أهالي عواميّة مُحافظة القطيف يَرفضون مُغادرة منازلهم في “حي المسوّرة” والسلطات السعودية تبدأ حَملة “هدم” ...
يَرفض أهالي حي المسوّرة بمنطقة العوامية في مُحافظة القطيف التابعة للمنطقة الشرقية في السعودية، مُغادرة حيّهم التاريخي المُشيّد منذ 300 عام، والانصياع لقرار هدم مساكن الحي لأسبابٍ اقتصادية وسياسية، ووفق عددٍ من سكّان الحي فإن سُلطات بلادهم، كانت قد وعدت أحياء أخرى في المُحافظة إيجاد بديلٍ لهم عن مساكنهم التي أقدمت على هدمها، لكن الواقع أن هؤلاء لم يجدوا إلا الشارع مأوىً وحيد لهم، فكيف يُمكن تصديق وعود ومُبرّرات السلطات لهدم الحي، يتساءل السكان.
حكاية الأحياء في القطيف بالنسبة لسكّانها، لا تدخل في سياق تنظيمي اعتيادي تقوم به الدولة تُجاه مُواطنيها “السنّة”، وإنما يتعدّى ذلك، بكونه اعتداء سافر على إرادة أصحاب تلك المساكن كونهم أقليّة، والذين رفضوا بدورهم أخيراً مُغادرة حي المسوّرة، فما كان من السلطات، إلا أن أطلقت حملة أمنية منذ صباح يوم الأربعاء الماضي، استقدمت خلالها عدداً من رجال الأمن، والذين تواجدوا لمُرافقة وحماية مُعدّات (جرافات) الهدم.
السلطات السعودية، والإعلام المحلي الناطق باسمها، يقول أن هدف حملة الهدم في الحي المذكور، وما يُرافقه من تواجد أمني، هو تنظيمي إداري للأحياء، كما أن الحي يتحصّن فيه عددٌ من الإرهابيين، وأصحاب السوابق، ومُروّجي المخدرات، وعليه تُؤكّد السلطات حاجتها للقوّة المُسلّحة، لحماية إجراءات الهدم، من اعتداء “الخارجين عن القانون”.
نُشطاء مُعارضون للنظام الملكي السعودي، يقولون أن هدف حملة الهدم العميق سياسي بامتياز، ويقوم على سياسة قمعية تهدف لتخويف المُعارضين من الطائفة الشيعية، والقبض على المَطلوبين منهم، وبالرّغم من مُعارضتهم السلمية، إلا أن السلطات تتحجّج بأنهم مُسلّحين، وقد تستغلّهم أيادي خارجية، للمس بأمن واستقرار الجبهة الداخلية.
السلطات تَفرض حِصاراً خانقاً على بلدة العوامية، منع وصول الجرحى إلى المُستشفيات الذين وصل عددهم جرّاء الحملة الأمنية إلى أكثر من 25 جريح، هذا بالإضافة إلى سُقوط قتيلين، ومنعت حملة هدم المنازل التي تزعم السلطات أنها خطر على حياة ساكنيها، من التحاق الطلاب بمدارسهم وإجراء الاختبارات النهائية، جرّاء إطلاق النار الكثيف العشوائي على منازل الحي.
وبينما يتعرّض أهالي حي المسوّرة إلى حملة أمنية دموية شَرسة، من قبل سُلطات بلادهم، التزم الإعلام العربي بالصمت المُطبق، وواصل تغطياته الإعلامية، التي يرتكبها الجيش السوري ضد المدنيين، وهذا يَكشف وفق مُطّلعين الحال البائس، ومدى سيطرة المال السعودي على إمبراطوريات الإعلام، والتي تتباهى بنقلها للرأي، والرأي الآخر، الذي على المُشاهد العربي أن “يعرفه أكثر”.
ونسبت صحيفة “سبق” المحلية الإلكترونية، إطلاق رصاص عشوائي على منازل المواطنين “الآمنين”، إلى إرهابيين في العوامية كما وصفتهم، ونشرت مقاطع فيديو تُظهر أشخاصاً مجهولين يركبون سيارة نوع “كابريس″ بيضاء اللون، وقيامهم بإطلاق النار عشوائياً في مشهد صادم على حد قول الصحيفة المُقرّبة من السلطات.
عدد من الإعلاميين السعوديين، ومنهم الإعلامي وليد الفراج، نشر عدداً من الصور لقوّات أمن الداخلية السعودية على حسابه الرسمي في “تويتر”، وهم يتعاملون “بود ورحمة” مع أهالي الحي حين إخراجهم من منازلهم، لكن نُشطاء في محافظتي الرياض وجدة وصفوه بالإعلام المملوك للنظام، وتساءلوا عن غياب المِصداقية، في ظل وجود أصدقاء، وأقارب لهم في العوامية، ينقلون لهم حقيقة ما يتعرّضون له على يد رجال الداخلية.
مباحث الدولة السعودية الإلكترونية، سارعت بدورها لإطلاق وسم “هاشتاق” على موقع التدوينات القصيرة تحت عنوان “المسورة وكر الإرهابيين”، وفي ظل عشرات التغريدات التي رصدتها “رأي اليوم” تمجيداً لتضحيات رجال الداخلية (قوات الطوارئ)، إلا أن نُشطاء حي المسوّرة، والشاهدين على الأحداث الدموية وصمود أهالي الحي، حاولوا بإصرار مهني توثيق ما يجري من همجية ووحشية بعدسات كاميرا هواتفهم المحمول، ورفعها مُباشرة بمقاطع فيديو على ذات الوسم، في ظل غياب الإعلام المُحايد.
مراقبون يرون أن “عملية الهدم” الأمنية في حي المسوّرة، تأتي في توقيت مُتعمّد تُصعّد فيه القيادة السعودية “الشابّة” لهجتها العدائية مع إيران التي تريد نقل المعركة إلى داخل أراضيها، وبالتالي تصعيد مع أذرعها التي تتّهمهم بالولاء لها، وهي بفِعلتها تلك ضد أهالي حي المسوّرة في العوامية مسقط رأس الشيخ نمر النمر الشيعي الذي أعدمته السلطات، تقطع أي بادرة أمل للمُصالحات، وتزيد من نقمة وامتعاض واستياء الشيعة في محافظة القطيف والبلاد عُموماً الذين يَشعرون بتهميشهم وظُلمهم أساساً، يقول مراقبون.
سُلطات العربية السعودية تعتقد وفق مراقبين، أنها بحملاتها الأمنية المُباغتة والدموية ضد الأحياء الشيعية، تعتقد أنها تُسابق الزمن للقضاء نهائياً على أي حِراك مُسلّح قد يتم اللجوء إليه ضدها، خاصّة مع سعيها نقل المعركة للداخل الإيراني، والمُتمثّل في تثوير الأحواز وغيرهم، ومن الطبيعي أن تقوم بعمل وقائي على أراضيها، والتخلّص من المُعارضين، بزعم التنظيم الإداري، ومُكافحة الإرهاب “الشيعي” على وجه التحديد، يُؤكّد مراقبون.
بقلم : خالد الجيوسي
ارسال التعليق