ابن سلمان يعترف بفشل نيوم بسبب مقتل خاشقجي
أقر محمد بن سلمان إنه لا أحد سيستثمر في مشروع “نيوم” لسنوات بسبب قتل الصحفي جمال خاشقجي. وأوضح ابن سلمان خلال حديث مع وفدٍ تجاري حضره أحد صحفيي “فايننشال تايمز” البريطانية مؤخراً سايمون كير،أن الحضور فوجئوا بسماع كلام ابن سلمان عن عزوف المستثمرين عن الاستثمار في مشروع “نيوم”، الذي تبلغ تكلفته 500 مليار دولار على ساحل البحر الأحمر شمالي غربي السعودية، بهدف بناء مدينة تجارية ذكية.
وقال ابن سلمان وفق الصحيفة:”لا أحد سيستثمر في المشروع لسنوات بسبب مقتل جمال خاشقجي”، وهذا التصريح بمنزلة اعتراف بأن الأزمة الناجمة عن الجريمة تهدد بتقويض خطته “رؤية 2030” لتحديث اقتصاد المملكة بعيداً عن النفط، وبالاعتماد على الاستثمارات الأجنبية. وأوضحت الصحيفة البريطانية أن الأزمة التي نشبت جراء قتل خاشقجي أرخت بظلالها على مشروع “نيوم” وأضحت عائقاً في اجتذاب رؤوس الأموال والتقنيات العالية المطلوبة للمشروع ولتطوير المشاريع الأخرى.
ويفيد سايمون كير بأن ولي العهد، الذي أصبح محل تدقيق ونقد في الخارج، اضطر للتحول إلى رجال الأعمال المحليين المتعثرين، في الوقت الذي تراجعت فيه شهية رجال الأعمال الأجانب لوضع أموالهم لتنفيذ خطط ابن سلمان ، مشيراً إلى أنه في محاولة لبناء قاعدة دعم محلية دعي رجال الأعمال ومديرو الشركات إلى جلسات خاصة مع ولي العهد؛ ليخبرهم عن الوضع الاقتصادي الذي تعيشه المملكة، والمشاعر المكتئبة من الوضع الاقتصادي وتنقل الصحيفة عن أحد المصرفيين الذين حضروا لقاءات عقدت في الأسابيع القليلة الماضية، قوله إن “العائلات السعودية الكبرى تضررت وأخبرت ولي العهد عن الوضع”. ونقلت الصحيفة عن أحد المستشارين الاقتصادين قوله “بالتأكيد هناك شكوك تحيط بتنفيذ مشروع نيوم”.
وأردف أنه منذ جريمة قتل خاشقجي، اختار الكثير من مستشاري “نيوم” الابتعاد عن المشروع ومنهم المهندس المعماري نورمان فوستر خوفاً على سمعتهم الشخصية، فضلاً عن الضغوط السياسية التي يتعرض لها المقربون من ولي العهد السعودي. وأشار ستفان هيرتوج، الخبير في شؤون الخليج في كلية لندن للاقتصاد إلى أن “السعودية ستعود للشيء الذي لطالما أتقنته”، مضيفاً أنهم “سيعودون للبطاطا واللحم”.
وينقل التقرير عن مستشار في القطاع الخاص، قوله إن “نيوم مشروع أصبح بالتأكيد محل شك..
وبالتأكيد فإن عملاء الحكومة لا يتطلعون للأمام في هذه اللحظة”. ويذكر التقرير أن القائمين على المشروع والحكومة السعودية لم يردوا على أسئلة الصحيفة، لافتاً إلى أن اقتصاد السعودية كان يترنح قبل مقتل خاشقجي والأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بشأن الجريمة مع الغرب، التي تعد الأكبر منذ هجمات سبتمبر 2001.
ويجد التقرير أن حوارات كهذه هي شهادة على تراجع حظوظ ولي العهد، لافتاً إلى أن “نيوم” تقع على الجانب الشمالي الغربي من البحر الأحمر، وتحتوي على عدد من القصور، حيث قضى الملك إجازته الصيفية فيها، بدلاً من رحلته التقليدية إلى المغرب وأوروبا، وفيها منتجع عقد فيه اجتماع لرجال الأعمال والممولين الذين نقلوا إليه، حيث أقيم على جانب الشواطئ المحاطة بالجبال الوعرة والمياه التي يعيش فيها سمك القرش “إلا أن الأمير محمد لم يعد قادراً على جذب المستثمرين للمكان”. وينوه الكاتب إلى أنه كشف عن الخطة في مؤتمر صاخب نظمه العام الماضي، وجذب إليه المستثمرين والممولين والمصرفيين من أنحاء العالم كله، وأطلق عليه “دافوس في الصحراء”، إلا أن المؤتمر الثاني الذي عقد بعد ثلاثة أسابيع من مقتل خاشقجي قاطعه معظم رجال الأعمال ومديرو الشركات. وتورد الصحيفة نقلاً عن ماسايوشي سون، مدير “سوفت بانك” الذي يعتمد على تمويل 45 مليار دولار لصندوق “فيشين” للتكنولوجيا قوله للأمير محمد، إن مقتل خاشقجي قد وضعه في وضع صعب، وبحسب أشخاص حضروا اللقاء فإن ولي العهد العنيد اعتذر له.
وينقل التقرير عن أشخاص مطلعين على خطط وزارة الطاقة السعودية، قولهم إن مشروعاً لتوليد الطاقة الشمسية بكلفة 200 مليار دولار مع “سوفت بانك” ينظر إليه على أنه غريب ولا يمكن تطبيقه، ولهذا قامت الوزارة بتقليصه. وتبين الصحيفة أن محمد بن سلمان عانى من نكسة لخططه عندما تم تأجيل وضع أسهم من شركة النفط السعودية “أرامكو”، التي كان يأمل أن تجلب 100 مليار دولار لدعم خططه، حيث جاء التأجيل بسبب الأمور القانونية، وعدم قدرة السعودية على الحصول على التقييم الذي تريده، لافتة إلى أن الصندوق السيادي لهيئة الاستثمار السعودية العامة لا يستطيع دون عوائد بيع الأسهم تنفيذ خطط التطوير التي يريدها ولي العهد، بما فيها مشروع نيوم، بالإضافة إلى أن خطط شراء “أرامكو” حصصاً في شركة البتروكيماويات “سابك” بحوالي 70 مليار دولار، تواجه معوقات، منها الظروف الصعبة للسوق من أجل إصدار صكوك وقروض. وبحسب التقرير، فإن المشاعر في القطاع الخاص، الذي عانى من سياسات التقشف، وصلت إلى مرحلة متدنية، خاصة بعد سجن الأمير أعمدة التجارة في المملكة، فيما أطلق عليها حملة مكافحة الفساد، ما أخاف المستثمرين الأجانب.
وتختم “فايننشال تايمز” تقريرها بالإشارة إلى أنه كان من بين المعتقلين وزير الاقتصاد السابق عادل الفقيه، الذي يعد جزءاً مهماً في خطط محمد بن سلمان ورؤيته 2030، وقد أدى سجنه إلى إبطاء مشروع الإصلاح، خاصة أن عدداً من الموظفين عزلوا واستبدلوا بآخرين جدد.
ارسال التعليق