياً شاملاً وكاملاً مع الإسرائيليين مقابل موافقتهم على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967…
لكن مرور عشقي السريع على المبادرة رغم علمه بأنها لا تساوي، من وجهة نظر الإسرائيليين، الحبر الذي كتبت به، لم يكن غير تمهيد للدخول في صلب الموضوع: التخلي عن المبادرة العربية والترويج لما يسمى بـ “مبادرة السلام الإسرائيلية”. وعلى ما قاله عشقي، فإن هذه المبادرة “مختلفة عن المبادرة العربية بشيء قليل”. ما يعني أن قبولها عربياً أمر لا يقف أمامه غير القليل من العوائق. ما يعني أيضاً، بلغة الاستعداد المطلق للتنازلات، أن المبادرة الإسرائيلية لا تعترضها أية عوائق.
وبالطبع لا يصعب التنبؤ بأن تلك المبادرة قابلة لأن تلخص بكلمتين: كثير للإسرائيليين وقليل للفلسطينيين. لا دولة فلسطينية على حدود 1967، ولا تراجع عن يهودية الدولة الإسرائيلية، وعن أورشليم الموحدة كعاصمة لها وعن ضم المستوطنات الكبرى والصغرى. أما الفلسطينيون فيستمر التضييق عليهم في مناطقهم المحاصرة، مع وعود برشوات مالية تستفيد منها سلطة أوسلو بقدر ما يتمكن الكيان الصهيوني من التعامل مع السعودية وشقيقاتها كـ “أبقار حلوب”، تحت مسميات التكامل الاقتصاد في المنطقة!
مشكلة هذه المبادرة الإسرائيلية التي دخلت السعودية وشقيقاتها في مرحلة الترويج لها هي في كونها سليلة كامب ديفيد الذي يراهن آل سعود وأضرابهم على الانضمام إليه كورقة من أجل بقاء عروشهم المترنحة. لكن هذا الرهان قدم الدليل على عدم جدواه منذ أكثر من 35 عاماً، أي في اللحظة التي بدأ فيها الأعراب بالاستسلام أمام كيان صهيوني كان قد بدأ بالاحتضار تاريخياً لأن تاريخاً جديداً للقضية الفلسطينية ولسائر قضايا التحرر في المنطقة والعالم قد بدأ بالارتسام مع تفجر الثورة الإسلامية في إيران.
لا غرابة مطلقاً في أن يعلن آل سعود وأضرابهم التجاءهم إلى الحضن الإسرائيلي لظنهم أن الكيان الإسرائيلي ما يزال متفوقاً من الناحية العسكرية على جيوش جميع بلدان المنطقة. لكن المثير للسخرية هو الطريقة التي تتم بها قراءة الأحداث وتطورها في المنطقة من قبل المحللين الاستراتيجيين السعوديين.
ألا يلاحظ هؤلاء كيف أن الحلف الصهيو-أميركي الذي داخ بفعل الهزائم العسكرية المتلاحقة التي مني بها في لبنان وغزة، وخصوصاً في حرب العام 2006، لم يعد يمتلك الجرأة الكافية لشن حرب من أجل الثأر لهزائمه؟
إلا يلاحظون أن الإرهاب الذي خلقه الحلف الصهيو-أميركي-الأعرابي كمحاولة للثأر من محور المقاومة يعيش الآن لحظاته الأخيرة في الموصل والرقة، وأن محور المقاومة قد تحول إلى قوة لا تقهر، وأن الوحدة التي بدأت بالرسوخ بين العراق وسوريا هي واحدة من أبرز مقومات تلك القوة؟
بقلم : عقيل الشيخ حسين
30/6/2017
ارسال التعليق