أنور عشقي.. عراب التطبيع الذي برر جرائم الاحتلال
“زعماء عرب شاركونا التخوف من انتفاضة فلسطينية جديدة”، تصريح خرج من بعض السياسيين الصهاينة ونقلته صحيفة “هآرتس” العبرية لتثير ضجة في الشارع العربي وخاصة فلسطين، وتدحض به كافة الادعاءات التي خرجت لتتمسح في الانتصار الفلسطيني الذي حققته المقاومة الشعبية في المسجد الأقصى قبل أيام على الاحتلال الصهيوني، سواء من قبل الأردن أو السعودية، لتأتي تصريحات مسؤولين سعوديين على صلة بصناع القرار في المملكة وتقف في الصف الصهيوني، الأمر الذي يمثل فاجعة جديدة للعرب الذين لا يزالون معنيين بالقضية الفلسطينية.
عشقي.. سكت دهرًا ونطق كفرًا
منذ بداية الأزمة الفلسطينية التي استمرت حوالي أسبوعين في المسجد الأقصى، ساد الصمت العربي كافة الأجواء فلم يصدر رد فعل رسمي عربي واحد على الرغم من اشتعال الأوضاع هناك بشكل أرهص بانطلاق انتفاضة جديدة، لكن هذا الصمت كسره أخيرًا مدير “مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية”، الجنرال السعودي المتقاعد اللواء أنور عشقي، المعروف بعلاقاته العميقة مع قيادات الاحتلال الصهيوني، وخرج ليحاول تبرير نصب الاحتلال الإسرائيلي لبوابات إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، أثارت ضجه وأشعلت الأوضاع هناك وأدت إلى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى من الفلسطينيين في مواجهات مع الاحتلال، بل زاد عشقي الفاجعة بتصريحه بأهمية هذه البوابات ضد ما أسماه “أعمال إرهابية” من قبل الفلسطينيين.
برر اللواء السعودي أنور عشقي، في حديث خاص لصحيفة “العرب بوست” نصب إسرائيل للبوابات قائلًا إنها محاولة إسرائيلية لمنع حدوث تفجيرات واعتداءات “إرهابية” داخل المسجد، واستدرك عشقي، بالقول إن خطوة تركيب البوابات تحفظت عليها الرياض رغم أهميتها، لعدم موافقة الطرف الفلسطيني عليها، وذلك لخشيته أن تمهد لفرض السيادة الإسرائيلية عليه، وأضاف: نحن نلتزم بالموقف الفلسطيني، الذي يرى وجود خطورة في تركيب البوابات الإلكترونية من الناحية السيادية والسياسية، رغم أن دورها الأمني يهدف للحد من حدوث أعمال العنف والإرهاب داخل المسجد الأقصى.
تصريحات عشقي، أعطت إيحاء بالموافقة على الإجراءات الصهيونية الاستفزازية التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية خلال الأسابيع القليلة الماضية في المسجد الأقصى، كما أنها أكدت على حديث مُحلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “هآرتس” تسفي بارئيل، الذي خرج قبل أيام ليُكذب ادعاءات المملكة بأنها صاحبة الفضل في حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وإزالة البوابات الإلكترونية التي أغضبت الفلسطينيين، حيث قال بارئيل، إن التجديد في الأزمة الأخيرة يتمثّل بأن إسرائيل لم تكُن الوحيدة التي خشيت من اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، بل هناك العديد من الزعماء العرب كانوا شركاء في الخوف والخشية من الانتفاضة، وسخر المحلل الإسرائيلي من إدعاءات المملكة بأن اتصالات الملك سلمان هي التي حلت الخلافات، متسائلًا: مَنْ هم الزعماء الذين تواصل معهم الملك السعودي؟
في الوقت نفسه نسفت صحيفة “ميكور ريشون” الإسرائيلية اليمينية، في تقرير لها رواية أن السعودية هي التي أقنعت إسرائيل بإزالة البوابات وفتح الأقصى أمام الفلسطينيين، حيث قالت الصحيفة إن المملكة السعودية كانت من أكثر الدول العربية التي أبدت تفهمًا لقيام إسرائيل بنصب البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، على اعتبار أن ذلك تفرضه الإجراءات الأمنية في المكان، وأشار التقرير إلى الاتصالات غير المباشرة التي جرت بين ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والسعودية عبر الوسيط الأمريكي، مؤكدًا أن الرياض اقتنعت بحجة نتنياهو الذي ذكّر السعوديين بأن الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في الأقصى تشبه تلك التي تتخذها السعودية في المسجد الحرام في مكة ضد الإرهاب.
عراب التطبيع
تصريحات اللواء المتقاعد أنور عشقي، لم تكن مستغربة من جانب الكثيرين، فقد اعتاد التعامل مع الاحتلال الصهيوني على أنه الحليف القريب الذي يرتبط مع السعودية بعلاقات وثيقة غير مسبوقة مع أي من الدول الأخرى حتى العربية، كما يعتبر عشقي من أول المسؤولين السعوديين الذين طالبوا بالتطبيع مع الاحتلال وفتح قنوات اتصال معه، حتى إن البعض أصبح يطلق عليه “عراب التطبيع العربي” أو “المتحدث باسم الصهاينة”، فقد وطأت قدماه كثيرًا الأراضي المحتلة، ليس لدعم القضية الفلسطينية أو زيارة المقدسات الإسلامية هناك أو لتقديم المساعدة للفلسطينيين، بل لمشاركة الإسرائيليين بعض احتفالاتهم تارة، وتعزيز التنسيق السياسي والعسكري والاقتصادي معهم وتعميق العلاقات تارة أخرى.
اللواء أنور عشقي، هو صاحب فكرة الترويج للانفتاح العربي وخاصة السعودي على إسرائيل، وتشجيع الخطاب مع الصهاينة والتنسيق معهم ضد الأعداء المشتركين، الذين تعتبر السعودية إيران أولهم، وقد زار عشقي الأراضي الفلسطينية المحتلة مرارًا للاجتماع مع أعضاء الكنيست تارة ومسؤولين صهاينة أمنيين تارة أخرى، وعلى رأسهم مدير عام وزارة الخارجية دور جولد، ومسؤول التنسيق الأمني في الضفة الغربية المحتلة يوآف مردخاي.
بقلم : هدير محمود
ارسال التعليق